وثائق سوريا
كلمة دولة الحاكم العسكري العام في المؤتمر السوري العام 1919
كلمة دولة الحاكم العسكري العام رضا الركابي في المؤتمر السوري العام 1919م.
ألقى دولة الحاكم العسكري العام كلمة في المؤتمر السوري العام بعد ظهر يوم السبت التاسع والعشرين من تشرين الثاني عام 1919م.
نص الكلمة:
(باسم سمو الأمير المعظم أحيي مؤتمركم الوطني الموقر،
أيها السادة:
تعلمون أن العرب وجلالة الملك المهاب لم يخوضوا غمار هذه الحرب في جانب الحلفاء إلا لإنقاذ الأمة العربية من نير الظلم والاستعباد والحصول على الاستقلال التام استناداً على عهود الحلفاء ووعودهم.
وقد دخل الجيش العربي سورية فاتحاً وأعلن الحكم العسكري المؤقت في البلاد ريثما يتقرر مصيرها النهائي في مؤتمر الصلح.
وكانت سورية التي فتحها الجيش العربي بمعونة الحلفاء والشعب قد قسمت إلى مناطق إحتلالية بتدبير القيادة العامة للجيوش المتحالفة لتدار من قبل السلطات العسكرية المؤقتة.
وقد ذهب سمو الأمير فيصل المعظم إلى أوربا ممثلاً للبلاد في مؤتمر الصلح العام للمناضلة عن حقها السياسي بتفويض الشعب، ولا يزال يواصل جهاده المقدس.
والضجة السياسية لا تزال قائمة في أوربا حول المسألة السورية ولما تنتهي بعد، غير أن الحلفاء نظاً للارتباكات المالية وتأخر أمريكا بإعطاء قراراها النهائي كما يدعون قد اضطروا للقيام بتدبير عسكري مؤقت يقضي بانسحاب الجيش البريطاني على أن لا يحل محله جيش آخر إلا في بعض النقاط من منطقتنا الشرقية وهي بعلبك ورياق وشتوره.
وأما الجيش البريطاني فسيحافظ وظيفته الأصلية في حوران والكرك ولا ينسحب منها وتبقى السلطة الإدارية في هذه المناطق الأخيرة كما كانت سابقاً.
ولقد كان هذا التدبير العسكري المؤقت دون استشارة العرب الذين هم حلفاء أيضاً ويجب أن يكون لهم الرأي الأول في مثل هذا الشأن الأمر الذي امتعضت له الأمة، وكان الواجب على الحلفاء أن يأخذوا رأي العرب فيه قبل كل شيئ.
ولقد تعددت بمقتضى هذا التدبير القيادة العسكرية في سورية بعد أن كانت موحدة نعم أن تصريحات المسيو بيشون ناظر خارجية فرنسا بمناسبة تعيين الجنرال غورو والتدبير الأخير وهي قوله: “إن قرار المؤتمر لم يترك شيئاً يحتمل الالتباس والابهام ولا يمكن أن يأول أو يرمي إلى تجزئة سوريا وتقسيمها لا بل هو قرار بشأن إتفاق حربي مؤقت لا يؤثر على مسألتي الوصاية والحدود اللتين يكون فصل الخطاب فيهما إلى مؤتمر الصلح الذي اعتبر أن قضية سورية لا يمكن فصلها عن المسألة الشرقية وسوف تسوى في آن واحد مع مسائل تركيا عند عقد معاهدة الصلح مع تلك الدولة، ثم قوله: “لقد عهد إلي الجنرال غورو أن يطلع الحكومة الجمهورية على حقيقة أماني الأهالي وحاجاتهم ويحافظ على الثقة الموجودة بين العرب وحلفائهم كما كانت في زمن الحرب،ويواصل عمل تحرير الشعوب الضعيفة كما هو مبدأ الحلفاء.
نعم إن تصريحات كهذه لا تكفي لقبولنا مسؤولية التدبير المؤقت الأخير الذي هو تطبيق معاهدة سايكس – بيكو السرية المجحفة بحقوق البلاد والمنافية لمبدأ الحلفاء وتصريحاتهم الرسمية ووعودهم من حيث منح الشعوب المحررة حق حياتها واستقلالها وفقاً لرغائبها وتصويتها، وهذا ما دعانا إلى رفع استقالها وفقاً لرغائبها وتصويتها، وهذا ما دعانا إلى رفع استقالتنا لسمو الأمير المعظم، احتجاجاً على التبليغات التي بلغناها.
وقد عهد إلينا سموه بالعودة لاستلام السلطة العسكرية المؤقتة على أن يرفع احتجاجنا للمقامات المسؤولة وقد دعا سموه مؤتمركم الموقر لإطلاعه على الموقف الحاضر بصفتكم زعماء البلاد وممثلي إرادة الأمة لتبدوا رأيكم في هذا الاتفاق المؤقت الأخير ولتواصلوا جهادكم المقدس في إدارة الحركة الوطنية بصورة جدية أكثر من ذي قبل فتكون تشبثاكم الشعبية في داخل البلاد عوناً لسمو الأمير فيصل المعظم المفوض من قبل الأمة تفويضاً تاماً للدفاع عن حقها السياسي المطلق وذلك بتوحيد الخطط الملية، والظهور بمظهر التضامن والحزم والقوة الحقيقة وبذل الأموال والأنفس وتكوين الرأي العام وفقاً للغاية المشتركة التي هي الاستقلال التام واستعداد لكل طارئ.
أما السلطة العسكرية فستكون غايتها الوحيدة في هذا المأزق الاحتفاظ بالأمن العام أشد من قبل ومساعدة الشعب في الحصول على أمانيه المشروعة ضمن رغائبه المقدسة والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.