مقالات
شكري العسلي: أسباب التنافر بين الاتحاديين وسواهم
نشر شكري أفندي العسلي النائب في مجلس المبعوثان مقالاً في صحيفة البشير عام 1911 تناول فيه موضوع التنافر بين الاتحاديين والعرب.
استهلت الصحيفة المقال بمقدمة جاء فيها: (كتب حضرة نائب دمشق شكري أفندي العسلي في الأمور التي يعتدها إستبداداً وإجحافاً بحقوق راهنة. فنشرنا كلامه ونحن نأمل أن رجال الحكومة ينظرون في هذه الشكوى نظراً مدققاً دون تغرض ولا تحزب، ويسعون جهدهم في إزالة أسباب التنافر ودواعي التنظيم حيثما كانت. ومتى اعترى مرض أو وباء فالحكمة تقضى بتشخيص المرض تشخصياً تاماً مدققاً لإدارك أنجع الأدوية فيه وأنفعها.
نص المقال – قال شكري أفندي:
دعيت إلى إجتماع سيعقد في دائرة البلدية وغاية الإجتماع التفاوض في استقبال الزوار الذين سيأتون من سلانيك وتأمين راحتهم، ولما كانت أوقاتي ضيقة الآن رأيت أن أنشر رأيي ليطلع عليه قومي.
وذلك أني علمت أن مجئ الزوار لا يعلمهُ إلا نادي الاتحاد والاتحاديون ولم يوجد إشعار بمجيئهم للبلدية وأن نادي الاتحاد أراد أن يحمل نفقتهم على البلدية المعلومة بفقرها وقد رأى بعضهم أن يوزعوا على بيوت أعيان البلد.
فإن كان الزوار من الاتحاديين وأتو ليقووا جمعية الاتحاد ونفوذها فلهم أن ينزلوا في نادي الإتحاد وعند الاتحاديين. وبين الاتحاديين من يقوم بنفقتهم. وإن كان قصدهم أن يرونا أن السيطرة وإدارة الشؤون لا تزالان منبعثين من سلانيك فليعلموا أننا لا نعرف مركزاً للحكومة سوى دار السعادة ولا نعترف بسيادة لغير آل عثمان الكرام.
وإن كان الغرض من ذلك إزالة سوء التفاهم بين العرب والترك كما يزعمون فاطمنهم أنه ليس ثمت سوء تفهم بين العرب والترك.
ولكن العرب في غضب على بعض من يديرون شؤون الحكومة وهم ساعون في جعل الأمة العربية أمة محكومة مهضومة الحقوق.
العرب خانقون على من لا يزالون يعلمون أحكام القرآن بالتركية على أمل تتريك العرب خلافاً لما صرح به ناظر الداخلية بقوله أن الحكومة لا ترغب إلا في اتحاد العناصر اتحاداً سياسياً، وأن الفكرة بتتريك العناصر وتوحيدهم مضرة مهلكة وما معنى أن تكون الزيارة محصورة بأهالي سلانيك فياحبذا لو كان الزوار من أهالي قونية وأنقرة وأزمير أي من الأتراك الخالصين لفتحنا لهم قلوبنا ووضعناهم في أفئدتنا لأننا نعرف أنهم يحبوننا كما نحبهم وهم مثلنا في انتقاد اولئك الذين استبدوا بالعناصر وأهانوهم أولئك الذين قرروا حرمان العرب من الوظائف العالية واشتراكهم في الحكم.
أولئك الذين سلطوا على الأمة طنين ومخابرها وسكتوا عما جنته تلك الأقلام.
أولئك الذين قربوا الأسافل منا واستمالوهم بدراهم معدودات تحت أسماء مختلفات ووظائف ما أنزل الله بها من سلطان ليتجسسوا لهم على المخلصين لجامعة العثمانية ويتهموهم بالنزعة العربية، وقد تبين لله الحمد أن آل عثمان من عرب المدينة ومن بني قريش أظهره المخلصون من العرب ليموت الجواسيس قهراً.
العرب المعرفون بالذكاء مستاؤون من الذين يرسلون إلى ولاياتهم ولاة عجزة قليلي الخبرة لا يليقون أن يكونوا قائمقامين.
العرب الأذكياء مستاؤون ممن يستخدمون المرتكبين ويغضون الطرف عنهم لأنهم من أركان الاتحاديين.
العرب الأذكياء مغاضبون ممن جعلوهم يترحمون على الدوائر العدلية السابقة فقد كانت عدلية دمشق مثلاً في زمان عبد الرحمن باشا تمثال العدل والنزاهة.
العرب في غضب على الذين نقلوا أبناءهم من الضباط إلى أماكن بعيدة لأنهم عرب.
العرب في غضب على الذين يرسلون إليهم موظفين جاهلين متحكمين محتقرين لهم غير عارفين بلغتهم.
العرب في غضب على صرف ما يدفعونه للمعارف والطرق في ولاية سلانيك وغيرها.