أحداث
إضراب الموظفين السوريين في عام 1951
نفذ أكثر من 20 ألف موظفي في الجمهورية السورية باستثناء رجال الشرطة والدرك وموظفي الإنتاج الزراعي والجمارك ومأموري الخدمات الصحية والمستشفيات من أطباء وممرضين وممرضات وباستثناء كتاب الضبط في المجلس النيابي إضراباً بدأ في التاسع والعشرين من تموز عام 1951م، وكان استثناء هذه الفئات من الإضراب بموافقة لجان الموظفين وذلك لتأمين الخدمات الضرورية وقبض الرسوم للدولة.
وطافت دوريات الأمن في شوارع العاصمة وشوارع جميع المدن السورية للمحافظة على الأمن كما ضوعفت القوى التي تحرس دور الحكومة والمصارف والمؤسسات العامة.
أسباب الإضراب:
وسبب الإضراب يعود إلى المطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية ورفع أجورهم الشهرية، وذلك بإصدار الحكومة قانون تحسين أوضاع الموظفين، وقانون انصاف الموظفين المغبونين.
موقف الحكومة من الإضراب:
قضى الأمين العام لوزارة المال السيد هنري رعد وقت الدوام الرسمي في مكتبه بوزارة المال بالإتفاق مع لجنة الموظفين ليكون حاضراً في حال طلبه لحضور إجتماع لجنة القوانين المالية التي كان يظن أنها ستعقد إجتماعاً مستعجلاً أمس لدراسة مشروع قانون الموظفين وإقراره لعرضه على المجلس النيابي في جلسته التي عقدها مساء الثاني من آب.
وأكد أحد أعضاء لجنة القوانين المالية أن اللجنة ستعقد إجتماعها في الثالث من آب حسب الموعد الذي قررته وهي سوف لا تقر مشروع قانون تحسين أوضاع الموظفين المحال إليها كما ورد من الحكومة بل ستدخل عليه تعديلاً واسعاً.
وعقدت لجان المفوضين في عموم المحافظات السورية صباح الثاني من آب إجتماعات تدارست فيها النواحي الخاصة بتنظيم الإضراب والإشراف عليه. بعد ارفضاض هذه الاجتماعات قامت اللجان بجولة على الدوائر والمؤسسات الرسمية تفقدت من فيها فتأكد لها أن الإضراب كان عاماً ويجري في هدوء تام، وستعقد لجنة الموظفين في المساء إجتماعاً في نادي أسرة التعليم الابتدائي في الساعة الثامنة والنصف تتدارس فيها الموقف.
وأكد أحد أعضاء لجنة الموظفين أن الإضراب سيستمر إلى أن يقر المجلس النيابي مشروع قانون تحسين أوضاع الموظفين، ويقر أيضاً مشروع انصاف الموظفين المغبونين ولو أدى ذلك إلى إقرار المشروعين المذكورين قبل إقرار الموازنة.
وقد عقدت الهيئة البرلمانية لحزب الشعب إجتماعاً طويلاً درست فيه الحالة العامة للبلاد والأوضاع الراهنة فيها، وحددت موقفها من مناقشة بيان معالي وزير المال حول مشروع قانون الموازنة ومشروع تحسين أوضاع الموظفين وغيرها من القضايا الأخرى.
وعقد المكتب التنفيذي للحزب عقب أرفضاض إجتماع الهيئة البرلمانية إجتماعاً استغرق وقتاً طويلاً اتخذت فيه عدة مقررات في هذا الشأن.
وصرح أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الشعب لوكالة الأنباء السورية أن مشروع قانون تحسين أوضاع الموظفين مقبول من حيث الفكرة ولكن المشروع ذاته يحتاج إلى تعديل واسع لتحقيق الترفيه والعدالة الواسعة بين مختلف طبقات الموظفين.
هذا وقد عقدت الأحزاب والكتل البرلمانية الأخرى اجتماعاتها وتدارست القضايا ذاتها وحددت موقفها منها وقد أجمعت جميعها على أن مشروع تحسين الموظفين يجب أن يعدل تعديلاً واسعاً(1).
نتائج الإضراب:
أدى الإضراب إلى تقديم خالد العظم رئيس مجلس الوزراء إستقالة حكومة خالد العظم الرابعة إلى الرئيس هاشم الأتاسي في اليوم الثاني للإضراب(2) .
إنتهاء الإضراب:
أعُلن عن انتهاء الإضراب مساء يوم السبت الرابع من آب وذلك بعد الإتفاق الذي عقد في منزل الرئيس هاشم الأتاسي والذي جرى بين أعضاء لجنة القوانين المالية في مجلس النواب وممثلون عن لجان الموظفين حول القرارات المنتظرة(3).
وأصدر خالد العظم رئيس حكومة تسيير الأمور بعد تقديم إستقالتها، أصدر بياناً جاء فيه أن ممثلي لجان موظفي الدولة اجتمعوا في دار رئيس الجمهورية ببعض أعضاء لجنة القوانين المالية الموجودين في دمشق بحضور أعضاء الوزارة وبعد المناقشات حول مطالب الموظفين، موقفهم الراهن من قضية مشروع تحسين أوضاع الموظفين بما في ذلك إعانة الحصانة إليهم، ومشروع قرار تسوية أوضاعهم المقدمين سابقا من الحكومة الى مجلس النواب لإقرارهم.
وصرح أعضاء لجنة القوانين المالية في هذا الاجتماع أنهم يعدون بالعمل لدى اللجنة على إنجاز مشروع القانون المذكور ورفع تقريرها إلى المجلس خلال عشرة أيام.
وأصدرت لجان موظفي الدولة بياناً شكرت فيه موقف البلاد من إضراب الموظفين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والوزراء والأمناء العامين والهيئات الشعبية والصحافة على موقفهم من الإضراب وتفهمهم لحاجات الموظفين(4).
وتزامن الإعلان عن إنهاء الإضراب مع تشكيل حسن الحكيم الحكومة في التاسع من آب عام 1951 والتي استمرت حتى الثامن والعشرين من تشرين الثاني عام 1951م(5).
(1) صحيفة الجزيرة، العدد 1635 الصادر في يوم الجمعة الثالث من آب عام 1951م.
(2) صحيفة 1951 – خالد العظم يوضح أسباب تقديم إستقالة وزارته.
(3) صحيفة الجزيرة، العدد 1635 الصادر في يوم الاثنين السادس من آب عام 1951م.
(4) صحيفة صدى الأهالي – بغداد العدد 564 الصادر في يوم الاثنين السادس آب عام 1951م.
(5) حكومة حسن الحكيم الثانية عام 1951م.