مقالات
حقي العظم: خطاب شكري العسلي في مجلس المبعوثان عام 1911
ألقى شكري العسلي النائب في مجلس المبعوثان خطاباً في إحدى جلسات المجلس تناول فيه عدة قضايا منها عدم استخدام الحكومة لأبناء العرب في الدوائر المركزية في العاصمة الآستانة.
آثار هذا الخطاب العديد من أنصار الحكومة وأدى إلى شن هجوم عليه في الصحف وخارجها، ولكن في نفس الوقت آثار ردود فعل إيجابية، مثل المقال الذي كتبه حقي العظم ونشره في صحيفة المفيد في العدد الصادر في الثاني عشر من نيسان عام 1911م.
نص المقال كما ورد في الصحيفة:
لم يمض شهران على انتخاب شكري أفندي العسلي مبعوثاً عن الشام إلا وأثبت هذا الشهم مقدرته بالفعل على القيام بأعباء النيابة حق القيام والدفاع عن حقوق شعبه المهضومة، فأخذ يقارع بيدهم الحل والعقد.
وكانت فاتحة أعماله الخطاب الأخير الذي ألقاه في المجلس احتجاجاً على عدم استخدام الحكومة لأبناء العرب في الدوائر المركزية في الآستانة، واثبت بالبرهان المقنع أن عدد الموظفين من أبناء جلدتنا في دوائر النظارات في العاصمة لا يزيد عن الأربعة مستنداً بذلك على سجل مأموري الدولة الرسمي “سالنامة” فكان لأقواله وقع عظيم في جميع أندية فروق وأثر كلامه في الناس والجرائد تأثيراً كبيراً فابتهج محبو الحق والمساواة منهم واستحسنوا خطاب هذا المبعوث المقدام.
أما المبطلون الذين يريدون طمس نور الحقائق تحت ستار التمويه فإنه ضاق صدرهم وأخذتهم الدهشة من الجرأة الأدبية التي أظهرها بطل اليوم شكري أفندي على كرسي الخطابة في مجلس الأمة دفاعاً عن حق من حقوق شعبه رافعاً صوته عالياً غير هياب لوم اللائمين وعدل العاذلين.
ولا خفاء أن الحق بلج والباطل لجلج فاندفع المبطلون في سبيل المغالطة والتمويه يقصدون إزالة تأثير أقوال مبعوثنا الهمام فقام زيد يخطب معدداً حسن خدمات الأتراك للإسلام والعرب وتكلم عمرو عن حسن إسلام الأتراك وتدينهم زاعماً أن نصف موظفي نظارتي العدلية والداخلية من العرب.
وضربت الجرائد الاتحادية على هذه النغمة وتخطى البعض منها الحد في الرد على أقوال المبعوث الدمشقي فنسب إليه ما هو براء منه من إرادة.
بذر بذور الشقاق والرغبة في الاشتهار ونيل الوظائف ونشر البعض منها مقالات أطول من ليل الشتاء لبعض الدخلاء جمع فيها كل ما ورد في قاموس التمويه والإيهام.
وكتب عبيد الله أفندي صاحب العرب! مقالاً تحت عنوان :”خدام الحرمين الشريفين” نشرها في جريدة “ضيا” الحديثة في عهد التملق كرر فيها كاتبها جملة :”نحن خدام الحرمين الشريفين” تكراراً غريباً فأخذت خلاصته جريدة “زوكورت” الهزلية واليكها أيها القارئ تفكهة على قول عبيد الله:
مقالة إسلامية
“نحن خدام الحرمين الشريفين لأننا خدمنا الحرمين الشريفين فكوننا نحن خدام الحرمين ناشئ من تقديسنا لحقوق الأمة العربية، وإذا لم نكن نحن خدام الحرمين الشريفين.
نحن خدام الحرمين نحن نعرف الدستور بأنه خادم للحرمين الشريفين لأننا نحن خدام الحرمين الشريفين حتى أننا نحن خدام الحرمين الشريفين.
وفي الحقيقة ليس أحد خادماً للحرمين الشريفين غيرنا ومن أجل ذلك فقط نحن خدام الحرمين لأننا نحن خدام الحرمين الشريفين”. أ .هـ
يمثل هذه التمويهات رد هؤلاء الناس على شكري أفندي الذي لم يذكر الأتراك في خطابه ولا أنكر حسن خدمتهم للإسلام، ولم يتعرض لخدمة الحرمين الشريفين ولم يطعن على حسن اسلام أحد وبالجملة كان خطابه مقتصراً على الدفاع عن حقوق العرب في التوظف فقط فأوله المبطلون وأقاموا هذه الضجة على لسان خطبائهم في أنديتهم وعلى صفحات جرائدهم تهيجاً للرأي العام التركي ضد شكري أفندي الذي أضطر لقاء هذه التمويهات والمغالطات أن ينشر رسالة في “يكي غرته” رداً على ردود المموهين المغالطين ازفها إلى القراء:
جواب إلى المغالطين:
رأيت في الجرائد أن أقوالي عن أجحاف أبناء الشعب العربي والحقائق التي شرحتها في المجلس قبل يومين صارت هدفاً لسهام الاعتراضات على سبيل التمويه والمغالطة فكنت أود أن يتبع كاتبوها نقول الانصاف بدلاً من أن يغلوا على احسابهم وشعورهم.
أنا لم أقصد قط بذر بذور النفاق أو إدعاء وجود عداوة بين الشعبين العربي والتركي.
إني أعرف حق المعرفة أن الأتراك الخلص المتدينين يحبون العرب من صميم أفئدتهم كما أن العرب يحبون الأتراك بعين المحبة نفسها.
إن شكواي من هؤلاء الذين قرروا عدم توظيف العرب واستخدامهم في الوظائف المركزية وفي الخدمات العالية.