عام
صحيفة 1900 – مراسلات الجهات .. يبرود في 28 كانون الأول عام 1899
اعتادت صحيفة لسان الحال الصادرة في بيروت على نشر تقارير محلية عن بعض المناطق والقرى والمدن في سورية ولبنان.
وضمن هذا الإطار نشرت الصحيفة تقريراً لمراسلها حول يبرود في ريف دمشق في العدد الصادر في الثالث من كانون الثاني عام 1900م.
نص التقرير
مراسلات الجهات– يبرود في 28 كانون الأول عام 1899
من بعد ما قضيناها فريقاً ضاق في أوائله ذرعنا لما نابنا من تأخر المطر توطدت آمالنا في نهايته لأن الأمطار صارت تأتينا مواسم تروي أراضينا وتبشرنا بإقبال المحصولات.
وقد تنازلت أسعار الغلة عن السابق. الشعير يرد من جهة حمص، والقمح من أرضنا لأن شعير السنة الغابرة كان محلاً والبطاطا تصرف منا جانباً على نواحي سهل البقاع وماجاوره لأن موسمها كان عاطلاً.
لقد اشتدت وطأة الحمى في يبرود حتى عمت كل حارات البلدة وكانت في الخريف أحسن من الآن لأن البرد زاد خطرها ولاسيما في بلدة كيبرود بردها شديد والبيوت ليست مرتبة على هيئة توافق المرضى وعلاوة على ذلك فقرهم المدقع فسبحان من بيده نسمة كل حي.
يوجد في قلمون بين الزبداني ومعلولا قرية يقال لها عسال الورد في إحدى فرجات لبنان الشرقي. هذه انتابها القحط في السنة الغابرة وفي هذه السنة تربعت في وسطها الحمى التي تفشت في كل بيت وجرفت من أهلها نحواً من 160 نفساً ومع أنها أخذت من الزمان فسحة سنة كاملة لم تبرح عنها ولا تركتها ثم تفشت أيضاً في الحوش وفليطة وبعض الحوادث في السحل، واختلفت آراء الناس من جهة كثرة الوفيات في عسال الورد.
قال بعضهم سببه الجوع الشديد الذي طرأ على أهلها فنحل الأجسام وأذهب عنها المواد الدهنية، فلما حلت الحمى ولم تجد دهناً حلب الفبريده العضلي وأكلته وبما أن الجوع لم يزل موجوداً فعند انقضاء مدة المرض لم يوجد عند أولئك المرضى من مرق اللحم اللازم لتعويض ما تلف من أجسادهم.
وقال غيرهم أن سبب الموت من عدم الالتفات للعقاقير الطبية الأمر المهمل في تلك القرى الحقيرة ومابين أولئك المنكودي الحظ.
قيل أن في نية الحكومة أن تسلخ من قضائنا عدة قرى كصيدنايا ومعرة ودرة وحفير وتضيفها لقضاء دوما، وتضم بدلاً عنها إلى القضاء البريج والحفر وصدد ومهين وحوارين والقريتين ولسنا نعلم أن هذا السلخ هل يتم في المعاملات العسكرية فقط أو في المعاملات الأميرية أيضاً ولا يتبين ذلك إلا في أول السنة الأميرية.
الأمن في الوقت الحاضر أحسن منه من قبل ومع كون ماعز القلمون في المشاتي الشمالية والشرقية إلا أن حركات اللصوص في سكون ولا نعلم هل من خطر يجئ به الغد أولاً وقيل أن المحافظ الموجود تحت الجبل ضمناً بالأمن لم يسمح للرعاة بأن ينتشروا في الحماد خوفاً من مفاجئ فرد بعضهم إلى أوطانهم وبعضهم ضربوا في البلاد الشمالية حتى شرق حسيا.
البوستة تغير ميعادها كانت تجيئنا في صباح الأربعاء أما اليوم فصارت تحئ صباح الأحد.