عام
صاحب الجدي – من الحكايات الشعبية الشامية
صاحب الجدي – من الحكايات الشعبية الشامية
من حكايات حي مئذنة الشحم
الراوي: امرأة عجوز
توثيق الباحث نزار الأسود.
كان ما كان حتى كان.. كان في قديم الزمان أم نفلّي رأس ابنتها، من القمل والصيبان، تحت أشعة الشمس، كبرت البنت فجأة ففرحت الأم بها وقالت لزوجها: يجب أن نزوجها ونبحث لها عن عريس، قال الزوج: كيف؟ ونحن لا نملك شيئاً. قالت الأم بعد تفكير طويل: خذ الجدي الذي لا حيلة لنا غيره، وأنزل إلى المدينة، وبعه، وبثمنه نجهز البنت، ونجد لها عريساً.
حمل الزوج الجدي على كتفه، ونزل به إلى المدينة، وبينما هو يتجول في أسواقها، ولا أحد يشتري منه الجدي، وقف أمام بائع طعام.. فدهش لما يرى..؟
فأخذ يسأل البائع عما في دكانه…! ما هذا؟ وما اسم هذه، والبائع يجيبه: هذا كوسا محشي، وهذه مقادم، وهكذا كان الدكاني يعدد له أصناف الأطعمة التي عنده. والزوج يشتهي ذلك كله..! ولكن كيف يأكل وهو لا يملك شيئاً! قال الزوج للبائع: أتطعمني، وتأخذ الجدي مقابل ما أكل؟ فوافق البائع..
بدأ الزوج يأكل من الطعام الطيب الذي لم يذق مثله حتى شبع، وأخيراً تذكّر وصية زوجته فخاف، فقال للبائع: أعطني الجدي.. وشرح له قصته. فرفض البائع وأصر الزوج، وجاءت الشرطة، وأولاد الحلال.
وأخيراً قال البائع: يعوضني الله عما أكلت، وأعطاه الجدي، فأخذه الرجل وذهب.
ومرة ثانية وقف الزوج على بائع الحلويات. فاشتهى ما عنده وأخذ يسأله عن أسمائها والحلواني يقول له: هذه قطايف، وهذه كنافة. فقال له أتطعمني وتأخذ هذا الجدي، ففرح الحلواني، وبعد أن شبع الزوج، وأخذ الجدي وقال للحلواني: هذا مهر ابنتي.
وقبل الغروب وقف الزوج عند بائع الحليب، وأخذ يسأله بدهشة: ما هذا؟ وما هذا؟ وبائع الحليب يجيب : رز بحليب، مهلبية، مرقّد الحليب وهكذا جرى بينه وبين بائع الحليب، ما جرى بينه وبين بائع الطعام والحلواني. أخذ الزوج جديه وأنطلق به، والدنيا ظلام، والزوج لا يدري أين يذهب وهو غريب.
مصادفة رأي الزوج امرأة مشمرة تنتقل بين بيوت جيرانها، وتقفز من سطح إلى سطح، فناداها وقال لها: أريد أن أبات عندك الليلة! فوبخته ورفضت. فألح الزوج حتى قالت لها جارتها: وماعليه، خذي منه الجدي ونيميه في المطبخ. وهكذا نام الزوج في المطبخ.
وفجأة، أخذ الباب يطرق. فحارت المرأة ما تفعل. وقالت للزوج: أصعد وأختبئ في السقيفة أنت والجدي. وإياك أن يصدر عنك أي صوت! فوافق الزوج واختبأ. وفتحت المرأة الباب، فإذا ببائع الطعام “وهو أخوها في الرضاعة” ويدخل وقد عطّر نفسه وزيّن لباسه، ومعه أطايب الأطعمة. فاحتفلت المرأة به. وأعدّت السفرة والنرجيلة، وسهرت معه وهو يحّدثها عن همومه ومتاعبه.
وفجأة أخذ الباب يطرق، فاحتارت المرأة ما تفعل! وقالت للبائع: اختبئ في السقيفة، فاختبأ إلى جانب الزوج. وفتحت المرأة الباب فدخل “أخوها من الرضاعة” الحلواني معطراً مزيناً، ومعه أطايب الحلويات. فاحتفلت به، وأعدت السفرة والنرجيلة، وسهرت معه وهو يحدّثها عن همومه ومتاعبه.
وفجأة أخذ الباب يطرق فاحتارت المرأة ماذا تفعل! وقالت للحلواني: اختبئ في السقيفة. فاختبأ مع الزوج والبائع. وفتحت البا فدخل “أخوها من الرضاعة” بائع الحليب، ومعه أطايب مافي دكانه. فاحتفلت به المرأة، وهو يحدّثها عن همومه.
وفجأة طرق الباب. لقد جاء زوج المرأة المسافر بعد غياب ستة أشهر.. فاختبأ بائع الحليب في السقيفة. وصبغت المرأة وجهها بالعصفر، ومدت الخبز اليابس تحت فراشها، وتصنعت المرض، وفتحت الباب.. وأخذت تشكو مرضها لزوجها، والخبز اليابس يتكسّر تحتها لشدة مرضها.. فتأثر الزوج ودعا لها بالشفاء.
وهنا ضج صاحب الجدي من هذه التركيبة العجيبة. فقرص الجدي وفزع أصحاب السقيفة الثلاثة. فقال الزوج لأمرأته: ما هذا؟ فقالت :إنهم أولياء صالحون، وسمعت صوتهم استجابة لدعوتك. فصدق الزوج وصاح: كم أنتم، قال: صاحب الجدي: ثلاثة وجدي. قال زوج المرأة: أين أنتم؟ أجابه صاحب الجدي : في القبة.. في القبة..
هدَد صاحب الجدي أصحابه بالفضيحة، وأخذ مالهم، وملابسهم، وههم يهمهمون غضباً! والمرأة تتراجع تتوجع لتغطي على همهماتهم. وأخيراً حمل صاحب الجدي الجدي على كتفه، وصرّة المتاع. وأشار إلى أصحابه أن أتبعوني. فتبعوه وهم يهللون ويدورون حول المرأة لتشفى. وفجأة اتجهوا نحو الباب وهربوا.
عاد صاحب الجدي إلى زوجته، ومعه الجدي..!! وماتزال زوجته تقول له: يجب أن نبحث عن عريس لهذه الصبية !
توتة توتة خلصت الحتوتة.
انظر:
الحكايات الشعبية في الساحل السوري