وثائق سوريا
نص إيضاح الحزب السوري القومي الإجتماعي حول استئناف نشاطه عام 1953
إعلام الحزب السوري القومي الإجتماعي إلى وزارة الداخلية حول استئناف نشاطه عام 1953م
في عهد حسني الزعيم حلت الأحزاب في سورية وكان بينها الحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم عاود نشاطه بعد إنقلاب سامي الحناوي.
وفي السادس من نيسان عام 1952م أوقف الحزب السوري القومي الاجتماعي نشاطه بعد صدور قانون حل الأحزاب.
وعندما صدر قانون الجمعيات والأحزاب في الثاني عشر من أيلول عام 1953 تقدم الحزب إلى وزارة الداخلية بإعلام مع مذكرة إيضاحية وبإشعار استئناف نشاط الحزب.
المذكرة الإيضاحية:
لم يشهد حزب من الأحزاب في العالم العربي كله ما رافق ولادة الحزب السوري القومي الاجتماعي وتاريخه من ضروب الصراع المادي والفكري، ولم يتعرض حزب من الأحزاب إلى ما تعرض له الحزب السوري القومي الاجتماعي بفعل الاستعمار وضغطه ومخططاته سواء من حيث أعضاؤه والمسؤولون فيه من اضطهاد وتنكيل، أو من حيث عقيدته ومبادئه من حملات مغرضة وتأويلات خاطئة مضللة، قصد بها تشويه حقيقة الحزب السوري القومي الاجتماعي وحقيقة أهدافه ومراميه.
وإن الحزب السوري القومي الاجتماعي ليجد لزاماً على نفسه، إذ يتقدم من وزارتكم الجليلة بالإعلام عن استئنافه نشاطه العلني الرسمي وعلى أساس مبادئه وغاياته ودستوره ونظامه كما وضعها مؤسسه وزعيمه سعادة والمتفقة تمام الاتفاق مع أحكام قانون الجمعيات والأحزاب المعلن بتاريخ 17 / 9 / 1953 رقم 47 وإنه يرفق إعلامه بمذكرته الإيضاحية هذه منعاً لكل تأويل فاسد مفسد ووضعاً للأمور في نصابها الصحيح.
العقيدة السورية القومية الاجتماعية
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي يرى أن البيئة الطبيعية في احتضانها العناصر المتجانسة على اختلافها، التي تنزل وتستقر وتتخذ منها موطناً لها تدور فيه حياتها وتمكنها من التصادم ثم من الامتزاج والاتحاد، هذه البيئة الطبيعية بعناصرها المتفاعلة فيه ومعها، هي التي تكون شخصية الأمة.
ولهذا يرى الحزب أن للشعب السوري في وحدته المتولدة من امتزاج عناصره المتجانسة على اختلافها واتحادها في تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي، شخصيته القومية، الواضحة، القوية، في البيئة التي تنشأ فيها، والتي هي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق.
حقيقة الشخصية السورية القومية
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي إذ يرى للشعب السوري في الهلال السوري الخصيب شخصيته القومية المتمايزة ومزاياها الفريدة، لم يخطر له قط أن يجرد هذه الشخصية القومية الغنية من عروبتها، بل هو يؤكد الصفة العربية لهذه الشخصية القومية في مبادئه وتعاليمه وغايته وأهدافه وفي مشروحها وتفسيرها، فالأمة السورية أمة عربية.
عروبة الشخصية السورية القومية تعني مسؤوليات والتزامات
وإذا كان الحزب السوري القومي الاجتماعي يشدد في تعاليمه وشروحها وغاياته وإيضاحها على حقيقة الأمة السورية العربية، فإن وعي الحزب لعروبة أمته دفع به إلى أن يرتب عليها التزامات أساسية خطيرة تجاه سائر الأمم العربية.
إن اشتراك سورية مع الأمم العربية الأخرى في العروبة يعني لدى الحزب السوري القومي الاجتماعي قيام سورية بالتزاماتها ومسؤولياتها كاملة تجاه القضية العربية، فسورية لدى السوريين القوميين الاجتماعيين لا يمكن أن تتخلى عن القضية العربية لأنها قضيتها وفي المبادئ يقول سعادة:
“إن الذين يعتقدون أن الحزب السوري القومي الاجتماعي يقول بتخلي سورية عن القضية العربية قد ضلوا ضلالاً بعيداً. وليس يكفي ألا تتخلى سورية عن القضية العربية، بل هي المسؤولة الأولى عن هذه القضية، لأن سورية هي الأمة العربية المؤهلة لقيادة العربي.. إننا لن نتنازل عن مركزنا في العالم العربي ولا عن رسالتنا إلى العالم العربي”.
وهكذا تلتزم العقيدة السوري القومية الاجتماعي الحزب السوري القومي الاجتماعي لا بالنهوض بالأمة السورية فحسب، بل بمسؤولية إنهاض العالم العربي كله وقيادته نحو العزّ والفلاح. إن الحزب السوري القومي الاجتماعي، في مسؤولياته، عن إنهاض العالم العربي كله غير مسؤول إلا عن السعي لاستكمال حرية العالم العربي فحسب، بل عن السعي لاستكمال أسباب القوة والمنعة والتقدم والرقي في كل جزء منه وكل شبر من أرضيه، وأنه في ما يختص بالمسائل المتعلقة بالعالم العربي كله، فإني أعلن أنه متى أصبحت المسألة مسألة مكانة العالم العربي كله تجاه غيره من العوالم فنحن هم العرب قبل غيرنا.
نحن جبهة العالم العربي وصدره، وسيفه وترسه. نحن حماة الضاد ومصدر الإشعاع الفكري في العالم العربي كله “من شروح سعادة في العقيدة السورية القومية الاجتماعية في خطابه في بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين عام 1945.
هذا السعي لاستكمال أسباب الحرية والنهوض بالعالم العربي يرافقه الحزب السوري القومي الاجتماعي سعي دائب لا يفتر لتوحيد العالم العربي في جبهة عربية لها مدنها واحترامها، في جبهة تعمل في تعاون وانسجام لتوفير القوة والرخاء والتقدم والعز لشعوب العالم العربي كلها، وإن إيجاد جبهة عربية تكون سداً ضداً المطامع الأجنبية الاستعمارية وقوة يكون لها وزن كبير في إقرار المسائل السياسية هو جزء مهم لغاية الحركة السورية القومية الاجتماعية “التعاليم”.
الخلاصة
الحزب السوري القومي الاجتماعي إذ يرى الشخصية السورية القومية القوية لا يراها مجردة عن عروبتها. فهي شخصية من الشخصيات العربية عليها التزامات ومسؤوليات تجاه العالم العربي، هي رسالة النهوض به وتوحيده وقيادته، هي رسالة السعي لاستكمال حريته وتحقيق توحيده ومنعته وتقدمه.
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي في تنبيه للشخصية القومية السورية – الأمة السورية إنما يعمل لحفز خصائص هذه الشخصية الغنية وإطلاقها وتحقيق وحدة قواها وإمكاناتها لتستطيع أن تؤدي رسالة النهوض والتوحيد والقيادة للعالم العربي على وجه صحيح مجد.
إنه يؤمن أن هذه هو السبيل الوحيد الذي يتيح لنا – نحن السوريين- سبيل العمر المثمر لاستكمال حرية العالم العربي وتوحيد جبهته. فالحزب السوري القومي الاجتماعي قد يختلف في هذا عن سواه، ولكنه اختلاف في أسلوب تحقيق الهدف لا في الهدف نفسه الذي يبقى دائماً وأبداً استكمال حرية العالم العربي وتوحيده في جبهة قوية. وإن الحزب السوري القومي الاجتماعي في إيمانه أن أسلوبه هو الأسلوب هو الأسلوب الوحيد المثمر الصحيح ليسره أن يكون أول من تنبه ونبه إلى أسلوب توحيد العالم العربي وإلى شكل هذه الوحدة فدعا إلى سلك طريق المؤتمرات والمحالفات التي هي الطريق العملية الوحيدة لحصول تعاون الأمم العربية وإنشاء جبهة عربية لها وزنها في السياسة الإنترنسيونية. وهكذا، كانت الجامعة العربية محاولة تطبيق “ناقصة” لما نادت به مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي من إيجاد جبهة عربية يكون لها وزن في السياسة الانترنسيونية وتكون الوسيلة الفعالة لتحقيق إرادات الأمم العربي كلها.
في نظام الحزب
يستمد الحزب السوري القومي الاجتماعي نظامه من غايته التي هي بعث نهضة سورية قومية إجتماعية وتنظيم حركة تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقالاً تاماً والسعي لإنشاء جبهة عربية.
وإن غاية كتابة الحزب تشمل جميع قضايا المجتمع القومي الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية- الروحية- المناقبية. إن عمادها ومرتكزها تأسيس عقلية أخلاقية قومية جديدة ووضع أساس مناقب صحيح عن طريق التثقيف والتوجيه والتدريب. لذلك انبثق نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي ليكون نطاق الضمان العملي لتدريب المواطنين على تحمل مسؤولياتهم وتنسيق جهودهم ونزع كل أثر من آثار الأثرة، والأنانية والنفعية من نفوسهم فيتأمن للقومي الاجتماعي عن طريق النظام سبيل الاختيار العملي التطبيقي لحقوقه وواجباته كمواطن في انسجام يتيح تحقيق العقلية الأخلاقية والمناقبية القومية.
كيف ضمن النظام الحزبي تثقيف الأعضاء في تحمل مسؤولياتهم كمواطنين خليقين بشرف المواطنة في أمتهم؟
– في السلطات التشريعية المحلية:
يقوم الأعضاء في مديرياتهم – حسب المرسوم الدستوري رقم 4- بانتخاب لجان المديريات، مهمتها كهيئة استشارية التعاون مع هيئة المديرية- وهي الهيئة التي تعينها السلطات التنفيذية في الحزب- على درس شؤون الحي أو الناحية أو القرية الحزبية والسياسية وإعطاء المشورة في كيفية معالجة شؤون السكان السياسية والمالية واقتراح المشاريع على المدير وإبداء الملاحظات على التدابير الإدارية التي قد تولد ما هو غير مستحب.
وتنتخب لجنة المديرية أحد أعضائها ليكون ممثلاً لها في مجلس المنفذية لدورة مدتها سنة، ومجلس المنفذية مجلس تمثيلي استشاري له صفة تشريعية في الضرائب المالية “الاشتراكات” المحلية ودرس شؤون المنطقة الحزبية والسياسية والمناقشة فيها وإعطاء المشورة المستخرجة من هذا الدرس في كيفية معالجة شؤون المنطقة الحزبية والسياسية ودرس مشاريع وتدابير سياسية ومالية واجتماعية واقتصادية وتقرير الضرائب “الاشتراكات” المحلية ودرس موازنة المنفذية وإقرارها كما هي أو بإحداث تخفيض في اعتماداتها والإطلاع على إدارة مالية المنفذية وحساباتها بواسطة لجنة مالية ينتخبها المجلس من أعضائه.
– في السلطة التشريعية المركزية:
يتولى السلطة التشريعية المركزية المجلس الأعلى، وهو مجلس يتألف من تسعة أعضاء. ويشترط في الترشيح لعضوية المجلس الأعلى أن يكون المرشح حاملاً لرتبة “الأمانة” وهي رتبة تعطى لمن أمضى في الحزب خمس سنوات تمرس فيها في الأعمال الحزبية وطبق الثقافة القومية الاجتماعية عملياً وباستمرار وبرهن عن أمانة ودقة في خدمة المصالح القومية العليا.
يقوم اليوم، بموجب المرسوم الدستوري رقم 8، بانتخاب المجلس الأعلى مجموع الأمناء في الحزب ريثما تستكمل أسباب تنفيذ المرسوم الدستوري رقم 4 فتتشكل مجالس المنفذيات التي يجب أن تتولى هي انتخاب أعضاء المجلس الأعلى من مجموع الأمناء. إن مدة خدمة عضو المجلس الأعلى هي ثلاث سنوات قابلة للتجديد ويستبدل ثلث الأعضاء سنوياً.
– في السلطات التنفيذية:
للحزب رئيس ينتخبه المجلس الأعلى من الأمناء لمدة سنتين بأكثرية ثلثي الأعضاء. ويقوم بتمثيل الحزب والتكلم باسمه ضمن مخططات المجلس الأعلى والإنابة عنه في التمثيل والتكلم.
يتولى الرئيس السلطة التنفيذية تحت إشراف ومراقبة المجلس الأعلى فيقوم بانتقاء أعضاء مجلس العمد على مسؤوليته لمعاونته في ممارسة الصلاحيات التنفيذية المنصوص عنها في المادة الثانية عشرة من الدستور، وفي تنفيذ قرارا المجلس الأعلى وتعيين الشعب السياسية.
إن جميع الرتب والوظائف التنفيذية في الحزب هي امتداد لمسؤولية الرئيس وصلاحياته، فهو بالتالي مسؤول عنها وهي مسؤولة تجاهه. وهو يعين المنفذين العامين والهيئات التي تعاونهم في تنفيذ الخطط الحزبية العامة.
إن الجهاز التنفيذي هو منتخب بشخص رئيسه تعاونه، هيئات التنفيذ في مختلف الدوائر الحزبية على مسؤوليته، ويقوم بوظيفة الاستشارة والمراقبة فيها مجالس استشارية منتخبة من الأعضاء حسبما أوضحنا في حقل السلطات التشريعية.
– في تثقيف الأعضاء
كل عضو في الحزب ينتظم في مديرية تعمل على تثقيفه نظرياً وعملياً وتنمية المناقب القومية الاجتماعية في سلوكيته وتعرفه مناقب الحرية والواجب والنظام والقوة، بحيث يستطيع القومي الاجتماعي، وقد تمت مداركه وصحت مفاهيمه وسلوكيته، ممارسة حقوقه من حيث الاشتراك في انتخاب المجالس التمثيلية والقيام بواجباته العضوية، بروح لا أثر فيه للنزاعات الفردية او الإقليمية أو الطائفية أو المصلحية. إن النظام في الحزب السوري القومي الاجتماعي هو نظام ديمقراطي تثقيفي قصده التدرب على تحمل المسؤوليات بإنماء روح المسؤولية والاشتراك الفعلي في درس وتقرير الشؤون الاجتماعية العامة على أساس مركزي تسلسلي.
دمشق في 19 أيلول 1953
عصام المحايري، إلياس جرجي قنيزح، نوري الخالدي، جميل مخلوف، محمد صالح العبود.
انظر:
إعلام الحزب السوري القومي الإجتماعي إلى وزارة الداخلية حول استئناف نشاطه
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة البناء- العدد 318 الصادر في العشرين من أيلول 1951
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة البناء- العدد 318 الصادر في العشرين من أيلول 1951