من مذكرات أكرم الحوراني – تشكيل لجنة العشائر (أواخر كانون الأول عام 1943)
تحدث أكرم الحوراني في مذكراته عن تشكيل لجنة العشائر البرلمانية، فكتب: (طرح رئيس المجلس فارس الخوري قضية تشكيل لجنة العشائر البرلمانية، بإيعاز من سعد الله الجابري وبالتفاهم مع طراد الملحم الذي كان يتزعم كتلة العشائر بالرغم من أن عشيرته “الحسنة” عشيرة صغيرة في بادية حمص.
وافق المجلس على تأليف هذه اللجنة تنفيذاً لأحكام الدستور، واختار رئيس المجلس أعضاءها من شيوخ العشائر التالية أسماؤهم: فواز الشعلان، مجحم بن مهيد، شايش العبد الكريم، طراد الملحم، نواف الصالح، راكان المرشد، ميزر عبد المحسن، فهد البشير، عبود الجدعان، علي الزوبع، بركات الفرج، مجحم البشير، محمود الغانم، فاعور الفاعور، سعود الفواز، ومن نائب الرقة حامد الخجة. وقد أضاف لهم رئيس المجلس بعض الحقوقيين والمعاونين من النواب.
كان الفرنسيون – بسبب ثورة بعض القبائل البدوية عليهم في محافظتي حماه ودير الزور- قد تولوا مباشرة إدارة شؤون العشائر بما يخدم مصالحهم الاستعمارية فأسسوا مصلحة العشائر وتولى ضباط المخابرات الفرنسية إدارتها بشكل مستقل، كما أنشأوا من أفرادها قوى عسكرية دعيت بفرق الهجانة، واعتبرت هذه القوى العسكرية قطعة من جيش الشرق موضوعة تحت تصرف ضباط المخابرات الفرنسية إدارياً وعسكرياً.
ومنذ استيلاء الفرنسيين على البلاد أصدر المفوض السامي قرارات قسم فيها العشائر – التي كانت تسير في طريق التحضير سريعاً – إلى : بدو رحل، وبدو نصف حضر، لإيقاف موجة التحضير وعزل هذه القوى الوطنية عن الشعب، واستخدامها ضد البلاد عند اللزوم، وقد أخرج الفرنسيون جميع خلافات أبناء العشائر المدنية فعلياً والجزائية حقوقياً عن صلاحية السلطة القضائية، وأصبحت هذه العشائر العربية منفصلة بكل شؤونها القضائية والإدارية والسياسية والعسكرية عن الوطن وأنظمته وقوانينه، ومرتبطة مباشرة في جميع قضاياها بضباط المخابرات الفرنسيين.
ولذلك كان تشكيل لجنة عشائر برلمانية دون أن تنقل هذه المصلحة إلى الحكومة السورية تكريساً للوضع القائم وتسليماً به من قبل الحكومة والمجلس وتمويها للوضع الحقوقي والسياسي والعسكري لهذه القبائل العربية. فأردت منذ البداية وضع النقاط على الحروف ومعالجة هذه الموضوع الخطير في حياة الأمة القومي والسياسي والإجتماعي والاقتصادي فقلت:
“قرأ رئيس المجلس أسماء أعضاء لجنة العشائر، وتشكيل هذه اللجنة أمراً لا غبار عليه من الناحية الدستورية لأن الدستور السوري نص في إحدى مواده على أن تكون إدارة العشائر في يد الحكومة السورية وكلكم تعلمون أيها الزملاء أن هذه الإدارة لم تزل في يد السلطة الفرنسية حتى الآن، ولذلك أقول بكل صراحة أن تشكيل لجنة العشائر لا يفيد شيئاً إذا لم تستلم الحكومة السورية هذه المصلحة، فألفت نظر الحكومة والمجلس إلى هذا الأمر الخطير..
وهناك أمر أشد خطورة هو أن السلطة الفرنسية أصدرت عدة قرارات قسمت بموجبها العشائر السورية إلى أقسام: عشائر رحل، ونصف متحضرين، إلى آخر ما هنالك من قرارات أصدرها المفوض السامي ورمى من ورائها التدخل في شؤون العشائر الذي يضر البلاد ويهدد سلامتها ويفسد ضمائر أبناء العشائر، وهذا أمر يجب أن نوجه إليه الأنظار بصورة خاصة. ولاسيما وأن هذه القرارات تقضي على وحدة القضاء في البلاد لأنها رفعت يد المحاكم السورية عن الجنايات والجرائم التي تقع بين أفراد العشائر. فعندما تقع مثل هذه الجرائم تنظر فيها إدارة العشائر التي هي بيد ضباط المخابرات الفرنسيين، بالشكل الذي يروقها مستهدفة تحقيق غايات سياسية”.
كانت هذه الكلمة بداية الاحتكاك مع شيوخ العشائر، الذي تطور فيما بعد إلى شكل عنيف أدى إلى شهر السلاح في وجهي ومحاولة اغتيالي تحت قبل البرلمان.
المراجع والهوامش:
(1). من مذكرات أكرم الحوراني - تشكيل لجنة العشائر (أواخر كانون الأول عام 1943)- من مذكرات أكرم الحوراني (13 /124)
المراجع والهوامش:
(1). من مذكرات أكرم الحوراني - تشكيل لجنة العشائر (أواخر كانون الأول عام 1943)- من مذكرات أكرم الحوراني (13 /124)