ولد الدكتور منذر جلبي في حلب عام (1951)، لأسرة حلبية عريقة تجل العلم والمعرفة، والده الحاج عبد الله جلبي يعدّ واحداً من كبار التجار في المدينة.
تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدرسة (الفريرات/الشامبانياه)، التي أصبح اسمها بعد تأميم المدارس الخاصة (معهد الأخوة)، ثم التحق بكلية الطب إزاء تفوقه في امتحانات الثانوية العامة، وقد تخرج طبيباً بشرياً في جامعة حلب عام (1976).
افتتح على إثرها عيادته الخاصّة في شارع إسكندرون بحي الجميليّة بجوار “كافتيريا أنترانيك / كافتيريا الجميليّة”، استقبل فيها أبناء نادي حلب الأهلي جميعهم دون مقابل.
سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية عام (1980)، إزاء انتهائه من تأدية خدمته الإلزامية، حيث تمكن من الحصول على أعلى الشهادات العلمية وأرقاها في إحدى جامعات نيويورك ضمن اختصاص الطب النووي عام (1985)، ثم افتتح عيادته الخاصة في إحدى ضواحي المدينة نفسها، وما يزال يعمل فيها حتى يومنا هذا.
نشأ منذر في بيئة تعلي من قيم التميز، وتشجع على الإبداع، فقد مارس بدايةً لعبة كرة السلة في مدرسته، ولمّا ظهرت عليه علامات الموهبة والتفوق طلب منه المشرف الرياضي في المدرسة المدرب جورج ليون الانضمام إلى الفرق العمرية في نادي الشبيبة (نادي الجلاء)، وذلك عام (1965)، أسوة بأخيه الأكبر الدكتور حسان جلبي الذي كان لاعباً ماهراً في فريق رجال نادي الشبيبة في الفترة عينها.
تدرج منذر في فرق الأشبال والناشئين والشباب حت أصبح عضواً في فريق الدرجة الأولى بنادي الشبيبة، على أنّ إصابة ركبته اليمنى بخلل في الغضروف عام (1971) جعلته يبتعد عن الملاعب لفترة طويلة، ثم اضطراره إلى هجرها كلاعب إلى غير رجعة، على أنّ الأقدار شاءت عام (1973) أن يعود إلى ميادين كرة السلة مدرباً لنادي حلب الأهلي الذي كان آنذاك من عداد فرق الدرجة الثانية، ومن هنا بدأت الحكاية التي بلغ فيها منذر مع هذا الفريق المتواضع آفاق المجد القصيّة.
آمن الكابتن منذر منذ البداية بمجموعة من اللاعبين الصاعدين، فعمد إلى التركيز عليهم والاهتمام بهم، دون أن يلحق الأذى باللاعبين المخضرمين من الفريق الذين انسحبوا طوعاً، وتدريجياً إزاء التطور الملفت والمتسارع لمستوى اللاعبين الشباب.
بذل الدكتور منذر جهوداً كبيرة ومستمرة دون كلل أو ملل في تدريب الفريق المغمور ضمن إمكانات لوجستية بسيطة، أثمرت في النهاية عن إحرازه بطولة سورية لأندية الدرجة الأولى بكرة السلة إثر مثابرة ومعاناة على مدى ست سنوات، وذلك بدءاً من نهاية صيف عام (1973) حتى لحظة تحقيق النصر التاريخي في (30/03/1979).
في السنة التالية عام (1980) أحرز فريق النادي الأهلي (نادي الاتحاد) بقيادة مدربه الشاب الدكتور منذر جلبي كأس الجمهورية لأوّل مرة في تاريخه أيضاً، وبذلك يكون هذا الرجل قد حقق المجد من طرفيه قبل أن يغادر بلده الحبيب التي ما زالت تذكره حتى هذه اللحظة بالخير والعرفان، وتتغنى بأفضاله الواسعة التي ساهمت برفعة كرة السلة الأهلاوية، ومن ثَمّ السورية.
ولا يفوتنا في الختام إلّا أن نشير إلى أنّ هذا الرجل العظيم صاحب الإنجازات الأسطورية، لم يتقاض قرشاً واحداً إزاء مسيرته الطويلة في تدريب فريق كرة السلة بنادي حلب الأهلي، فكل الحب والتبجيل لهذا الشخص النبيل والاستثنائي(1).
(1) محفوظ (إياد)، كرة السلة الأهلاوية.. حكاية حلبيّة