محمد فوزي أمين الفتوى.
والده السيد أنيس أمين الفتوى، ووالدته السيدة سكينة أتماز السباعي. ينحدر من عائلة أمين الفتوى الحموية.
ولد في حمص عام 1912م.
توفي والده السيد أنيس أمين الفتوى الذي كان يعمل في الشؤون القانونية قبل أن يبلغ الخامسة، فتعهده بالرعاية أخوه أحمد الذي كان يشغل رئيس دائرة في العدلية بحمص.
درس في كتّاب الشيخ طاهر الرئيس فتعلم القراءة وحفظ القرآن وعددًا من المقامات والمعلقات، ثم انتقل إلى المدرسة الهاشمية بإدارة الشيخ محمد علي المعاذ، ثم مدرسة التجهيز الأولى حيث درس المرحلة الإعدادية، ثم أرسل إلى أنطاكية لمتابعة الدراسة، فعافها واشتغل في السياسة من خلال “حزب الاتحاد الوطني”، لذلك لم تدم إقامته في أنطاكية أكثر من عدة شهور.
انتقل بعدها إلى الاسكندرون، الذي ما إن ضمته تركيا إلى أراضيها حتى غادره إلى حلب، فاشتغل هناك في الأدب والسياسة فترة، ثم عيّن معلمًا بقلعة جندل بجبل الشيخ بين عامي 1939-1944 مديرًا وأستاذًا وحيدًا لمدرستها الابتدائية، ثم نقل إلى قارة مديرًا وأستاذًا، واستقر به المطاف أخيرًا في النبك عام 1950م مديرًا لمدرستها الابتدائية، وبقي فيها إلى أن أحيل للتقاعد عام 1973م ويعود بعدها إلى مسقط رأسه حمص.
انظر: هوية فوزي أمين الفتوى مدير مدرسة النبك الأولى عام 1965م.
أصدر عام 1990م كتيبًا شعريًا بعشرين صفحة بعنوان “أيام مشهودة في مشفى الرازي بحمص” ضم مجموعة من القصائد القصيرة يمدح فيها الأطباء والممرضات ومن أشرف على مرضه في المشفى خلال إجراء عملية جراحية.
وفي عام 1995م أصدر ديوانًا صغيرًا بستين صفحة حوى ثلاثًا وثلاثين قصيدة ترصد ذكرياته وأصدقاءه والمدة التي قضاها في النبك والقلمون.
وفي عام 2000م أصدر كتابًا بأربعين صفحة بعنوان “مع بعض الشعراء” ضم عددًا من القصائد القديمة والحديثة التي قام بتشطيرها. وله مخطوطات أخرى لم تنشر.
توفي في حمص عام 2004م.
كان له نتاج شعري متميز، تجلى في عديد المناسبات والمراسلات. ففي مراسلاته مع الأستاذ عبد الكريم اليافي، أرسل له حينما علم أنه متعب:
أيا عبد الكريم إليك حبي … وقلبي يسأل الأصحاب عنكا
أجبني عن سليلة كل فكرٍ … لماذا تشتفي مني ومنكا
فما أنا واهبٌ قلبي إليها … وأحيي قربها كرهًا وضنكا
وإني بعد أن أصبحت شيخًا … أراني أشتكي وهنًا وهلكا
إليك تطلّعي من عمق بحرٍ … أرى الأحداث فوق الموج فلكا
أراك بحمص ترفل في شبابٍ … تقول إليّ يا فوزي إليكا
وكلٌّ كان يعبث في خطاه … وأنت العبقري أبيتُ إفكا
فلا تعتب فإني في شؤوني … أراك بخاطري إن لم أزركا
فذكراكم تجاوب في فؤادي … وتفتك إذ أحنّ إليك فتكا
وقد أجابه الدكتور اليافي على قصيدته المؤرخة في 15/ 11 / 1984 بالرسالة التالية:
الأخ الرقيق الشاعر محمد فوزي الفتوى حفظه الله: تحية طيبة وبعد: فقد كنت مسافرًا، ولما عدت وجدت كتابك اللطيف الذي ذكرني الصبا وحمص وجلساتنا الممتعة التي كنت غريدها، ولقد أثارت أبياتك الرقيقة في نفسي الشعر:
أيا فوزي شكرت إليك شعرًا … يحدّثني عن الماضي وعنكا
إلى آخر القصيدة.
وعن ذكرياته مع أصدقائه في حمص يقول الفتوى:
“كنا نجتمع في مقهى الدبلان، وكانت الساقية التي تمرّ من هناك مكشوفة، فنلتقي أنا والأساتذة رفيق الفاخوري، محي الدين الدرويش، والصافي النجفي الذي كان يتمدد على حصير ويستغرق في التأمل، وأحمد الجندي، ونور طليمات، وروحي الفيصل، وضياء الدين مندو ومجدي الشوا. ولفيف من كبار تجار حمص: هاشم أتماز السباعي، الحاج سليمان المعصراني وكان وقتئذ نائبًا في المجلس النيابي.
كنا نجتمع صباحًا حول ساقية الدبلان التي لا يقل عرضها عن ستة أمتار، ومرة ذهبنا وأحمد الجندي وأحمد نورس السواح إلى الميماس، وجلسنا تحت أشجار الحور، وكان معنا رفيق فاخوري والصافي النجفي، فأخذت الجلسة طابع المزاح والتهكم بحالة وجدٍ جميلة يحكي كل منا ما يشاء.
ولما قام النجفي يهمّ بالخروج، التفت إليه الدرويش وقال له: لفين يا أستاذ؟
أجابه النجفي متهللًا: كي أنصب لك تمثالًا. ومضى كي يقضي حاجته.
وبعد أن عاد شددت المزاح على النجفي، فقام نصف جلسة وقال لي: كلامك كالغناء يلذّ، ولك إذا طال يحصل منه ضد، فليتك كنت كالحاكي تغني إذا شئنا، وإذا شئنا تسدّ …
وأذكر أن الدرويش كان يتحدى من حوله ببعض الأسئلة النحوية فالتفت إليّ وقال: يا فوزي ما معنى “إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم”، ماذا يعني الشاعر بأم قشعم؟ فقلت له: الحرب والمنيّة، ولها عدة معاني كالداهية والعنكبوت. أجابني: أم قشعم تعني الموت فقط. فصار بيننا سجال، فالتفت وقال: هل تراهنني؟ وأخذ من جيبه ليرتين ورماها إلى هاشم أتماز السباعي، وأنا كنت طالبًا وليس معي ليرتان، فقال هاشم: معي.
فذهبت إلى البيت وأخذت شرح المعلقات، وعدت بعد أن وجدت الكلمة في القاموس وأحضرته معي خشية أن يطعن الدرويش بشارح المعلقات، وعندما دخلت المقهى تركت القاموس مع “نديم الدبلان” صاحب المقهى، وقلت له: إذا صفّقت وقلت لك: هات واحد قاموس، ضعه في جيبك وأحضره لي.
وذهبت بشرح المعلقات إلى الحلقة، فقال لي الدرويش: كما توقعت تمامًا هذا علاك، فصفقت وناديت: أعطنا واحد قاموس. فأتى بالقاموس الذي تناوله هاشم السباعي، فقرأ والتفت إلى الدرويش وقال: خسرت يا أبا أحمد.
سقى الله تلك الأيما على ساقية الدبلان، نجلس بجانب صفصافة ونصغي إلى نقيق الضفادع، وفي هذا المقهى قلت:
يا رفاق الشباب أين الشباب … أين ذاك الزمان أين الصحاب؟
أين مقهى الدبلان حيث التلاقي … حيث كان الصافي وكان الكتاب
حيث كان الاستاذ قدري ومجدي … وحيث كان الدرويش والجواب
كيف كنّا وكيف كانوا رفاقًا … وفي عنفوان الشباب وكلهم أحباب”
أما عن بداياته مع الشعر، فقال:
“عشت منذ طفولتي وأنا أقول الشعر، وأذكر الأبيات التي قلتها عندما كنت في الصف الثامن، وهي تشطير لقصيدة الشاعر البهاء زهير في رثاء ابنه ومطلعها:
نهاك عن الغواية ما نهاك … قذفت من الصبابة ما كفاك
فقلت مشطرًا:
نهاك عن الغواية ما نهاك … قذفت من الصبابة ما كفاك
وطال سراك في ليل التصابي … وقد أصبحت لم تحمد سواك
فلا تجزع لحادثة الليالي … وقل لي إن جزعت فما عساك
ومن ذكرياته:
“في درس الحساب تأخر الأستاذ بشير الأتاسي قليلًا، فقمت إلى السبورة وكتبت:
في دجى الليل هدوء وسكون … وبقلبي أنّةُ الشعر الحنون
وبحبي قد نأى الدهر الخؤون … كيف لا أمسي عليلًا موهنا
وفجأة دخل الأستاذ، فتركت السبورة وعدت إلى مقعدي،توقفت عين الاستاذ على السبورة وقرأ الأبيات وقال:
“إن في هذه الأبيات روح خير الدين الزركلي”. فوقف الطالب عبد الجبار مراد وقال: هذه الأبيات لفوزي. عندها عرف الأستاذ أني أكتب الشعر، وفي كل مذاكرة كان يقف بقربي ويردد هذه الأبيات.
المراجع والهوامش:
(1). معلومات من حفيده عمر كلاليب العشابي، التاريخ السوري المعاصر
(2). التدمري، (محمد غازي)، من أعلام حمص (2/141)، دار الإرشاد للنشر (حمص، 2004)
المراجع والهوامش:
(1). معلومات من حفيده عمر كلاليب العشابي، التاريخ السوري المعاصر
(2). التدمري، (محمد غازي)، من أعلام حمص (2/141)، دار الإرشاد للنشر (حمص، 2004)