وثائق سوريا
كلمة الكولونيل أوليفا روجيه في عيد النصر عام 1945
احتفلت سورية في الثامن من أيار عام 1945 بإعلان انتصار الحلفاء واستسلام المانيا، وقررت الحكومة السورية الاحتفال بهذا اليوم .
وألقى الكولونيل أوليفا روجيه قائد الجبهة الجنوبية في سورية كلمة عبر إذاعة سورية بهذه المناسبة.
نص الكلمة:
في اليوم الثامن من أيار وفي الساعة الـ 5 حسب توقيت باريس والـ 16 حسب التوقيت المحلي نقل زعماء الدول المتحدة إلى العالم نبأ انتهاء القتال في أوربا باستسلام الجيوش الألمانية في جميع الجهات.
ولقد أنحنى الجيش الألماني بعنجهيته وهو أكبر جهاز حربي عرفه العالم أمام الجيش الأحمر وقوات الأمم المتحدة، وقضت عزيمة الاتحاد السوفياتي التي لا تلين قناتها، والثبات البريطاني، والقوم الأميركية، واتحاد الشعوب الحرة على قوات الشر قضاء مبرماً.
إن ألمانيا وكل ألمانيا قد اعترفت بهزيمتها وبأنها أصبحت تحت رحمة الظافرين، ولكن إذا كانت الحرب العسكرية قد انتهت في أوربا فما زالت مستعمرة قاسية في آسيا، وإذا كان الوحش الهتلري قد مات فإن الآلام الكبيرة التي نشرها في الثاني من أيلول 1939 قد تركت فوق أوريا سحباً كثيفة من البؤس والدمار والأحزان.
ومهما يكن من أمر فإن الذين مازالوا يقاتلون حتى الآن والذين لم يتخلصوا بعد من الأخطار يشتركون هذا المساء- ونحن على ثقة من ذلك – بالفرح الإجتماعي وان الذين تألموا حتى جفت دموعهم سيجدون هذا المساء قوة تساعدهم على الابتسام بالمصير الجديد الذي يحمله هذا النهار للعالم.
أيها الفرنسيون
إننا لم نصل بعد إلى الغد الباسم فإن كثيراً من الأحزان وكثيراً من الدمار وكثيراً من الآسف وكثيراً من الآسى مازال مهيمناً على أرواحنا، فإن النصر لا ينهي كل شيئ فيما يتعلق بنا.
وإن المهمة التي تنتظرنا عظيمة أمامنا بلاد تنتظر منا التجدد وأمامنا الحرب في آسيا ومواقع في كل مكان يجب علينا الدفاع عنها، ولكن هذا اليوم الربيعي الجميل يجب علينا أن نستقبل بقلوب جذلة الأمل الكبير الذي يحمله.
فبفضل الجنرال ديغول ورفاقه الذين استهوتهم شعلته منذ الساعة الأولى والذين لم يشكوا أمثله بخلود فرنسا ظلت في بلادنا واقفة وكما أن البعث اليوناني “فينيكس” قد نهض حباً من رفاته كذلك ستخرج فرنسا من انقاضها أشد جمالاً وأمتع صحة وأعظم نشاطاً.
والمستقبل لفرنسا شبابها، فتيانها واللواتي عانوا وعانينا جميع أنواع الحرمان والآلام في مرحلة الحياة اللدئة وهم هن لن يكونوا إلا أشد صلابة ومراساً من كهولتهم فإن فكرة فرنسا الحرة التي حفظت إباء هؤلاء الشبان من الوقوع في اليأس ستظل حارسهم الهادئ.
وفي فرنسا هذا المساء ووسط مظاهر البهجة الفرنسية المطمئنة لن ننسى لا أولئك الذين قضوا ولا أولئك الذين تألموا ولا أولئك الذين مازالوا يقاتلون. فنحن نحمل إليهم نصيباً من الذكرى التي تتجه نحوهم.
صحيفة ألف باء – دمشق، العدد 7022 الصادر في يوم الخميس العاشر من أيار عام 1945م.