عام
عادات وتقاليد الزواج في محافظة حمص
الخاطبة في حمص:
عرفت حمص في الماضي مهنة الخاطبة مثل الكثير من المدن في سورية. وكانت فتيات حمص محجوبات عن الشبان وكان لابد للشاب الذي يريد أن يتزوج من مساعدة الخاطبة التي كانت تلجُ بيوت الفتيات اللاتي تعرفهن أو تسمع عنهم من ذوات الصيت الحسن والأخلاق الرصينة وبعد أن تنظر ملياً إلى كل واحدة منهم وتراقب طراز حياتهن وأشغالهن ومهارتهن في تدبير المنزل تختار منهن من تراها أجمل خلقة وأكمل أدباً ومعرفة من سواها فتعود وتصفها للخطيب فإذا راقت له تدل أمه على عنوانها، ولم يكن الشاب يرى الفتاة التي يرغب الاقتران بها بل يكتفي بوصف الخاطبة من حيث لون عينيها وشكل وجهها وطولها ميلها للنظافة ومهاراتها في الطبخ، وعلى الوصف يتوكل الرجل على الله ويعقد العزم على إتمام دينه.
كانت تتقاضى الخاطبة أجراً متفقاً عليه لقاء هذا العمل من أهل العريس على الإلب، وبعد طلب اليد أو (الطُلبة) كما يدعوها أهل الريف يذهب العريس وأسرته لزيارة العروس(1).
المهر:
تجهيز العروس:
الكسوة أو الجهاز:
الكسوة في حمص:
كانت تقوم النساء بزيارة خاصة للمدينة لشراء مستلزمات العرس (جهاز الكسوة) والذي يضم الأقمشة والحلي الفضية والحنة والهدايا الخاصة لأفراد أسرتها.
وعند رجوع النساء من سوق المدينة يوم الكسوة وقبيل دخول القريبة، يحملن على رؤوسهن جهاز العروس موضوعاً على أطباق من القش، ويدخلن القرية وهن يغنين أغان وأهازيج خاصة بيوم الكسوة. وتصعد قريبات العريس على الأسطح في القرية، ويجبنهنّ بأغان تمدح العريس وأسرته وتكون الأغاني أيضاً دعوة لباقي أهل القرية للتجمع في دار العريس والانضمام إلى احتفال ليلة الكسوة، والأغاني التي تردد في مثل هذه المناسبات تصف حياة القرية اليومية وأيامها وعلاقاتها، مع تعليقات على الأزياء والأقمشة والتطريز وأغطية الرأس والمصاغ، وسط أجواء من الرقص القروي المعروف بالدبكة الذي ترافقه آلات موسيقية شعبية مثل المجوز والطبل والشبابة.
ولا تكاد تختلف مراحل العرس في حمص بين المدينة والريف إلا في بعض التفاصيل الصغيرة التي تفرضها خصوصية البيئة والمكان، ففي المدينة وبعد موافقة أهل العروس وقراءة الفاتحة ودفع المهر المتفق عليه تبدأ رحلة إتمام الزواج بذهاب والدة العروس وأخواتها أو بعض قريباتها إلى السوق لتحضير الجهاز الذي يمثل الشغل الشاغل لعائلة العروس منذ لحظة إعلان خطبتها فالعروس الحمصية يجب أن تحمل كل ما يلزن إلى بيت زوجها من ناحية اللباس وأدوات المطبخ وبعض أغراض العريس الخاصة تعبيراً عن مشاركتها له في تجهيز البيت الذي سيصبح بيتها أيضاً وكذلك رغبتها في مشاركته همومة ومتاعبه وأفراحه ومسراته. وقد جرت العادة في الماضي أن يعرض الجهاز في بيت والد العروس. ويدُعى أهل العريس والأقرباء والأصدقاء لاستعراضه في حفل يقام لهم ثم توضع ملابس العروس والأمتعة الأخرى في صناديق مزخرفة بالنقوش وتحمل في وشوارع المدينة أو القرية أما الأمتعة الأخرى من فرش ووسادات وأغطية ومطرزات فكانت تحمل على الأكف أو الأكتاف يحملها شباب يلبسون أحسن ثيابهم وينقل الجهاز من بيت العروس إلى بيت الزوج في موكب تتقدمه الموسيقى الشعبية ويحف بالجهاز شباب من أخوة الزوج وأبناء عمومته وأصدقائه(2).
حمام العرس:
ارتبط العرس أو حفل الزفاف الحمصي بعدد من التقاليد التراثية مثل حمام العروس الذي كان يجري يوم زفافها بمشاركة عدد من النساء. اعتادت قريبات العروس وصديقاتها إحضارها منذ الساعات الأولى ليوم الزفاف وتقوم مالكة الحمام بإخلائه لهن وتعلق الورود والمناديل الملونة ابتهاجاً بهن ثم تبدأ عاملة في الحمام تدعى (الأيمة) بتجهيز العروس والعناية بها فتقوم بنقع رأسها بالترابة الحلبية (البيلونة) وتمشط شعرها بالصابون (الطرابلسي) وتطيبه بماء (البيلون) وترجّله بالمشط العظمي وتتعالى الزعاريد والهناين الخاصة بذلك.
ومنها الهنهونة التالية:
ها قيمي براسك، ولا تحني بقامتك
ها كل البنيات إجو تحت طاعتك
ها لمن جلوك، ورخّوا سالف التركي
ها نحن الثلاثة وقعنا بمحبتك
لي لي لي ليش
كما كانت تقام احتفالية ممائلة للعريس في الحمام تسمى (التلبيسة) فيأتي أقارب العريس وأصدقاؤه الخُلص ومعهم العريس في الوقت المخصص للرجال ليلاً فيغتسلون بين المزاح والتعليق والمداعبة ويمضون سهرتهم على هذا الشكل مردّدين الأغاني الشعبية والأهازيج ومنها:
فصّلت لك توب العرس
ومبارك العرس يا رايح تتجوز
فصّلت لك ثوب
لا قصرّ ولا عوز
ومبارك العرس يا رايح تتجوّز
وعندما يبدأ المحتفلون بالخروج يتأخر أحدهم ليدفع (وفا الحمام) أي أجرته إلى الحمامي ويعد ذلك (حملاناً) للعريس من قبل الدافع .
ليلة الحناء:
في حمص:
وفي اليوم التالي يجري احتفال آخر يسمى (ليلة الحنة) وفي بعض أنحاء المدينة كان العريس هو الذي يحضر الحناء وعندما يستلمه أهل العروس تنطلق الزعاريد:
ها جيناكي الأحمر جرح كفك
ها يا بنت الشيخ يا بنت الدراويشي
ها ولو قدر الله حكمي وصرت مثلك
ها لاعقّد عقادي وحط النقد من كيسي
لي لي لي ليش
وفي ليلة الحناء تصبغ يدا العروس بالحناء وتتولى امرأة مختصة بذلك فتقوم بنقش كفيها وقدميها من الظاهر والباطن برموز وأشكال هندسية ونباتية. وتشترك الصبايا في صبغ أيديهن أيضاً إقتداء بالعروس وبعد الإنتهاء من طقوس الحنة تنطلق الزعاريد ابتهاجاً وفرحاً بتلك الليلة:
ها يا عروسة ريتها مباركة الحنة
ها يللي سبيتي الحواري الساكنة الجنة
ها يللي سبيتي الحواري في بها حسنك
ها وجبين مثل البدر يا ناس جننا
أو الأهزوجة التالية:
ها يا عروستنا وقفتك وقفة البنّا
ها النقش بكفوفك صفّقنا له غنى
ها حط القدم عالقدم سمعنا له رنة
ها وبوجودك البيت راح يصير جنة
لي لي لي ليش(3).
حفل الزفاف:
الأهازيج والأغاني في حفل الزفاف:
الأهازيج والأغاني في حفل الزفاف
في حمص:
من الهناهين التي ترددها النساء في هذا الموكب:
ها وسبع بقج بقجتك
ها والثامنة بالصندوق
ها يخلي شوارب أبوك
ها يا اللي ما عازك لمخلوق
لي لي لي ليش
ها قبقابك إجا من سير
ها وفستانك جناج الطير
ها لا جهازك عيري
ها ولا مهرك إجا بالدين
لي لي لي ليش
الهدايا (النفوط):
(1) تقاليد العرس في حمص .. الخطبة والكسوة
(2) تقاليد العرس في حمص .. الخطبة والكسوة
(3) تقاليد العرس في حمص .. حمام العروس
انظر:
تقاليد العرس في حمص .. الخطبة والكسوة
تقاليد العرس في حمص .. حمام العروس