اختيارات المحررقضايا
زيارة أم كلثوم إلى سورية عام 1931
قامت السيدة أم كلثوم بزيارة إلى بعض المدن في سورية لإحياء عدد من الحفلات فيها عام 1931م.
الاتفاق مع الجاك:
أبرم اتفاق بين أم كلثوم وأحمد الجاك في شهر آب عام 1931م لإحياء سلسلة حفلات للسيدة أم كلثوم وفرقتها في سورية ولبنان وفلسطين.
جرى الاتفاق بواسطة الشيخ عبد الرحمن البدوي صديق الجاك وصاحب مطبعة الرغائب في القاهرة، وكان يقضي بإقامة عشرين حفلة للسيدة مقابل مبلغ 2200 جنيه تتقاضاها السيدة أم كلثوم وفرقتها، على أن لا تتجاوز فرقة الإقامة أربعين يوماً(1).
كما تضمن الاتفاق بعض البنود التي تناولت موضوع الإقامة والتنقل وتفاصيل أخرى مثل تخصيص سيارة خاصة للسيدة لاستخدامها في جولاتها الخاصة.
أم كلثوم في يافا:
أبحرت أم كلثوم وفرقتها على متن الباخرة الأميركية “أكس كمبيون” يوم السبت التاسع والعشرين من آب، ورافقها في رحلتها شقيقها خالد وأعضاء فرقتها وكان منهم محمد القصبجي ومحمد العقاد عازف القانون، وكريم حلمي، وكان في وداعها جمع غفير من رجال الآدب والفن.
وصلت أم كلثوم إلى يافا التي أقيم لها حفل خاص على شرفها، بعدها واصلت الباخرة رحلتها وحطت في حيفا حيث كان في انتظار أم كلثوم جمع آخر من الأعيان والوجهاء.
الوصول إلى بيروت:
تابعت أم كلثوم رحلتها بعد زيارة يافا، ووصلت إلى ميناء بيروت في يوم الاثنين الحادي والثلاثين من آب عام 1931م، حيث استقبلتها زوارق رفعت الأعلام والرايات المصرية، وسط باقات الأزهار، وكان من بين الزوارق زورق بخاري يحمل فرقة موسيقية تصدح بالنشيد الوطني المصري.
عند نزول أم كلثوم من الباخرة جرى لها استقبال شارك فيه المئات، وكان على رأسهم أحمد الجاك متعهد الحفلات.
توجهت أم كلثوم إلى النادي الموسيقى، واصطف الناس على الشوارع لتحيتها قبل أن تنتقل إلى مقر إقامتها في عالية حيث أعد لها الجاك استراحة
استقبلت أم كلثوم في النادي اللبناني، قبل أن تنتقل إلى مقر إقامتها في عالية، وكان تنقل الفريق يتم بسيارة من نوع “بونتياك” وحافلة لأعضاء الفرقة.
حفلات بيروت الأولى:
أحيت أم كلثوم حفلتها الأولى في الثالث من أيلول وقدمت وصلة غنائية على خشبة “التياترو الكبير” في بيروت، وأحيت حفلتها الثانية على هذه الخشبة مساء الأحد حفلة كبيرة في صالة فندق الجبيلي في عالية.
دمشق:
وصلت أم كلثوم إلى دمشق في السابع من أيلول، واستقبلها حشد من الوجهاء والأعيان في دمر.
أرادت السيدة أم كلثوم في يوم الثلاثاء الثامن من أيلول القيام بجولة في أسواق دمشق ومتاجرها للتسوق والتعرف على المدينة، ولم تكد تغادر الفندق بسيارتها حتى التف حولها جمع غفير وصار الزحام شديداً حتى حال دون زيارتها إلى المسجد الأموي، وعادت وتوجهت إلى البنك المصري – السوري حيث استراحت في مبنى البنك قليلاً،ثم خرجت من شرفة البنك وشكرت الحشد وحيتهم وطلبت منهم أن لا “يزعجوا أنفسهم بالانتظار”.
وفي مساء ذلك اليوم كان الازدحام شديداً في ساحة المرجة – الشهداء أمام فندق أمية وعلى جنبات بردى حتى مسرح العباسية، وتعطلت حركة المواصلات وبذل رجال الشرطة جهداً لتخفيف هذا الازدحام دون جدوى.
الحفلة الأولى في دمشق:
كانت الجماهير تعد بالآلاف ووصل الكثير ممن اشترى بطاقات الحفل إلى مسرح العباسبة واحتلوا مقاعدهم من الساعة الرابعة ظهراً بينما الحفل كان في الساعة العاشرة.
عندما غادرت أم كلثوم الفندق واستقلت سيارتها في طريقها إلى العباسية وقف على جانبي السيارة عدد كبير من رجال الشرطة لتخفيف ضغط الازدحام عنها وقد حيتها الجماهير بالتصفيق والهتاف.
أما الإقبال على شراء تذاكر الحفلات فكان كبيراً وكانت بطاقات الحفلات قد نفذت قبل وصول أم كلثوم إلى دمشق.
كانت الحفلة الأولى غاية في الروعة والسرور وبقيت أعداد كبيرة من المواطنين خارج المسرح تنصت إلى صوت أم كلثوم، وجنى المتعهد من الحفلة الأولى مبلغ 400 ليرة ذهبية بينما كان تعهد الحفلات الثلاث بمبلغ 900 ليرة.
في اليوم التالي الأربعاء التاسع من أيلول أحيت السيدة حفلاً للسيدات. ورغم أن موعد الحفل كان الساعة الرابعة ظهراً إلا أن الحضور احتلوا مقاعدهم قبل ساعات.
أما الحفلة الثالثة فكانت يوم الخميس وهي حفلة مخصصة للعموم جرت في حديقة الأمة.
نتيجة الإقبال الكبير على الحفلات وبعدما حققت أم كلثوم نجاحاً باهراً اتفق المتعهد أحمد الجاك معها على إقامة حفلتين إضافيتين في دمشق.
جمعية الهداية الإسلامية وأم كلثوم:
قامت جمعية “الهداية الإسلامية” بتوزيع منشورات تدعو فيها الأهالي إلى مقاطعة المطربة بدعوى أنها من البدع الضارة، وأن البلاد التي تئن من الأزمة المالية والضائقة الاقتصادية ليس بمقدورها أن تدفع آلاف الجنيهات، ولكن هذه الدعوات لم تلقى تفاعلاً كبيراً.
رداً على تلك الدعوات تبرعت أم كلثوم قبيل مغادرتها دمشق بمبلغ بمئة وخمسين ليرة للجمعيات الخيرية فيها.
أم كلثوم في اللاذقية:
تابعت السيدة أم كلثوم جلوتها في سورية وغادرت دمشق إلى طرابلس التي وصلتها وأقامت فيها حفلاً في الخامس عشر من أيلول على مسرح زهرة الفيحاء، قبل أن تنتقل إلى اللاذقية.
وصلت السيدة إلى ساحة الشيخضارهر في اللاذقية في السادس عشر من أيلول، وانتقلت إلى مطعم الكازينو للاستراحة فيه، وفي اليوم التالي السابع عشر منه كان أحيت الحفلة الأولى لها في مقهى شناتا التي غصت بالحضور، وفي اليوم التالي أحيت حفلة ثانية في المقهى قبل مغادرتها.
بعد اللاذقية عادت إلى بيروت لتقديم لتغني في منشية البلدية، ثم غنت على خشبة كازينو ألفونس في بيروت، وأحيت بعدها حفلة عامة للرجال وأخرى خاصة للسيدات.
في حلب:
وصلت أم كلثوم إلى حلب قادمة من بيروت وأقامت في فندق بارون الشهير، وأحيت فيها ثلاث ليال غنائية، وكان الإقبال على حفلاتها كبيراً، وأقيمت الحفلات على مسرح الشهبندر الذي كان يتسع لأكثر من ألفي شخص.
أحيت السيدة الحفلة الأولى في الساعة العاشرة من ليلة الاثنين الثامن والعشرين من أيلول، وغص المسرح بالحضور(2).
أم كلثوم في محل شاهين وكيل أسطوانات أوديون في حلب
أم كلثوم من حمص إلى القدس:
كانت حمص المحطة التالية في جولة أم كلثوم بعد حلب، حيث قدمت فيها حفلاً واحداً، ثم غادرت إلى حيفا حيث أحيت وقدمت حفلتين على مسرح مدرسة الفرير في يافا، وختمت جولتها بحفلتين في القدس، قبل أن تعود إلى مصر التي وصلتها مساء الثاني عشر من تشرين الثاني.
أجور وأرباح الحفلات:
دفع المتعهد 2200 جنيه مقابل الاتفاق مع أم كلثوم وكانت ارباحه عالية في هذا الاتفاق ولاسيما أنه باع قسماً من تلك الحفلات إلى متعدين في بيروت ودمشق وحلب، فكان الربح الصافي من هذه الصفقة بعد حسم نفقات السفر والإقامة نحو 750 ليرة ذهبية، هذا فضلاً عن أنه اشترى سيارة خاصة لتكون في خدمة أم كلثوم وتحت تصرفها مدة إقامتها في سورية(3).
بطاقة دخول لحفلات أم كلثوم في سورية وفلسطين عام 1931
(1) الزيباوي (محمود)، أم كلثوم في رحلتها الأولى إلى بلاد الشام، موقع المدن 25.11.2017
(2) القلعة (سعد الله)، أم كلثوم في حلب عام 1931م- إعلاء صورة الأصالة في موئل الأصالة، وملحن حلبي مجدد ينتفد!، موقع كتاب الأغاني الثاني – www.agha-alkalaa.net.
(3) صحيفة لسان الحال – بيروت، العدد الصادر في يوم الجمعة الحادي عشر من أيلول عام 1931م.