وثائق سوريا
كلمة أديب الشيشكلي في حفل إطلاق “حركة التحرير العربي” عام 1952
أقيم في يوم الاثنين الخامس والعشرين من آب عام 1952 حفلاً لإطلاق حركة التحرير العربي شارك به العديد من الشخصيات الرسمية في سورية على رأسهم العقيد أديب الشيشكلي الذي ألقى كلمة أوضح فيه غرض وهدف الحركة ومبادئها.
نص الخطاب:
أيها السادة،
باسم الله والوطن افتتح إجتماعنا التاريخي هذا، لما فيه خير سوريا والعرب، معلناً تأليف “حركة التحرير العربي” راجياً من الله أن يلهمها صواب القول وصفاء النية وحسن العمل، وأن يثبت أقدامنا على الحق، وينجي بلادنا من القوم الغاصبين، ويجعل من هذه الحركة القومية العربية الخالصة شعلة دائمة لاتقاد نستضئ بنورها ونجد على نارها الهدى.
أيها السادة،
ليست “حركة التحرير العربي” بالحزب الجديد يضاف إلى الأحزاب القديمة فتزيد في بلاء الأمة يغرق قواها وينحرف بها عن المحجة، وإنما هي محاولة صادقة لجمع العناصر الطيبة من كل حزب، وكل طبقة وكل هيئة في كتلة قوية واحدة تعيد إلى الأمة ثقتها بنفسها وتجعل للأدنا صوتاً مسموعاً وكلمة مستجابة..
لقد كان من الواجب بعد أن أحرزت بلادنا استقلالها أن يتغير فيها منهج النضال الوطني، فيتحول من السلمية التي كان يقصد بها مقاومة الأجنبي الدخيل إلى الإيجابية البناءة التي ترمي إلى إقامة النهضة القومية على أسس عربية قوية متفائلة تستمد جذورها من تراثنا الخالد، وتستوحي واقعنا المتطلع، وترى من خلال حاضرنا المؤلم مستقلبنا الزاهر المشرق..
ولكننا بدلاً من أن نستظل بفئ هذه الروح الإيجابية الحافزة للهمم والجامعة للقلوب، شهدنا زيادة في الفرقة بين ابناء البلد الواحد. ثم شاعت نكبة فلسطين القلق في النفوس وابتلينا بعدها والتشاؤم إلى جانب العرق والتباغض، حتى كفر بعضنا بقوميتنا، وتنكر لتاريخنا، وكثرت الخصومات فيما بيننا. في وقت بات من الواجب أن لا يكون فيه سوى خصومة مشروعه واحدة هي خصومتنا للعدو الراصد والغاصب المستعمر.
وكان لابد والحال ما وصفت، من العمل على تبديل أسلوب النضال الوطني إرساء الدولة من جديد، وحشد القوى السليمة في حركة واحدة تغدو القدوة المرشدة لشعبها في أحلك الخطوب، والملهمة لبلادها بالإقدام والعزيمة.
هذه هي أيها السادة “حركة التحرير العربي” أسسها الشعب في سورية والأمة العربية، حركة تجدد وتحرر، واتحاد وآلف، وعمل مخلص بناء، ورسالة هادفة تسعى بين المواطنين بالخير والمحبة، حتى تلتقي الأمة بعضها ببعض، ويرتبط كل فرد منها ببقية الأفراد، بالرباط الوثيق المحكم، وتغدو بلادنا كتلة متراصة لا تستطيع أية قوة أجنبية أن تعبث بكيانها وتنالها بسوء.
سدد الله خطانا جميعاً، ووفقنا لخدمة سورية العزيزة، ووطنا العربي الخالد.