وثائق سوريا
من الأرشيف العثماني 1912- عريضة أعيان حمص ضد السلطة العسكرية التي تعرقل إنشاء مبنى “المدرسة العلمية”
قرّرت إدارة المدرسة العلمية إنشاء مبنى جديد للمدرسة بسبب كثرة الطلاب وعدم قدرة المبنى القديم على استيعاب عددهم. وحصل اختيار قطعة أرض بالقرب من شارع الخندق في حي باب هود.
ولكنّ المؤسسة العسكرية المحلية في سورية والمدعومة من الإدارة الإتحادية في العاصمة وأركان تلك الإدارة في حمص عرقلت إنشاء المبنى الجديد الذي تم وضع أساساته بالفعل على أرض تم التفاهم عليها مسبقًا بعد تغيير في قوانين الإدارة والملكية العامة.
وعلى ذلك رفع مدير المدرسة محمد علي النملي العريضة تلو الأخرى إلى مختلف الوزارات والمقامات العالية في الدولة، وسانده أعيان حمص في عريضة تصدّرها المفتي عبداللطيف الأتاسي ورفعت إلى مقام ولاية سورية في 4 تشرين الثاني 1912م للتأكيد على تمسّكهم بقضية المدرسة العلمية.
ترجمة العريضة من التركية العثمانية:
إلى ولاية سورية الجليلة
دولتلو افندم حضرتلرى (حضرة سيدي صاحب الدولة)
باسم جميع أهالي حمص يعرض دعاتكم هذا الاستدعاء لمقام الدولة:
في حين أن المكاتب (المدارس) الأجنبية (الإرساليات) التي تأسست في بلادنا على ادعاء تنوير أذهان أطفالنا تعمل بغير ذلك، بل بمقصد سياسي مختلف، وحيث إن بقاء أطفالنا في تلك المكاتب ينقص من حسهم الوطني ويزيد من محبتهم وميلهم للدولة التي ينسب لها المكاتب، بالإضافة للعديد من المحاذير التي ستنشأ بسببهم، ولعلمنا بما سبق فإننا ومنذ سبع سنوات ومع عديد التضحيات أسسنا “مكتبة العلمية” الذي هو من درجة الإعدادية في الولاية، وفيه 85 طالب ليلي بمجموع 250 طالب.
ومع إخراج أولادنا من المكاتب الأجنبية وإدخالهم بالمكتب المذكور اكتسب المكتب شهرة واسعة بمدة قليلة وذلك من خلال جدية التدريس فيه، وبدأت أفواج الطلاب بالتوافد إليه من الشام، حلب، بيروت، طرابلس، حماة، نابلس، وملحقاتها. وحيث إن المبنى الذي يتواجد فيه المكتب غير كافي لاستيعاب هذا العدد من الطلاب ولعدم تواجد مبنى في حمص يناسب مكتبنا أحسسنا بلزوم إنشاء مبنى للمكتب يعادل مباني المكاتب الأجنبية ويليق بمستوى مكتبنا ومكانته. وفي الحال أخرجت دفاتر الإعانة وجمع مبلغ يقارب 800 ليرة، وبدأ البحث عن مكان مباشرة.
وحيث إن الحكومات الأجنبية ترسل الدعم المادي مع كل المواد للمكاتب الأجنبية التي تأسست في بلادنا، وإلى جانب المكاتب الأجنبية فإن المكاتب العثمانية اسماً والمتواجدة تحت تحكم تلك الحكومات فعلاً والتي تتلقى الدعم والمعاونة، كمكتب الروم الأورثوذوكس بحمص والذي خصصت له 800 ليرة سنوياً من الإمبراطور الروسي.
وكون ذلك معلوم للعموم وكوننا مؤمنين أن حكومتنا المكلفة بنشر العلم وحمايته لن تتوانى عن مد يد العون لنا؛ وبخصوص البناء المتصور إنشاؤه فهي أرض تعد للأراضي المدورة وخرابة عبارة عن غرفتين حجريتين ملحقتين بها، وبخصوص إعطائها مجاناً فقد كان ذلك بداية بعد الاستراحام من الحكومة المحلية عند مراجعة الولاية بمضبطين من هيئة المعارف المحلية ومجلس إدارة القضاء حسب قانون الموازنة العامة، وفي البداية صدر أمر إعطاء الأرض لمكتبنا من الولاية وذلك مقابل بدل مالي وكذلك حسب لائحة الأوامر الواردة من نظارة المالية – مديرية الأملاك المدوّرة بتاريخ 20 حزيران 1328 الذي ينصّ على ضرورة المراجعة مع مضبطة من مجلس المعارف بموجب قانون الموازنة من أجل استحصال الأرض المطلوبة، وحيث أنه لم يبق أي شك أو شبهة عن ترك تلك الأرض للمكتب، ففي حال عدم تيسّر إعطائها مجاناً يتم تأدية البدل المالي.
وقد وضع الأساس للمكتب في العيد الوطني المصادف لتاريخ 10 تموز المبجّل باحتفالات كبيرة حضرها القائمقام ومأموري الحكومة وقائد الموقع العسكري مع القادات والضباط، وقد وضع حجر الأساس الأول القائمقام ووضع الحجر الثاني قائد الموقع العسكري، وتمت المباشرة بأعمال البناء لتخليص المكتب من وضعه الحالي القائم ضمن مبنيين بعيدين عن بعضهما عشر دقائق، وتم صرف مئتي ليرة عثمانية ووضع الأساس وإكمال قسم من الجدران والنوافذ، ولكن بعدما تم شراء الحجر ومواد البناء تم إيقاف البناء من طرف الجهة العسكرية وذلك بعد عدم تحقّق التفاهم بين الجهة العسكرية ونظارة المالية وقدوم أمر من مفتشية الشام بتكليف الجبهة العسكرية بشؤون الأراضي المدوّرة (الحكومية) وكان ذلك سبباً لخجلنا أمام الاعتبار العام.
وحتى الآن تمت مراجعة جميع الجهات العسكرية وجميع الجهات المدنية مع تبيّن عدم وجود أي محذور بإعطاء الأرض لمكتبنا وعدم استحقاق الجهة العسكرية لتلك الأرض وذلك حسب إشعارات من قيادة موقع حمص، ورغم ذلك يتم الإصرار على توقيف البناء وهذا الإصرار سيتسبب في خراب المكتب بالطبع عودة أطفالنا إلى المكاتب الأجنبية.
وبناء على أن ذلك الأمر وما يتبعه من خطورة هو محلّ تقدير من قبل دولتنا نسترحم العناية العالية بخصوص إعطاء الأرض مجاناً للمكتب العلمي في أسرع وقت. وعلى كل حال فالأمر والقرار لحضرة ولي الأمر.
22 تشرين الأول 1328 (4 تشرين الثاني 1912م)
من الموقّعين:
النائب (القاضي): محمد كامل.
مفتي حمص: عبد اللطيف الأتاسي، نقيب الأشراف: حوري الجندلي الرفاعي.
من العلماء: صادق الأتاسي، محمود الأتاسي، عبد الغفار عيون السود، أحمد صافي، محمد، محمد أسعد الجندي، عبد الحميد رجب، محمد أبو النصر خلف، إمام الحنابلة: يوسف، إمام جامع الشرفاء: محمد علي الرفاعي.
من التجار:
عبد الرحمن الحسامي، محمد فائق الأتاسي، محمد مظهر، عبد القادر الخوجه، راغب ناصيف، عمر الأخرس، خالد محسن السباعي، كمال شمس الدين، حامد صافي، خالد سعد الله الحسامي، فهر دالاتي، محمد خالد الأشرف، مصطفى الفيصل، أحمد الصوفي، مصطفى السباعي، عبد السلام السباعي.
من الوجهاء:
محمد سعيد، محمد خالد، السيد أنيس الرفاعي، عبد الحميد سيد سليمان [الأتاسي]، محمد سيد سليمان [الأتاسي].
انظر:
من الأرشيف العثماني 1877 -كتاب شكر من أهالي حمص إلى السلطان عبد الحميد الثاني
من الأرشيف العثماني 1886 – المخططات المعمارية لدار الحكومة (السرايا الجديدة) بمدينة حمص
من الأرشيف العثماني 1915- برقية حول خلاف السريان الكاثوليك والسريان اليعاقبة في القريتين بحمص