You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

بيان هنري بونسو في عصبة الأمم حول سورية عام 1932

بيان المفوض السامي هنري بونسو الذي ألقاه أمام لجنة الانتدابات في عصبة الأمم في جنيف في الأول من كانون الأول عام 1932م، والذي نشره في الرابع من شباط عام 1933م.

نص البيان :

(تفرض علينا المادة 22 من ميثاق جمعية الأمم، أن نسير بسوريا ولبنان نحو ممارسة سيادتهما واستقلالهما ممارسة تامة طبقاً للصيغ المعينة في صك الانتدابات المؤرخ في 24 تموز 1922م.

إن انتهاء أحد الانتدبات في 3 تشرين الأول الماضي قد بعث في مجموع العالم العربي آمالاً كباراً، ولو لم آت اليوم بنفس لأشرح لكم الحالة كما هي الآن في سوريا ولبنان، بعد هذا الحدث لكنت خيبت ما أنتم منتظرون مني.

جئت في سنة وبسطت للجنة الانتدابات الدائمة، ما كنت أنويه بعد إعلان القانون الأساسي. وقلت لكم وقتئذ، إن المسألة هي قبل كل شيء، مسألة ثقة وحسن نية متبادلة، وإن الأمر نجاح مشروعنا منوط بذلك.

فإنه لا قيمة لأحسن الصكوك مالم تكن مرتكزة على هذه الثقة، ولذلك فغاية جهدي منذ سنتين، وسبب عدم إسراعي في العمل، هما إيجاد هذه الثقة وتنمية النية الحسنة.

وأخيراً أتكلم بإيجاز على العلائق الخارجية، فإن الشكل الدولي لقضية الانتدابات يتغلب على شكلها الداخلي، حتى وعلى قضية علائق البلاد، المشمولة بالانتدابات مع الدولة المنتدبة نفسها. ولو كانت القضية السورية قضية داخلية بحتة لأمكن حلها على شكل مرض نوعاً ما في بضعة أشهر. وكذلك اعتقد أنه لو كان الأمر لا يتناول إلا مسألة بين سوريا والدولة المنتدبة، لأمكن إنهاؤها بسرعة، ولكن الأمر يتعلق أيضاً بمسألة دولية، لأن تطور الانتدابات لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الدول التي عهدت إلى الدول المنتدبة بهذه المهمة.

لقد كان للسابقة التي أحدثت في جنيف بتاريخ 3 تشرين الأول الماضي دوي عميق في العالم العربي. وكان لهذا الحدث نتائج طبيعية لم يكن بإمكاني أن أتحاشاها، وها نحن اليوم آخذون بالعمل.

وعلى هذا أتكلم عن تطور الانتداب المنتظر في سوريا وعن الشروع في مفاوضة لعقد معاهدة.

ولا يسعني بهذا الصدد أن أنسى الاهتمام الذي أظهرته لجنة الانتدابات الدائمة في شهر أيلول “1931” عندما عرضت عليها للمرة الأولى نيات الدولة المنتدبة، فيما يختص بتطور الانتدابات، فقد طلبت لجنة الانتدابات الدائمة وقتئذ أن تعطى علماً بالوقت المناسب بمراحل التطور المنوي إدخالها على نظام الحكم في سوريا ولبنان.

وها أني حضرت اليوم أمامكم تلبية لهذا الطلب!

لقد ظن البعض أن المعاهدة السورية الفرنسوية العتيدة في جيبي، وقبل أن تجري أقل مخابرات في دمشق نشرت بعض الصحف بنوداً زعمت أنها مأخوذة عنها، وكذلك عندما دعوت منذ سنة في تشرين الثاني 1931 المجلس الاستشاري الذي ألف لمؤازرتي في فترة الانتخابات إلى الاجتماع، وطلب مني الإطلاع على مشروع المعاهدة ليكون أساساً لعملية الانتخابات.

وعندما عدت إلى سوريا منذ شهر ونصف، طلب إلي أن أبين ما هي أسس المعاهدة، وإلا فالمجلس النيابي يظهر لي بنوع ما عدم ثقته. فأجبت كما قلت لكم أن المعاهدة هي شيئ يتناقش به بين شخصين مناقشة حرة، وأنه إذا كان في فكري مبادئ إجمالية تؤدي إلى هذه المعاهدة، فلا يعني ذلك أن في جيبي نصاً يمكنه الحصول على موافقة المجلس بسرعة ما أو بشكل فجائي.

وحيث إني منذ الآن فصاعداً أمام محادث ذي وكالة رسمية، فسأقوم بالوعود التي قطعت من زمن طويل، فإنه قد مرت سبعة أعوام تقريباً على العهد الذي قطعه سلفي مفوضاً من الحكومة الفرنسوية بعيد معاهدة.

لقد فاز ممثلو الحكومة الفرنساوية بتصريحات سواء أكان عند درس تقرير لجنة الانتدابات السنوي، أو في المناقشات التي جرت في مجلس جمعية الأمم أو في الجمعية العمومية بمناسبة تطور إحدى البلاد المجاورة، فعلي إذاً الآن أن أقوم بالوعد وهذا ما أنا ساع إليه.

فإن المحادثات تمهيدية غايتها تحديد سياسة المعاهدة ومقتضياتها، لأن عقد المعاهدة ليس هو من الحوادث الفجائية التي تبدل الحالات السياسية بلحظة، أو تدفع ببلاد كانت حتى اليوم تحت مراقبة الانتداب إلى حالة الاستقلال التام، إلا أن عقد المعاهدات هو شي آخر. وقد اهتممت في المحادثات التي جرت بيني وبين الحكومة السورية حتى الآن وضع محدثي تجاه هذه الحقيقة الراهنة. ونحن نعرف الآن والحمد لله كيف يتطور الانتداب، فإن لجنة الانتدابات الدائمة قد حددت بناء على طلب مجلس جمعية الأمم الشروط العامة التي يجب مراعاتها لتحقيق هذا التطور.

هذا هو المسلك الذي يجب اتباعه، والدليل الأهم الذي يمكن أن نتخذه مرشداً لنا، وقد أردت الإشارة إلى ذلك، ثم أننا حددنا الغاية المتوخاة، والطرق المؤدية لها، وتداركنا الاستعدادات اللازمة، لحكومة لا تمارس الآن إلا جزءاً من ميزات السيادة لتمكين هذه الحكومة، بتمرينها تمريناً طبيعياً من ممارسة جميع هذه الميزات.

والآن بعد وضع القانون الأساسي موضع التنفيذ، يمكننا القول إن الحكومة السورية تمارس سيادتها الداخلية ممارسة تامة. أما ما لا تمارسه الحكومة السورية فهو السلطات التي يقوم بها المفوض السامي لأجل حفظ النظام والأمن لاسيما على الأخص ما يتعلق بالعلائق الخارجية.

وعليه فلا يمكن انتظار نهاية الانتداب، إلا في خلال فترة انتقال يتهيأ في غضونها تحويل بعض الواجبات، الملقاة الآن على عاتق الدولة المنتدبة إلى الحكومة السورية تحويلاً تدريجياً. وإذا اقتصرت الكلام على الوجهة الدولية، فأقول: إنه من البديهي أن الانتداب، لا يمكن أن ينتهي إلا بعد أن تقبل جمعية الأمم والدول ذات الشأن، بتحويل الواجبات المذكورة. ذلك يتطلب عمل تهيئة وتنقيح جدي، ودليلنا عليه ما حصل في حدث مماثل لهذا الحدث، وقع منذ مدة قريبة.

إننا سنشرع في العمل إذ أنه بالرغم مما قد يتبادر إلى الذهن، بعد الاطلاع على ما لاقته الدولة المنتدبة، من الصعوبات من الوجهة السياسية مع بعض العناصر الوطنية. فإنا لسنا الآن في أول العمل. فالتهيئة اللازمة قد بلغت شوطاً بعيداً، وإني إذ اصطدمت غداً خلافاً لكل ما أنتظره بصعوبات فجائية فلن أقف في الطريق، بل يمكنني أن أقول “معكم أو بدونكم أتابع طريقي واهيئ تطور الانتداب ونهايته”.

إن هناك بعض أدوات، يترتب تهيئتها بنوع خاص على الدولة المنتدبة، وهي العناصر اللازمة للأمن والدرك والشرطة والمتطوعة، وهذه كلها في دور التقدم. وهنالك ايضاً إدارات أخرى يجب لإنمائها، اتفاق أتم، أو عمل مباشر من الحكومة التي تصبو إلى الاستقلال، وهذه الإدارات تقضي بأن تتحمل الحكومة ما عليها من مسؤوليات، وأن تثبت سلطتها، وأن تحمل الغير على زيادة الثقة بها يوماً فيوماً، ليس فقط في شؤونها الداخلية، بل في الشؤون الدولية أيضاً.

ولكي نصل إلى هذه الغاية بنوع أكيد سريع، يجب تحديد برنامج هذا العمل الذي قد بوشر به، وذلك هو ما دار البحث حوله في المحادثات التمهيدية التي جرت لي في دمشق في الشهر الماضي، منذ اليوم الذي وجدت نفسي فيه أمام حكومة دستورية، وقد قلت: المشكلة هي هذه، وليس من السهل حلها بل إن ذلك يتطلب نية طيبة ومعاونة يقظة، تولد الثقة في نفوس السوريين وفي مختلف العناصر الأجنبية.

ويمكنني بعد هذه المحادثات التمهيدية، أن أقول: إن تطور القضية السورية قد دخل اليوم في دور مرضي، وفي نيتي بعد رجوعي إلى سوريا أن أعود إلى هذه المحادثات لأصل إلى الغاية المتوخاة.

وهذه هي المرحلة الأولى، التي كان من واجبي أن أطلعكم عليها بدقة وجلاء.

وفي ودي أن أكمل هذه الإيضاحات، بشأن المعاهدة قائلاً: أنه بما أن التطور قد تم في إحدى البلاد المجاورة، فمن واجبنا أن نفكر بحل نهائي لسوريا وأن نهيئ لها هذا الحل.

أمامنا مثل سنتي 1930- 1932 فإننا بتحديدنا للحالة، كما ستكون يوم انتهاء الانتداب، يجب أن نعين في الوقت ذاته ما يجب علينا بذله من الجهد للبلوغ إلى هذه الغاية ضمن الشروط الأكثر ملاءمة.

فمن الضروري إذا- وهذه هي المهمة المزدوجة، التي أنوي مجابهتها عند عودتي إلى دمشق- أن نحدد من الآن بعقد معاهدة للحالة التي ستكون عند نهاية الانتداب، وأن نوضح في الوقت نفسه، برنامج ومراحل تطور التشكيلات الحالية في مختلف الأمور، التي لا تزال تتطلب تعاوناَ نشيطاً مشبعاً بروح الثقة بين الحكومة السورية والدولة المنتدبة، لأجل تحقيق الشروط التي يترتب عليها دخول سورية في جمعية الأمم، سواء أكان من الوجهة الخارجية أو الوجهة الدولية مع مراعاة المبادئ العامة، التي سنتها جمعية الأمم، لأجل إنهاء نظام الانتداب).

المصدر
الكيالي (عبد الرحمن)، المراحل في الانتداب الفرنسي في نضالنا الوطني، الجزء الأول، صـ 205-207



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى