من الصحافة
موقف الكتلة الوطنية من حكومة تاج الدين الحسني الثانية 1934
نشرت صحيفة الدفاع في عددها الصادر في الثامن والعشرين من نيسان عم 1934م، خبراً حول موقف الكتلة الوطنية من حكومة الشيخ تاج الدين الحسني الثانية التي تشكلت في عهد الرئيس محمد علي العابد في السابع عشر من آذار 1934 واستمرت حتى الثالث والعشرين من شباط 1936م، حين قدم الشيخ تاج الدين الحسني استقالته بعد إعلان الإضراب الستيني في سورية .
فيما يلي نص الخبر:
موقف الكتلة الوطنية من وزارة الشيخ تاج
لا امتراء في أن القيادة الوطنية في سوريا هي في قبضة هيئتين سياسيتين هما الكتلة الوطنية وعصبة العمل القومي، فالأولى تمتاز بكثرة أعضائها وعدد أنصارها، وتمتاز الثانية بمكنة تفكير أعضائها وثقة الناس بهم ثقة جد طيبة فالهيئتان الآن هما اللتان تسيطران على الموقف الوطني وان يكن يوجد بينهما شيئ يسمى “رقابة” فإن عصبة العمل القومي ورجالها من خيرة الشباب المثقف الراقي – هي الحسيبة على ما عسى يبدو من ضعف في الموقف الوطني ترده حين الحاجة، إلى ما يستلزمه من صلابة وقوة إيمان.
وموقف الكتلة الوطنية، لا بأس به بعد الذي تم قبل شهرين من رفض المعاهدة التي كانت في طراز غير مقبول على أن موقف الكتلة ما يزال يحتاج إلى شيئ من التوضيح بالنسبة للتنظيم المقبل والغايات السياسية التي يدورا حولها جهاد المستقبل.
ولقد رأينا صحفاً في مصر تغمز من قناة الكتلة من هذه الناحية، فتشير إلى أن الكتلة في موقف متردد وحيرة وأنه قد مضى زهاء شهرين دون أن تطلع على الناس بعمل ما من الأعمال، يذكي الروح الوطني ويجدد الوثبة.
ويزيد مراسل البلاغ المصرية على ذلك بأن الكتلة تخشى أن تحدد موقفها بازاء وزارة الشيخ تاج الدين حاسبة له حساباً وخاشية من أن يمتنع عن السماح لصحفها المحجوبة بالصدور، وأشياء أخرى مثل التحسب من إثارة الرأي العام ضد الوزارة باسم الوطنية، ثم يكون للرأي العام موقف متردد في قبول هذه الإثارة.
هذا ما يظنونه عائقاً للكتلة الوطنية من إبداء شي من النشاط في هذا الجو الصامت الراكد، والواقع أن الموقع لا يخلو من غموض. وأنه ليس مفيداً لسمعة القيادة الوطنية أن تتعرض لمثل هذه التكهنات صدقت أم لم تصدق.
نعم أنه ليس في الجو الآن ما يدعو أو يساعد على الاتيان بأعمال باهرة تنقذ الموقف، ولكن من حق الصحف أن تخوض في موضوع هذا التردد كأمر واقع محسوس، وأن تنتبه إلى ضرورة إذكاء الروح الوطني في البلاد، لأن روح المقاوم تظل وارية الزند ما بقيت الأعمال التي تجدد نشاطها وتذكيها.
وليس من مصلحة القيادة الوطنية أن تركد وتخبو بسبب سفر رئيس أو اختلاف بين شخصين. فإن الحركات الوطنية المرتكزة إلى المبادئ، تظل المبادئ تذكيها، وليس الأشخاص، فالأشخاص فانون ولا يقاء لغير الله الواحد القهار.
فالحركات الوطنية في سورية تحتاج في موقفها الحاضر إلى نشاط وعمل، وخوض الأقلام في هذا الباب إنما هو لأجل هذه الغاية ليس غير. والاقلام من حقها أن تصف ما في الموقف سواء أكان ناشطاً أم فاتراً، وأن تعلل دواعيه وأسبابه.
ونعود لحديث ما نقلته تلفونات الدفاع الخاصة، عن الاجتماعات التي تمت بين الزعيم إبراهيم بك هنانو وأقطاب عصبة العمل الوطني، فالذي نعلمه أن تلك الإجتاعات كانت لتقوية جبهة النضال الوطني باتفاق الكتلتين، الكتلة الوطنية وعصبة العمل القومي. وأن هنالك شروط معقولة قد اشترطتها العصبة كقواعد للإتفاق، منها أن تصدر الكتلة الوطنية بياناً تؤكد فيه ارتباطها بالوحدة السورية لأن ما لوحظ على بعض أشخاص الكتلة أنهم كانوا عاملين في إقامة الجمهورية السورية الحالية على أساس هو التجزئة بعينها، وأن جمهورية السيد العابد إذا قامت ونشأت بسعي وتأييد من أولئك الأشخاص، ولا يزالون ينتسبون إلى الكتلة كأعضاء بارزين فيها.
هذا ما أوجب على عصبة العمل القومي أن تنتبه لهذا الفارق، وأن تضع ذلك الشرط الذي يحدد عمل المستقبل وغاياته ليكون منسجماً مع واجب النضال المحكم.
وسنرى ما يستجد في الموقف فنتحدث عنه بأسهاب.
28 نيسان 1934