عام
الحكومة المحلية في أنطاكية
الحكومة المحلية في أنطاكية
اتصل حاكم أنطاكية بوالي حلب من أجل التنسيق للانفصال عن الدولة العثمانية، ورفع العلم العربي في أنطاكية.
جهز إبراهيم هنانو حملة مؤلفة من 500 مقاتل للذهاب إلى أنطاكية، ساروا إلى أنطاكية وقرروا التوزع حول أنطاكية، حتى يتم إطلاق النار من جميع الجهات وكلمة السر للإشارة ببدء الهجوم هي حين ينادي في أحد المساجد “الله أكبر”.
بدأ الهجوم ودخلوا أنطاكية وأنزلوا العلم العثماني من على السطح، وحاول بعضهم تمزيق العلم العثماني، إلا أن هنانو ألقى التحية له،وقال إن هذا العلم قد أظل الإسلام والعروبة ستة قرون فحق عليهم أن يظل محترماً، وسلمه إلى المجاهدين ووضع في مكان آخر، ثم رفع العلم العربي في الأول من تشرين الثاني عام 1918م.
كان الفرنسيون في تلك الأثناء قد احتلوا اسكندرون، وهم قادمون لاحتلال أنطاكية، إذ لم تمضى أيام حتى تلقى هنانو من الأمير ناصر أن يشخص إلى حلب، وأناب عنه في أنطاكية ابن عمه عزة هنانو، وأدرك أن الجنرال الإنكليزي اللنبي بدأ يطبق معاهدة سايكس – بيكو، ورضي أن تسلم حارم وإنطاكية لفرنسا حتى الإنتنهاء من مؤتمر الصلح.
وقد تم استدعاء إبراهيم هنانو من قبل اللنبي (صـ 19 إبراهيم هنانو، قوصرة).
وحين وصلت القوات الفرنسية إلى أنطاكية تحاول إنزال العلم العربي، رفض عزة هنانو ابن عم هنانو والذي كلفه القيام بالأعمال الإدارية فيها، وكان أن يحدث صدام، إلا أن الأوامر وصلته بأن ينسحب من إنطاكية وحارم(1).
كما أرسل الشريف ناصر كتاباً إلى المفتي برهان الدين العياشي من أبناء إدلب، والرسالة موجهه إليه كمفتي قضاء إدلب: (وإن قضاء إدلب قد حاز على النعمة التي كان ينشدها للتخلص من حكومة الترك الغاشمة، لذلك عهد إلى السيد حكمت الحراكي أن يكون مندوباً من قبلنا لنشر اللواء العربي في جميع ربوعكم فينبغي أن تؤازره وتؤلفوا هيئة حكومية مؤقتة تحت رياستكم.. والأمل منكم أن تنتقوا الموظفين من خيرة الرجال..).
يقول الكاتب من خلال الوثيقة نجد إدلب لم تتحرر بعد، بل طلبت المساعدة، وتمت المشاورة بين العائلات العربية بإدلب، والعاملين دائماً لرفعة شأنها، وكانت نتيجة مباحثاته بتكليف من المفتي عياشي بعد تلقيه الرسالة السابقة، أن أرسله مندوباً عنه لأخذ زمام المبادرة لتحرير إدلب.
وحمل الكيلاني كتاب الشريف ناصر إلى مفتي إدلب والذي جاء فيه : (حضرة سيدي الهمام السيد برهان الدين مفتي إدلب الأكرم: هذا وبه رجونا المبادرة لنشر العلم العربي على ربوع بلدتكم والقيام بما يلزم حسيما أودع من لدن سيدنا ومولانا الأمير الشريف ناصر الدين أيده الله وبه أعرضت عن العزم بالتشرف بتأديتكم للقيام بهذه الخدمة، وبما أنه جدلي ثقل منعني الآن عن التشرف، وقد تشرفنا بقدوم حضرة السيد الفاضل كامل الكيالي فقد رجوناه أن ينوب عنه ليبلغكم الأمر المعطى من لدن مولانا الأمير المشار إليه المشعر يلزوم ترئسكم للحكومة العربية بإدلب، وتشكيل إدارة مؤقتة بما يناسب الحال، وتوطيد الأمن وتشكيل الدرك والشرطة مؤقتاً بما يناسب الحال، حسب اللزوم، صادف ذلك قبول المومى إليه فعليه تكرموا بالمباشرة بذلك وأعلموا حاكم لواء حماه السيد بدر الدين الكيلاني بالقضية وخابروه بما يلزم وأدام بقائكم مولاي..
21 محرم 337 وكيل رئيس حكومة المعرة العربية .. حكمت الحراكي).
ويلاحظ أن قضاء إدلب حرر سلماً بجهود دبلوماسية أبنائه، إذ لم تفدنا الروايات المتواترة ولا الوثائق عن وقوع معركة أو نزاع مع الأتراك، إذ حين عرفوا أن السلطة ستؤول إلى القوات العربية إلى أبناء المنطقة، غادروها وتم تحقيق ما يلي بسرعة حسيما هو مدون بجانب الوثيقة السابقة بخط العياشي وتوقيعه.
وتلقى العياشي من مستشار الشريف الناصر بعض النصائح والاقتراحات:
1- تشكيل الدرك – الشرطة بالنظر الحالي ووسعة القضاء “شمل القضاء”، على أن يكون معاش الخيالة سبعة ليرات والمشاة أربع ليرات.
2- تشكيل شرطة بما يناسب حال المدينة “نظام بوليسي” على أن يكونوا من ذوي الهمة والشرف.
3- وضع اليد على جميع عنابر الحبوب والزيتون والصابون العائدة للخزينة وحفظها تحت الختم.
4- وضع اليد على المال؟ وصندوق بنك الزراعة والديون العمومية، ومحافظة ذلك للخدمة التامة.
5- التبليغ لنشر العلم العربي على جميع خواص ونواحي القضاء.
6- تعين ما هو مخصوص لأجل قيد الاستدعايات التي تتقدم للحكومة وقبض ثلاثة قروش قيمة الطابع بقي بول “الطابع أو الدمغة” المقطوع والحجاز وقيد ذلك بدفتر مخصوص وحفظه.
7-إبقاء المحكمة الشرعية على حالها السابق وتوكيل ذات فاضلات بوظيفة القضاء مؤقتة لحين الإيعاز الرسمي.
8- تشكيل بريد بيننا وبينكم لأجل إيصال الرسائل لحركة اللواء.
9- انتخاب هيئة إدارة الحكومة العربية المؤقتة تحت رعايتكم من خيرة الرجال.
ظلت الأمور هكذا حتى دخول القوات العربية إلى إدلب في السابع والعشرين من تشرين الأول عام 1919م.
أقامت الحكومة في سرايا إدلب (2).
(1) قوصرة (فايز)، الثورة العربية والشمال السوري- ثورة إبراهيم هنانو، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق عام 2008م، صـ 19.
(2) قوصرة (فايز)، الثورة العربية والشمال السوري، المرجع السابق، صـ 17.