الألعاب الرياضية
الملاكمة في سورية
الملاكمة في سورية
دخلت لعبة الملاكمة إلى سورية عام 1924م، بواسطة شخص قدم إلى دمشق من تركيا يدعى محمد أديب كمال بك الذي اتصل بالرياضيين في دمشق لتأسيس ناد رياضي يشتمل على بعض الألعاب الرياضية وبخاصة رياضة الملاكمة التي لم تكن معروفة في سورية.
تمكن محمد أديب كمال بك بمساعدة أحد الرياضيين القدامى ويدعى خالد بك الرومي وهو ضابط متقاعد في الجيش التركي من سكان دمشق، من تأسيس ناد رياضي باسم “نادي الملاكمة والألعاب الرياضية”.
ضم النادي قسمين الأول عبارة عن صالة واسعة خصصت لتمارين اللياقة البدنية وفن الملاكمة جهزت بحلقة فنية للملاكمة وأكياس الرمل وكرات المعلقة والمسكات وحبال القفز والكرة الطبية والقفازات وغيرها من أزوات الملاكمة واشرف على إدارة هذا الفرع أو القسم أديب كمال.
أما القسم الثاني فكان عبارة عن ساحة مكشوفة ملاصقة للصالة المغطاة، خصصت لألعاب القوى والقوة، وأسند الإشراف عليها للشاب محمود البحرة.
ويذكر اللاعب ميسر السيد أن قصة تأسيس النادي بدأت عندما اتفق خالد بك الرومي على مد النادي بالمال اللازم لتأسيس نادي “الملاكمة والألعاب الرياضية” على أن يعاد المال إليه من دخل النادي ومبارياته.
كما قدم خالد الرومي على بيع دار سكنه واستئجار دار ليسكن فيها مع عائلته، بينما دفع معظم ثمن الدار إلى أديب كمال بك.
ويضيف ميسر السيد حول تطور النادي: (إلا أن اندلاع الثورة السورية عام 1925 حدّ من نشاط النادي، ولكن عزيمة الأستاذ كمال بقيت قوية، واستطاع بهمته ورغبته الصادقة الاتصال بالأوساط الرياضية في بيروت، وإقامة نشاطات رياضية مع أبطال دمشق، وكانت أولى تلك المباريات بين بطل لبنان الملاكم منير بكداش وبطل دمشق الملاكم ميسر السيد في بداية عام 1927 انتهت إلى فوز بطل دمشق، ثم كانت مباراة الثأر بينهما على بطولة سورية ولبنان في منتصف عام 1927، وجرت في صالة العباسية بدمشق “مكان سينما العباسية الحالي”، وأسفرت عن فوز الملاكم ميسر السيد واحتفاظه بالبطولة.
ثم أقيمت بعد فترة قصيرة بطولة لبنان في وزن الريشة فاز بها البطل اللبناني جورج كرم على الملاكم منير بكداش، فسارع جورج كرم إلى تحدي البطل ميسر السيد لانتزاع بطولة سورية ولبنان منه.
وقبل ميسر السيد التحدي وجرت المباراة بينهما في نهاية عام 1927 بنادي القصاع بدمشق بحضور جمهور غفير، فاز بها ميسر سهيل واحتفظ بالبطولة ولم تنتزع منه بعد ذلك.
وفي الأعوام التي تلك ذلك خاض أبطال سورية ولبنان العديد من المباريات وخاصة مع أبطال البحرية الفرنسية في بيروت ودمشق فكانت معظمها لصالح أبطال سورية ولبنان.
وفي نهاية عام 1928 أعاد محمد أديب كمال بك، الذي عرفناه ورفاقي أعضاء نادي “الملاكمة والألعاب الرياضية” مع مرور الزمن، بأنه من كبار الرياضيين والسياسيين البارزين في تركيا وقد جاء إلى دمشق لاجئاً، أعاد إلى خالد بك الرومي كامل المبلغ الذي كان قد استدانه منه للصرف على تأسيس النادي، الذي تلاشى بسبب استمرار الثورة السورية ضد المستعمر، وبانتظار انتهاء الثورة انتقل أديب كمال إلى بيروت لمواصلة نشاطاته الرياضية ثم انقطعت أخباره بعد فترة من الزمن فجأة، ولم يعرف أحد من أصدقائه وزملائه مكان إقامته فغاب عنا إلى الأبد.
وبعد غياب محمد أديب كمال بك عن الساحة الدمشقية توليت من بعده إدارة دفة رياضة الملاكمة بدمشق منذ مطلع عام 1929 وبدأت بتدريب الملاكمة في نادي قاسيون الدمشقي كمدير لألعابه، ثم في جميع الأندية الرياضية العشرة التي أسستها حتى عام 1949، مما جعلني على الدوام مستعداً لكل تحد من قبل أبطال الملاكمة.
وأذكر أنه قدم إلى دمشق ملاكم يوناني في تلك الفترة ويدعى جورج نيقولايدس الذي تحدى أبطال دمشق ولم يستطع أحد أن ينبري له، فتقدمت وقبلت التحدي رغم أنه يفوقني وزناً، وتعهد نادي قاسيون هذه المباراة فأقام حفلة كبرى في صالة مقهى “اللونا بارك” الشهير في شارع 29 أيار “مكان المركز الثقافة السوفيتي لاحقاً” حضرها جمهور كبير من عشاق الملاكمة في دمشق، وصدف وجود أبطال الربع والمصارعة العالميين من مصر الذين حضروا المباراة وكانوا ضيوفاً على الأستاذ محمود البحرة في دمشق، وهم مختار حسين وخضر التوني، وإبراهيم مصطفى.
ورغم فارق الوزن كما ذكرت، حيث كنت في وزن الريشة “57 كغ” وهو من وزن الخفيف “61 كغ” فقد صعدت إلى الحلقة معتمداً على ثقتي بنفسي، واستعملت منتهى الفن وتركتُ الاعتماد على القوة التي كان يعتمدها خصمي، وانتهت الجولات الثلاث الأولى بفوزي عليه بالنقط، وفاز هو بالرابعة، وفي الخامسة شددت عليه الهجوم فوجهت إليه العديد من اللكمات على رأسه متحاشياً لكماته القوية، فراح يلوح ويترنح يميناً وشمالاً، ويظهر بأنه لم يعد ير شيئاً أمامه فرمى مساعده الفوطة إعلاناً بالاستسلام، فيما سقط خصمي على أرض الحلقة وأعلن الحكم فوزي عليه بالتسليم.
وما كادت المباراة تنتهي حتى صعد الضيوف أبطال مصر إلى الحلقة يتقدمهم الأستاذ محمود البحرة لتهنئتي بالفوز، في حين تقدم بطل الربع العالمي مختار حسين ورفعني بكلتي يديه من قدماي لفوق رأسه مبتهجاً ومقدراً ما بذلته من فن في هذه المباراة تجاه بطل أجنبي جاء للتحدي. وكانت هذه المباراة خاتمة المباريات التي جرت خلال عام 1932م، وخلال السنوات العشر التي تلت ذلك عملت بصحبة زملائي وتلامذتي في مجال تدريب وتحكيم رياضة الفن النبيل).
الملاكمة في المحافظات:
ظهرت لعبة الملاكمة في بقية المحافظات السورية، ففي حمص تم تأسيس فريق للملاكم، وجرى تنظيم دورة مدربين للملاكمة في حمص عام 1969م، وكانت الدورة من تنظيم المدرب محمود ابو ريشة.
منتخب سورية للملاكمة:
تطورت لعبة الملاكمة في سورية، وضمن المنتخب السوري في عام 1973م، كلاً من: منذر الطباع ،هيثم ابراهيم ، بسام مصري ،عبد عباسي ،فاروق رمزي ،نبيل جمران ،رفيق العلي ،ياسين سيد عبد الله، رزق الله عايق،فايز الرفاعي ،محمد زهرة، نعيم عامر، أنور زهرة،مأمون الراعي.
منتخب حمص بالملاكمة في صالة مدرسة عمر بن الخطاب عام 1969م
أعضاء منتخب سورية للملاكمة عام 1973
المراجع والهوامش:
(1). حبش (فؤاد)، تاريخ الحركة الرياضية في سورية، الجزء الأول، من مطلع القرن العشرين وحتى فجر الاستقلال،الاتحاد الرياضي العام، دمشق عام 2015م، صـ 148- 150
(2). منتخب حمص بالملاكمة في صالة مدرسة عمر بن الخطاب عام 1969م
المراجع والهوامش:
(1). حبش (فؤاد)، تاريخ الحركة الرياضية في سورية، الجزء الأول، من مطلع القرن العشرين وحتى فجر الاستقلال،الاتحاد الرياضي العام، دمشق عام 2015م، صـ 148- 150
(2). منتخب حمص بالملاكمة في صالة مدرسة عمر بن الخطاب عام 1969م