ولد محمد الخلف المفتاح في قرية حبوبة كبير في السادس من آذار عام 1956م.
ينتسب لعشيرة البومسرَّة ” الولدة ” الشعبانية الزبيدية.
تزوج محمد المفتاح ” أبو مرهف ” عام 1980م.
أنجب سبعة أبناء و خمسة بنات، مرهف، مأمون، محمود، مضر، غيداء، مناف، تماضر.
درس محمد الخلف المفتاح الإبتدائية فيها إلا أن ظروفاً معينة حالت دون متابعته لدراسته .. و هي شغفه الجديد بعلم الآثار و أعمال التنقيب الأثري.
في تلك السنوات البعيدة بدأت البعثة الألمانية للتنقيب عن الآثار برئاسة المديرة ايفاشترومنغر بالتوافد إلى ربوع قرية حبوبة كبير ـ قبل غمرها بمياه بحيرة سد الفرات العظيم ـ للكشف عن مدينة قديمة جداً (سميت فيما بعد حبوبة كبير و عمرها 5000 عام) تحت تراب التلال المحيطة بالقرية واحتاجت للعمالة العربية من أفراد القرية في أعمال التنقيب .. و كان أبرزهم محمد المفتاح.
خلال فترة وجيزة نال محمد المفتاح مكانة مميزة عند الألمان من بين أفراد التنقيب .. فكسب صداقتهم ومحبتهم وتوسموا فيه ذلك الذكاء المهني و سرعة البديهة و تعلم أبجديات التنقيب بشكل عفوي و دون دراسة أكاديمية .
ومنذ ذلك التاريخ في أواخر الستينات بدأت رحلة الخبير العربي في عالم الآثار.
كانت أولى تنقيباته في تل حبوبة كبير و استطاع بمفرده اكتشاف البوابة الجنوبية للمدينة المطمورة تحت التراب وفيما بعد بدأت البعثة الألمانية تطلبه بالذات في كل موقع أثري تنتقل إليه .. فتحول من عامل مأجور إلى عضو أساسي في مجموعة الإدارة و الدراسة و البحث و التنقيب في الكادر الألماني.
ذاع صيت الخبير محمد المفتاح بين بعثات التنقيب الأجنبية الأخرى فبدأت تطلبه للعمل معها, بعثات فرنسية وإيطالية وإسبانية غيرها في أرجاء الجمهورية العربية السورية مثل مدينة ماري ـ و تل بازي ـ و تل العمارنة ـ و المنباقة ـ و شاكربازار ـ و الرافقة قرب الرقة ـ و في تل مريبط حيث نشأة الإنسان الأولى ـ و في مدينة إيبلا في إدلب ـ و مع البعثة الإسبانية في قره قوزاق ـ ومع البعثة الأوربية في تل حلف و تل بيدر في الحسكة ـ و في تل عبر مع الدكتور حميدو حمادة ـ و في مدينة تدمر مع الدكتور خالد الأسعد رحمه الله و في مدينة حلب مع البعثة الألمانية بقيادة البروفيسور كاي كولماير داخل قلعتها العتيدة لاكتشاف معبد حدد أقدم صرح في الشرق الأوسط (3000 ق. م) و غيرها الكثير.
تميز محمد المفتاح بشخصيته الكاريزمية العربية السمراء و كان يتمتع بمحبة الناس و صداقتهم أينما حل, و كان يميل إلى الحفاظ على كل تراثه العربي في لهجته الريفية و لباسه العربي الريفي الأصيل و حياة أسرته و تقاليده المتأصلة. فلم تغيره الثقافة الغربية بكل إغراءاتها و أضواءها طوال حياته.
كان محمد المفتاح ملماً بشكل ممتاز باللغة الألمانية ( و بعض اللغات الأخرى بشكل نسبي ) و دعي إلى زيارة ألمانيا أكثر من مرة من معهد الآثار و جمعيات التنقيب الألمانية و زار عدة دول أوروبية و شرق آسيوية للتنقيب الأثري كان آخرها سيرلانكا قبيل رحيله.
كان محمد المفتاح معروفاً في الوسط الآثاري السوري بشكل كبير و طلاب كليات الآثار كانوا يتلهفون للعمل معه ضمن المواقع الأثرية ليضيفوا إلى دراستهم الأكاديمية خبرته العملية الثمينة..
كان يشارك مع صديقه الدكتور حميدو حمادة أستاذ التاريخ القديم في إلقاء بعض المحاضرات و الندوات حول التنقيب الأثري في المراكز الثقافية و جمعية العاديات في حلب و دمشق.
عام 1998 بدأت مديرية آثار حلب بالتوجه للكشف عن أقدم معبد في الشرق الأوسط داخل قلعة حلب العريقة, فتم التعاقد مع البعثة الألمانية لإنجاز هذا العمل الضخم، كان الخبير محمد المفتاح هو المرشح الأول لقيادة هذه المهمة الصعبة.
و في عام 2010 كان الخبير محمد المفتاح يضع اللمسات الأخيرة لافتتاح المعبد و إنهاء عمليات التنقيب و التوثيق و الدراسات.
توفي إثر أزمة قلبية مفاجئة يوم 28 أيلول عام 2010 داخل قلعة حلب أثناء العمل في مهنته التي وهبها حياته و شغفه.
في هذا العام 2021 صدر كتاب ألماني يوثق مرحلة التنقيب في حبوبة كبير جنوب و أفردت فيه صفحات للحديث عن مكانة محمد المفتاح و تاريخه الأثري بقلم البروفيسورين ايفاشترومنغر و كاي كولماير ( صورة من الكتاب في الصورة المرفقة)(1).
(1) فراس المفتاح، الرقة الوثائقية.
تحرير عبد الكريم الأسعد، التاريخ السوري المعاصر