أحداث
الإضطرابات واعتقال طلاب في درعا 1963
في يوم السبت الثاني عشر من كانون الثاني عام 1963م خرجت مجموعة من الطلاب والأهالي في مظاهرة سارت في أحياء مدينة درعا، وتزامنت تلك الأحداث مع اضطرابات جرت في جامعة دمشق.
رشق المتظاهرون السرايا “دار الحكومة” في درعا، وهتفوا بسقوط خالد بكداش أمين الحزب الشيوعي السوري المنحل الذي كان يحاول العودة إلى سورية بعد إلغاء قانون الطوارئ فيها.
قام عناصر الأمن باستعمال العنف لتفريق المظاهرة، وقبضوا على بعض المتظاهرين وكان أغلبهم من طلاب مدارس درعا.
في اليوم التالي اندلعت مظاهرة أخرى في الصنمين في درعا وكان أغلب المتظاهرين فيها من الطلاب ايضاً، وسرعان ما جرى تفريق المتظاهرين بعد مناوشات ما بين المتظاهرين وقوات الأمن التي ألقت القبض على البعض.
على إثر ذلك صدرت أوامر حكومية تقضي بإغلاق مدرستين في مدينة درعا، ومدرس واحدة في الصنمين إلى إشعار آخر حتى يتم التحقيق مع الطلاب المحرضين على الإضطرابات.
وأعلن اللواء عزيز عبد الكريم وزير الداخلية في اليوم التالي الأحد الثالث عشر من كانون الثاني أن سلطات الأمن تمكنت من القضاء على الإضطرابات وإعادة الهدوء في المدينة.
أوضح وزير الداخلية أن 13 شخصاً أصيبوا بجروح مختلفة واعتقل 16 آخرون عندما تجددت الحوادث في الصنمين(1).
وقال اللواء عبد الكريم أن عدداً من سكان قرية الصنمين حاولوا التظاهر يوم الأحد الثالث عشر من كانون الثاني، وقاموا برشق رجال الأمن بالحجارة فتصدت لهم قوى الأمن وقمعت حركتهم في مهدها.
وأضاف قائلاً أن حالة الأمن عادت إلى محافظة درعا وأن الحكومة ستقمع بأقصى ما يمكن من العنف كل محاولة لإثارة الفتنة والاضطرابات في البلاد.
وتابع أنه تمت إحالة رؤوس الفتنة والمقبوض عليهم إلى القضاء لينالوا عقابهم.
وتحدث وزير الداخلية عن التفاصيل فقال أنها بدأت دون أدنى سبب أو مطلب وذلك عندما قام عدد من الطلاب في مدينة درعا بالتظاهر ورشق دار الحكومة هناك بالحجارة وهم يهتفون بسقوط خالد بكداش أمين الحزب الشيوعي السوري المنحل ويطالبون بمنعه من العودة إلى سوريا.
وقال أن رجال الأمن حاولوا تفريق المتظاهرين بالحسنى فرجمهم هؤلاء بالحجارة مما اضطر رجال الأمن إلى إستعمال العنف والقبض على رؤوس الفتنة.
وذكر اللواء عبد الكريم أنه تبين من التحقيق مع بعض الموقوفين أن هناك ما وصفه بمخطط ناصري لإثارة الشغب في سوريا في ذلك الوقت.
ولم يشأ اللواء أن يفصح في تصريحاته عن موقف الحكومة في ما إذا حاول بكداش العودة إلى دمشق(2).
تصريحات خالد العظم
أدلى خالد العظم رئيس الحكومة مساء يوم الأحد الثالث عشر من كانون الثاني بتصريحات صحفية تعقيباً على ما جرى في درعا.
حذر العظم في تصريحاته من أن حكومته ستتخذ كل التدابير اللازمة للضرب بقوة على أيدي كل من يعبث بأمن البلاد وكيانها كائناً من كان، ووصف ما جرى بأنه فتنة ناصرية.
ومضى في حديثه للصحفيين قائلاً : لقد كنا رحماء مع العناصر الناصرية حتى الآن ولكنني استطيع أن أجزم لكم أن لا رحمة ولا هوادة معهم لأن مصلحة الوطن تقتضي الحفاظ على سلامة سوريا وأمنها واستقراراها وكيانها.
وأضاف العظم أن الحكومة كانت تعرف خطوط الفتنة من قبل أن توضع أولى حلقاتها موضع التنفيذ كما أنها على علم بالأموال الكثيرة التي بذلت لإحداث الفتن في سوريا خلال شهر كانون الثاني والشهر الذي يليه.
وقال إن المواطنين يستطيعون أن يطمئنوا إلى أن حكومتهم ساهرة على أمن سوريا، ومصصمة على حفظ كيانها بجميع الوسائل.
تصريحات النفوي
ونشرت الصحف الصادرة في دمشق تصريحات لـ أمين النفوري وزير الإصلاح الزراعي قال فيها أن الذين قاموا بالإضرابات الأخيرة يأتمرون بأمر المخابرات الأميركية تحت ستار الدعوة الناصرية.
وأضاف : (أن سوريا أحبطت خلال السنوات العشر الماضية جميع المؤامرات التي كانت تحاك ضدها باسم الوحدة مع العراق، وهي ستقاوم وتحبط كل عمل من شأنه أن يزج سورية في وحدة أو إتحاد تدعمها المخابرات الأميركية)(3).
تصريحات رشاد برمدا
وحذر لرشاد برمدا وزير التربية والتعليم في تصريح له يوم الأربعاء السادس عشر من كانون الثاني المعلمين والطلاب من العمل على عرقلة سير الدراسة، وقال أن كل معلم أو تلميذ يعمل على ذلك يفصل من مدرسته فوراً ويحال إلى القضاء للمحاكمة.
برقية العظم للبعثات الدبلوماسية
أبرق خالد العظم رئيس الوزراء إلى البعثات الدبلوماسية السورية في الخارج شارحاً حقيقة الأوضاع في سورية رداً على الاستفسارات التي تلقتها الحكومة السورية حول حقيقة الاضطرابات والأحداث التي جرت مؤخراً.
وصف العظم الحوادث التي جرت في درعا والصنمين ودمشق بأنها زوبعة في فنجان، وقد انتهت في اليوم نفسه.
وقال لو أن الوضع في البلاد خطير كما صورته هذه الإشاعات لما ترددت الحكومة في إعلان حالة الطوارئ، ولكن الحكومة تسيطر سيطرة تامة على الوضع دون أن تلجأ إلى إعلان الطوارئ(4).
(1) صحيفة الجهاد، العدد 2916 الصادر يوم الاثنين الرابع عشر من كانون الثاني عام 1963.
(2) غادر بكداش سورية خلال فترة الوحدة عم 1958 إلى أوربا الشرقية حيث أقام هناك وحاول العودة غير مرة بعد الانفصال إلا أنه كان يمنع من مغادرة مطار دمشق ويعاد على الطائرة التي يأتي فيها.
(3) صحيفة الجهاد، العدد 2918 الصادر يوم الأربعاءالسادس عشر من كانون الثاني عام 1963.
(4) صحيفة الجهاد، العدد 2919 الصادر يوم الخميس السابع عشر من كانون الثاني عام 1963.