بطاقات بحث
الفقير .. من حكايات غوطة دمشق
الفقير – من الحكايات الشعبية الشامية
دمشق – كفرسوسة
الراوية : امرأة عجوز، لا تعرف عمّن سمعتها وقد روت أيضاً حكاية العاقل والمجنون، وحكاية هلال ومال.
توثيق الباحث نزار الأسود.
كان ياما كان حتى كان، كان في قديم الزمان شقيقان، الأول فقير والثاني غني – الله هو الغني- كان الفقير يعيل أسرة كبيرة من البنين والبنات، بينما كان الغني عاقراً لا ينجب أولاداً.
وذات يوم، زار الأخ الفقير، أخاه الغني، وقال له: إذا رزقك الله ولداً، فماذا تنذر لي؟ قال الغني: خروفاً كبيراً.
وبعد سنة من الزمان، رزق الغني طفلاً جميلاً، قال الفقير في نفسه: لقد رزق أخي ولداً، كما كنت أدعو ربي، ولكن أين النذر؟ ومرت الأيام، والأسابيع ولم يف الغني بنذره.
ذهب الفقير إلى بيت الغني وقال له: أين النذير، أين الكبش الذي نذرته لي؟ قال الغني: لا يا أخي، الله وهبني طفلاً جميلاً، وأنا لم أنذر لك شيئاً؟؟.. قال الفقير : إذن سوف أذهب معك، لنرى من الصادق، ومن الكاذب؟؟
ذهب الفقير إلى داره، وقال لزوجته: حضّري لي زوادة الطريق. فحضرت له زوادة من الخبز اليابس، والزيتون المعفّن. بينما كانت زوادة الغني من الجبنة واللحمة المشوية، والكباب والكبة،والبزر ليتسلى في الطريق.
وفي الصباح الباكر، شدّ الشقيقان الرّحال إلى القاضي، كان الفقير يركب حماراً والغني يركب جواداً أصيلاً. ولما حان موعد الغذاء، توقف الشقيقان ليأكلا. جلس كل منهم تحت شجرة.
رأت امرأة شحادة الشقيقين، فأسرعت إليهما لتأكل مما معهما من طعام. فأكلت الشحادة مع الفقير. ثم قال لها: هذا أخي طعامه أطيب من طعامي، معه اللحمة المشوية والكباب والكبة، وما معي إلا الزيتون المعفن.
أكلت الشحادة مع الغني قليلاً، ثم عادت إلى الفقير الكريم فأكلت معه، فقال لها بغيظ: اذهبي إلى أخي وكلي معه، فلم تقبل الشّحادة، فضربها على بطنها وهي حامل فطرحت، وقالت له: سأذهب معك إلى القاضي وأشتكي عليك، فقال: افعلي ما شئت هذا لا يهمني.
استمر الفقير في طريقه، فرأى فلاحاً يصيح ويستنجد: أرجوكم ارفعوا معي هذا الحمار الخبيث. لقد وقع على الأرض من ثقل الأكيس التي حمّلتها عليه. فرفع الغني الحمار من قدميه، ورفع الفقير الحمار من ذنبه، ورفعت الشحادة الحمار من بطنه. ولكن ذنب الحمار قطع بيد الفقير. قال صاحب الحمار للفقير: ويللك.. لماذا قطعت ذنب حماري؟ قال الفقير: ماذا أفعل أنا، وكأنّ ذنب الحمار عيرة عليه. فقال صاحب الحمار: سنذهب معاً إلى القاضي وأشتكي عليك.. فرد الفقير: اذهب، هذا لا يهمني.
ثم استمر الفقير في طريقه، وكان يلوح بذنب الحمار المقطوع، فالتقى به رجل أثارت فضوله حركة ذنب الحمار، فاقترب منه، فأصاب الذنب عينه فقلعها.. فقال الرجل الأعور: سنذهب معاً إلى القاضي وأشتكي عليك.. فرد عليه الفقير: اذهب وأشتك، لا يهمني.!
استمر الفقير في طريقه إلى الحاكم، وهو يفكر.. الجميع سيشكتون علي! أخي والشحادة، وصاحب الحمار.. والرجل الأعور! ياربي ما هذا!؟ وفي طريقه رأى جامعاً كبيراً، له مئذنة عالية، تحتها يجلس أخي يجري لأخيه المريض عملية جراحية.
فصعد إلى أعلى المئذنة، وألقى بنفسه على الأرض ليرتاح! فسقط على المريض فمات المريض.. قال أخو المريض للرجل الفقير: أنت قتلت أخي، سوف أشتكي عليك للقاضي..
سأل القاضي الرجل الفقير عن قصته فقال: إن أخي قد نذر على نفسه أن يعطيني كبشاً إن رزقه الله تعالى ولداً.. إلا أنه لم يف بنذره.. فجئتك شاكياً.. ومن هنا تبدأ قصتي مع هؤلاء. أما الشحادجة فلم أ:ن أعلم أنها حامل عندما ضربتها. وما ذنبي إن قطع ذنب الحمار بيدي، وأنا أساعد صاحب الحمار في رفع الحمار؟؟
وأما الرجل الذي فقد عينه، فلم أكن أراه، وأنا الوّح بذنب الحمار، وهو يقترب مني. وأما الأخ المريض، فقد كنت أريد أن أتخلص من هذه المصائب، فسقطت عليه من المئذنة بمحض المصادفة فمات..!!
حكم القاضي للفقير بمال (200) ليرة، يدفعها الأخ الغني، كذلك كان الحكم على الشحادة وصاحب الحمار، والأخ المفجوع، ولم ينفع مع القاضي شيئ، فقد أصرّ على حكمه.
عاد الرجل الفقير إلى أسرته، واشترى لأولاده الملابس الجميلة، والطعام الطيب.
وتوتة توتة خلصت الحتوتة.