وثائق سوريا
خطاب حسني الزعيم في احتفال جلوس الملك فاروق على العرش
الخطاب الذي ألقاه الرئيس حسني الزعيم في المهرجان القومي الكبير الذي أقيم في سينما دمشق ابتهاجاً بعيد جلوس صاحب الجلالة الفاروق المعظم
أيها السادة
في هذا اليوم الأغر الذي تحفل فيه أقطار العروبة جمعاء بذكرى إعتلاء حضرة صاحب الجلالة فاروق الأول عرش وادي النيل الميمون، يطيب لي، بقلب يفيض سروراً أن أعلن ابتهاجي وابتهاج الشعب السوري، ومشاركة شقيقه الشعب المصري، مباهج هذا العيد الملكي السعيد، متمنياً للكنانة العزيزة كل خير وهناء، في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، الذي تتجه إليه قلوب العرب عامة، سائلة العزيز القدير أن يكلأ برعايته، ويؤيد ملكه، حتى يعود للوادي المبارك، سالف مجده، وسامي مكانته.
لقد أصبحت مصر، لما حباها الله به من مركز ممتاز، تلتقي فيه حضارات الشرق والغرب، وما تتمتع به في ظل البيت العلوي المجيد من رفعة ومتعة، وما بلغته بفضل أبنائها من سعة وثراء، وعزة ورخاء، قاعدة العروبة الكبرى، ومهوى قلوب العرب، تتجلى فيها عبقريتهم، ويثمر فيها نشاطهم، ويرتفع من على منابرهم صوتهم.
في هذه المناسبة الغالية، تعود الذكريات الخوالد بعرب سورية إلى ماضي الأجيال فيعرضون أمام قلوبهم، ما كان بينهم وبين مصر الشقيقة، من صلات واشجة، وبناء مشترك ثم ينظرون إلى ما تفرضه عليهم مقتضيات سياسية اليوم، والغد، من أن يكونوا دوماً على اتصال وثيق، فيعملوا على تقوية الصلات القديمة، وصيانة التراث المشترك، وتحقيق الأهداف القومي التي يسعون إليها جميعاً.
أيها الحفل الكريم:
لقد كانت للفاروق العظيم جهود مشكورة، في بناء سورية الجديدة التي وقفت إلى جانب مصر في مختلف أدوار التاريخ، والتي تقف اليوم في هذا الدور الجديد، بنوع خاص، لمحاربة المشاريع الاستعمارية التي يحاول مطايا الاستعمار أن يفرضوها على سورية وعلى البلاد العربية، خلافاً لرغبة السوريين والعرب قاطبة، هذه المشاريع التي ينبذها الأفراد، الذين يهمهم أن يبنوا مجدهم على أشلاء الأبرياء وإني لأعلن أن سورية الجمهورية المجاهدة، التي كانت تقف حتى اليوم من جميع المشاريع، على اختلاف أشكالها وألوانها وأسمائها موقف المدافع، ستقف بعد اليوم، وفي هذا العهد الجديدالقوي، موقف المهاجم للقضاء عليها، ولتحقيق رغبات الشعوب العربية في بلوغ استقلال تام موحد، لا أثر فيه لأي سلطان أجنبي، وأن سورية التي جاهدت طوال ثلاثين عاماً، وبذلت ما بذلت من أضاح وأرواح ودماء، في سبيل تحقيق الوحدة العربية الكبرى، لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تفرض عليها مشاريع استعمارية بواسطة عملاء الإستعمار، في هذا الشرق العربي، وإنها لواثقة من أن الدول الكبرى تعلم أن سورية المستقلة لن تقبل بأن تلعب الأيدي الأجنبية في هذا لتنذره بشر مستطير.
إن مشاركتنا لمصر العزيزة في عيدها الملكي، لمناسبة نعرب فيها عن ولاء الشعب السوري، وصادق محبته لشعب وادي النيل، وملكيته العظيم الذي لا يفتأ يشيد بملك مصر ويسير بها في سبيل الفلاح ويعمل على توطيد أركان العلم والثقافة، والصناعة والعمران في أرض الكنانة.
خلد الله عهد الفاروق، وحفظه لمصر والسودان وللعروبة ذخراً وسنداً.
انظر:
الاحتفالات في سورية عام 1949 بعيد جلوس الملك فاروق على العرش