مقالات
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي عام 1920 .. سنة حاجم – سنة زكرت حاجم
حمصي فرحان الحمادة – التاريخ السوري المعاصر
لم تستطع قوات الإنتداب الفرنسي دخول قضاء “الرقة” حتى شهر كانون الثاني من عام 1922م، وذلك بسبب المقاومة الشعبية التي أبداها أهل المنطقة، بتحريض من الثائر”رمضان باشا شلاش”، أحد قادة الجيش العربي في حكومة الملك”فيصل” العربية، التي تأسست قبل دخول فرنسا إلى سورية.
وكان الأمير “حاجم بن مهيد” أحد شيوخ عشيرة “الفدعان” من “عنزة” قد أعلن استقلال قضاء “الرقة” عن حكومة الانتداب، وشكل جيشاً كان يعرف بـ “زكرت حاجم”، وتصدى للقوات الفرنسية، وأقلق وجودها إلى حين انفض عقد هذه الدولة الوليدة التي تعتبر من أولى بواعث الوعي السياسي في المنطقة.
في الخامس عشر من أيار عام 1916 دخلت منطقة وادي “الفرات” و”الجزيرة”، وولاية “الموصل” في منطقة النفوذ الفرنسية حسب معاهدة “سايكس بيكو”، وفي عام 1917 أعيد قضاء “الرقة” إلى “دير الزور”، وفي الثلاثين من أيلول عام 1918 جاءت طلائع جيش الأمير فيصل مدينة دمشق، وفي الثاني عشر من تشرين الأول عام 1918 سقطت مدينة حلب، ولم تبق في المدينة حكومة، وصار النهب والسلب، وفي يوم الجمعة العشرين من تشرين الأول 1918 دخلت “حلب” قوات غزو يرأسهم “مجحم بن مهيد” من “باب النيرب”، وقام حوالي 30 فارساً من فرسان عشيرته بهجوم على سجن “حلب”، لكي يفكوا أسر المساجين، وتصادموا مع حراس السجن، لكن الحراس تغلبوا عليهم، وتركوا بعض قتلاهم، وكانت الشمس قد مالت إلى الغروب.
وفي السادس والعشرين من تشرين الأول 1918 وُقعت في “لندن” معاهدة “سايكس بيكو” من أجل احتلال البلاد العربية.
ترى كيف تشكلت هذه الدولة الفتية، وما دوافع تأسيسها؟ وما الجهات التي آزرتها وساندتها؟ في الخامس عشر من أيار عام 1916 دخلت منطقة وادي “الفرات” و”الجزيرة” وولاية “الموصل” في منطقة النفوذ الفرنسية حسب معاهدة “سايكس بيكو”، وفي عام 1917 أعيد قضاء “الرقة” إلى “دير الزور”، وفي الثلاثين من أيلول 1918 جاءت طلائع جيش الأمير فيصل مدينة دمشق، وفي الثاني عشر من تشرين الأول 1918 سقطت مدينة حلب، ولم يبق في المدينة حكومة، وصار النهب والسلب، وفي يوم الجمعة العشرين من تشرين الأول 1918 دخلت “حلب” قوات غزو يرأسهم “مجحم بن مهيد” من “باب النيرب”، وقام حوالي 30 فارساً من فرسان عشيرته بهجوم على سجن “حلب” لكي يفكوا أسر المساجين، وتصادموا مع حراس السجن، لكن الحراس تغلبوا عليهم، وتركوا بعض قتلاهم، وكانت الشمس قد مالت إلى الغروب، وفي السادس والعشرين من تشرين الأول 1918 وُقعت في “لندن” معاهدة “سايكس بيكو” من أجل احتلال البلاد.
وفي أواخر عام 1919 شُكل قضاء “الفرات” و”الخابور”، من “السبخة” و”معدان” و”الحسكة”، وعُين عليه “رمضان باشا الشلاش” حاكماً عسكرياً، وأرسل الأمير “فيصل” بن ملك العرب كتاباً إلى مأمور مخابرات “الرقة” الشيخ “فيضي الفواز” 1888 – 1973 يطلب فيه مساعدة للحاكم “رمضان باشا شلاش”.
وفي عام 1920 أصبحت “الرقة” قائمقامية تابعة لولاية “حلب”، بناء على المرسوم المؤرخ في الثامن من تشرين الأول وتقرر أن تكون تخوم “حلب”: من الشمال”من سنجق “إسكندرونة” المستقل حتى “رأس العين”. من الشرق: من نهر الخابور “الخابور” حتى انصبابه في نهر “الفرات”. من الجنوب : من “البوكمال” حتى “تدمر” ثم الحدود الغربية الشمالية لولاية “الشام” العثمانية القديمة، ثم تلتقي بتخوم لولاية “دمشق”. من الغرب “البحر الأبيض المتوسط “إسكندرونة، أنطاكية، اللاذقية”.
عندما وصل الأمير “فيصل” إلى “حلب” يوم التاسع عشر من نيسان عام 1919 بعد عودته من باريس التقى بوجهاء مدينة “الرقة” وشيوخ العربان، كـ “حاجم بن مهيد” و”مجحم بن مهيد”،”حسين الدرويش البوحبال”، وشيخ الحمرة، و”محمد الهويدي”، شيخ “العفادلة” و”محمد الفرج السلامة”، شيخ “الولدة”، وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من تموز عام 1919، جرى احتفال بقدوم الجنرال “دي لامونت” لم يحضره من وجهاء “الرقة” إلا الشيخ “مجحم بن مهيد”.
وفي العاشر من آب 1920 أعلن “حاجم بن مهيد” استقلال قضاء الرقة عن حكومة الانتداب الفرنسي بتحريض من “رمضان باشا الشلاش” وبمساندة شيوخ “العفادلة”، وكانت هذه أول حركة وطنية ذات وعي سياسي عربي إسلامي، ولكن الأستاذ “عبد القادر عياش” له فيها رأي مغاير فهو يرى أن الأتراك أرادوا ضرب عشيرة “الملية” الكردية، يقصد أولاد “إبراهيم باشا، التي ساندت الفرنسيين، والتي تتاخم حدودهم في أعالي “الخابور” بلدة “ويران شهر” فاتصلوا بأحد شيوخ عشيرة “الولدة” من”الفدعان”، هو “حاجم بن مهيد”، فجعلوه حاكماً على قضاء “الرقة”، وأحاطوه بأشخاص من أبناء “الرقة” من صنائعهم بصفة لجنة، وأطعموه بأن يجعلوه أميراً على منطقة، يحدها شرقاً “الخابور” وغرباً “جرابلس”، وشمالاً الخط الحديدي، وجنوباً بلدة “السخنة” الواقعة وسط الطريق بين “دير الزور” و”تدمر” وله مهمتان، الأولى:المحافظة على هذه الحدود حتى لا يستولي عليها أعداء الإسلام والعرب.
والثانية: ألا يناصر العشائر “الملية”، التي انضمت إلى الفرنسيين، والا يقبل دخالتهم إذا لجؤوا إليه”.
وفي شباط عام 1921 أرسل الجنرال “ديلامونت” إلى الشيخ “حاجم بن مهيد” رسولاً كي يلاقيه في “حلب”، وأن يتخلى عن مناصرة الأتراك مقابل مئة ألف ليرة ذهبية، وراتباً شهرياً مدى الحياة، لكن “حاجم” رفض العرض قائلاً: “الفلوس والناموس لا يجتمعان، واستمر “حاجم” بالمقاومة بالميلشيا التي أطلق عليها “زكرت حاجم”، وهاجم القوات الفرنسية في منطقة “الحص” جنوبي شرقي “حلب”، وأسقط المتطوع “جاسم المحمد الحمد الدللي” من عشيرة “البياطرة” طائرة فرنسية وأسر طيارها، وأخذ منه سيفه وبدلته وأهديت إلى “حاجم” ولكن قوات “حاجم” الضعيفة أمام تسليح دولة قوية انهارت وتراجعت إلى ما وراء نهر “الفرات”، وقد مرت القوات الفرنسية بقيادة الكابتن “ترانجيه”، يرافقه الشيخ “مجحم بن مهيد”، الذي قبل بالانتداب الفرنسي، ومضوا إلى “دير الزور”، ثم هاجموا “الرقة”، وفي السادس عشر من كانون الثاني 1921 انفرط عصيان “حاجم” بعد تمرد دام 15 شهراً، وفي السابع عشر من كانون الأول عام 1921 توجه “حاجم” نحو منطقة “طوال العبا” في أرض “الجزيرة”، وبعد محاكمة عسكرية أعفي عنه بعد أن وعد ألا يتعرض لدولة الانتداب، وتوفي في “عين عيسى” شمال “الرقة” بنحو 50 كم في عام 1927، ودفن فيها.. خاب أمل “حاجم” وأنصاره في الرقة بالأتراك بعد معاهدة “أنقرة” في الحادي عشر من تشرين الأول عام 1922، وتم فيها الصلح بين تركيا والحلفاء.
انظر:
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي عام 1917 ..سنة الجوع .. سنة الغلا.. سنة الحميضة
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي عام 1918 ..سنة سقوط العصملي – سنة الوجع
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي عام 1919 .. سنة الشريف
المراجع والهوامش:
(1). حمادة (حمصي فرحان)، التقويم الرقمي بين عام 1709 - 1988، توتول للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2022م، 119-125
المراجع والهوامش:
(1). حمادة (حمصي فرحان)، التقويم الرقمي بين عام 1709 - 1988، توتول للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2022م، 119-125