ولد أدهم الجندي في حي أبي الهول بحمص القديمة عام 1902م.
هو أدهم بن رئيس بلدية حمص محمد افندي بن سليمان آغا الجندي، أصغر أشقّائه التسعة.
والدته أصلان بنت محمد، من أصل شركسي.
اشقائه : أبو الخير، سليمان، لطفي، خالد، صادق، عزت، جودت، رفعت، فوزي، أدهم.
توفّي والداه وهو صغير، فتربّى بدايةً عند عمّته أسماء خانم بنت سليمان آغا الجندي، ثم تكفّل به أخوه الدكتور عزت الجندي، فذكر عنه: “وكان رحمه الله مع حزمه وصرامته يغمرني بفيض من حنانه ويعتني بتثقيفي وتأهيلي للحياة”.
درس تعليمه الأساسي في المدرسة الإنجيلية بإدارة الأديب الأستاذ حنا خباز، وأكمل تعليمه الثانوي في كلية الاتحاد الوطني بإدارة الأستاذ عبد الحميد الحراكي، وقد كان أخوه عزّت من مؤسسي تلك المدرسة.
بينما تلقّى ميوله الفنية عن كبار فناني عصره، وأهمّهم الفنان الحلبي عمر البطش.
وبينما كان يستعد للسفر إلى اسطنبول لمتابعة دراسته العليا في أول الحرب العالمية، ورد إليه خبر “اغتيال” أخيه الدكتور عزّت، ثم توالت تحريّات الجيش التركي لبيوت آل الجندي، فعدل عن السفر إلى اسطنبول واكتفى بدخول دار المعلمين بدمشق.
وفي ذات الفترة صدر قرار نفي بعض أخوته وأبناء عمّه إلى الأناضول دون إعطاء مهلة لتصفية علاقاتهم، بينما اعتقل أخويه جودت ورفعت في مصر من قبل السلطات الإنكليزية. كما ورد خبر استشهاد أخيه صادق الجندي في معارك كوت العمارة بالعراق بين الجيش العثماني والإنكليز، وقد كان ضابطًا كبيرًا في الجيش العثماني.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى توجّه في سيارحة إلى فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة في رحلة دامت تسعة شهور، ثم قام عام 1923 برحلة إلى البرازيل للعمل، مع تواجد العديد من أبناء عمّه هناك، لكن ثورة تينينتي التي قامت في البرازيل عام 1924 بقيادة لويس كارلوس بريستيس أنهت آماله، فعاد إلى سورية بعد عام ونيّف.
انتسب بعدها إلى السلك الإداري الرسمي في سورية، فعيّن في تحريرات محافظة الفرات لسبع سنوات، وتنقّل في الوظائف بين حلب وحمص وأخيرًا حوران، فلمّا وقعت الحرب بين إدارة فيشي وإدارة ديغول في سورية أصبح “إزرع” ساحةً للحرب فاضطر للنزوح عنها، فنهب الأشقياء منزله.
وبعد زوال الانتداب تم نقله إلى الإدارة المركزية في وزارة الداخلية، وتنقّل بين دوائر المحافظات والبلديات والجوازات والأحوال المدنية، ثم شغل رئاسة ديوان وزارة الداخلية.
وفي 7 كانون الثاني 1954 قام برحلته الثانية إلى البرازيل، واستغرقت ثلاثة أشهر، احتفت به الجالية السورية في سان باولو، وألقى بعض المحاضرات هناك، وحصل على دعم لإكمال مؤلفه الضخم “أعلام الأدب والفن”.
كما جال في مصر وفلسطين، وزار العراق عام 1956 لاستكمال دراساته التاريخية.
مؤلفاته:
له أهمّ المؤلفات في التاريخ السوري، وهي:
-أعلام الأدب والفنّ (1954-1958):
وهو مؤلّف ضخم صدر في مجلّدين، يعنى بتراجم آباء ومؤسسي الفنون والأدب في سورية والعراق ومصر ولبنان والسودان والمملكة العربية السعودية.
-شهداء الحرب العالمية الكبرى (1960):
أضخم مؤلّفات سورية عن فترة الحرب العالمية الأولى والحركات العربية السريّة قبل اندلاعها، نفي العائلات العربية إلى الأناضول، تراجم شهداء 1916 في سورية ولبنان، وكذلك سير المناضلين الناجين من تلك الفترة.
تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (1960):
المؤلّف الأهمّ عن الثورات ضد الفرنسيين، وفيه عدد هائل من الأحداث وتراجم الشخصيات التي أعدّها المؤلّف بعد مقابلات شخصية وبحث دقيق.
وله كذلك بحث بعنوان “صفحات منسية عن بطولات أبناء دير الزور”، ومقالة أخرى عن بطولات أبناء الرقة نشرت في جريدة عمران عام 1971، وهي على الأغلب آخر ما كتبه.
وقد كان المؤلف يعمل على مؤلّفات أخرى لم ترَ النور للأسف، ومنها:
تاريخ الثورات المصرية، تاريخ الثورات المغربية، أعذب الألحان.
والجدير بالذكر أن المؤلّف كان يقوم بأبحاثه على حسابه الشخصي، فذكر في مقدّمة كتابه الثاني من “تاريخ الأدب والفن” كما في بقية مؤلفاته ما يلي:
“..فلا يعجبنّ القارئ اذا خلت صحائفه الأولى من مقدمات التقريظ التي اعتاد أكثر المؤلفين استجداءها من الأدباء والكتّاب، وكفى أن تقرظه مواضيعه. وهو كالجزء الأول، لا يعرض للبيع في المكاتب العامة، ولا يعرضه مؤلفه على الناس كمستجدي العطاء. لقد بذلت فيه جهدًا مضنيًا يقدره كل من عانى أمثال هذه الأبحاث الأدبية والفنية التاريخية، وقمت بتصحيح أغلاطه المطبعية بنفسي حتى خلا من جدول الأخطاء.”
اقترن في الحادي والثلاثين من آب 1931م بالآنسة حكمت بنت نوري بك بن زاهد باشا الشيخ فضلي، وأنجب وحيده “عمر” بعد سبع عشرة سنة من زواجه، وفي ذلك قال:
“..وأنعم الله عليّ بوحيدي عمر، وقد اعتدل مجرى حياتي ونسيت كل خسارة ونكبة، إلا فقد شقيقي الشهيد عزت، فقد أمضني أكثر من فقدي أبي، فهي نكبة ما زالت ماثلةً أمامي بالغدو والآصال”.
وفاته:
توفي في دمشق بتاريخ 3 حزيران 1977م.
أقواله:
له في ختام الجزء الثاني من كتابه “أعلام الأدب والفن” كلمة تاريخية يقول فيها:
“وليشهد التاريخ والمجتمع، بان ما قابلني به أركان وزارة الداخلية التي أنا أحد موظفيها من تنكّر وتشتيت وجحود، بنقلي من دمشق إلى أماكن بعيدة محرومة من أبسط معاني الحياة، يدلّ على التقدير الذي يستحقه المؤلفون، في عصر طغت فيه الشفاعات والزلفى. وإني أضنّ بتسمية المسؤولين كيلا تنعم أسماءهم بالخلود في هذا السفر التاريخي الذي يمزّق أهاب الحاسدين كل ممزق”(1).
(1) فارس الأتاسي، التاريخ السوري المعاصر