وثائق سوريا
كلمة مدير الاقتصاد العام نصوح الدقاق في مهرجان القطن بحلب عام 1954
كلمة نصوح الدقاق في مهرجان القطن بحلب عام 1954
الكلمة التي ألقاها مدير الاقتصاد العام نصوح الدقاق في حفلة إفتتاح المعرض الزراعي في مهرجان القطن الأول في حلب:
ساداتي!
لقد كلفني معالي وزير الاقتصاد الوطني الأستاذ أسعد كوراني أن أنوب عنه في حضور هذا المهرجان الحافل للأعباء السياسية الملقاة على عاتق الوزارة في الظرف الحاضر.
وقد أتاح لي بهذا التكليف فرصة مشاركتكم بمهرجانكم، وشرف مشاطرتكم بابتهاجكم، وتقدير الغاية النبيلة التي دعت لإقامته والجهود الجبارة التي ساعدت على تحقيقه.
ولا تقتصر عظمة هذا المهرجان الرائع على هذه الاحتمالات الفخمة والمواكب الزاهية والمفاجآت السارة ومعرض الآلات الزراعية فحسب بل تعدتها إلى أسلوب تحقيقه.
أنه المهرجان الأول الذي لم يخلق له جهاز إداري ولم ترصدله إعتمادات مالية، ولم يتوفر له خبراء فنيون، ومع ذلك فقد جاء آية في الروعة وتعجز عن تحقيق أمثائه الدوائر المنظمة والاعتمادات الضخمة، وما إلى ذلك إلا بفضل الجهود الجبارة التي بذلتها جمعية مهرجان القطن وتعاون الدوائر الرسمية والبلدية والغرف والهيئات الاقتصادية وسائر الهيئات والأفراد مع الجمعية.
إن فكرة إقامة مهرجانات في مثل هذه المناسبة ليست بالفكرة الجديدة، وقديماً كان الناس يحتفلون بكل ما هو عزيز عليهم، ويعبرون بذلك عن تقديرهم للأفراد والجماعات إزاء الخدمات التي قاموا بها، وحرى بنا نحن اليوم أن نحتفل بيوم القطن فنعبر بذلك عن المركز الممتاز لهذا المحصول، وعن تقديرنا للذين يقومون بانتاجه وتحضيره وتصديره من مزارعين وفلاحين، وصناع وعمال وتجار، أولئك الذين يؤدون بعملهم هذا خدمات كبرى لاقتصادنا القومي، هذا فضلاً عما في المهرجانات من فائدة كبيرة في تعريف الناس على النواحي المختلفة لهذه الزراعة والصناعات التي تقوم بها.
وإذا كانت سوريا قد عرفت هذه الزراعة قديماً وحديثاً فإن العناية بها لم تبلغ في وقت من الأوقات ما بلغته في السنوات الأخيرة.
ففي عام 1942 لم تزد المساحة المزروعة قطناً عن (13) ألف هكتار، ولم يزد المحصول من القطن المحلوج عن (4000)طن بينما وصلت المساحة المزروعة نحو (45) ألف طن أي بزيادة أحد عشر طناً كما أن المساحة المزروعة في العام الحالي قد زادت بنسبة مرتفعة قد يتضاعف من جرائها الإنتاج.
وقصة تطور الزراعة القطن لا تقتصر على عدة الهكتارات المزروعة والأطنان النتجة. ففي الماضي كانت الأقطان المزروعة تقتصر على النوع المعروف بالبلدي ذي الساق القصيرة الذي لا يصلح إلا للحاجات المنزلية والذي يصعب إيجاد أسواق خارجية لها.
ثم أخذت الدوائر المختصة تشجع المزارعون في استعمال هذه البذور حتى لم يعد يستعمل غيرها.
ونشطت وزارة الزراعة في إرشاد المزارعين وتوجيههم الوجهة الفنية التي ترفع من مستوى الزراعة وتضاعف الإنتاج، وتحسن نوعه وذلك عن طريق مراقبة بذور القطن وفحصها وتوليدها، وفي تحديد المساحات المزروعة والزام المزارعين بالمكافحة ومقاومة حشرات القطن وأمراضه، وكذلك في مراقبة أصناف القطن، ومنع خلطه ومراقبة تصديره وغير ذلك حتى أصبحت هذه الزراعة فنية تستطيع أن تنتج أنواعاً مرتبة. ومصنفة وفقاً لما تقتضيه تجارة الأقطان العالمية.
ومما يسر له أن هذه الجهود أخذت تعطى ثمارها وأصبح القطن السوري معروفاً في الأوساط التجارية الدولية، ويلاقي إقبالاً حسناً.
ولا شك أن الدوائر ذات العلاقة والمؤسسات الخاصة ستمضي قدماً في هذا المضمار حتى تصل بالقطن السوري إلى أقصى درجات الرفعة إذ لا يزال هناك متسع لزيادة الإنتاج وتحسين نوعه.
وإذا كان لا يوجد لدينا الآن احصاءات دقيقة من الدخل القومي لتقدير أهمية محصول القطن بالنسبة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، إلا أننا نعرب بالضبط أهميته بالنسبة لصادراتنا.
وقد بلغت قيمة ما صدرنا من الأقطان مما فاض عن حاجة المعامل الوطنية نحواً من (116) مليون ليرة سورية في عام 1951 و 124 مليون ليرة في عام 1952 و 135 مليون في عام 1953، بينما لم تبلغ صادراتنا من هذه المادة في عام 1939 المليون الواحد من الليرات.
فإذا أضفنا إلى صادراتنا من مشتقات القطن من بذور وكسبه وزيوت بلغت صادراتنا منها 46% من مجموعة الصادرات في عام 1951م، و42% من مجموع الصادرات في عام 1952 و 39% في عام 1953، والمحصول الذي يشكل هذه النسبة العالمية من صادراتنا ويمكننا من تأمين العملات الأجنبية لاستيراد الآلات والمواد الضرورية لتحقيق برامج الإنماء لاقتصاد جدير بأن يذكر، كما أن الأفراد والجماعات الذين يعنون بزراعته وصناعته وتجارته جديرون بالتقدير فلهم ولأصحاب فكرة المهرجان، وللقائمين عليه، وللذين ساهموا فيه أصيب التحسين.