مقالات
فاروق الطباع: قصتي مع الجمعية الغراء
فاروق الطباع – التاريخ السوري المعاصر
انني من مواليد دمشق في الثامن من صفر سنة 1355 هـ الموافق للثامن عشر من تشرين الأول عام 1936م.
والدي الشيخ محمد مراد الطباع ، ووالدتي آمنة بنت المرحوم الشيخ محمد علي الدقر. نشأت في أسرة متأثرة بمنهج جدي الشيخ علي الدقر.
درست في مرحلة الحضانة والمرحلة الابتدائية في مدرسة سعادة الأبناء للجمعية الغراء مطلع الأربعينيات، وكان مقرها مدرسة جامع تنكز مع اخوتي الذين يكبروني، والتي انتقلت مطلع عام 1945م الى المدرسة السميساطية،جانب الجامع الاموي الشمالي.
كان منهج المدرسة يعتمد التربية الاسلامية بالاهتمام بقراءة القرآن الكريم قراءة وتجويداً وحفظاً، الى جانب الفقه والتوحيد، مع الاهتمام بالعلوم الكونية حسب المنهج المعتمد لدى وزارة المعارف، وتخرجت عام 1949م حاملاً الشهادة الابتدائية .
التحقت بمعهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء، ومقره مدرسة جامع تنكز، حيث تم تجديد بنائها بعد أن أحرقها المستعمر الفرنسي يوم 29 ايار عام 1945م ، ونهلنا فيه من علوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وعروض وادب، والعلوم الشرعية من قراءة للقرآن الكريم والتفسير، والحديث النبوي الشريف من كتب الصحاح وشروحه وما يستفاد منه. وعلوم الفقه الشافعي من عبادات ومعاملات، وعلم اصول الفقه، وعلم التوحيد والعقيدة، وعلوم التاريخ بما فيه التاريخ القديم، وتاريخ الانبياء، والسيرة النبوية الشريفة، وتاريخ الخلفاء الراشدين، وتاريخ الدولة الأموية، والدولة العباسبة، وتاريخ القرون الوسطى، والتاريخ الحديث، الى جانب العلوم الكونية، من علوم طبيعية وكيمياء وفيزياء ورياضيات ولغة اجنبية.
كان الكادر التعليمي والتربوي على اعلا المستويات، سواء في العلوم الشرعية،والكونية، فالقرآن الكريم تلاوة وحفظاً على يد الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت الحافظ، والتفسير الشيخ عبد الرحمن الطيبي الزعبي مع علوم الحديث النبوي الشريف وشروحه وما يستفادمنه، وعلم مصطلح الحديث، والفقه الشافعي على يد الشيخ عبدالكريم الرفاعي ويدرسنا أصول الفقه، وعلم التوحيد، والشيخ احمد البصروي المقداد والذي كان يلقب بالشافعي الصغير كما درسنا علم الصرف، وعلوم النحو والبلاغة على يد الشيخ خالد الجباوي النخيلي والذي كان يلقب بسيبويه العصر لحفظه وإتقانه وشرحه للشواهد بمصادرها كما كان يدرسنا علم البلاغة، والتاريخ والسيرة كان على يد الموسوعة العلمية الشيخ نايف العباس النخيلي،كما كان يدرسنا علم الفرائض الى جانب علم عروض الشعر و الادب كان يدرسنا الدكتور أديب صالح.
وبالفعل فقد حصلنا على ثروة مهمة في شتى علوم الشريعة الاسلامية واللغة العربية والعلوم الاجتماعية من تاريخ وعلم نفس وكان يدرسنا الدكتور محمد خير العرقسوسي، الى جانب العلوم الكونية من رياضيات وعلوم طبيعية وفيزياء وكيمياء.
تخرجت من المعهد عام 1956م، التحقت بجامعة دمشق كلية الشريعة، بعد ان تقدمنا لفحص قبول لتحقيق المعادلة بين شهادة المعهد الشرعي وشهادة الثانوية العامة المعتمدة في جامعة دمشق،
تعرفنا في كلية الشريعة على نمو ذج جديد من الأساتذة الأكارم الذين ينهجون منهجاً متطوراً في مناهج العلوم الشرعية، والتوسع في دراسة منهجية في علوم الفقه مستنداً إلى الأدلة، والأسلوب التطبيقي في استنباط الأحكام وتطبيقاتها. من هؤلاء الأساتذة الأفاضل الدكتور مصطفى السباعي في الاحوال الشخصية الشرعية وتطبيقاتها، والاجتهاد فيها، والشيخ مصطفى الزرقا في المدخل الفقهي للقانون المدني، و أساس استنباطها من الشريعة الاسلامية، والدكتور معروف الدواليبي في أصول الفقه والحديث النبوي الشريف وما يمكن ان يستنبط منه، والأستاذ محمد المبارك في نظام الاسلام.
هذا الى جانب أساتذة الحقوق والإقتصاد كالدكتور أحمد السمان وقد درسنا علم الاقتصاد السياسي، والدكتور عدنان الخطيب في مقارنة القوانين الجزائية، بفقه الشريعة الإسلامية، والدكتور فؤاد دهمان والقانون الاداري والدستوري، والدكتور مصطفى البارودي وغيرهم – بارك الله بهم. فقد اسهموا في تفتيح اذهاننا وآفاق تفكيرنا، واعتزازنا بالثروة الفكرية الفقهية في شريعتنا الغراء السمحة،و كيف استنبط العالم المتحضر منها في رسم قوانينه في اوربا.
أثناء دراستي في كلية الشريعة زاولت التعليم والتدريس في ثانوية دار الفكر، والتي تاسست عام 1957م ،وكنت ادرس فيها في المرحلة الاعدادية مادة اللغة العربية، والديانة الاسلامية، وبعض المواد الاجتماعية كالتاريخ والتربية المدنية، كما استلمت ادارة القسم المسائي فيها، وترتيب علاقات المدرسة بالمدرسين، وعلاقتها بوزارة التربية. مما زودني معرفة جيدة في العلاقة مع الاخرين.
وقد كان لي في كلية الشريعة نشاط ملحوظ، حيث كنت عضواُ نشطاً في لجنة الجوالة والرحلات، فقد أسهمت في إعداد رحلة جامعية الى المملكة الاردنية الهاشمية، حيث استقبلنا احسن استقبال، وزرنا حينها الضفة الغربية شمالها وجنوبها، وتعرفنا على المنطقة واحوالها، ورحلة الى الكويت. والتي اعددت فيها جواز السفر الجماعي، وبعد أن تم اعداده، منعت من السفر، لا ادري مالسبب. كما أعددت رحلة الى جمهورية مصر العربية في مطلع شهر شباط عام 1958م، وحضرنا خلال تلك الرحلة انعقاد الوحدة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية، وحضرنا حفلات انعقاد الوحدة ونشوء الجمهورية العربية المتحدة .
تخرجت من كلية الشريعة عام 1961م، وانتسبت الى كلية التربية، للعام الدراسي 1961، 1962م ولا زلت ادرس في ثانوية دار الفكر .
في اثناء هذا العام الدراسي اضطر صاحب مدرسة دار الفكر الى مغادرة البلد، واضطررت في نهاية هذا العام الدراسي الى انهاء التعاقد معها.
ثانوية السعادة :
كانت ثانوية السعادة تابعة للجمعية الغراء، وقد انتقل مقرها مطلع العام الدراسة 1962- 1963 إلى مدرسة تنكز، واستلم ادارتها الاستاذ الشيخ عبد الغني الدقر، وبعد إنتهاء العام الدراسي 1958 – 1959 وفي شهر ايلول من هذا العام أصدر عبد الحميدالسراج والذي كان يستلم وزارة الأوقاف الى جانب وزارة الداخلية قراراً باحتلال مدرسة تنكز التي بنتها الجمعية الغراء، بعد ان أحرقها المستعمر الفرنسي يوم 29 أيار عام 1945م في اليوم الذي قصف فيه مجلس النواب عندما رفض حراسه تحية العلم الفر نسي ورفعو العلم السوري.
وكانت الجمعية قد خصصت الجانب الغربي من المدرسة للمعهد الشرعي، والجانب الشرقي لثانوية السعادة. وكان قصد السراج كما اوضح حينها توحيد المدارس الشرعية، وجعلها تحت ادارة واشراف وزارة الاوقاف المباشر، وعندما اعترض رئيس الجمعية الغراء على هذا القرار لعدم قانونيته وشرعيته، أصر السراج على قراره وأخلاها بالقوة.
وبذلك تم الغاء المعهد الشرعي وتوقف، أما ثانوية السعادة وبعد دراسة أمرها في مجلس ادارة الجمعية قرر المجلس اعطاء حق فتح ثانوية السعادة الى مديرها الشيخ عبد الغني الدقر باسمه وفي المكان الذي يراه مناسباً مقابل تعويضاته.
حاول الشيخ عبد الغني أن يجد من يساعده في إفتتاح ثانوية السعادة مدة ثلاث سنوات، ولكنه لم يتمكن من تحقيق رغبته.
عندم انهيت تعاقدي مع ثانوية دار الفكر نهاية العام الدراسي 1961- 1962م، اتصلت بخالي المرحوم الشيخ عبد الغني الدقر وبحثت معه امر ثانوية السعادة، وامكانية اعادة فتحها، واتفقت معه على شراء حقه في افتتاحها والترخيص لها، وبالفعل بدأت البحث عن مكان مناسب لذلك لبدء العمل على الترخيص اللازم لافتتاحها، وعثرت على دار في حي القنوات يملكه الدكتور صلاح عثمان، هي دار مناسبة لافتتاح مدرسة، لشمولها عدداً من الغرف الواسعة وباحة، وهي كانت داراً لأبناء عمي من آل الطباع. واتفقت مع صاحبها على استئجارها. وبالفعل تقدمت الى مديرية التربية بطلب الترخيص لتاسيس مدرسة ثانوية خاصة باسم ثانوية السعادة الخاصة باسم خالي الشيخ عبد الغني الدقر كصاحب باعتبار وجود تنازل من الجمعية له مودعا لدى مديرية التربية وباسمي كمدير لها. وبالفعل صدر القرار رقم 202 في العاشر من تشرين الأول عام 1962م. بترخيص افتتاح ثانورة خاصة باسم ثانوية السعادة الخاصة، بادارة فاروق الطباع، وملكية عبد الغني الدقر. وتم إفتتاح المدرسة بحلقتيها الاعداية والثانوية.
وبعد ان تم افتتاحها تم ايداع تنازل من خالي الشيخ عبد الغني لاسمي لدى مديرية التربية، التعليم الخاص.
الحمد لله تابعت الاشراف والادارة لمدرسة ثانوية السعادة .وفي العام الدراسي1967،،1968م ، صدر قرار باشراف مباشر من قبل وزارة التربية على جميع المدارس الخاصة، وتعيين مديرمشرف على ادارة المدرسة، مع الاحتفاظ بتسيير امور المدرسة من قبل صاحبها، واستمررت في متابعة أمور المدرسة بوجود مدير منتدب من قبل الوزارة، بجميع شؤون المدرسة تعييناً لمدرسيها ومتابعة لجميع شؤونها.
في نهاية العام الدراسي 1973- 1974م تتازلت عن المدرسة إلى الأستاذ المرحوم هشام الناشف، الشخص الذي وجدت فيه الأهلية لتسلم هذه الأمانة، نظراً لخبرته وأمانته وإخلاصه لعمله، وكان قد استمر في التدريس والمساعدة في إدارة المدرسة لعدة سنوات سابقة. وتوجهت الى التفرغ للعمل التجاري، حيث استلمت محل والدي في الحريقة، حيث انتقل اخي الذي كان يشرف عليه الى عمل صناعي.
عود على بدء:
عندما افتتحت ثانوية السعادة، كان تواصلي مع رئيس الجمعية خالي الشيخ أحمد الدقر واشتريت من الجمعية الأدوات التي كانت تخص مدرسة ثانوية السعادة، من أجهزة مخبر، إلى جهاز سينما مع عدد من الافلام العلمبة، وهاتف وغيرها بتسعيرة خبراء اختارتهم الجمعية لتقييمها، وكنت أشعر بثقته التامة بي، والحمد لله.
في ذلك الوقت بدا واقع الجمعية في حالة من الجمود، بل وبالتراجع، وكان ذلك بعد الصدمة المزعجة من احتلال السراج لمدرسة تنكز، لم يبق للجمعية من نشاط بعد اغلاق المعهد الشرعي، سوى المدارس الابتدائية، مدرسة سعادة الابناء، والتي كان يديرها المرحوم الشبخ عبد الرزاق المهايني، وقد كبر في السن، في الوقت الذي كثرت فيه، المدارس الابتدائية التابعة لوزارة التربية في جميع أحياء دمشق وهي مدارس مجانية، مما جعلها تنافسها، فقل عدد طلابها، فاصبحت شعبة لكل صف، وبعدد طلاب قليل. لاتكاد تؤمن كلفتها، ومدرسة وقاية الأبناء في حي الميدان، ومديرها المرحوم الشيخ عبد الرحمن الدقر، وعدد من اساتذتها، ومعظمهم كبار في السن، ولم يعد عطاؤهم كما كان سابقاً، كذلك تقلص عدد طلابها أيضاً، ولا تكاد تكفي لتسديد حاجتها. ومدرسة روضة الحياء، والتي كانت تديرها المرحومة الحاجة وهيبة البقاعي، وهي ايضاً قد كبرت في السن، ويساعدها عدد من الآنسات، ولم يكن بذلك المستوى الذي يؤلهن لأداء اساليب التربية والتعليم الحديثة، فتراجعت ولا تكاد تسدد كلفتها.
ومجلس ادارة الجمعية، عدد من كبار التجار ومعظمهم مسنون، يلتقون في اجتماعاتهم، ولم يكن لديهم امكانية تطوير هذه المدارس، كما ان عدد أعضاء الهيئة العامة للجمعية الذين ينتخبون مجلس الادارة يتناقصون، وهذا واقع ينذر بنهاية ملحوظة لهذه الجمعية، دفعني هذا الواقع الى مذاكرة خالي الشبخ احمد عن واقع الجمعية ونشاطاتها، وعرضت عليه ضرورة تطعيم اعضاء الجمعية بعناصر شابة ممن يلوذ بالجمعية من ابنائها وخريجي معاهدها ومدارسها، لتطوير العمل، واستمرار هذه الجمعية الرائدة. واستمرار عطائها، فاستجاب للراي الذي أبديته.
وكنت اول المنتسبين كعضو في الهيئة العامة للجمعية، كان ذلك عام 1963م، واقترحت عدة اسماء تم تنسيبهم وقبولهم كأعضاء جدد من الشباب الذين كانوا قد تخرجوا من مدارس الجمعية، وكان منهم الاستاذ مصطفى الطباع، وعبد الرحيم الطباع، وصفوح الإمام، ونزار الدقر، ومحمد مفيد ومنذر ابناء الشيخ أحمد الدقر . ومحمد الزعبي، وغيرهم.
في عام 1391هـ 1971م انتخب اول مجلس ادارة للجمعية الغراء من الشباب، في بناء الجمعية بشارع المأمون – الحريقة. على النحو التالي: محمد مفيد الدقر رئيساً، الدكتور فتحي النحلاوي نائباً للرئيس، المحامي مصطفى الطباع أميناً للسر، صفوح الإمام خازناً، فاروق الطباع، محمد الزعبي، عبد السلام الخطيب، أعضاء . علما بانني انتخبت نائبا للرئيس، ولكنني تنازلت لصالح الدكتور فتحي النحلاوي تقديراً لمكانته وجهوده الخيرة في خدمة الجمعية وطلابها.
في مطلع السبعينيات، ثار هجوم رسمي على المعاهد الشرعية، وتنازع الاشراف عليها بين وزارات الشؤون الاحتماعية، والتربية، والأوقاف، وحصل دعاوى في القضاء، وتولى الدفاع عن هذه المعاهد كل من المحامي الدكتور مصطفى البارودي، والمحامي الدكتور فؤاد دهمان .
واستطاع الاستاذ مصطفى الطباع والذي انتخب كعضو في مجلس المحافظة، وكعضو في المكتب التنفيذي في مجلس محافظة دمشق، من استصدار قرار من مجلس محافظة دمشق، وبعد الطلب الى كل من الوزارات المشار اليها، تحديد مسؤوليتها عن تلك المعاهد، فتنصلت، ولم تبد جواباً. عنده وفي هذه الحالة يكون مجلس المحافظة مسؤولاً، فأصدر مجلس المحافظة قراراً رسمياً، أعلن فيه اعتبار المعاهد الموجودة وقتها مرخصة حكماً، وعلى من يرغب تأسيس معهد جديد ان يتبع خطوات أوضحها ذلك القرار، وبذلك انهى تلك الدعاوى المرفوعة ضد هذه المعاهد، وتم حسم الامر .
وفي حضم هذه الأحداث، رأى مجلس ادارة الجمعية اعادة فتح معهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء، والذي شمله القرار. علماً بأنه كان مرخصاً بمرسوم جمهوري، ولم تكن قرارات الغائه التي صدرت في عهد السراج قانونية ،واختار المجلس الاستاذ علي أبو بكر أحد خريجي المعهد الشرعي، وخريج كلية الاداب في جامعة دمشق قسم اللغة العربية – دبلوم التربية، من كلية التربية في جامعة دمشق، ومدرس للغة العربية في ثانويات دمشق مديراً لهذا المعهد بدءا من الصف الأول الاعدادي الشرعي متدرجا حتى اتمام صفوف المعهد . ومقره في المدرسة السميساطية .وكان هذا الاختيار بناءا على مقترحي.
في منتصف الثمانينات، استعاد المعهد إشراف وزارة التربية على امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية الشرعية، وصار طلاب المعهد يتقدمون باسم المعهد الى امتحانات الشهادتين، بعد ان كانوا يتقدمون كطلاب احرار، فاصبح طلاب المعهد يحصلون على شهاداتهم من الوزارة، بالاضافة الى شهادة المعهد.
استمر الاستاذ الشيخ علي ابو بكر في ادارة المعهد حتى عام 1989م، وهو من بلدة عين الفيجة، وقد اشرف على بناء جامع ابي بكر الصديق في بلدته. وام فيه المصلين، وخطب فيهم، حتى وافته المنية فجاة عام 1412هـ 1991م رحمه الله وغفر له.
تم تعيين الأستاذ هشام الصلاحي لادارة المعهد، واستمر المعهد في المدرسة السميساطية اكثر من عشرين سنة.
مدرسة روضة الحياء:
مدرسة ابتدائية أسستها الجمعية في ذقاق البرغل في حي الشاغور عام 1927م، وتضم خمسة صفوف ابتدائية وهي كامل المرحلة الابتدائية، وصف سادس لتعليم نشاطات عملية كالخياطة والتطريز، بالاضافة الى صف تحضيري ما قبل المرجلة الابتدائية.
وقد أقبل الناس عليها، ودرس فيها عدة أجيال الجدة والأم والبنت، وهكذا، فقد ضمت من التلميذات وقتها ما يزيد عن 560 تلميذة، ألت إدارتها مطلع الثلاثينات إلى الحاجة وهيبة البقاعي، والتي استمرت في إدارتها أكثر من خمسين عاماً، وهي من حفظة كتاب الله، وتتقن التجويد، لها درس عام للنساء كل يوم خميس في المدرسة بعد انصراف التلميذات. وهي ممن واظب على حضور دروس المرحوم الشبخ علي الدقر، وكانت تحفظها غيباً، وتحدث بها جماهير النساء، ويعجبون بدروسها، كما كان لها درس في حي الميدان، وفي جامع الروضة في حي المهاجرين بعد بنائه في الخمسينات، ولكن المدرسة في أواخر الستينات، وبعد تدخل مديرية التربية في إدارتها، حيث فقدت ذلك الكادر التعليمي والتربوي لكبر سنهم، وعجزهم عن مواكبة التطور واساليب التربية الحديثة مما لا يحقق المطلوب من جودة التعليم والتربية، حيث تطورت اساليب التربية والتعليم ،ونشوء مدارس في جميع احياء دمشق تابعة لوزارة التربية، ولهذا قل عدد التلميذات فيها، فأصبح عدد التلميذات فيها لا يكاد يزيد عن 100 تلميذة الا قليلاً.
لاحظت إدارة الجمعية واقع المدرسة، وحاجتها الماسة الى التطوير، مما دفعنا كمجلس إدارة الى أردافها بكادر تعليمي وتربوي جدبد، من آنسات يتمتعن بثقافة التربية والتعليم الحديث، مع تمتعهن بثقافة دينية اسلامية جيدة، وأعدت الجمعية لهؤلاء الآنسات دورات تربوية، وعينت لها مشرفة ومديرة جديدة هي الانسة شكران شحادة الرفاعي، وهي تحمل شهادة كلية الشريعة من جامعة دمشق، ومارست التعليم الابتدائي عدة سنوات. مع الاحتفاظ بالحاجة وهيبة البقاعي كرمز للمدرسة وتشرف على دروس القران الكريم والتجويد. كانت المدرسة تشغل البناء بالأجرة منذ عام 1927م وهي بحاجة ماسة الى توسيعها لكثرة الاقبال على المدرسة من جدبد، بعد تطويرها. ولا تستطيع المدرسة إنشاء أي تعديل عليها دون موافقة أصحاب البناء. مما دفعني وبدعم من مجلس الادارة الى شراء هذا البناء من اصحابه، والقيام بإعادة تاهيله، وزيادة عدد الغرف الدراسية فيه، ورغم مضاعفة عددها، إلا أن الإقبال كان أكثر بفضل الله سبحانه، فقد علمت أن دارا خلف المدرسة ومتصلة بها ويمكن دمجها ببناء المدرسة يرغب أصحابها وهم ورثة ببيعها، وبفضل من الله امنت شراءها، كما وفقني الله الى تامين متبرع لدفع ثمنها جزاه الله خير الجزاء، مما ساهم في تامين الغرف التي تحتاج اليها المدرسة في استيعاب هذا الاقبال، حتى بلغ عدد الغرف التي تصلح لصف 28 غرفة، وبلغ عدد طلاب المدرسة قريبا من 1500 تلميذة.
وقد لاحظت الجمعية حاجة المدرسة إلى وسائل نقل خاصة بالمدرسة لايصال التلميذات من دورهم الى المدرسة، ومنها الى دورهم، في أنحاء احياء دمشق، ولا يكفي الاعتماد على استئجار باصات لا ندري متى تتوقف، فبفضل من الله تم تامين شراء مركبة حديثة تم استيرادها عن طريق الإمارات في حينها وتم ترسيمها باسم المدرسة، وحصلنا بعدها على باصين تبرع تم استيرادها لصالح الجمعية من قبل المتبرعين.
لقد تطور أسلوب التربية والتعليم، مع الإحتفاظ بالتوجيه التربوي الإسلامي، والإهتمام بالقرآن الكريم قراءة وتجويداً وحفظاً، مما جعل التلميذات يتقن اللغة العربية وضبط مخارج الحروف بشكل ملفت للنظر، ومما أذكر أن إدارة المدرسة إتصلت بي، وأنا في محلي القريب من المدرسة، تبلغني فيه ان فريقاً من المفتشين برئاسة مدير التربية بدمشق قد قدموا الى المدرسة. لوجود شكوى مغرضة بان المدرسة تخرج عن منهج التربية، وتزاحم التلميذات في الصفوف فوق طاقتها، فقاموا بجولة سريعة على بعض الصفوف بشكل مفاجئ.
فدخلوا الى الصف الأول الإبتدائي، وكانت الأنسة تسمع للطالبات مما يحفظونه من القرآن الكريم وقد أحرجت بهذه المفاجأة، وحاولت تغيير موضوع الدرس، ولكن مدير التربية لاحظ تلميذة واقفة، فلما سالها لماذا انت واقفة؟
أجابت بصدق اسمع سورة عم يتساءلون. فقال لها إقرئي، فقرأت قراءة مجودة، وأظهرت فيها مخارج الحروف بالشكل الصحيح. فأعجب بقراءتها. وقد وصل الخبر الى الإدارة قبل إنهاء الجولة التفتيشية على عدد من الصفوف. وبالفعل وصلت الى إدارة المدرسة قبل انتهاء جولتهم، وكانت الشكوى التي وصلت الى مديرية التربية عن كثرة عدد الطالبات في الصف الواحد، عاد مدير التربية والوفد المرافق من المفتشين الى إدارة المدرسة، وتوجه مدير التربية الى مشرفة الجمعية على إدارة المدرسة الآنسة شكران شحادة الرفاعي يسألها عن كثرة التلميذات في الصف الواحد. وقرب التلميذات من السبورة. فقمت بالإجابة عنها بعد أن عرفته بنفسي، وقلت إن الآنسة لا يدخل الى جيبها أي مبلغ بكثرة التلاميذ أو قلتهم. إن الجمعية الغراء لتعليم أبناء الفقراء، جمعية خيرية أسست عددا من المدارس الإبتدائية عندما كانت وزارة التربية ليس لديها العدد الكافي من المدارس، حيث كان التعليم مقتصرا على أبناء الأغنياء والطبقة المتوسطة، وكان للمدارس التبشيرية بإشراف المستعمر الفرنسي وبدعم ملحوظ من السلطات. ولكن عندما أكثرت وزارة التربية من إيجاد المدارس الإبتدائية وبالمجان قلصت الجمعية من مدارسها، ولكن وفي هذا الوقت وللأسف حين أهمل كثير من المعلمين والمعلمات في المدارس العامة، ولقلة الراتب المخصص لهم، ادى إلى الإهمال، وقد لاحظ الناس ذلك، مما حدى بهم إلى التهافت على مدرستنا، لجودة التعليم، والإهتمام الكبير بالطلبة.
أما وقد لاحظ سيادتكم قبل قليل، وقد سمعت تلك التلميذة وفي الصف الأول وهي تقرأ شيئا من القرآن الكريم، فهل تجد في مدارس التربية ومن هم الصف الخامس من يستطيع أن يتقن مثل هذه القراءة، ويضبط مخارج الحروف بهذا الإتقان. وهذا مما يؤهل الطلاب الى جودة القراءة، واستيعاب بقية المواد. وإن هذا الإتقان قد دفع الناس الى هذا الإقبال على مدرستنا، وأتمنى على وزارة التربية أن تحسن من اداء مدارسها. حتى نخفف الضغط على مدرستنا. وزيادة التلميذات وإضطرارنا لقبولهن نتيجة الضغوط والوساطات الكييرة لقبولهن، ونحن كجمعية نتمنى ان نجد البناء الأوسع والذي يجعل من قاعة الصف تتسع وبراحة أكبر للتلاميذ بشكل أفضل، عند ذلك دعاني السيد مدير التربية الى زيارته في المديرية، وبالفعل فقد قمت بزيارته، وأبدى لي إعجابه بما لحظه من اهتمام المدرسة بإسلوب التربية والتعليم، وأسباب كثافة التلميذات وبتطوير اساليب التعليم، ودخول الحاسوب كأدوات تعليمية. قامت الجمعية بتزويد المدرسة بالأجهزة الأزمة، واقامة دورات تعليمية تربوية لجميع الكادر التعليمي والتربوي في المدرسة، مما يؤهلها لتكون من اهم المدارس الابتدائية في دمشق.
أقامت مدرسة روضة الحياء لقاءات مهمة مع اولياء امور التلميذات، واقامة احتفالات سنوية ونشاطات ثقافية تدعو اليها اولياء امر التلميذات وعدد من المسؤولين، تظهر فيها نشاطات التلميذات من كلمات ومسرحيات واناشيد ونشاطات عامة، وفي اماكن ضمن المدرسة وخارجها من قاعات واسعة تتسع جماهير المدعوين.
مدرسة وقاية الابناء
تاسست عام 1346ه. 1927م في حي الميدان زقاق العسكري ، واشرف على تاسيسها وافتتاحها المرحوم الشيخ حسن حبنكة ، وقد نشطت هذه المدرسة حتى وصل عدد تلاميذها الى 800تلميذ . وخرجت اعدادا كبيرة في حي الميدان .ثم تولى ادارتها مدة يسيرة المرحوم الشيخ احمد الصابوني . خطيب الجمعية الغراء المفوه .ثم تولاها المر حوم الشيخ عبدالرحمن الدقر الحافظ الجامع لكتاب الله ،وكان من معلميها عدد من كبار علماء حي الميدان كالشيخ محمد الخطيب .ابو كامل، والشيخ يوسف عرار، والشيخ محمد الشريف اليعقوبي ، والشيخ ياسين الصلاحي ، والشبخ انيس الصلاحي ، والشيخ نديم الطرقجي ، والشيخ محمد الخوام . والخطاط حسبن بغجاتي . وفي عام 1967م اخضعتها وزارة التربية لاشرافها، وارسلت مديرا منتدبا من قبلها ، وبدات المدرسة تضعف بسبب كبر سن اساتذتها ، وعدم تطوير اساليب التعليم فيها ،وافتتاح الكثير من المدارس الابتدائية التابعة لوزارة التربية وبالمجان ، فقل عدد طلابها ،ولم تعد تفي اقساطها التي كانت تتقاضاها .
وفي مطلع السبعينات استملكت محافظة مدينة دمشق بناء المدرسة وهدمتها لاختراق طريق المتحلق الجنوبي بناءها .
دفعت المحافظة تعويضا لقيمة البناء حوالي مليون ليرة سورية . فاقترحت على مجلس ادارة الجمعية شراء عقارات باسم الجمعية تحقق ايرادات للجمعية فابدت موافقتها ، وبالفعل قمنا بشراء 6 محلات تجارية في طريق الصالحية منطقة الشهداء ، وقد حققت دخلا لا باس به من اجورها وتعويضات فروغات بعضها ، ومازالت موجودة حتى تاريخه ،
المدرسة الاخنائية:
في أواخر الثمانينات، وصل إلى الجمعية كتاب من وزارة الاوقاف، تطلب فيه إخلاء المدرسة السميساطية، وتسليمها لرابطة المنشدين في دمشق، فقد فوجئت الجمعية بهذا الطلب، فتوجهت مع ابن عمي الأستاذ مصطفى الطباع، لمقابلة السيد وزير الاوقاف الأستاذ عبد المجيد الطرابلسي، والذي كنت اعرفه من خمسينات القرن الماضي، عندما كان مديراً للمعهد العربي في حمص، والذي كان له نشاط مهم في الحقل الدعوي الاسلامي. فدخلنا عليه، وعرفته بنفسي وبالاستاذ مصطفى الطباع، واننا أعضاء في مجلس إدارة الجمعية الغراء. وحدثته عن استغرابنا لكتاب الوزارة بشأن المدرسة السميساطية، وأن الجمعية الغراء تشغلها من ثلاثينات القرن العشرين، وقد حصلت عليها أيام الاستعمار الفرنسي، وهي تشغله بوجود معهد العلوم الشرعية بقسميه النهاري والداخلي، واستغراب هذا الطلب. عندها أحس السيد الوزير بضرورة معالجة الامر معتذراً بأنه سأل دوائر الاوقاف، عمن هو باستلامها، فلم يجد اي سجل يذكر تخصيص المدرسة السميساطية بالجمعية الغراء. وعرضت عليه كعلاج للموضوع، انه اذا احبت رابطة المنشدين عقد اي اجتماع لها نرحب باستقبالهم كضيوف على الجمعية، اما ان يكون مقرا لهم في المدرسة فهو يتعارض مع وجود طلاب المعهد، فلا هم سيشعرون بالامان، ولا طلاب المعهد، وذكرت له ان في دمشق وفي مساجد عديدة غرف يمكن للرابطة استخدامها لنشاطهم، وذكرت له امثلة. كجامع نور الدين الشهيد، وجامع الناقشبندي، فتفهم الامر وكان محرجا. وفي هذه الأثناء دخل مدير مكتبه يقول للسيد الوزير ان أعضاء رابطة المنشدين في مكتبه يرغبون في مقابلته، فقلت للسيد الوزير لا باس ليدخلوا، وارجوا ان تسمح لي بالحديث معهم، فاذن لهم ودخلوا. رحبت بهم وعرضت لهم صعوبة وجودهم في المدرسة السميساطية لوجود طلاب المعهد بقسميه النهاري والداخلي، مما يشوش عليهم وعلى الطلبة، وان هناك أماكن اخرى يمكن ان تحققوا رغبتكم، وهنا تدخل السيد الوزير وطلب الي مرافقتهم لمقابلة مدير اوقاف دمشق وعرض ما قترحته من اماكن، وانتهى الامر.
وزرته مرة اخرى، وذكرت له ان المدرسة الاخنائية، والتي كانت مقراً لأمين الفتوى المرحوم الشيخ عبد الحكيم المنير، وقد توفي، وأصبحت الآن مستودعاً للاحذية، والجمعية الغراء بحاجة اليها، وهي اولى بها، وهي ملاصقة للمدرسة السميساطية، لاستيعاب طلابها .فاستجاب لهذا الطلب، وأصدر قراراً رقم 213 من مجلس الاوقاف الأعلى،والذي ينص على التصديق على قرار المجلس المحلي رقم 60 تاريخ 29،6،1989م المتضمن الموافقة على تخصيص المدرسة الاخنائية المجاورة للمدرسة السميساطية الواقعة على العقار محضر 158،1، باب بريد، وذلك للجمعية الغراء نظرا للحاجة الماسة لاستيعاب طلابها حسب الاصول. دمشق 6،12،1409ه والموافق 9،7،1989م، بتوقيع رئيس مجلس الاوقاف الاعلى وزير الاوقاف عبد المجيد الطرابلسي.
وبالفعل تم استلام مبنى المدرسة الاخنائية، وقامت الجمعية بترميمها، واستخدامها، وفتح باب بينها وبين المدرسة السميساطية، وبعدها توثقت العلاقة بين السيد الوزير والجمعية الغراء، ومعهدها الشرعي،فكان عندما تجري امتحانات نهاية السنة في المدارس الشرعية يبدأ بزيارة معهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء، ويدخل عدداً من قاعات الامتحان.
في عام 1992م أقام معهد العلوم الشرعية احتفالا بعيد المولد النبوي الشريف، وقمنا بدعوة كل من وزير الاوقاف ووزير الشؤون الاجتماعية الاستاذ حيدر بوظو لحضور هذا الاحتفال. وبالفعل كان احتفالا مشهوداً ، وحضر فيه كل من وزيري الاوقاف والشؤون الاجتماعية، ورئيس واعضاء مجلس ادارة غرفة تجارة دمشق، حيث كنت عضوا فيها. وقد شرف كل من الوزبرين وكان خالي المرحوم خالي الشيخ عبد الغني الدقر رئيس مجلس ادارة الجمعية الغراء وكنت نائبه حاضرا. فجلست الى جانب السيد وزير الاوقاف وحدثته عن رغبة الجمعية بفتح فرع للمعهد للاناث، للحاجة الماسة في دمشق الى وجود مثل هذا الفرع، والجمعية الغراء تعتمد في معهدها منهج الاسلام الوسطي،والذي يعتمد على نصوص القران الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة.
في هذه الاثناء قام مقدم برنامج الاحتفال السيد مدير المعهد الاستاذ هشام الصلاحي بتقديمي لالقاء كلمة الجمعية الغراء ،وبالفعل قمت ورحبت بكل من الوزيرين ، وبرئيس واعضاء غرفة التجارة وبالحاضرين ،وعرضت اثناء كلمتي عن رغبة الجمعية بانشاء فرع للمعهد للاناث ، وفي ختام كلمتي دعوت السيد وزير الاوقاف لالقاء كلمة ،فتقدم مشكورا ولبى طلبي ، وكان للحديث الذي جرى بيني وبينه اثر فاعل في كلمته ،واثنى على نشاط الجمعية ، ووعد بالموافقة على افتتاح فرع لمعهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء للاناث .
وبالفعل وفي صيف عام 1992م تقدمت باسم الجمعية الغراء بطلب الى السيد وزير الاوقاف بالموافقة على افتتاح فرع للاناث لمعهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء .وسلمته باليد ، فاحاله الى معاونه مع موافقته المبدئية ، فطلب السيد معاون الوزير اخذ موافقة مدبرية الشؤون الاجتماعية ، وموافقة فرع حزب البعث في دمشق.
واما وزارة الشؤون الاجتماعية ، فنظام الجمعية الداخلي الموافق عليه يوضح بان غاية الجمعية وهدفها الدعوة الله عن طريق التعليم ، اما فرع الحزب ، فقمت بزيارة الفرع صحبة مدير المعهد ، وقابلنا عضو فرع دمشق المسؤول عن شؤون التعليم الاستاذ موسى كاظم التونسي ، وهو صديق من ايام الجامعة ، وكان مديرا منتدبا عندي في مدرسة ثانوية السعادة ، وشرحنا له طلبنا ، فرحب بذلك ، ووعد خيرا .ولكن لابدمن اخذ موافقة القيادة القطرية ، وغادرنا الفرع ونحن مطمئنون . ومع ذلك قمت بصحبة خالي الشيخ عبد الغني الدقر بزيارة القيادة القطرية لحزب البعث ، وقابلنا نائب رئيس القيادة القطرية ، وعرفته بنفسي ، كما عرفته بخالي الشبخ عبد الغني ، واننا قدمنا لاخذ موافقة القيادة على قيام الجمعية الغراء بافتتاح فرع للاناث لمعهد العلوم الشرعية ،وقدمنا له نسخة من كتاب معجم قواعد النحو تاليف خالي الشيخ عبد الغني ، فذكر لنا ان والده كان احد طلاب المعهد ووعدنا خيرا،
وبالفعل فقد قمنا بافتتاح فرع الاناث بالصف الاول الاعدادي منه ،وجعلنا مقره في المدرسة الاخنائية ،ونحن مطمئنون من امر الموافقة على ذلك ، حيث خصصنا غرفة للصف الاول وغرفة للادارة . ومدخل الطالبات من باب المدرسة الاخنائية ، ومعزولة عن قسم الذكور . وعينت السيدة أمل هدايا وهي خريجة كلية العلوم من جامعة دمشق ، ومدرسة مادة العلوم الطبيعية لعدة سنوات في دمشق والرياض ،وهي ذات ثقافة اسلامية عالية، وداعية اسلامية مرشدة.
لم نتلق اي جواب ، لا بالاقرار ولا بالرفض ،ولكن لدينا موافقة وزير الاوقاف المبدئية.
عندما حان موعد الامتحانات في المعهد الشرعي ،تشرف المعهد بقدوم السيدوزيرالاوقاف كعادته ، والذي رحبنا به ، وصحبته في جولته على بعض قاعات الامتحان ، حتى اذا انتهى من جولته ، اصطحبته الى المدرسة الاخنائية من الباب الواصل من المدرسة السميساطية، ففوجىء بالطالبات يؤدين الامتحان فابدى استغر ابه ،، وقال ما هذا ؟. فاجبته. تلبية لطلبك، وموافقتك المبدئية، وحتى تاريخه لم نتلق اي جواب ، واعتبرنا الامر تحصيل حاصل ،وبالفعل فقد كان امرا واقعا.
وقد علمت فيما بعد، ان جواب القيادة القطرية قد وصل الى الوزارةبالرفض ، ولكن السيد الوزير الذي لم يكن يتوقع اننا قد افتتحنا فرع الاناث، فاهمل الجواب ،واودعه الدرج . ولكن فرع الاناث استمر وتطور، حتى اصبح ثانوية متكاملة تتقدم الى الامتحانات العامة، الاعدادية الشرعية ، والثانوية الشرعية، عن طريق وزارة التربية كما هو في قسم الذكور .
حصلت الجمعية على قبو جامع الشيخ علي الدقر في حي كفر سوسة عام 1995م . وقد قمت بفضل الله بمساعدة المهندس الاستاذ احمد الهندي باعداده وتقسيمه الى غرف ، وقاعات، وقد قام بعمله حسبة ،ولم يتقاضى اي تعويض . جزاه الله خيرا. واصبح القبو صالحا لوجود مدرسة متكاملة، فنقلنا فرع الاناث اليه، بافتتاح الصف الثالث الاعدادي ، وافتتاح الصف الاول الثانوي ، وتدرجت الصفوف الى اتمام الحلقة الثانوية كاملة . وازداد عدد الطالبات حتى تجاوز 700 طالبة .
وفي عام 1999م ، حصلنا على موافقة مديرية اوقاف دمشق، وبطلب من لجنة بناء جامع التقوى في مشروع دمر على تخصيص قبوي الجامع للجمعية الغراء ، لاشغالهما بتلاميذ مدارسها .ومساحة كل طابق ما يقارب 1800متر مربع . وبالفعل وخلال فترة وجيزة ، استطعنا اعداد القبو الاول تحت الجامع، وتقسيمه الى غرف وقاعات وباحة داخلية واسعة ،بمساعدة اهل الخير ، وتم نقل فرع الاناث اليه في العام الدراسي 1999م، 2000م وعنها تم نقل طلاب قسم الذكور الى قبو جامع الشيخ علي الدقر، كما انتقل مقر الجمعية اليه ايضا ، وبقيت المدرسة السميساطية والاخنائيةمقرا لطلاب القسم الداخلي لاقامتهم. وبفضل من الله ، كانت تكاليف تهيئة قبو جامع الشيخ علي الدقر، وقبو جامع التقوى ، على حساب محسنين يبتغون وجه الله سبحانه ، ولا يحرصون على ذكر اسمائهم، جزاهم الله خير الجزاء .
توفي خالي الشيخ عبد الغني الدقر رئيس الجمعية الغراء اواخر عام 2002م، وبذلك أصبحت رئيساً لجمعية الغراء، بعد ان كنت نائباً للرئيس. وتعرضت إلى محنة قاسية، لا ادري على الحقيقة من كان ورائها من مساءلات أمنية ومحاسبية، ظهرت في ختامها برائتي التامة، حيث كان لشرائي مقر مدرسة روضة الحياء، والبناء الذي خلفها لتوسعتها ،وقد تكفل احد المحسنين بتسديد قيمتها،واعداد قبو جامع الشيخ علي الدقر، وقبو جامع التقوى، وهي مبالغ كبيرة كنت اقوم بدفعها من اصل تبرعات شهر رمضان لفترة من الزمن ، وتسهيلا لاتمام الصفقة وعدم ضياعها، وتاخر تسجيلها لفترة من الزمن حتى سدد المتبرع كامل المبلغ ،مما اعتبره مفتش الرقابة ، ود ون ان يسأل عن سبب ذلك ، وصدر كتاب من الهيئة بتغريمي فوائد المدة التي تاخر تسجيل ارومة الايصالات في حسابات الجمعية . وبعد مخاضة طويلة ومراجعة وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وابراز جميع الوثائق التي تظهر حقيقة الامور وبشكل واضح ومقنع . واحضار المفتش امام مسؤوليه، وسؤاله، عن حقيقة تصرفاته ، وضح الامر ، واصدرت الهيئة براءتي والحمد لله ، كما وجهت وزيرة الشؤون الاجتماعية بناءا على كتاب الهيئة كتابا وجهته الي عن طريق الجمعية ببراءتي من تلك التهم الباطلة ، وكانت فتر ة عصيبة مررت بها،واستمرت فترة من الزمن، ارهقتني حتى ظهر الحق والحمد لله .
بعد ظهور برائتي دعتني وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة ديالا الحاج عارف والتي أعلنت براءتي بكتاب بتوقيعها، وطلبت الي عدم ترشيح نفسي لعضوية مجلس الادارة في الجمعية، مع استمراري في عضوية الهيئة العامة، وعندما ناقشتها في هذا الموضوع وقد ظهرت براءتي التامة. فاجابت ان الموظف لدينا في حال قيامه بعمل خارج الروتين، وان لم يسبب ضررا ما، ننقله لعمل اخر، فاجبتها، بانني لست موظفا، وانا متبرع بعملي وجهودي، وتصرفي كان لمصلحة الجمعية، ولو لم اقم بما قمت به لضاع على الجمعية ما حققته لصالحها، ولكنها أصرت ،ودون تبرير، وللاسف هذا عقاب من يخلص في عمله ، ويبتغي وجه الله سبحانه ، وعند الله الجزاء الاوفى باذن الله.