قضايا
المظاهرات والاحتجاجات في سورية أيار 1945
في الثامن من أيار 1945 احتفلت سورية بإعلان الحلفاء الانتصار على دول المحور. وفي اليوم التالي من الإحتفال بـعيد النصر في سورية أي في يوم الأربعاء التاسع من أيار خرجت مظاهرة في دمشق اشتركت فيها شخصيات موالية لسلطات الانتداب الفرنسي وشارك فيها موظف فرنسي طافت شوارع دمشق وأطلقت النار في كل مكان مما سبب السخط والاستياء العام.
وأصدرت مديرية المطبوعات والإذاعة بياناً حول تلك الأحداث جاء فيها: (حدثت يوم الثلاثاء والأربعاء والخميس بعض حوادث مؤسفة في دمشق وحلب واللاذقية، وقفت الحكومة منها الموقف الحازم الذي حال دون تفاقمها، وقد رفعت الاحتجاجات على هذه الحوادث طالبة اتخاذ التدابير الشديدة والعاجلة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الأعمال.. مديرية المطبوعات والإذاعة)(1).
زاد هذا الاستياء والسخط مع إلقاء قذيفة على الجدار الخارجي لمجلس النواب في منتصف ليل الجمعة الحادي عشر من أيار.
أحدثت القنبلة دوياً كبيراً استيقظ على أثره الكثيرون من سكان الحي، فهب رجال الشرطة من حامية البرلمان وطاردوا الأشخاص الذين ألقوا القنبلة وتبادلوا معهم العيارات النارية.
مناقشة الاحتجاجات في مجلس النواب:
عقدت جلسة لمجلس النواب في يوم الاثنين الرابع عشر من أيار وتكلم النواب عن تطور الأحداث، وأشار رئيس المجلس إلى حادثة القذيفة – القنبلة على المجلس وقال أنها حادثة لا ترتفع إلى مس كرامة الإنسان(2).
اندلاع المظاهرات:
خرج الطلاب في يوم السبت اليوم التالي لحادثة إلقاء الفنبلة بمظاهرات صاخبة طافت شوارع المدينة وأسواقها وكانوا بهتفون بعبارات تحيي سورية وتطالب بالاستقلال، كانت تلك المظاهرات رداً على مظاهرة الأربعاء الموالية وعلى محاولة الاعتداء على حامية البرلمان.
وشهدت دمشق منذ التاسع عشر من أيار اضراباً شاملاً، وقام الطلاب بمظاهرات صاخبة اشترك فيها أكثر من عشرة آلاف طالب عدا عن الذين اشتركوا من رجال الأحياء وسارت تلك المظاهرات في شوارع المدينة وأسواقها تتقدمها الأعلام العربية والسورية، وهم يهتفون للوحدة العربية ويطلبون من الحكومة فتح باب التطوع للدفاع عن استقلال البلاد وكرامتها.
وألقى أحد المشاركين في المظاهرات كلمة أمام دار الحكومة طالب فيها الحكومة أن تتخذ موقفاً حاسماً ثم تابعت المظاهرة سيرها إلى شارع الصالحية وعند وصولها إلى أمام نادي الضباط ودائرة أركان القوات الفرنسية وقعت اصطدامات سقط نتيجتها عدد من الجرحى، وتابعت المظاهرة سيرها إلى أمام مجلس النواب وهناك خرج جميل مردم بك رئيس الحكومة بالوكالة من البرلمان وأعطى رجال الدرك تعليمات حازمة بضرورة الدفاع عن مبنى البرلمان المتاخم لمبنى دائرة أركان القوات الفرنسية. وفي تلك الأثناء ألقيت ثلاث قنابل يدوية على المتظاهرين وتعرضوا لإطلاق نار من القوات الفرنسية.
وأقامت جمعية شباب محمد في اليوم الرابع للإضراب في الثاني والعشرين من أيار مظاهرة حاشدة انطلقت من مسجد الدرويشية وتقدمتها فرقة الكشافة، وحمل بعض المشاركين لوحات كتب عليها:
(لن تتجدد آلام ميسلون)
(الجهاد لله وللوطن)
(الله أكبر.. حي على الجهاد)
وتوقفت المظاهرة عند مبنى الحكومة حيث ألقى أحد المشاركين كلمة أعلن فيها أن جميع شباب محمد نذروا أنفسهم للوطن.
وألقى فخري البارودي الذي كان يتواجد في مبنى الحكومة كلمة قال فيها أن الشعب لم يكن يوماً من الأيام أكثر تضامناً منه في هذا اليوم، فقد تناسى كل شئ ووقفت صفاً واحداً أمام الطغيان الفرنسي و(هذا يجعلنا نثق أن سوريا لن تموت).
(1) صحيفة ألف باء -دمشق، العدد 7024 الصادر يوم الأحد الثالث عشر من أيار عام 1945م.
(2) صحيفة ألف باء – دمشق، العدد 7025 الصادر يوم الثلاثاء الخامس عشر من ايار عام 1945م.
انظر: