ملفات
معاهدة الدفاع العربي المشترك عام 1950
تقدمت الحكومة المصرية في شهر تشرين الأول عام 1949 بمشروع معاهدة الدفاع العربي المشترك أو ما سمي بمعاهدة الضمان الجماعي.
وقد قام مجلس الجامعة العربية بدراسة هذا المشروع، وتمت الموافقة عليه في الثالث عشر من نيسان عام 1950م.
في العاشر من حزيران عام 1950 صدر المرسوم رقم 911 والذي يفوض ناظم القدسي رئيس مجلس الوزراء بالتوقيع على المعاهدة باسم الحكومة السورية(1).
نصت المعاهدة على الالتزامات التالية:
1- إعلان الموقعين عن عزم حكوماتهم على تسوية المنازعات القائمة بين الدول العربية بالطرق السلمية.
2- التزام الدول الموقعة على المعاهدة بالمبادرة إلى صدّ أي عدوان يقع على إحدى الدول الموقعة الأخرى، وإعتبار العدوان الواقع على أية دولة منها بمثابة عدون على جميع الدول العربية.
3- إنشاء قيادة عربية موحدة على مستوى رؤوساء الأركان لإعداد المخططات اللازمة للدفاع المشترك عن الدول العربية، وتعزيز وتنسيق القوات العربية المسلحة.
4- إنشاء مجلس دفاع عربي على مستوى وزراء الدفاع لتنفيذ المخططات التي تعدها القيادة العربية الموحدة.
وعينت لجنة عسكرية دائمة لتضع مخططات للدفاع الجماعي ومجلس دفاع مشترك وزاري ليقوم بالإشراف على تنفيذها، كما وضع نص لإقامة تعاون اقتصادي.
وقد قامت خمس دول عربية في السابع عشر من حزيران عام 1950 بالتوقيع على معاهدة الدفاع العربي المشترك، وهي سورية، لبنان، مصر، المملكة العربية السعودية واليمن.
تتضح المنافسة العربية الداخلية التي تزامنت مع توقيع المعاهدة عندما استنكف العراق والأردن عن توقيعها، ووقعاها بعد عامين . فقد وقع العراق على هذه المعاهدة في الثاني من شباط عام 1951، كما قام الأردن بالتوقيع عليها في السادس عشر من شباط عام 1952م(2).
ويذكر باتريك سيل في كتابة الصراع على سوريا بأن هذه المعاهدة تخطت الحدود التي وضعتها الجامعة العربية في نقطتين: فقد وافقت الدول المتنازعة على أن تلتزم بقرارات المجلس التي تتبناها غالبية الثلثلين “المادة السادسة”، وقد تعهدت ايضاً “بعدم ابرام أي تفاقية دولية لا تتفق مع المعاهدة الحالية”، وأن لا تتبع في علاقاتها الدولية سبيلاً لا يتلائم مع أغراض المعاهدة الحالية “المادة العاشرة”.
وصفت الاتفاقية بأنها خطوة نحو تكامل أكبر بين الدول العربية، وتعبر عن ارادتها بالوقوف جنباً إلى جنب، وهي في الحقيقة لم تعكس شيئاً أكبر من سياسة مصر التقليدية المتجسدة في الجامعة والقائمة على سد الطريق أمام كل تجمع قطري عربي، وعلى الأخص تجمع العراق وسورية، ذلك لكي تدافع عن الوضع الإقليمي الراهن في آسيا العربية وبهذا تحتفظ لنفسها بالدور الرئيسي بكونها أقوى دولة عربية(3).
(1) المرسوم التشريعي رقم 911 الصادر في العاشر من حزيران عام 1950م، الجريدة الرسمية، العدد 32، صـ 2215.
(2) كيالي (نزار)،دراسة في تاريخ سورية السياسي، دار طلاس، صـ 381.
(3) سيل (باتريك)، الصراع على سورية، صـ 211.