وثائق سوريا
بيان وزارة سعد الله الجابري الثانية عام 1945
قدم فارس الخوري استقالة حكومته في الثلاثين من أيلول عام 1945م، وفي مساء ذلك اليوم أعلن سعد الله الجابري عن تشكيل حكومته.
وفي اليوم التالي الاثنين الأول من تشرين الأول استقبل سعد الله الجابري الصحفيين وأدلى لهم بالحديث التالي والذي يمثل بيان وزاري لحكومته.
صحيفة ألف باء نشرت النص الذي ألقاه سعد الله الجابري على الصحفيين وذلك في العدد الصادر في الثاني من تشرين الأول عام 1945م.
عنوان الخبر:
الوزارة الجابرية في العمل.. حديث رئيسها يتضمن المنهاج الوزاري- اسكندرون والمدارس الفرنسية
نص الخبر:
(بكر الوزراء صباح أمس – الاثنين- إلى مكاتبهم وقد منع دولة الرئيس استقبال وفود المهنئين.
وفي الساعة العاشرة قبل الظهر استقبل دولة الرئيس الصحفيين وبعد الترحيب بهم أدلى بالحديث التالي:
كنت أحب أن يكون البرلمان منعقداً لأدلى إليه بما لدى، ولكنه غير موجود فبلغوا الرسالة عني إلى الأمة لأنكم خير واسطة بين الحكومة والشعب.
قدرت أشياء وقدر غيرها حظ يخط مصاير الإنسان
في الوقت الذي كنت أفضل البقاء في عزلتي استجماماً وحباً للراحة إذا بالقدر ينقلني من مكان إلى مكان.
لبيت الدعوة الواجب في أزمة لا أريد أن اصورها كما يصورها الناس.
لقد أعقبت حرب السنوات الست أزمات من قلق واضطراب استولى على النفوس، ليس في بلادنا فجسب، بل في العالم كله، ولقد اضطررنا أن نلبي الواجب فنستلم الحكم ونتحمل المسؤولية إلى أن تعود الأمور إلى مجراها.
في متناول الشعب
ليس لدينا دعوى ندعيها أو أي تبجج ولكننا سنضع أنفسنا في متناول الشعب ليستخدمنا في تأييد أمانيه. فإذا تمكنا من تحقيق مطالبه فبها، وإن لم نتمكن تخلينا عن العمل تحملنا النتائج.
إن الحكم كالسيل يأكل حتى الحجر القاسي، لا يدخله إنسان إلا ويخرج مهشماً ولكن هذا لا يؤثر في نفوس الذين يقررون دخول المعترك، ونحن دخلنا هذا المعترك بضمائر مرتاحة ونية حسنة ونرجو من الله التوفيق.
الحكومة الدستورية:
نحن حكومة دستورية، لسنا حكومة رئيس- كحكومة الولايات المتحدة لا يعمل وزراؤها شيئاً.
– ولسنا بحكومة مجلس- كالحكومة التي أوجدتها الثورة الفرنسية- بل نحن حكومة دستورية لنا ما يعطينا الدستور وعلينا ما يفرضه، ولا أستطيع أن أفهم أن تكون الحكومة غير دستورية مع أن الدستور يحدد لكل القوى اخصاصها.
لقد قلت في أول خطاب لي في وزارتي الأولى أن الحكم يستقر وينتج عندما يكون التضامن تاماً بين الرئاسة والمجلس والحكومة. وأنا أعيد اليوم نفس القول.
هيبة الحكم:
أما رمز الحكومة فإنني ألخصه في ثلاث كلمات: “الاستقلال والاستقرار والاعتبار”.
نحن نريد هيئة الحكم- لا هيبة الأشخاص- نريد ان يكون الحكم محترماً مرعي الجانب ليس فيه عوج. لقد لاقى الحكم بعض الضعف والوهن وهذا من نتائج الأزمة العالية، ولكننا لا نريد استمراره.
الاستقرار بعد الاستقلال
لقد حصلنا على استقلالنا وسنبذل كل ما لدينا، الرئاسة والمجلس والحكومة والشعب، كل سيضحي بكل رخيص وغال لضمانة الاستقلال والحيلولة دون المس به.
أما الاستقرار، فهو العنصر الأساسي عندما يكون الحكم بعناصر وبقواه الثلاث غير مستقر فإنني أعتقد أنه لا يستطيع الخطو أو الإنتاج، إذن فيجب أن يعمل الاستقرار كل النواحي لنتفادى المصائب، ونقضي على الاضطراب النفسي وغيره.
الناس سواسية:
ونحن في الحكم للتعاون مع الجميع وليس لدينا أي فارق بين إنسان وإنسان ضمن العدل والقانون، قد أحب شخصاً ولكنني في العدل والقانون مع الناس على السواء، هنالك أشياء يصل إليها القانون ولا يصل العدل وهذه سندرسها لنوصل إليها العدل.
الوزارة لم تتم تشكيلاتها
ليست لنا خطة مرسوم، فلم يتسع الوقت لإكمال وزارتنا لأننا أحبينا أن لا نفسح المجال للأزمة الوزارية. ولذلك لم أضع الخطة المفصلة بعد، ولا نستطيع ان نتجاهل الحوادث والظروف ومؤثراتها ونتائجها.
ولا يمكن أن نتجاهل الاحتمالات التي قد نلاقيها من حاجة وبطالة وعوز وتطور في المبادئ وما يترتب عليها من نتائج سياسية واقتصادية ولكننا سنعمل للتوفيق بين العمل ورأس المال وتأمين حقوق الفلاح لنحول دون حلول المتاعب التي تؤذي البلاد.
إننا لا نريد أن يحكم العمل في رأس المال، ولا العكس، بل يجب أن يتعاون الجميع لخير البلاد، وسنعمل على انعاش القرى التي هجرها السكان إلى المدن فلا يعقل أن نهمل الزراعة في بلاد زراعية.
).
انظر:
حكومة سعد الله الجابري الثانية