مقالات
حمصي الحمادة: التقويم الرقي .. سنة ذبحة الولدة 1941
التقويم الرقي .. سنة ذبحة الولدة 1941
حدث مؤلم في تاريخ منطقة الرقة ، ولكن لابد من أن نتطرق له لأنه دخل التقويم الرقي تحت مسمى (سنة ذبحة الولدة)
أسباب المذبحة العلنية والخفية :
1- ضيق المراعي : بعد صدور قانون العشائر بتاريخ 4 / حزيران / 1940 م ، والذي نص في إحدى مواده (لاتمنح الأرض إلا في منطقة جولان العشيرة التي يكون الطالبون منتمين إليها).
2 – تفسخ العلاقات الإنسانية داخل عشيرة الفدعان، نتيجة استحواذ شيوخهم (آل المهيد) على أراضي أملاك الدولة وتحويلها إلى مالكية خاصة بدلا من أن تكون ملكية مشاع لعشيرة الفدعان.
3 – حدوث ماسمي بسنة الفلتة 4 / تموز 1941 م ، حيث حدثت اضطرابات في الرقة تم فيها نهب وسرق الثكنة العسكرية الفرنسية . وحرق سجلات سرايا الحكومة ، ونهب الكثير من المحلات التجارية مما أضعف هيبة السلطة الفرنسية الحاكمة .
4 – مقتل الشيخ (إسماعيل الحاجم) عام 1938 م وإلصاق تهمة قتلة بعشيرة الولدة ،
5 – استمرار المناوشات البسيطة ببن عشيرتي الفدعان والولدة لعدة سنوات من عام 1938 م وحتى عام 1941 م .وسميت بسنين الحروبي .
6 – صارت ضعون الفدعان تتحرش بالولدة أثناء عبورهم نهر الفرات ويأكلون مزروعاتهم الصيفية، مما دفع الشيخ شواخ البورسان لتسليح عشيرته بأسلحة حديثة.
7 -عندما دخلت القوات البريطانية منطقة الرقة بعد أحداث 4 تموز عام 1941 م تصدت لها عشيرة الولدة مما دفع القوات البريطانية لإرسال طائرتين قامتا بقصف مكان إقامة الشيخ شواخ البورسان .
أحداث المذبحة :
تحركت جموع الفدعان بأعداد كثيرة وتمركزت بثلاث مناطق : قرية المسطاحة — قرية المجيبنة —- قرية مريبط ،
واعتبر مكان إقامة الشيخ (النوري بن مهيد) هو مركز القيادة (بيت الحرب) .
اليوم الأول :
في 3 / آب / 1941 م مرت ظعون الفدعان قرب قرية طاوي ( الشيخ مبروك السليمان) تتقدمهم ثلاث مصفحات لاعهد للولدة بها ، وردت عليهم الولدة بالنار ، وقال فهد الزرعة من آل المهيد وقد أصيب برصاصة بيده : (قاتلنا الناصر وقد صمدوا لنا كالأسود الضارية ) ودفن الناصر في هذا اليوم 29 رجلا من الحمد الناصر ورجلان من البومسرة .
اليوم الثاني :
في 4 / آب / 1941 م جرت المعركة حول حلاوة ، حيث تمركز جمع الناصر القليل العدد في ( تلول الحليب ) وهاجمتهم جموع الفدعان الكثيرة وفرعوا وقاتلوا بلا عقل ، وقتل من الناصر 76 رجلا ورجلان من الحويوات ورجل من العفادلة ( الشيخ غفان التركان )
وغرقت فتاتان في النهر خوفا من العار لأن العبيد قد لحقوا بهن.
وبذلك بلغ عدد قتلى الولدة 110 رجلاً وفتاتين، أما البدو فبطبيعتهم يخفون عدد قتلاهم، واعترفوا بمقتل 14 رجلاً و 47 فرسا(1).
ومضت الأيام والسنون وتصالحت الولدة والفدعان ، وبقيت ذكريات هذه الحادثة المؤلمة ،وكما قال أبو تمام الطائي :
ومضت تلك السنون وأهلها
فكأنها وكأنهم أحلام
(1) الحمد، (محمد عبد الحميد)، عشائر الرقة والجزيرة، صـ 248 – 253