عام
تاريخ لعبة كرة القدم في سورية
تاريخ لعبة كرة القدم في سورية
ترجع بدايات لعبة كرة القدم في سورية إلى مطلع القرن العشرين، وتحديداً في شهر حزيران عام 1900 حين مارس بعض الشبان الدمشقيين لعبة كرة القدم على أرض المرج الأخضر على ضفة نهر بردى مكان معرض دمشق الدولي القديم.
كانت لعبة كرة القدم بدائية وكانت عبارة عن ركل للكرة بشكل عشوائي ومتابتعتها ثم ركلها ثانية لإدخالها في المرمى الذي كان عبارة عن حجرين كبيرين أو من ملابس اللاعبين التي وضعت على مسافة أمتار من بعضها البعض.
أما الشبان الذين مارسوا هذه البدعة الجديدة، فهم من الطلاب السوريين الذين كانوا يتابعون دراستهم في الكلية البروتستانتية السورية في بيروت، والتي أصبح أسمها في عام 1920 جامعة بيروت الأميركية. نذكر منهم: (حسين الإيبش، وشقيقة نوري، واصف المهايني، حسن ومصطفى الشريف، محمد سالم، أحمد الطباع، بشير العظمة، بشير شورى، طلعت السراج، مسلم مشنوق وبشير البكري).
تطورات اللعبة بشكل طفيف وأخذت شكلاً أقرب إلى حقيقة اللعبة سواء أكان ذلك من حيث ملابس اللاعبين أو من عدد أفراد الفريق. وخلال هذه المرحلة الأولى التي استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918.
بدأت المرحلة الثانية في بداية العهد الفيصلي والتي شهدت أول مباراة رسمية في دمشق بكرة القدم وجرت برعاية الأمير فيصل بن الحسين(1).
نمت كرة الفدم على يد طلاب دمشقيون كانوا يدرسون في الكلية الأميركية في بيروت منذ إعلان الدستور العثماني في عام 1908م، وما بعده، وقد كانوا أيام العطل المدرسية يأتون بالكرة بصورة إفرادية ليمارسوا هوايتهم على أرض المرجة الخضراء.
ولا نستطيع أن نقول عنهم او نسميهم بـ اسم (فريق) لأن مجموع أفرادها لم يكن يتجاوز العشرة لاعبين.
وكانت تجتمع عليهم ومن حولهم الأهالي ليشاهدوا لأول مرة هذه الكرة التي ترتفع إلى علو شاهق بالفضاء، ثم تعود إلى من يقذفها مرة ثانية إلى ارتفاع أعلى من الأول ليبرهن أنه ألعب من رفيقه.
في عام 1911 هاجر آلاف من سكان طرابلس الغرب التي تعرضت لهجوم إيطالي إلى بلاد الشام، وتبعهم آلاف آخرون من مدينتي طرابلس الشام وبيروت اللتان لم تسلما من قنابل الأسطول الإيطالي بقصد إرهاب الدولة العثمانية.
تجمع العديد من الليبيين والبيروتيين في دمشق من هواة لعبة كرة القدم، وتبعهم آلاف آخرون من مدينتي طرابلس الشام، وبيروت اللتاتي لم تسلما من قنابل الأسطول الإيطالبي بقصد إرهاب الدولة العثمانية.
تجمع العديد من الليبيين والبيروتيين اللاجئين في دمشق من هواة لعبة كرة القدم وشكلوا فيما بينهم ولأول مرة فريقين متقابلين أطلقوا عليهما اسم نادي الهلال السوري.
توقفت لعبة كرة القدم بعد دخول البلاد معترك الحرب العالمية الأولى، ومع نهايتها بدأ لاعبو كرة القدم يتجمعون لتشكيل فرقتهم وتجديد نشاطهم خاصة وأن وجود الجنود الإنكليز بدمشق كان أكبر مساعد ومشجع لهم.
بدأ الاتصال تدريجياً مع الجنود الإنكليز وجرت عدة مباريات وشهد منتصف عام 1919 ولأول مرة مباراة رسمية معهم تحت رعاية الأمير فيصل بن الحسين وكبار ضباط القيادة البريطانية الذين حضروا المباراة والتي جمعت الآلاف من الأهالي.
ضم الفريق السوري الذي يلعب مقابل فريق الجنود البريطانيين كلاً من : (محمد سالم، واصف المهايني، بشير البكري، مسلم الحافظ).
بعد ذلك تشكل أول ناد رسمي مرخص وهو نادي بردى.
في المباراة وزع الأمير فيصل ساعات ذهبية على كل فرد من أفراد الفريقين، وكانت تلك أول مباراة دولية تقام على الأراضي السورية.
بعد هذه المباراة أخذ نشاط هذه اللعبة يزداد لكن ظروف بدايات الاحتلال الفرنسي لدمشق أخمدت ذلك النشاط لفترة زادت عن السنتين.
عاد النشاط إلى هذه اللعبة تدريجياً بالظهور فأخذت بعض المدارس تشكل لنفسها الفرق الرياضية، كما تشكلت بعض الأندية المحلية بدون رخص رسمية، ثم عاد نشاط اللعبة إلى التوقف من جديد بسبب قيام الثورة السورية الكبرى عام 1925م.
تشكل في عام 1928 أول ناد رياضي بموجب رخصة رسمية من وزارة الداخلية بدمشق وهو نادي بردى وانتخب محمد سالم رئيساً له، كما انتخب مسلم الحافظ أميناً للسر، وكان من أبرز مؤسسيه : (أحمد الحواصلي، بشير العظمة، أحمد الطباع، رشاد فرعون، والأخوين شاكر وسليم الصباغ، وحسن الهاشمي، ويحيى النحاس، صباح وإحسان هلال، وروحي الخياط، طلعت خربوطلي، سامي الشمعة، رفعت المرستاني، واصف المهايني، ناظم الأيوبي وغيرهم.
كانت معظم المباريات التي جرت في تلك الفترة بين نادي بردى وبعض الأندية اللبنانية وخاصة مع فريق الكلية الأميركية ببيروت، وقد استفاد نادى بردى من مدرب فريق الكلية الأميركية مسلم مشنوق الذي يقول مسلم الحافظ : (كان أكبر عون لنا في ترتيب وتهيئة هذه المياريات مما أدخل هذه اللعبة في طور التنظيم الحقيقي، وكان من أبرز اللاعبين لاعبي بردى حينها خير الدين البكري.
بعد ذلك تشكل فريق معاوية من بعض اللاعبين الذين أنشقوا عن نادي بردى برئاسة سامي الشمعة وروحي الخياط، ولكن الفريق لم يدم طويلاً.
كما تشكل في دمشق عدة فرق تحت أسماء مختلفة إلى أو وقعت الحرب العالمية الثانية عام 1939م.
تأسس أيضاً في عام 1928 نادي قاسيون وأسسه عزة الرفاعي، وانشأ ملعباً خاصاً به في منطقة (صدر الباز) المتاخمة لساحة الأمويين حاليا، ونادي الهومنتن للجالية الأرمنية الذي تأسس في بداية العشرينيات لكنه لم يشهر رسمياً إلا في عام 1928، ثم تلاه أندية الأمل والباب بعد منتصف الثلاثينيات، ثم الغساني والنهضة والدالفوريك في القصاع في الثلاثينيات، ونادي حضره سبوه الذي تحول إلى نادي دمشق الرياضي. ثم النادي الأهلي والفيحاء ونادي الاتحاد، ثم اندمج نادي دمشق مع الأهلي في الأربعينيات وأخذ اسم نادي دمشق الأهلي.
ازداد نشاط كرة القدم في بداية الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات وخاصة المباريات الخارجية، والتي كان منها:
مباراة منتخب مدارس دمشق مع منتخب المدارس الثانوية العراقية على أرض الملعب البلدي في دمشق في آذار 1944م.
مباراة منتخب الجامعة الأميركية ببيروت مع منتخب الجامعة السورية في آذار 1944م.
مباراة فريق دمشق الأهلي مع النادي الإسلامي في حيفا في آذار عام 1944م.
كانت في دمشق فرقة كرة قدم وحيدة هي (فرقة بردى).
في عام 1919 تألف نادى بردى عام 1934 بصورة غير رسمية.
ازدهرت اللعبة ابتداء من عام 1927 وبدأت الفرق تتأسس الواحدة تلو الأخرى وتأسس رسمياً نادي بردى وتبعه نادي قاسيون عام 1928 ثم الفيحاء 1929 ثم نادي الهمومنتن عام 1930م.
تمكن نادي بردى من إنشاء ملعب خاص به في شارع بغداد وأقام عليه عدة مباريات مع الفرق الأجنبية.
في عام 1930 تأسس نادي معاوية الذي لم يعمر سوى موسمين رياضيين، وقد حصل على أكبر نتيجة مع نادي الترسانة بطل مصر في ذلك الوقت.
ابتداء من عام 1932 تشكلت فرق عديدة أهمها الفيحاء والاتحاد ودمشق والدالفوريك والأهلي والغساني ثم دمشق الأهلي.
في عام 1939 تشكل الاتحاد السوري لكرة القدم بعد أن اجتمعت كل من الأندية الآتية: بردى والهومنتمن والاتحاد ودمشق والفجر والغساني والدالفوريك وتألفت أول لجنة للاتحاد من : خير الدين البكري رئيساً، خالد الموره لي، خليل خانجي، جوزيف هبه، تاج الدين مرتضى.
انضم إلى الاتحاد لاحقاً ونادي قاسيون والأندية الباقية التي تشكلت بعد تأسيسه.
وأصبحت جميع الأندية في سورية مرتبطة بالاتحاد وتعمل بموجب قوانينه وأنظمته، ثم انضم الاتحاد السوري إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأصبح لسورية الحق بالاشتراك في جميع الدورات العالمية، وقد اشتركت سورية فعلاً في مباريات كأن العالم 1950 ودورة البحر الأبيض المتوسط عام 1951م.
في عام 1949 تأسس أول فريق للشرطة المدنية في عهد مدير الشرطة والأمن غالب ميرزو، وأخذ فريقها يتقدم حتى أصبح من أقوى فرق سورية وحصل على نتائج باهرة مع الفرق الأجنبية، وبعد ذلك تأسس فريق الشرطة العسكرية بعهد المقدم إبراهيم الحسيني آىنذاك.
وتقدم ناديي الشرطة المدنية والشركة العسكرية أما الأندية الأخرى فقد هبط مستواها لانتقال أحسن اللاعبين إلى الشرطة العسكرية أو المدنية(2).
(1) تحقيق أجرته صحيفة “الرياضة” الأسبوعية الصادرة في دمشق، العدد 42 و43 الصادران في السابع عشر والرابع والعشرين من كانون الأول عام 1963م.
(2) بدايات الرياضة، الاتحاد السوري العام، صـ 120.