وثائق سوريا
بيان الكتلة الوطنية حول معاهدة دي مارتيل – حقي العظم عام 1933
بيان الكتلة الوطنية حول معاهدة دي مارتيل – حقي العظم عام 1933م.
أشيع في سورية في مطلع تشرين الثاني عام 1933 أنباء عن مشروع معاهدة قدمها دي مارتيل المندوب السامي الجديد إلى الحكومة السورية.
ساد القلق مختلف الأوساط في سورية لأن مشروع المعاهدة لا يحقق الآمال.
دعت الكتلة الوطنية قياداتها في دمشق والمحافظات إلى عقد إجتماع لمناقشة تطور الأوضاع.
في التاسع عشر من تشرين الثاني بدأ ممثلو حلب وحمص وحماه ودير الزور وبيروت وطرابلس واللاذقية وبعلبك بالوفود إلى دمشق.
عقد الإجتماع مساء يوم الجمعة الرابع والعشرين في منزل فارس الخوري وجرى فيه تداول الأمور بالتفصيل. وأصدر المجتمعون البيان التالي والذي حمل توقيع هاشم الأتاسي:
نص البيان:
(لقد كان من نتيجة جهاد الأمة في سبيل حريتها واستقلالها منذ أن ووضعت الحرب أوزارها، أن صرح المفوض السامي السابق في خريف 1931 بعزمه على إحداث نظام نيابي، يتألف به الطرف السوري بصورة قانونية لأجل المفاوضة مع الطرف الفرنسي، يتألف به الطرف السوري بصورة قانونية لأجل المفاوضة مع الطرف الفرنسي ولإلغاء الوضع الحاضر في سوريا وتحديد العلائق بين الفريقين بمعاهدة تحالف، وعلى الرغم من الغموض الذي كان يحيط بتلك التصريحات، وبروز الأمائر الكثيرة المنبئة بتصميم السلطة على العبث بحرية الانتخابات، قررنا الإشتراك بالعمل في هذه المرحلة الخطيرة، حتى إذا كان هناك شيئ من النية الحسنة، المدعى بوجودها عند الجانب الفرنسي قابلناه بأحسن منه، وإذا تحققت مخاوفنا من إرادة الشر بأمتنا، دافعنا عن حقوقنا بكل ما أوتينا من قوة.
ولا حاجة بنا الآن لإعادة ذكر ما رافق ذلك الانتخابات وذيوله، من الفواجع القاسية والمعامع الدامية، التي كانت ترمي إلى إقامة طيف سوري، يذعن لإرادة السلطة الفرنسية ويأتمر بأمرها.
وقد ظن المحتلون أنهم نجحوا في إقامة طرف ممالئ لهم، مطاوع لإرادتهم غير مبالين باستنكار الأمة واحتجاجاتها الصارخة، على تلك الأعمال المثلومة، وإعتماداً على هذه التعبئة التي هيأوها بالقوة، أقدموا عل فرض معاهدة لا تأتلف مع حقوق البلاد و رغائبها.
ولما كان رجال الكتلة الوطنية، إنما تقدموا للتعاون على أساس إلغاء النظام الحاضر، وإيصال البلاد إلى حقوقها الصريحة في الوحدة الشاملة والإستقلال، فقد قررنا في مؤتمر حلب 17 شباط 1933 أن لا نشترك في مفاوضة غير قائمة عل هذه الأسس.
ولما تعذر ذلك علينا، انسحب رجالنا من المفاوضة، وأعلنا في نيسان 1933 عدم التعاون في الحكومة والمجلس، منتظرين البوادر التي تظهر من الجانب الفرنسي في سياسة البلاد.
وعلى أثر ذلك التقاطع استبدل المفوض السامي بالمفوض السامي الجديد، الذي جاء عن طريق هذه الحكومة يفرض على البلاد معاهدة، ليس من ورائها إلى إقرار التجزئة المنيخة بويلاتها على سوريا المنكوبة، وهو يعد العدد لحمل المجلس الذي أوجده سلفه على إقرار هذه النصوص وجعلها غلاً يشد على أعناق السوريين إلى ما شاء الله من الزمن.
أمام هذه المخاطر المحدقة بالبلاد، والمهددة كيانها بالتمزيق والدمار، رأينا الواجب الوطني يدعونا أكثر من كل وقت آخر إلى النضال في ساحة الشرف والدفاع عن حقوق بلادنا المعرضة لخطر جديد مداهم.
وهذا الواجب المحتوم يفرض على كل فرد من أفراد هذه الأمة أن يبذل قصارى جهده سواء أكان ذلك داخل المجلس أم خارجه، لمقاومة هذا المشروع وشل المساعي الرامية إلى تقييد الأمة بمعاهدة تحرمها الاستقلال الحقيقي والوحدة الصحيحة.
ولا نحسب أنه يوجد من أبناء هذه الأمة أحد يخرج عليها، ويسمح لنفسه أن يكون مطية للمطامع الأجنبية، مهما كانت الظروف التي وصل بها إلى أي مقام من المقامات المسؤولة.
فالكتلة الوطنية المشرفة بثقة هذه الأمة النبيلة، قد قررت مواجهة هذا الخطر، بما في صدور رجالها من عزيمة مستلهمة من إيمان الأمة وثباتها في سبيل الدفاع عن حريتها واستقلالها، فسلاح الحق الذي تتقلده الأمة في هذه المعركة هو وحده الضامن لبلوغ غاياتنا الشريفة والله ولي التوفيق).
هاشم الأتاسي(1)
(1) الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل في الانتداب الفرنسي في نضالنا الوطني، الجزء الثاني، صـ 7