من الصحافة
صحيفة 1919- مهمة المؤتمر السوري العام
عقد المؤتمر أول اجتماع له في مقر النادي العربي بدمشق في الثاني من حزيران 1919م، ويذكر البعض أن الاجتماع كان في الثالث منه.
صحيفة حلب الرسمية نشرت افتتاحية في العدد 54 الصادر في السادس عشر من حزيران عام 1919م، حول المؤتمر السوري العام، تناولت فيه مهمة المؤتمر وظروف انعقاده.
عنوان الافتتاحية:
مهمة المؤتمر السوري العام
النص:
في الأنباء الأخيرة أن الوفد الدولي قدم فلسطين للنظر في حال الأمة هناك والوقوف على رغائبها فهو اذن قد أناخ ركابه في بلاد سورية الجنوبية وسيصل قريباً إلى بلادنا ويسألنا عن ارائنا فيما نرضاه لأنفسنا لذلك كان من الواجب على الأمة أن تنتخب منها رجالاً أولى خبرة بأحوال البلاد ووقوف على العادات والأخلاق القومية ومعرفة بمصالح الشعب السوري وطرق منافعه و مضاره ليتألف منهم مؤتمر في عاصمة ملكهم يتبادلون الآراء فيما بينهم ويتساجلون في تقرير الأصلح للأمة حتى إذا جاء الوفد وجد أمامه أمة مدنية جرت على سنن الأمم الراقية ذات مؤتمر عال يضم خيرة رجالها علماً وإدراكاً وذكاء ونبوغاً قد أتموا مذاكراتهم في ما يتعلق بمستقبل بلادهم ولم يبق عليهم إلا مصارحة رجال الوفد برغائب الأمة التي انتدبتهم عنها ومكاشفته بما ترضاه لنفسها.
وهذا المؤتمر السوري العام هو الذي نوه عنه سمو الأمير فيصل في بعض خطبه وذكر مراراً لزوم انعقاده ليكون للأمة رأي مجموع متحد معتبر يصدر عن رجال مؤتمرها الذي انتخبه عنها فمهمة هذا المؤتمر عظيمة يجب على الأمة أن تعرفها وأن تحسن انتخاب الاكفاء الذين يقدرون منفعة البلاد الحقيقية حق قدرها أولى الغيرة على مصلحة الأمة.
وعلى الأمة أن تختار للتكلم عنها أرباب العقول الراجحة فقد وصلنا لزمن يجب علينا فيه أن نترك كل محاباة وننظر للأصلح والأنفع للأمة لأن هذا المؤتمر سيكون بيده توحيد مطالب السوريين وهو مثال الأمة السورية فعلى قد اعتناء الأمة بانتقاء رجاله يكون عمله قويماً ورأيه مستقيماً وإذا قصرت الأمة وأثرت عليها مطامع من يحب الظهور فقط من غير مادة علمية تؤهله لمثل هذا الانتداب فلا تلومن إلا نفسها وكما ان الوطنية الصادقة تقضى على أن الوطنية الصادقة تقضى على المنتخب “بالكسر” أن ينتخب من يعتقد به اللباقة والاستحقاق وحسن القيام بما عهد إليه تقضى أيضاً على المنتخب “بالفتح” أن يكون منصفاً عادلاً حتى إذا آنس من نفسه العجز عن القيام بأعباء هذه المهمة نفض يديه منها وتسلل عن قبولها رجاء أن يستلمها من هو أوفق للمصلحة واقدر على العمل.
وبهذا يكون قد أتى بأنصع دليل على صدق وطنيته وأنه لا يهتم لمنصب أو مركز يشغله من غير أن يكون قادراً على ايفائه حقه.
نحمد الله أن رأينا الإخلاص سائداً على جميع أفراد الأمة ولكن يلزم أن نعرف الطريقة القويمة لاستعمال اخلاصنا بمحله ووضع ثقتنا بمن هو أجدر بالانتخاب بحسب الواقع ونفس الأمر. ومن يظن أن هذا الأمر يلتبس على الناس بحسب اجتهادهم لأن كل إنسان يعتقد فيمن ينتخبه الجدارة فنقول: كما أن الحلال بين والحرام بين كذلك ولو الأصالة بالرأي والاقتدار على العمل وإخلاص الضمير وذووا العلم الواسع والعقل الناضج والخبرة والحنكة من أبناء الوطن لا يخفون على أحد وما علينا إلا أن نخلو بأنفسنا ونتجرد عن كل نعمة تتغلب على العاطفة الوطنية ونفكر بلولي السابقة والعمل الصالح فننتخب منهم بسائق الحب الخالص للوطن فنسأل الله أن يوفقنا لحسن الانتخاب لنكون ممن أحسن لنفسه وأمته صنعاً.