أحداث
مجلس الأمن القومي السوري
بعيد انفصال سورية عن مصر في 28 أيلول 1961م، أعلنت قيادة الجيش عودة القوات العسكرية إلى ثكناتها، وترك الأمور إلى السياسيين في إدارة دفة الحكم، ووضع الصلاحيات الدستوري والسياسية بيد الحكومة المدنية.
ورغم إعلان هذا الانسحاب إلا أن قادة الجيش الذين وجدوا أنفسهم خارج نطاق السلطة والحكم، ابتكروا وسيلة جديدة من أجل التدخل في القرار السياسي وإضفاء صفة الشرعية على هذا التدخل عن طريق استحداث مؤسسة جديدة سميت “مجلس الأمن القومي” الذي حددت مهمته بصياغة الخطوط العريضة لسياسة الدولة.
وكان هذا المجلس يتكون من ممثلي القيادة العسكرية ورئيس الوزراء وخمسة من الوزراء.
تنحصر مهمته في مراقبة نشاط الحكومة ، كما أعطي الحق لرئيس المجلس باستدعاء الشخصيات السياسية المشاركة في السلطة، عندما يرى حضورها ضرورياً حسب موضوعات الجلسات، وحددت مهمة هذا المجلس بدراسة كل الأمور التي تؤثر على سلامة أمن الدولة في الداخل والخارج.
كانت نسبة العسكريين الموجودة في تشكيلة مجلس الأمن القومي وطبيعة مهماته، تؤكد على سيطرة العسكريين على عملية صنع القرار السياسي في سورية.
قرر مجلس الأمن القومي تشكيل مجلس نيابي جديد، وانتخاب رئيس له ، ثم انتخاب رئيس للجمهورية.
وعندما قدم مأمون الكزبري رئيس الوزراء استقالته من أجل الترشيح للانتخابات، وعلى أثرها اجتمع مجلس الأمن القومي وأصدر مرسوماً تشريعياً بإحداث منصب رئيس مجلس الوزراء.
انعقاد المجلس في 26 كانون الثاني 1963:
انعقد مجلس الأمن القومي السوري في يوم السبت السادس والعشرين من كانون الثاني عام 1963.
ترأس الإجتماع الدكتور ناظم القدسي رئيس الجمهورية، ودام لأكثر من أربع ساعات.
وحضر الإجتماع كلاً من:
خالد العظم رئيس الوزراء.
اللواء عزيز عبد الكريم وزير الداخلية.
الدكتور أسعد محاسن وزير الخارجية
اللواء عبد الكريم زهر الدين القائد العام للقوات المسلحة
فضلاً عن عدد كبير من المسؤولين عن الأمن.
وصرح مسؤول بأن البحث تناول قضايا داخلية وخارجية كما تناول الإجراءات التي ستتخذ لقمع كل محاولة تهدف إلى إثارة الفتنة وخلق الاضطرابات في البلاد.
وذكرت مصادر أن الدكتور القدسي دعا زعماء الأطراف الممثلة في الحكومة وبينهم أكرم الحوراني من قادة حزب البعث العربي الاشتراكي وعصام العطار المراقب العام للاخوان المسلمين للاجتماع به في منزله بعد أيام والبحث في تدعيم الصف الوطني والاستمرار في الحكم القوي الحالي(1).
تزامن هذا الاجتماعات مع خلافات كبيرة بين جماعة أكرم الحوراني وعصام العطار المراقب العام للإخوان المسلمين، وبعد هدوء الاضطرابات التي اندلعت في درعا ودمشق.
(1) صحيفة الدفاع، العدد 8222 الصادر في 27 كانون الثاني عام 1963
(مجلس الأمن القومي كان يرسم سياسة البلاد سراً، وفي البداية لم نكن نعلم بوجوده لأن ناظم القدسي بالاتفاق مع الجيش شكل هذا المجلس ليقوم برسم سياسة البلاد، وبشكل سري، بمعزل عن الحكومة، وعن مجلس النواب، وذلك تقليداً لمجلس الأمن القومي الأميركي مع الفارق الكبير بين الأمرين، لأن مجلس الأمن القومي الأميركي يلتزم في خططه بآراء وقرارات مجلس النواب والشيوخ).
أكرم الحوراني، الجزء الرابع، صـ 3078.
عبد الكريم زهر الدين:
(لجأنا إلى تشكيل مجلس الأمن القومي لتوجيه سياسة البلد بصورة غير مباشرة، وكانت الأكثرية الساحقة من أعضائه من العسكريين).
مذكرات عبد الكريم زهر الدين، صـ 184.
(لقد كان تشكيل مجلس الأمن القومي مخالفة دستورية تفضح إدعاءات الأحزاب اليمينية بأنه ضد ازودواجية الحكم، وأنها أحزاب ديمقراطية وقد ارتكب ناظم القدسي هذه المخالفة الدستورية بالوقت الذي كانت فيه لجنة الدستور تعقد اجتماعها منذ 11 / كانون الثاني 1962).
أكرم الحوراني
المراجع والهوامش:
(1). جبري (غسان محمد رشاد)، أوراق شامية من تاريخ سورية 1946- 1966، مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، الطبعة الأولى، عمان عام 2001م، ص 173
المراجع والهوامش:
(1). جبري (غسان محمد رشاد)، أوراق شامية من تاريخ سورية 1946- 1966، مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، الطبعة الأولى، عمان عام 2001م، ص 173