عام
الحكومة المحلية في السويداء
الحكومة المحلية في السويداء
كان قضاء جبل الدروز في أواخر العهد العثماني يتبع لواء حوران في ولاية سورية، وفي عام 1900 كان القضاء يضم نحو 30 قرية(1). ويذكر يوسف الحكيم حول هذا التقسيم العثماني بقوله: (وقد قيل آنئذ إن غاية ولاة الأمر العثمانيين من جعل جبل الدروز مجموعة أقضية مرتبطة بحوران هي الحيلولة دون إجماع سكانه أو أكثريتهم الدرزية على استقلاله إدارياً. كما جرى في جبل لبنان بالنسبة لأكثريته المارونية)(2).
كان الجبل يتصف بالتمرد على السلطات العثمانية التي كانت تجد صعوبة في السيطرة عليه وإدارته بشكل مباشر، كما كانت قد وجدت صعوبة في فرض التجنيد على الجبل بغد إعلان نظام التجنيد الإجباري في عام 1839(3)، وقد شكل موضوع تجنيد أبناء الجبل أبرز عوامل التمرد الذي أعلن في الجبل في مطلع القرن العشرين، ما دفع السلطة التركية إلى تجريد حملة في عام 1910 كان على رأسها الباشا سامي الفاروقي لإعادة ضبط الأمور في الجبل والقضاء على التمرد فيه(4).
ومع إندلاع الحرب العالمية الأولى تخوفت السلطات التركية من ظهور تمرد جديد في الجبل، وحاول أحمد جمال باشا قائد الجيش الرابع الذي أقام في دمشق أن يشعل الخلاف بين الدروز المؤيدين للأتراك والمعارضين التقليديين لهم، واستطاع حينها سلطان الأطرش تفويت مساعي الأتراك في إشعال الاقتتال في الجبل.
وفي نيسان عام 1917 وصل إلى القريا في السويداء الشيخ سعيد الباني، صبحي العمري، خليل سكاكيني، ورستم حيدر وشخصيات كثيرة التقوا في القريا وأعلنوا القريا منطقة محررة من الأتراك، ومن حينها أديرت القريا إدارة محلية رغم تمركز قوات تركية عسكرية في أطرافها. وفد شكلت هذه الحكومة المحلية أولى المحاولات للإدارة الذاتية التي كانت مهامها المحافظة على الأمن ورد الاعتداء بالدرجة الأولى وكانت تأتمر بأوامر وتوجيهات المشايخ، ونستطيع القول أنه كان يعتمد على كبار مشايخ القرى في ادارتها.
ورغم استمرار تواجد الأتراك في القلاع والمراكز العسكرية في الجبل بدأت تظهر إدارات محلية للإشراف على مناحي الحياة في المدن والقرى في السويداء، منها:
في السويداء أدارها عبد الغفار الأطرش وحمود الأطرش.
في شهبا: أدار السلطات المحلية فيها مشائخ من عائلة عامر.
في عرى: أدار الأمور فيها سليم الأطرش.
في صلخد: أدار الأمور فيها نسيب الأطرش.
وهؤلاء قادوا الأمور في الجبل، واستعملوا العملة التركية حتى سيطرة الفرنسيين(5).
وفي إطار عملية التقسيم الفرنسي – البريطاني لبلاد الشام فصلت الأقضية الثلاث “السويداء- صلخد- شهبا” عن لواء حوران، وتألفت منها “حكومة جبل الدروز” واتخذت السويداء عاصمة له.
بلغ مجموع عدد سكان الأراضي التي تشكلت منها هذه الحكومة وفق الأرقام التي يوردها أبو راشد 52064 شخصاً، منهم 44344 من الدروز، و 4654 من المسيحيين وأكثرهم من الارثوذكس، و 725 من المسلمين السنة(6)، بينما يقدر عبد الله النجار عددهم بـحوالي 65 ألفاً(7).
(1) كان يضم لواء حوران الأقضية التالية: (عجلون، إزرع، المسمية، صلخد، شهبا)،
عوض (عبد العزيز محمد)، الإدارة العثمانية في ولاية سورية 1864 – 1914، دار المعارف، القاهرة عام 1969م، صـ 77.
(2) الحكيم (يوسف)، سورية والعهد العثماني، صـ 51.
(3) صحيفة إقدام، السنة الخامسة، العدد 1595، الصادر في السابع عشر من كانون الأول عام 1898م.
(4) حملة سامي الفاروقي على جبل حوران – السويداء عام 1910
(5) مقابلة مع الدكتور فندي أبو فخر في الثاني عشر من أيلول عام 2022م.
(6) أبو راشد، صـ 9.
(7) النجار (عبد الله)، بنو معروف في جبل حوران، المطبعة الحديثة، دمشق عام 1924م، صـ 68.