عام
رقص السماح
رقص السماح
رقص السماح هي رقصة كان شيوخ الفرس يستعملونها في العبادات ولازال بعض شيوخ الطرق الصوفية يستعملونها في أذكارهم بشكل محدود.
ويذكر أدهم الجندي أن مبتكر أصول رقص السماح الجماعي هو الشيخ عقيل المنبجي بن الشيح شهاب الدين البطانحي الهكاري والمتوفى سنة 550 هـ، والذي دفن في منبج. وقد دونه لاحقاً أحمد عقيل الملقب بصاحب السماح، ومن ثم تلقاه أهل الفن عنه في حلب(1).
رقص السماح والتصوّف
نُلاحظ مدى الإرتباط الوثيق بين طقوسية بعض المدارس الصوفية، المُتجسّدة عبر الأذكار ( من ذكر الإله الواحد، عبر أناشيد ٍ تعبّر عن الحبّ الإلهي والوجد الربّاني: الناشر ) ورمزية الرقص التعبيري الرصين، من خلال حركات متناغمة مرتبطة بتموجات الذراعَيْن والكَفيْن والأصابع، كالتي اعتمدها السيد جلال الدين الرومي في مدرسته المُسماة ” المولوية ” والمميّزة بحركاتها الدورانية، و ” السماح ” لمؤسّسه الشيخ عقيل المنبجي، الذي أضاف إليه حركات القدَميْن.
يقول العلامة الأسدي في موسوعته ضمن مَعرض حديثه عن السماح: ( أطلقوها على رقصة جماعية قديمة ذات ألحان خاصة بها، لعلّ سبب التسمية أنّ السماح رقص إيقاعي ديني، وأدوات الإيقاع كالكوبة مسموح بها عرفاً وعادةً وشرعاً. وذكرها دوزي في تكملته، وعدّها من رقص الدراويش، واختصّت حلب دون سواها برقص السماح).
ويقول المعلم بطرس البستاني في قاموسه ” محيط المحيط ” : (ورقص السماح رقصة للمشايخ يستعملونها في العبادات) ويقصد حتماً مشايخ الصوفية.
أمّا الشاعر عبد الله يوركي حلاق فيؤكد ضمن كتابه ” حلبيات ” على أمرين، الأول بأنّه سُمّي بالسماح على اعتباره الرقص الذي سُمِح به، لبُعدِه عن الخلاعة والمجون، وفي الثاني لأنّه مشتق من السماح، أي الإذن بالقيام به.
ويستطرد شاعرنا الحلاق قائلاً: (ورقص السماح رقص إيقاعي، تُستعمل فيه النقّارات والناي …) وهي أدوات موسيقية رصينة، كانت متواجدة عبر التاريخ، وما زالت حتى يومنا هذا، مُضافاً إليها الدفوف.
نستنتج مما قيل في تأريخ رقص السماح أنّه مرتبط بالتصوف ودراويش المتصوفة بالمقام الأول، حيث أكّدت المراجع بالإجماع أنّ صاحب فكرة رقصة السماح ومبتكرها هو المتصوّف القطب الشيخ ” عقيل المَنبجي ” ( نسبةً إلى منبج من أعمال حلب) بن الشيخ شهاب الدين البطائحي بن الشيخ زين الدين عمر بن الشيخ سالم بن الشيخ زين الدين عمر بن خليفة المؤمنين الثاني عمر بن الخطاّب رضي الله عنه. لذا أقول إنّه ” عمريّ ” النسب.
يذكره ابن الحنبلي في كتابه ” درّ الحبب في تاريخ أعيان حلب ” نقلاً عن الطبقات الكبرى للشعراني: ( هو شيخ من شيوخ الشام في وقته، وتخرّج بصحبته جمع من الأكابر منهم الشيخ عديّ بن مسافر، وهو أول من دخل بالخرقة العمرية إلى الشام وأخذت عنه )، توفيّ الشيخ عقيل سنة 550 للهجرة / 1154 ميلادي.
بقي قبره مزاراً في منبّج إلى أن هدِم سنة 2014 للميلاد من قِبَل فصائل جهادية متطّرفة(2).
(1) الجندي (أدهم)، تاريخ الفن، صـ 93.
(2) د. سعد طه كيّالي: “رقص السماح” بين التصوّف والتراث الشعبي
انظر:
د. سعد طه كيّالي: “رقص السماح” بين التصوّف والتراث الشعبي