مقالاتمن الصحافة
عادل الصلح 1919: المرأة السورية
نشر عادل الصلح مقالاً في صحيفة البشير حول المرأة السورية ومدى تأثرها في الحياة الإجتماعية في الغرب.
نص المقال:
(عادل الصلح: المرأة السورية
بينما كنت أتصفح العدد الصادر في 11 ت1 من جريدة البشير الغراء وقع بصري على مقالة عنوانها “آفة الأزياء” فطالعتها فأثرت فيّ تأثيراً كبيراً. ولا ريب عندي في أن كل من أطلع عليها شعر بمثل ما شعرت لذكر تلك الأزياء الخلاعية وما تحدثه في وطننا العزيز من الخراب والدمار.
أي أبناء سورية العزيزة ما بالكم قد تغافلتم عن مناجزة هذه الآفة التي لم يعد بالوسع تجاهل مضارها على البلاد.
دونكم نساء الغرب فأين نساؤنا منهم. ولعمري ان الفرق بعيد والبون عظيم بين الفريقين. لقد تمادت المرأة عندنا في غيها ونهجت منجهاً لا يحسن السكوت عنهُ
أودعت بنيها أمرأة تدعي أنها “مربية” وهي لا تعي ولا تدرك من التربية سوى اسمها. تركت أمر تدبير منزلها لخادمتها وسارت في عجلتها تتنقل من حانوت إلى حانوت ومن خائطة إلى أخرى ثم عادت وقد ملأت مركبتها بما انتقتهُ من أنواع الحرائر والأطايب والطيالس وغيرها من وسائل الزينة والتبرج.
وهكذا تقضي أوقاتها لا هم لها سوى التزيين والتحلي والتضمخ بالطيب وحضور المقاصف والملاهي وهي في واد عميق من الجهل والافن تهيم.
قال أحد رجال الفرنسيس حديثاً: “انني ليأخذني الذهول ويشتد بي العجب بل لآسف جداً عندما أشاهد النساء السوريات يقضين ساعات متواليات على شرفات منازلهن يهززن بكراسيهن كأن لا شيئ يشغلهن ولا عمل لهن يأتينه”. فتأملوا ثم ان الامرأة عندنا اذا خاضت في حديث فعن بهاء ثوب هند ورونق رداء دعد وزهوة هذه وجمال ذاك ومسير الأزياء الحديثة وغير ذلك من السفاسف التي لا طائل تحتها. وهي تنفق من المبالغ الطائلة ما يثقل كاهل زوجها السيئ الطالع الذي أنهك قواه وأجهد نفسه كل الجهد ولاقى في سبيل الحصول عليها الاتعاب والأنصاب الجملة.
كل ذلك وهي لا تبالي كان المال وُجد على قارعة الطريق. تلك هي حالة نسائنا اللائي يزعمن ان ذلك هو التمدن وأنهن بأعمالهن هذه يوازين المرأة الغربية تمدناً ورقياً.
لله أبوهنّ وهل يكون الرقي والفلاح بالأزياء الخلاعية التي تشمئزلها النفوس الأبية ويمجها الذوق السليم أم بتلاوة الروايات السخيفة والأقاصيص المفسدة للأخلاق.
ان النساء الغربيات قلما يبالين بالأمور الباطلة وأخص منهن بالذكر الطبقة العالية فهن من نقاوة الجيب وطهارة النفس على جانب عظيم. وقد بلغن جميعاً من النشاط والعلم والرقي غاية لا متجاوز وراءها لمجتهد ولا زيادة لمستزيد زاحمن الرجال في الاستيلاء على المراكز القضائية والنيابية وغيرها من المناصب السامية. ولم يدعن باباً لعلم أو فن من الفنون الا طرقنه ولا عملاً عظيماً الا اتينهُ. فمن عدد كبير من النابغات في العلم والكتابة والشعر والقضاء والطب وغير ذلك.
فهيا يا فتيات الوطن ونساء المستقبل. هيا إلى الإقتداء بالغربيات وانتهاج مسلكهن وحذار من أن تنحي منحين النساء السوريات اللواتي يصدق فيهن ما ذكرت. فعلى نشاطكن ورقيكن يقوم في كثير من الأمور الحيوية صلاح الوطن وعمرانه.
وأنتم أيها الصحافيون والكتبة وجميع المتنورين والأدباء أناشدكم الله بما في نفوسكم من الشرف والأباء أن تجردوا أقلامكم وتقبلوا بكل ما عندكم من معرفة وقوة وتحملوا على هذه الآفة حملة صادقة كي يخفف شرها ويزول سوء تأثيرها قبل أن يتفاقم شرها في عقول الفتيات والسلام على من اتبع الهدى).