وثائق سوريا
بيان قيادة الجيش بعد إقصاء سامي الحناوي عام 1949
بيان من الجيش يوضح أسباب الأحداث الثلاثة
إلى الشعب السوري الكريم:
إن الأحداث الثلاثة التي وقعت في البلاد والتي قام بها الجيش لهي إنتفاضة الحيوية في صفوف الأمة ونتيجة طبيعية للسياسة التي تبناها مسؤولون في فترة دقيقة من تاريخ الوطن.
إن الأركان العامة تحرص أن يطلع الشعب الكريم على تفاصيل الأمور ليتمكن كل مخلص من كم أفواه المغرضين ومساندة الجيش في مسعاه لإقصاء العناصر الفاسدة، وبث روح التقدمية في صفوف الامة صوناً لإنطلاق الجوهر العربي في أجواء حرة تغمرها العزة والكرامة.
لقد استهدف إنقلاب الثلاثين من آذار هذه المبادئ غير أن القائمين على الأمور قد استغلوها لأغراض شخصية فخرج الإنقلاب عن هدفه الأساسي، وكان الإنقلاب الثاني نتيجة طبيعية لتقويم هذا الاعوجاج.
وظن ضباط الجيش الذين ساهموا مع اللواء سامي الحناوي وتبنوه رمزاً لحركتهم أنه سيصلح ما أفسد الحكم السابق، وأن مجرى الأمور سيؤدي إلى إعادة الحياة الدستورية والنظام الجمهوري الذي يوافق رغبات الشعب والفكرة التقدمية في العالم، غير أنه تبين لسوء الحظ أن اللواء سامي الحناوي لم يكن غير أداة طيعة تسيرها أهواء مغرضة تستهدف القضاء على استقلال البلاد.
فقد بدأ اللواء سامي الحناوي فور تسلمه مركز رئاسة الأركان العامة بمفاوضة كبار ضباط الجيش بطريقة مباشرة وغير مباشرة للموافقة على إعلان اتحاد يطيح باستقلال سوريا ونظامها الجمهوري مبيناً أن القيام بهذا العمل يجب أن يكون بصورة فجائية، فجعل حسب زعمه الرأي العام العالمي والسوري أمام الأمر الواقع. وكان يؤكد في أحاديثه أنه متفق على هذه الخطة مع بعض كبار رجال السياسة الذين يرون رأيه في وجوب الإسراع بهذا الأمر عن طريق الجيش منعاً للمشاحنات البرلمانية والحكومية ونقمة الشعب التي قد تحدث فيها، إذا عرض الأمر بصورة طبيعية على أعضائها.
ولقد لفت كبار الضباط أنظار اللواء سامي الحناوي مراراً وتكراراً بعد أن تكشفت النوايا إلى الويلات التي يجرها على البلاد السورية خاصة، والعربية عامة هذا الاتجاه الخطر الذي سيؤدي إلى إنشقاق مريع في صفوف العرب وفقدان استقلال البلاد السورية كما أنهم لفتوا أنظار بعض كبار رجال السياسية إلى غير أن كل هذه المساعي باءت بالفشل.
وعقب إجتماع الجمعية التأسيسية بدأ ضباط الجيش المقربون بحكم وظيفتهم إلى اللواء سامي يشعرون بالتوجيه الذي يقوم به هو وعديله أسعد طلس باسم الجيش، وكذلك بعض القادة السياسيين لقسم من النواب لحملهم على تحقيق أغراضهم.
وفي الأيام التي سبقت إقصاء اللواء سامي نقل إلى بعض الضباط من مصادر موثوقة أن بعض رجال السياسة اشترطوا على اللواء سامي الحناوي اعتقال عدد من كبار الضباط حتى يتسنى لهم حمل الجمعية التأسيسية ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر على إقرار المشروع الاستعماري فوراً.
بعد نقل هذا الخير بأقل من ثلاثة أيام أي مساء الجمعة الواقع في 16-12-1949 استدعى اللواء سامي ليلاً إلى منزله خمسة من كبار الضباط بعد أن هيأ الوسائل اللازمة لاعتقالهم، ولكن عندما علم أن سر الاعتقال قد ذاع بين أوساط الجيش، اتخذت التدابير المعاكسة له تراجع عن تنفيذه ولكنه في اليوم التالي أمر بإجراء بعض التنقلات في قيادة القطعات.
وفي صباح الاثنين الواقع في 19-12-49 أمر اللواء سامي الحناوي كتيبة المدرعات المرابطة بجوار دمشق القيام بسد منافذ المدينة منعاً لدخول قطعات عسكرية من الخارج حتى يتمكن من إجراء الاعتقالات التي قررها ولكن ضباط هذه الكتيبة عندما ظهرت لهم نية اللواء سامي عملوا فوراً على إقصائه عن القيادة.
وقد ذهب وفد من ضباط الجيش إلى منزل فخامة رئيس الدولة وعرضوا له أسباب التدابير التي اتخذت وصرحوا له بصورة قاطعة أنهم لن يتدخلوا بأي عمل سياسي وأن كل رغبتهم هي أن يضطلع المجلس التأسيسي بمسؤوليته دون ضغط أو إكراه.
أيها الشعب الكريم
إن الجيش السوري بضباطه وجنوده عربي قومي ينشد تحقيق الوحدة العربية الصحيحة بأجلى معانيها وأن الجيش يرى في المشروع الاستعماري مؤامرة يقصد منه القضاء على استقلال سوريا وتحطيم جيشها وإنشاء عرش جديد يبعد تحقيق الوحدة المنشودة.
إن الجيش يرفض أن يكون أداة طيعة لتحقيق الأغراض الاستعمارية لأنه من أبناء الشعب يتحمس بشعوره وعليه تقع مسؤولية الدفاع عن استقلال البلاد، وحفظ كيانها وسيادتها.
كان بود الجيش بعد أن أقصى اللواء سامي ألا يذيع أي بيان على الراي العام سوى أن الدعايات المغرضة التي قام بها المتآمرون مع الأجنبي دعته لإطلاع الجمهور على بعض خفايا الأمور
27-12- 1949
رئاسة أركان الجيش العامة