وثائق سوريا
كلمة شكري القوتلي في عيد النصر عام 1945
كلمة شكري القوتلي بمناسبة عيد النصر
احتفلت سورية في الثامن من أيار عام 1945 بإعلان انتصار الحلفاء واستسلام المانيا.
ففي السابع من أيار عام 1945 أذاعت وزارة الاستعلامات البريطانية بلاغاً ذكرت فيه أن يوم الثامن من شهر أيار عام 1945 هو بمثابة اليوم الذي يحدد فيه رسمياً نهاية الحرب في أوربا.
وفي اليوم التالي الثامن منه وفي تمام الساعة الواحدة بتوقيت لندن أعلن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني نبأ انتهاء الحرب في أوربا.
قررت الحكومة السورية الاحتفال بهذا اليوم وألقى الرئيس شكري القوتلي كلمة من مكتبه في القصر الجمهوري في الساعة السابعة من مساء الثامن من أيار عام 1945 ونقلت الكلمة عبر الإذاعة السورية.
نص الكلمة:
في هذا اليوم الذي تضع فيه الحرب أوزارها في أوربا وتنتهي أعظم ملحمة عرفها التاريخ نرى من الحق علينا أن نعلن ابتهاجنا ونظهر ما تطفح به أفئدتنا من الغبطة والسرور لانتصار الحق على الباطل، ولوقف هذا التيار المنهمر من الدماء البشرية التي تترك وراءها عالماً من اليتم والثكل والخراب والمدمار.
فقد بذلت الأمم المتحدة الديمقراطية من التضحيات مالم يسبق له مثيل في العهود السالفة دفاعاً عن المبادئ الإنسانية السامية وإننا لنحمد الله الذي لم يذهب تضحياتها سدى بل مكنها من محق قوى الطغيان وإعلاء كلمة الحق.
وقد وقفت أمتنا وسائر الأمم العربية في هذا الصراع إلى جانب الحلفاء فأيدت كاملاً وظاهرتها إلى أقصى حدود طاقتها بوضعها أرضها ومواردها الطبيعية تحت تصرفها وباشارتك عدد من أبناءها جنوداً في صفوفها.
اليوم ينبثق أمتنا وسائر الأمم العربية في هذا الصراع إلى جانب الحلفاء بأيدت الأمم المتحدة تأييداً كاملاً وظاهرتها إلى أقصى حدود طاقتها بوضعها أرضعها ومواردها الطبيعية تحت تصرفها وباشتراك عدد من ابنائها حنوداً في صفوفها.
اليوم ينبثق أمام الإنسانية أفق جديد يتوق فيه البشر إلى نظام عالمي يسود فيه العدل والسلام، وإن امتنا لأكثر الأمم شعوراً ببعثها الجديد بعد أن حرمت من عدل الأمم زمناً غير قصير.
إن أمتنا لتشرئب إلى المستقبل مفعمة أملاً بأن نتسلم بلادنا وسائر البلاد العربية المكانة اللائقة بمجد العرب عبقريتهم والخدمات التي أسدوها إلى العلم والمدنية، وإن أمتنا لمزمعة أن تسير في مضمار الحياة الدولية بعزة وقوة معتمدة على حقها كدولة ذات سيادة كاملة معترف بها من سائر الدول معتزة بالجامعة العربية التي تضم بين مختلف الأقطار العربية وتزيدها بالاتحاد قوة وبالتضامن عزاً ومنعة، واعتقد أن البوادر تبعث على التفاؤل والأمل والطمأنينة إلى المستقبل.
فها هي وفود البلاد العربية في مؤتمر سان فرنسيسكو تشترك مع ممثلي دول العالم في إنشاء منظمة للسلم العالمي كتلة واحدة في الرأي والاتجاه والغاية.
وإنا لنرجو أن تنزل السكينة على البشرية ويزاح إلى الأبد شبح الحرب ويقضى على الاستعباد بين الأمم كما قضى على الرق بين الأفراد وينصرف الذكاء البشري إلى تخفيف آلام الإنسانية والرفع من المستوى الخلقي وتأمين السعادة والرفاه لجميع الطبقات.
وإن أمتنا التي ساهمت في مجهود الحلفاء الحربي مساهمة فعالة لتأمل أن تكون في النظام العالمي الجديد عزيزة الجانب مصونة الحق لا تحد سيادتها بأي حد أو قيد ولا يسمح للأطماع أن تدنو منها فقط آن أن تكون الدول الصغيرة كالكثيرة متمتعة بملئ حريتها وكامل سيادتها آمنة مطمئنة من كل عبث أو عدوان.
وإني لأحيي في هذا اليوم الذي هو مهرجان انتصار الديمقراطية ملوك ورؤساء الأمم الحليفة وشعوبها النبيلة وانحني باحترام أمام الشهداء الذي قصوا ذوداُ عن مبادئ العد والحرية وبقاء المثل العليا.