أحداث
اجتماع حكومة معروف الدواليبي في المعتقل عام 1951
قام أديب الشيشكلي بإنقلابه الثاني في أواخر تشرين الثاني 1951. كان العقيد الشيشكلي غير مرتاحاً لسياسة حزب الشعب وخاصة معروف الدواليبي الذي تم تكليفه حديثاً بتشكيل الحكومة.
علم الشيشكلي أن مشروعاً لتسريحه من الجيش كان يعد بين رئاسة الوزارة والقصر مما دعا الاستعجال في حركته الانقلابية، خشية من أن يصبح ثانية خارج القوات المسلحة، وهو لم يحقق بعد مراميه».
والخلاف بين الشيشكلي والدواليبي لم يكن مجرد خلاف شخصي، أو لغايات شخصية، وإنما كان خلافاً بين حزب الشعب الذي يتمسك بحرفية الدستور، ويطالب الجيش بالابتعاد عن السياسة تاركاً الحكم لأصحاب الحق فيه وهم أعضاء الحكومة ومنهم وزير الدفاع الذي يجب أن يكون مدنياً مثل زملائه في بقية الحقائب الوزارية، وبين قيادة الجيش التي ترى أن وزارة الدفاع هي وزارة فنية وليست سياسية ولهذا ينبغي أن يتولاها ضابط عسكري يحوز ثقة رئاسة الأركان العامة.
يقول سهيل العشي لو قدر لحكومة معروف الدواليبي أن تستقر في الحكم بضعة أشهر لكان من المؤكد أن تقوم بفصل الدرك والشرطة عن وزارة الدفاع وإعادتهما إلى وزارة الداخلية من جهة، ولكان من المحتمل أن يضرب وزير الدفاع(الدواليبي نفسه)ضربته ويقوم بتسريح العقيد أديب الشيشكلي ومجموعة الضباط الاشتراكيين، لكي يبسط هيمنته من جديد على الجيش، كما كان عليه الحال في زمن الحناوي، من جهة ثانية.
صحيفة الجزيرة نشرت في العدد 1728 الصادر يوم الأحد في الثاني من كانون الأول عام 1951خبراً عن تطورات إنقلاب الشيشكلي،وأنباء استقالة حكومة معرول الدواليبي، وتصريح حسن الحكيم رئيس الحكومة الاسبق حول الموقف.
عنوان الخبر:
الجيش السوري يجنب البلاد بإنقلابه الأخير الانحراف إلى سياسة اليسار
توقع استقالة الدكتور الدواليبي
تصريح مهم لدولة السيد حسن الحكيم عن الموقف
نص الخبر:
دمشق- عقد الدكتور معروف الدواليبي رئيس الوزارة السورية وأعضاء وزارته إجتماعاً في المعتقل الذي يقيمون فيه الليلة الماضية للبت في موقفهم من العرض الذي تقدم به العقيد أديب الشيشكلي، والذي يقضي بإطلاق سراحهم إذا وافقوا على الاستقالة في الحال، أو عمدوا إلى حل البرلمان.
وقد عقدت الوزارة إجتماعها بإذن من العقيد الشيشكلي وزملائه العسكر الذين دبروا الإنقلاب العسكري الرابع في سوريا قبل يومين.
وعلم أنه بات مفهوماً أن الدكتور الدواليبي قبل الإنذار الذي وجهه إليه قادة الجيش بهذا الخصوص بعد أن كان قد رفض ذلك عدة مرات خلال نهار أمس، وأصبح من المنتظر أن تحل الأزمة في القريب العاجل بالنظر لهذا التطور كما أصبح من المنتظر أن يتلو ذلك تأليف وزارة جديدة لإجراء الانتخابات في سوريا، وقد استمرت المباحثات سعياً وراء التواصل إلى مخرج للأزمة التي نجمت عن إعتقال أعضاء الوزارة السورية.
وعلم من مصادر موثوقة أن رئيس الجمهورية كان في حكم المعتقل في قصره حتى مساء أمس وعندما أخفقت المساعي التي قام بها العسكريون لحل الأزمة السياسية عمدوا إلى منح رئيس الجمهورية حرية نسبية للحصول على مساعدته لإقناع وزراء حزب الشعب بالإستقالة.
وقد ترأس فخامة السيد هاشم الأتاسي إجتماعاً عقده أعضاء الكتل النيابية في القصر الجمهوري الليلة الماضية وصرح ناطق بلسان هيئة أركان حرب الجيش السوري في دمشق أن العقيد الشيشكلي لم يفرض حكومة على البلاد ولم يتقدم بأي شرط، وإنما ترك الأمر لرئيس الجمهورية ورؤساء الكتل النيابية.
وصرح دولة السيد حسن الحكيم رئيس الوزارة السورية السابق والتي كانت استقالتهما قد سببت الأزمة الوزارية في سوريا في السابع من الشهر الماضي، فقال:
(بأنه كان قد حذر جميع الكتل أثناء توليه الحكم من التدخل في الجيش)، وقال: (أنه إذا جاز لنا أن نطلب من الجيش عدم التدخل في أمور الحكم فمن الأولى أن يمتنع ساستنا ونوابنا من التدخل في شؤون هذا الجيش.
وقد أعادت السلطات السورية العسكرية الليلة الماضية العمل بالمواصلات التلفونية الداخلية والخارجية، وذكرت الأنباء أن الهدوء كان يشمل سوريا الليلة الماضية.
وجاء في رسالة أخرى أن الأوساط المطلعة في العاصمة اللبنانية تعتقد أن الإنقلاب السوري قد يقرب سوريا من وجهات نظر الدول الغربية حول شؤون الدفاع.
وعلقت صحف اليمين في باريس على الإنقلاب قائلة أنه ضربة للعناصر المناوئة للغرب وللعناصر الداعية إلى الفوضى في سوريا.
ويقول نبأ من دمشق أن الإنقلاب الرابع الذي حدث أول أمس تم إثر علم رئاسة أركان الجيش السوري بنيات حزب الشعب الرامية إلى إقصاء أكثر من ثلاثين من كبار ضباط الجيش عن عملهم وكان حزب الشعب قد دبر مؤامرة لاعتقالهم وإبعادهم عن مناصبهم ومن بين هؤلاء الضباط العقيد أديب الشيشكلي وذلك لكي يخلو الجو لحزب الشعب ليتجه بالبلاد إلى الناحية السياسية التي يراها.
ويقول هذا النيأ أن الدكتور الدواليبي كان يرمي من احتفاظه لنفسه بمنصب وزير الدفاع إلى تنفيذ هذه المؤامرة ولكي يصبح هو المسيطر على شؤون الدفاع في سوريا ولكي تتاح له الفرصة لينفذ سياسته المتطرفة الرامية إلى مناصبة العداء للكتلة الغربية.
هذا وتنتظر الدوائر السورية أن يعلن الدكتور الدواليبي استقالة حكومته اليوم لإتاحة الفرصة أمام فخامة رئيس الجمهورية ليؤلف حكومة أخرى يرضى عنها الجميع أما أبرز المرشحين لتولي رئاسة هذه الحكومة فهم دولة الأستاذ فارس الخوري، ودولة السيد خالد العظم ودولة الأستاذ حسن الحكيم رئيس الوزارة السابقة.