وثائق سوريا
خطاب جمال عبد الناصر الذي هاجم فيه حزب البعث في تموز 1963
خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في الثاني والعشرين من تموز عام 1963 في المؤتمر الشعبى بميدان الجمهورية بمناسبة العيد الحادى عشر للثورة الذي هاجم فيه حزب البعث في سورية وأعلن فيه الإنسحاب من ميثاق 17 نيسان 1963.
أيها المواطنون.. أيها الإخوة المواطنون:
يعز على أن يكون العيد هنا والحزن فى دمشق.. يعز على أن يكون الاحتفال هنا وفى سوريا يسود الظلام.. يعز على أن أرى الجماهير بمئات الألوف فى الشوارع فى طريقى إلى هذا المكان؛ وفى سوريا كلها حظر للتجول دخل يومه الخامس، وحول هذا البلد العربى المناضل إلى معسكر اعتقال كبير.. يعز على أن أرى المصانع هنا تفتح فى احتفالات الثورة، وأن أرى الأرض الجديدة بزرعها، وأن تكون فى سوريا محاولة قتل الحياة ذاتها، وسفك الدم، وانتحال أوهى الأعذار لعمليات التصفية الدموية، وللملاحقات الإرهابية، وللإنذار والوعيد.. يعز على ذلك كله ولكنها إرادة الله.
وهى أيضاً طبيعة النضال الوطنى القومى؛ طريق مفروش بالشوك فى بعض الأحيان، وبالألغام فى بعض الأحيان، لكن إرادة الحياة تنتصر أخيراً، وتحقق النصر الحتمى للشعوب على كل المنحرفين وطلاب السلطة والتسلط بغير عقيدة، يريدونها رغم إرادة شعوبهم، ويفرضونها بالنار والحديد والمشانق، وبفرق الإعدام رمياً بالرصاص؛ بغير حساب وبغير حق، وبغير قانون وبغير ضمير وبغير شرف.
أيها الإخوة المواطنون:
إذا كنت لم أبدأ هذا الخطاب بتحية عيد الثورة الجديد؛ فلأنى أعلم تماماً أن ما يجيش فى صدوركم هو ما يجيش فى صدرى.. أحاسيسكم هى أحاسيسى، مشاعركم هى مشاعرى؛ فى هذه اللحظات التى نتطلع فيها جميعاً بالمحبة والألم نحو قطعة من الوطن العربى عليها شعب أخ لنا وشقيق، قريب إلى قلوبنا وحبيب؛ يتعرض الآن لمحنة رهيبة لم يكن لها من مبرر ولا سبب إلا مطامع الطامعين، وأحقاد الحاقدين؛ يريدون أن يفرضوا على شعب سوريا إرادتهم التى تكبت إرادته وإرهاباً يغصب مشيئته، يريدون تزييف الشعارات عليه، ويريدون قهراً أن يقبل الزيف ويرضاه، مأساة هذه التى تجرى فى سوريا اليوم.
وإذا كنت أستهل بها هذا الكلام فى احتفالنا بعيد الثورة فلأنى أعلم أنها تشغل بالكم وبال الأمة العربية؛ التى أعلم علم اليقين أنها الآن معنا تصغى وتترقب فى لهفتها على سوريا، وعلى الأزمة العنيفة التى تواجه قضية الوحدة العربية بسبب ما يجرى الآن فى سوريا، بل إن قضايا كثيرة عزيزة علينا وغالية تواجه نفس الأزمة العنيفة؛ بسبب ما جرى وما يجرى الآن فى سوريا. إن الحرية العربية فى أزمة، إن العدل العربى فى أزمة، بل إن الكرامة الإنسانية نفسها للإنسان العربى فى أزمة؛ بسبب ما جرى وما يجرى الآن فى سوريا؛ لذلك – أيها الإخوة – رأيت أن أدخل فوراً إلى الموضوع الذى أعلم أنه يشغل بالكم، وأريدكم – أيها الإخوة – فى أرجاء الوطن العربى الكبير أن تسمعوا باهتمامكم الكبير؛ الذى أعتبره وحده القوة المحركة للحوادث، والمؤثرة على شكل المستقبل؛ فإن الشعوب اليوم هى صاحبة المصائر، وليست مصائر الشعوب – ولن تكون – فى يد الجلادين الصغار.
أيها الإخوة فى جميع أرجاء الوطن العربى الكبير:
لقد كانت المرة الأولى التى سمحت فيها لنفسى أن أوجه الخطاب إلى الأمة العربية كلها هى تلك المرة التى تحدثت فيها فى أعقاب الانفصال؛ وإذا كنت هذه المرة أوجه الحديث إلى الأمة العربية، وأعتبر ذلك حقها ومسئوليتها؛ فلأنى أعلم أن المحنة التى واجهتها سوريا لا تقل عن محنة الانفصال، وإنه من المؤلم حقاً أن الرجعيين وعملاء الاستعمار لم يستبيحوا من دماء الشعب السورى ما يستبيحه اليوم مدعو العقائد ومدعو التقدمية؛ ومن هنا فإنى – أيها الإخوة فى أرجاء الوطن العربى الكبير – أريدكم أن تعرفوا ما حدث، وبتفاصيله الكاملة؛ فإن الحقيقة ملك لكم، وأنتم وحدكم أصحاب المستقبل، وإرادتكم الحرة مفتاحه وبابه.
أيها الإخوة المواطنون:
كلكم تعرفوا اللى حدث فى انفصال سبتمبر سنة 1961.. كلنا نعرف اللى حصل فى انفصال سبتمبر سنة 1961، كانت مؤامرة الانفصال مؤامرة رجعية استعمارية.. كانت مؤامرة الانفصال مؤامرة ضد القومية العربية، وضد الوحدة العربية.. كانت مؤامرة الانفصال مؤامرة خيانة، ولكن من الذى أيد هذه المؤامرة؟ أيدتها الخيانة وأيدتها الرجعية، وأيدها أعوان الاستعمار، وأيدها أيضاً قيادة حزب البعث.. أيدت ووقعت على وثيقة الانفصال؛ لأنها كانت تشعر ان قد يكون لها فرصة فى مغانم الانفصال.
كلنا نعلم وثيقة الانفصال، وكلنا نعلم من الذى وقع وثيقة الانفصال، كلنا نعلم أن قيادة حزب البعث وقعت وثيقة الانفصال، وكانت تنادى بالوحدة، وكانت تنادى بالقومية، ولكنها حينما وجدت أن هناك فرصة لمغنم، وأن هناك فرصة ولو فى ذيل الرجعية، وفى ذيل أعوان الاستعمار؛ لم تتردد أبداً قيادة حزب البعث فى أن توقع وثيقة الانفصال.
وحينما أعلن العهد الانفصالى فى سوريا عن الانتخابات لم يتورع حزب البعث السورى أن يدخل فى هذه الانتخابات.. دخل الانتخابات، وأنا قريت المنشورات اللى وزعوها أعضاء حزب البعث السورى، وأعضاء قيادة حزب البعث السورى – المنشورات اللى وزعها صلاح البيطار فى الانتخابات وهو كان مرشح للانتخابات – كانت هذه المنشورات تقول إننا – يعنى البعثيين – نريد أن نرسى قواعد هذا العهد – يعنى العهد الانفصالى – على قواعد ديمقراطية لا على قواعد ديكتاتورية تسلطية، وكل الكلام اللى قالوه فينا واحنا ما قلناش عليه قبل كده.. وبعدين سقط.. سقط صلاح البيطار.. أما راح الدايرة الانتخابية كان الناس بيضربوه، وكان الناس بيحتقروه.. سقط صلاح البيطار فى الانتخابات، وسقطت قيادة حزب البعث فى الانتخابات.
إيه كانت النتيجة؟ إيه كانت النتيجة بعدما سقط فى الانتخابات؟ بيقولوا إن صلاح البيطارعيط بعدما وقع وثيقة الانفصال.. أنا باعتبر.. وأنا عارف امتى عيط.. امتى بكى صلاح البيطار؟ صلاح البيطار بكى بعد أن سقط فى الانتخابات، وبعد أن رأى كيف كشفه الشعب السورى، وكيف عامله الشعب السورى.
إن قيادة حزب البعث دائماً كانت قيادة انتهازية.. قيادة حزب البعث دائماً كانت قيادة تريد أى غنيمة ولو فضلات الموائد.. كانت قيادة حزب البعث تريد أن تتسلل ولو فى الذيل، وعلى هذا لم تمنعها الشعارات المزيفة التى رفعتها بالوحدة والحرية والاشتراكية.. لم تمنعها أبداً من أن تؤيد الانفصال، ومن أن تدعم الانفصال، ومن أن تساهم فى انتخابات عهد الانفصال، ومن أن تقول فى منشوراتها إنها تريد أن ترسى قواعد هذا العهد؛ عهد الانفصال.
ولكن هل كان هذا – أيها الإخوة المواطنون – هل كان الأمر دا جديد على قيادة حزب البعث؟ أبداً.. بالنسبة لى الكلام دا ماكانش جديد أبداً.. بالنسبة لى الكلام دا كان قديم.. من سنة ٥٨؛ من سنة ٥٨ حينما قامت الوحدة، وحينما اشترك معنا أفراد قيادة حزب البعث فى الحكم شعرت بما يفتعل فى قلوب هؤلاء الناس.
من أول يوم للوحدة؛ كانت هناك الأساليب السياسية الملتوية، وكانت هناك أساليب الخداع، وأساليب الغدر، وكانت هناك الأساليب الرخيصة فى المساومات بين بعضهم البعض. وكنا نحاول بكل وسيلة من الوسائل أن نجمع.. كنا بنحاول ان احنا نلم، وكنا نعتقد ان الزمن قد يحل هذه المتناقضات. ماكناش نعتقد أبداً ان العملية أزمة أخلاقية، كنا بنعتبر ان العملية قد تكون أزمة نفسية مؤقتة مش أزمة أخلاقية مزمنة. ولكن كلكم اطلعتم على محاضر مباحثات الوحدة، وسمعتم صلاح البيطار وهو بيقول إنه من سنة ٥٨ وجدوا أنهم لابد أن يخرجوا من هذه الوحدة، سنة ٥٨ وجدوا ان احنا لن نسمح لهم بأن تكون سوريا ضيعة لهم.. عزبة لهم.. لم نسمح لهم بأن يقسموا الشعب السورى إلى تمييز زى التمييز العنصرى؛ بعثى له كل الامتيازات، وسورى يحرم من كل شىء.. لم نسمح لهم بهذا أبداً؛ لأننا حينما قامت الوحدة إنما أقامها الشعب السورى بجميع أبنائه.. لم نسمح لهم بهذا.. لم نسمح لهم بالتسلط، لم نسمح لهم بالتحكم، لم نسمح باتباع الأساليب التى كانوا ينوون اتباعها.
صلاح البيطار بيقول من أول سنة للوحدة؛ يعنى بعد ٧ أشهر من الوحدة فى سنة ٥٨؛ صممت قيادة حزب البعث انها تترك الحكم، وصممت قيادة البعث انها تعمل من أجل – كما أرى أنا – تعمل من أجل الانفصال. من سنة ٥٨ قيادة البعث كانت بتعمل من أجل الانفصال، ورغم أنهم كانوا بيقعدوا مع بعض ويعملوا من أجل الانفصال؛ كنت أقعد مع صلاح البيطار يشتم فى أكرم الحورانى، وأقعد مع أكرم الحورانى يشتم فى صلاح البيطار. والكلام دا أنا واجهتهم به فى المحاضر، واعترف به صلاح البيطار فى المحاضر؛ صلاح البيطار كان بيطلع يتكلم ويقول إن فيه خلافات، وأنا واجهته قدام الوفد السورى كله انه لم يبحث معى فى أى وقت من الأوقات أى شىء ولا أى خلاف؛ إلا مرة واحدة بس، جا اشتكى من عبد الحميد السراج، وقال إن عبد الحميد السراج بيضطهد البعثيين، وقعد يسب ويعدد اتهامات لا أول لها ولا أخر. فى نفس اليوم بعثت لعبد الحميد السراج، وطلبته من سوريا، وجا القاهرة تانى يوم، وبحثت معاه الموضوع؛ وقال إن هذا الكلام لا صحة له على الإطلاق، قلت: نعرف الحقيقة ازاى؟ قمت طلبت فى التليفون صلاح البيطار بييجى عندى فى البيت. جا صلاح البيطار عندى فى البيت.. وقلت له: أنا فاتحت عبد الحميد السراج فى الكلام اللى أنت قلته، وعايز منك إنك تقول لنا الحوادث والأدلة، فارتج عليه القول، وما قالش ولا كلمة أبداً بأى شكل من الأشكال، وشه اصفر، وشعرت على طول فى هذا اليوم ان العملية هى عملية دس؛ زى عمليات الدس اللى حتى كانوا بيقولوها على بعض؛ كانوا قادة حزب البعث.. كل واحد منهم بييجى.. كان صلاح البيطار أما يقعد يتكلم كان يتكلم عن أكرم الحورانى ويسب فى أكرم الحورانى، وتسلط أكرم الحورانى، وحبه للفردية، وحبه للتحكم فى سوريا. وفى محاضر مباحثات الوحدة اعترف صلاح البيطار بأن هذا الكلام كان حقيقة، وكان أكرم الحورانى نفسه أيضاً بيتبع نفس الشىء، وأنا فى هذه الفترة ما قلتش أبداً لا لصلاح البيطار إن أكرم الحورانى بيقول عليك حاجة، ولا لأكرم الحورانى إن صلاح البيطار بيقول عليك حاجة، ما قلتلهمش هذا الكلام إلا أما جا صلاح البيطار فى محادثات الوحدة، وواجهته إنه لم يفتح معى أى موضوع؛ لأنه كان بيتبجح ويقول إنه كان فيه خلافات فى وقت الوحدة بيننا وبين حزب البعث؛ خلافات عقائدية أو خلافات مذهبية، وأنا كنت باقول إنها خلافات شخصية.. خلافات أطماع.. خلافات تسلط حزب البعث وقادة حزب البعث الانتهازية لم تؤيد الانفصال ولم تعمل للانفصال بس بعدما وقع الانفصال، ولكن من أول سنة للوحدة كانت قيادة حزب البعث تعمل للانفصال.
قيادة حزب البعث… صلاح البيطار راح لعبد الحكيم عامر وقال له جمال عبد الناصر دا صعب التعامل معاه، ولكن احنا مستعدين نتعامل معاك انت.. مستعدين نتفاهم معاك انت فاكرينا زيهم.. فاكرين الأساليب السياسية التقليدية اللاأخلاقية اللى هم كانوا بيتبعوها.. فاكرين ان احنا بنتبعها. عبد الحكيم عامر بعت لى فى نفس اليوم جواب، وقال لى الرجل دا يظهر عليه اتجنن.. ازاى بييجى بيقولى هذا الكلام؟
وأنا واجهت صلاح البيطار وميشيل عفلق بهذا الكلام، صلاح البيطار وميشيل عفلق أيام الوحدة عملوا خطة علشان يتصلوا بعدد من الوزراء المصريين علشان يستقيلوا، طبعاً فشلت هذه الخطة، لكن لما واجهتهم أثناء مباحثات الوحدة بهذا الكلام اتفلسف ميشيل عفلق وقال إيه؟ قال ان احنا أردنا أن تكون الاستقالة استقالة وحدوية مش استقالة إقليمية، يستقيل مصريين مع سوريين؛ يعنى الوحدة لا يريدون أن يطبقوها فى الخير، ولا يريدون أن يطبقوها فى العمل، ولم يريدوا أن يطبقوها فى البناء، ولم يريدوا أن يطبقوها فى جمع شمل الأمة العربية، ولكنهم أرادوا أن يطبقوها فى الدس والخديعة، والتفرقة والانفصال.
وكنا نشعر بأزمة حزب البعث الأخلاقية من هذا الوقت، ولكنا كنا نمنى النفس بأن المستقبل قد يصلح.. المستقبل قد يصلح ما أفسدته التربية، وما أفسدته الحياة السياسية والمناورات الحزبية. كلنا نعرف إيه الكلام اللى قاله حزب البعث، أنا ماقلتش هذا الكلام لكم أبداً، ولا بعد الانفصال ولا قبل الانفصال، وكنت باعتقد ان مافيش داع ان أنا أقوله، وكنت باعتقد ان قد تكون هناك فرصة لأن يقوم حزب البعث نفسه، وقد تكون هناك فرصة لكى يطهر حزب البعث نفسه من قياداته الانتهازية المنحرفة التى تتبع الأساليب اللاأخلاقية، وكنت باعتقد ان حزب البعث فيه شباب طيب.. شباب واع.. شباب غرروا به بالشعارات.. شباب وطنى.. شباب عربى.. شباب قومى قد يجد الفرصة فى يوم من الأيام على أن يسير بحزب البعث فى الطريق السليم وفى الطريق الصحيح.
علشان كده ما تكلمتش حتى بعد الانفصال.. بعد الانفصال ما تكلمتش ولا كلمة عن حزب البعث، وعلى الأساليب المنحرفة اللاأخلاقية اللى اتبعتها معنا قيادة حزب البعث. النهارده لازم أقول هذا الكلام؛ لأن الكلام دا اتفتح فى محادثات الوحدة.. من أول ٣ أشهر.. من الشهر التالت فى سوريا بعد الوحدة بدأت حرب علينا احنا كمصريين؛ الناس اللى كانوا بيقولوا إنهم وحدويين وإنهم قوميين، وإنهم بيؤمنوا بالقومية العربية والوحدة العربية بدأوا من أول الشهر الثالث، هم اللى بدأوا يقولوا استعمار مصرى.. بدأوا يقولوا تسلط مصرى.. بدأوا يقولوا تحكم مصرى.. بدأوا بهذا من أجل إثارة النزعات الإقليمية.. بدأوا يتصيدون الأخطاء.. فى أى وحدة لابد أن تكون هناك أخطاء، بل فى أى بلد، فى أى مجتمع، فى أى مصنع، فى أى مدرسة، فى أى مجموعة من الناس قد تكون هناك أخطاء.
احنا عارفين المثل اللى بيقول “عدوك يتمنى لك الغلط، حبيبك يبلع لك الزلط”.. إخواننا دول كانوا مش بس بيتمنوا الغلط، لأ، دول كانوا بيتمنوا الغلط وكانوا بيؤلفوا الغلط، وكانت الأحقاد تظهر فى قلوبهم وفى نفوسهم، ومع ذلك ما عملناش معاهم حاجة أبداً. واستقالوا؛ استقالوا فى أخر ٥٩، وصلاح البيطار، قال إنهم كانوا ناويين على الاستقالة من أخر ٥٨، استقالوا بطريقة أيضاً تدل على أخلاقية حزب البعث؛ قبلها بيوم كنا فى بورسعيد يوم ٢٣ ديسمبر، وكانوا مسافرين معى فى القطر، وتعشوا معى وقعدوا يضحكوا، وكلوا عيش وملح، وازى الصحة، أهلاً وسهلاً، كل واحد بيضحك كده وحاطت على وشه تمثيلية. الصبح.. رجعنا بعد نص الليل إلى القاهرة من بورسعيد.. يوم ٢٣، تانى يوم بعتوا استقالة جماعية تضم استقالات حزب البعث.
دى الأساليب اللى شفناها من حزب البعث، الأساليب اللى شفناها بعد الاستقالة أيضاً ما تكلمناش عليها، المنشورات اللى طلعت، الكلام اللى طلعوه.. حكم عبد الناصر منحرف لابد من تقويمه، لابد من هدمه، الكلام اللى تكلموه علينا.. تكلموا كلام فى منشوراتهم لحزبهم، وفى تعميماتهم لحزبهم، وفى مؤتمراتهم. كنا بنشوف هذا الكلام، ومع هذا لم نهاجمهم؛ لأن كان عندنا أمل كبير فى أن هناك قاعدة سليمة، وفيه شباب طيب فى حزب البعث غررت به هذه القيادة المنحرفة، وان الشباب الطيب دا قد تزول الغشاوة عن عينه، ويستطيع فى يوم من الأيام أن يصحح الأوضاع؛ وبهذا تستطيع القوى القومية أن تتجمع وأن تتكتل، وأن تتوحد لتواجه القوى اللاقومية، القوى اللاوحدوية.
قالوا كل ما أملاه عليهم حقدهم، وكان يبان فى هذه المنشورات الحقد المرير والغيرة المريرة، ولكنا أيضاً لم نرد على هذا. بعد كده حصل الانفصال.. وقعوا وثيقة الانفصال. دخلوا الانتخابات مع عهد الانفصال، أما سقطوا فى الانتخابات بكوا وعيطوا، وبعدين قالوا دا احنا بكينا ندماً على توقيع وثيقة الانفصال، وبعدين طلعوا جريدة اسمها “البعث” فى سوريا، وكانت هذه الجريدة تقطر الحقد المرير، كانت الجريدة بتتكلم على الوحدة ولكن تهاجم وتهاجم وتهاجم، تهاجم فى عبد الناصر وفى نظام عبد الناصر وفى حكم عبد الناصر، وكان باين انهم فى هذا بيلتقوا مع أعداء الوحدة.. مع الرجعية. كنا نقرا جريدة حزب البعث.. يمكن كانوا يقولوا كلمتين كويسين على الوحدة، وقالوا كلمتين كويسين على حقيقة موضوع نهر الأردن، ولكن دى كانت حقيقة، ولكن الصفات اللى قالوها، والسب والشتم زى الصفات اللى كانت بتتقال فى جرايد عهد الانفصال.
ومع هذا أيضاً بحثنا هذا الوضع، وقررنا ألا نهاجم حزب البعث، وقلنا الهجوم على حزب البعث سيعطى فرصة.. قد يعطى فرصة لقوى الرجعية.. قد يعطى فرصة لقوى معادية لأنها تقسم الخط الوحدوى، وقد يكون هناك أمل أن يعود قادة البعث إلى الخط السليم.. ولكن ما حصلش، كانوا يبعتوا لنا بالمناورات السياسية ويقولوا والله احنا عايزين نوحد جهودنا مع الجمهورية، ومستعدين نلتقى.. نقول لهم: الكلام اللى انتم بتقولوه شىء، ومنشوراتكم السرية اللى احنا بنقراها واللى بتدل على نواياكم شىء آخر، يقولوا ان احنا حنعمل بيان ونعلن هذا للناس كلها، ويرجعوا طبعاً ولا ينفذون هذا القول.
طبعاً احنا كنا حريصين على قوة القومية العربية أن لا نهاجمها، وكنا حريصين على هذه القوة أن تكون مع الخط القومى العربى من أجل الوحدة العربية، لغاية ما سار الانفصال فى طريقه، واللى كان فيكم بيسمع راديو دمشق.. كلنا سمعنا السباب وسمعنا الشتايم اللى قام بها الانفصاليون.
كلنا عرفنا المعاملة اللى عاملوا بها المصريين فى هذا الوقت حينما خرجوا من سوريا، ولكن احنا شعب بيفهم، وقدرنا نفهم ما هو القصد وما هو الهدف من كل هذه الأعمال الاستفزازية؛ كان الهدف ان احنا نكفر بالوحدة وبالقومية العربية. اللى حصل العكس.. الشعب السورى عوض معاملة الانفصاليين، والشعب فى لبنان قابل المصريين اللى راحوا لبنان أكرم مقابلة، والشعب المصرى هنا لم يكفر بالوحدة، واحنا ما كفرناش أبداً بالوحدة؛ استمرينا نعمل من أجل الوحدة.. نعمل من أجل الوحدة بإيه؟ نعمل من أجل الوحدة ان احنا نبنى بلدنا، ندى المثل الصالح، ونعمل من أجل الوحدة بمزيد من النضال العميق والبناء الاشتراكى، نعمل من أجل الوحدة بالاعتماد على إرادة الشعب؛ لا الاعتماد على الدسائس والمؤامرات.
وكلكم تعرفوا ازاى جم هنا عدد من الضباط اللى اشتركوا فى مؤامرة الانفصال، وقالوا إنهم مستعدين يعلنوا الوحدة مرة أخرى بانقلاب، وأنا رفضت أن أقبل وحدة بانقلاب، وقلت لهم ان احنا ما نقدرش نفضل كل شهر والتانى وحدة بانقلاب وانفصال بانقلاب.. وحدة بانقلاب… وبتدوخونا وبندوخ الشعب معانا، وحنفضل.. العملية بهذا الشكل لا يمكن أن تكون عملية سليمة من أجل بناء الجمهورية. وقلت لهم إذا عملتم حكماً وطنياً مؤيداً من الشعب ومتحرراً من الشبهات، وإذا كانت فيه بعد كده إرادة شعبية للوحدة؛ لأن احنا ارتبطنا أمام الشعب فى ٥ أكتوبر سنة ٦١ أن الوحدة لابد أن تكون إرادة شعبية.. بتكون الوحدة فعلاً آتية لا ريب فيها.
فى هذه الفترة.. فى فترة الانفصال.. فى هذه الفترة الرجعية شدت حيلها، والاستعمار شد حيله، واعتبروا كلهم ان فيه نكسة لمد القومية العربية، وفى هذه الفترة خضنا أعنف المعارك وأشد المعارك؛ من أجل النضال العربى المشترك. خضنا معارك فكرية بعد النكسة.. بعد الانفصال، وكان نتيجة هذه المعارك الفكرية ميثاق العمل الوطنى الذى بلور طريق النضال العربى شعبياً وديمقراطياً.
هذه المعارك الفكرية كان لها نتيجة سليمة، وكنا فى حاجة إلى هذه النتيجة السليمة. خضنا أيضاً معارك اجتماعية بمزيد من التطبيق الاشتراكى، بمزيد من الممارسة الاشتراكية؛ من أجل تحقيق أهدافنا كما نص عليها الميثاق. خضنا أيضاً معارك لطلب القوة.. تطوير الأسلحة، تصنيع الأسلحة، صناعة الصواريخ، صناعة الطيارات. معارك طلباً للقوة.. معارك لطلب القوة وتطوير وتصنيع الأسلحة؛ أقمنا صناعة الطائرات النفاثة، وطورنا جميع الصناعات الحربية؛ حتى نستطيع أن نقابل العدوان، وحتى نستطيع أن نحمى الحق العربى.. حماية الحق العربى مش بالكلام، حماية الحق العربى بالاستعداد وبالعمل، أما الكلام أهو ممكن يقعد سنة وسنتين وتلاتة وعشرة، ولكن مافيش بنك بيصرف هذا الكلام أبداً بأى حال من الأحوال.
العمل والاستعداد هو السبيل الوحيد لحماية الحق العربى. (ثم هتف أحد الحاضرين قائلاً: “فلسطين يا جمال… فلسطين يا جمال!” فرد الرئيس: “فلسطين بالاستعداد مش بالكلام”، وهنا هتفت الجماهير: “الله”).
أيها الإخوة:
معارك فكرية، معارك اجتماعية، معارك لطلب القوة ومعارك بالسلاح.. معارك بالسلاح فى اليمن؛ حيث ذهبت إلى هناك قوة من الجيش المصرى.. قوة من الجيش المصرى تصد غارات الرجعية المؤيدة بالاستعمار، والرجعية الحاقدة على ثورة اليمن. الجيش المصرى اللى هو مين الجيش المصرى؟ هو ولادنا وإخوتنا، هو احنا.. الشعب.. الجيش المصرى بيعبر عن إرادة الشعب؛ إذن الشعب هنا فى مصر لم يتردد.. حينما قامت الثورة فى اليمن لم يتردد بأى حال؛ على الرغم ان البحر الأحمر – كلنا نعرف – كان طول عمره بحيرة إنجليزية، ورغم ان اليمن على بعد أكثر من ٢٠٠٠ ميل، ولكن كنا نشعر أن واجبنا القومى يحتم علينا أن نساند الشعب اليمنى الذى حرم من كل شىء.. حرم من الحياة، نساعده فى تثبيت حقه بالثورة ضد العدوان الرجعى السعودى المؤيد بالاستعمار، وضد القوة الاستعمارية الحاقدة على ثورة اليمن.
لم نتردد فى هذا، ولم يتردد أبناء وأفراد القوات المسلحة، وأنا كان بيصلنى جوابات من ناس كثيرة عايزين يروحوا اليمن، كنت بابعت هذه الجوابات لعبد الحكيم علشان عايزين يروحوا فى غير دورهم، وانهم قدموا عدداً من الطلبات من أجل أن يدافعوا عن القومية العربية فى اليمن، ومن أجل أن يضحوا عن القومية العربية فى اليمن، وقواتنا المسلحة فى هذا شرفتنا.. شرفت هذا الشعب؛ لأنها ضربت أكبر مثل فى التضحية فى ظروف صعبة.
أيها الإخوة:
دخلنا معارك كتير؛ دخلنا معارك من أجل البناء؛ ببناء مئات المصانع الجديدة والمستشفيات الجديدة، آلاف المدارس الجديدة، والجمعيات التعاونية الجديدة، والمساكن الجديدة. كل دا بعد الانفصال.. بمئات الآلاف من الأفدنة فى الأرض الجديدة، بالسد العالى وبمحطة الكهرباء.. محطات الكهربا.
كنا نؤمن واحنا بننفذ كل هذه الأعمال أننا نعمل لا لأنفسنا فقط، ولكن لأمة بأكملها.. الأمة العربية كلها لنحقق أملها فينا كقاعدة لها، وطليعة للإنسان العربى الذى آن له أن يكون سيد أرضه ومالك أقداره.
كنا بندى بهذا المثل.. المثل الصالح.. كنا بنعمل من أجل الوحدة بالمثل الصالح، بالعمل، وبمزيد من النضال العميق والبناء الاشتراكى. ثم وقفنا على أهبة القتال واستعدينا للقتال.. امتى؟ يوم ١٤ رمضان فى العراق، ويوم ٨ مارس فى سوريا.. وقفنا، عبئت جميع قواتنا المسلحة، وكنا على استعداد ان احنا نقاتل من أجل شعب العراق، ومن أجل شعب سوريا، ومن أجل حقهم فى التخلص من الرجعية المتعاونة مع الاستعمار والتسلط. وقفنا أيضاً على أهبة القتال يوم تحرجت الأمور فى الأردن تحت المد الشعبى الثورى، وكنا على استعداد ان احنا نساعد شعب الأردن إذا تعرض لأى عدوان، وكانوا بيقولوا إسرائيل يمكن تهجم على الأردن، وقررنا.. وعملنا اجتماع فى مجلس الرئاسة، وأخذنا قراراً، ووضعنا كل خططنا إذا هجمت إسرائيل على الأردن لابد أن نحارب.
كل دى أعمال احنا قمنا بها.. كل دى أعمال احنا قمنا بها، ما كفرناش بالوحدة العربية.. ما كفرناش بالأمة العربية.. ما كفرناش بالقومية العربية، ما قلناش واحنا مالنا.. العرب تعبونا.. والعرب دوخونا؛ زى الكلام اللى كانوا بيقولوه لنا الإنجليز سنة ٤٨ بعد حرب فلسطين.. ليه؟ لأن احنا عرب.. احنا عرب.. واحنا قاعدة القومية العربية وانطلاق القومية العربية.
الناس اللى بيتعبوا الأمة العربية هم الناس الخارجين على أهداف الأمة العربية، والناس المنحرفين، وهؤلاء الناس بتكشفهم الأمة العربية مهما قصر الوقت أو طال، والشعب العربى شعب نبيه بيقدر يكشف أى واحد، يكشف أدعياء العقائدية، ويكشف الشعارات المزيفة، ويكشف الأحقاد، ويكشف كل هذه الأمور؛ لأنه شعب متمرس على النضال.
اللى بيضايقوا العرب، واللى بيسببوا المشاكل للعرب؛ يا إما رجعيين، أو منحرفين، أو أعوان للاستعمار، أو حاقدين، أو طامعين، أو عندهم… (هنا رد أحد الحاضرين بقوله أو بعثيين فضحك الرئيس) أو منحرفين وتجردوا من المبادئ، وزيفوا المبادئ والشعارات.
إذن لم نكفر، ولن نكفر بالقومية العربية، ولا بالوحدة العربية، وسنعمل دائماً من أجل القومية العربية والوحدة العربية، وكل واحد فينا حيسلم العلم للتانى، رسالة مش شخصية – مش بتاعة عبد الناصر، ولا بتاعة عبد الحكيم عامر، ولا بتاعة فلان أو علان – رسالة بتاعة الشعب.. بتاعتكم انتم.. بتاعة كل واحد من أبناء هذه الأمة؛ لأن هذه الرسالة هى الرسالة الطبيعية.
فى كل هذا – أيها الإخوة – كنا نعمل بالحافز الوطنى، وبالحافز القومى، كنا بنعرف مسئوليتنا المحددة على أرضنا، وكنا بنعرف أيضاً أن على أكتافنا حملاً كبيراً، ومسئوليتنا غير المحددة بالنسبة للوطن العربى الكبير، وكنا نتصرف بإيمان يرتفع عن التعصب، ويرتفع عن الأحقاد، ويملك القدرة على التجرد من الأنانية الذاتية، وكنا نشعر بقوة فعالة؛ نستطيع أن نقتحم بها الحواجز السلبية إلى مجالات العمل الإيجابى. دا اللى حصل قبل الانفصال من البعثيين، واللى حصل بعد الانفصال من البعثيين، هم شتمونا واحنا قعدنا نبنى فى بلدنا، ونبعت قواتنا إلى اليمن، ونستعد علشان ندافع عن كفاح الشعب العربى، وهم ما عندهمش شغلة إلا أنهم مثلاً قاعدين يطلعوا منشورات يشتموا فينا ويهاجموا فينا.
يوم ٨ مارس حدث تغيير فى سوريا، مين اللى قام بالتغيير؟ هم بيقولوا إنهم هم اللى قاموا بالتغيير، لكن احنا عارفين الصورة كاملة؛ الضباط اللى قاموا بالحركة أو بالانقلاب اللى حصل يوم ٨ مارس يمكن كان فيهم ضابط بعثى واحد، وكان الباقى كلهم ضباط وحدويون.. اللى النهارده مشردينه وناقلينه فى المغرب، واللى فى باريس، واللى موديينه الباكستان.
ضباط وطنيين قوميين اشتركوا فى هذه الثورة، وبعد نجاح الثورة طلبوا كل القوى القومية، وجاءوا بحزب البعث فى الوزارة. وجا صلاح البيطار رئيس وزارة، كلنا عارفين من هو صلاح البيطار الذى وقع وثيقة الانفصال، واللى عمل مع الانفصال، واللى كتب وشتم وسب. وتجردنا كلية، ونسينا كل هذه الأمور، لم يأخذنا الحقد، ولم تأخذنا الضغائن، ولكن عرفنا طريق الواجب، وقلنا إن الواجب ان جميع القوى الوحدوية لابد أن تواجه الأخطار، وإن ربنا يمكن يكون تاب عليهم من اللاأخلاقية والانحراف.
وفى أول يوم بعدما أعلن تأليف الوزارة اللى يرأسها صلاح البيطار أرسلت لهم برقية اعترفت فيها بالوضع الجديد والحكم الجديد، وقلت لهم إنه يشرفنى أن أعترف وأن أنقل اعتراف الجمهورية العربية المتحدة؛ لأن احنا كنا بنعتبر ان دا طريق الواجب، وقلنا ان احنا يسعدنا أن نسير فى طريق وحدة الهدف. معنى دا إيه؟ معناه ان احنا مش عايزين نحرجهم، عايزين نسهل لهم الأمور.. عايزين نيسر لهم السبل.. عايزين نعاونهم على انهم يقفوا على رجليهم، ويسيروا فى العمل الوطنى الشريف، ما حاولناش إحراج بأى حال، وما بعتناش وفد للتهنئة، فكرنا ان احنا نبعت وفد للتهنئة إلى العراق، ولكن بعد قيام المظاهرات – خصوصاً بعدما وصل الوفد العراقى – وقلنا إن الأفضل ما نبعتش وفد؛ حتى لا يشعر إنسان أننا بهذا الوفد نقوم بعمل سياسى، ونحاول أن نحرج أو نحاول أن نعبئ الشعب السورى، أو نحاول أن نستغل مشاعر الشعب السورى، فكرنا وعدلنا. لم نكن بأى حال على استعداد ان احنا نسير فى الأساليب السياسية أو أساليب الإحراج.
وكنا على استعداد من أول يوم ان احنا نمشى معاهم فى وحدة الهدف؛ لأن هذا الشعب.. الشعب المصرى.. شعب مصر مؤمن بالوحدة العربية إيماناً حقيقياً ثابتاً عن قناعة، مستعد للوحدة العربية فى جميع مراحلها؛ من أول وحدة الهدف إلى الوحدة الدستورية الكاملة. طبعاً الناس اللى بيهجصوا وبيقولوا إن الشعب المصرى دا مش عربى، والشعب المصرى دا كانت عروبته مفقودة، أنا بافتكر واحنا فى ثانوى أما كان بيحصل حاجة فى دمشق، أو بيحصل حاجة فى بيروت؛ كانت المدارس بتطلع فى المظاهرات، وتهتف بالوحدة العربية وبحياة العرب؛ هى دى الوحدة العربية كما نفهمها، أن نتضامن مع إخوتنا العرب فى أى بلد إذا حل بهم أى شىء.
فهذا الشعب مؤمن بالوحدة.. وهذا الشعب مؤمن بالوحدة العربية إيماناً حقيقياً ثابتاً.. مستعد للوحدة العربية فى أى مرحلة من مراحلها؛ ابتداء من وحدة الهدف، إلى الوحدة الدستورية الكاملة. البرقية اللى بعتناها ما قلناش فيها وحدة؛ ولكن قلنا وحدة الهدف.
إيه اللى حصل فى دمشق؟ واضح من اليوم الأول أن هناك تناقضاً كبيراً بين الحكومة – والحكومة كان أغلبها بعثية – والجماهير. الجماهير كانت تلح فى طلب الوحدة، كلكم قريتم على المظاهرات وشفتم الصور.. الشعب السورى البطل أما طلع فى هذه المظاهرات، الشعب السورى طالب بالوحدة، والبعث السورى عايز يموع الأمور.. البعث أراد أن يموّع هذه الأمور، طلعت المظاهرات تطالب بالوحدة؛ طلع البعث بمشروع لمواجهة إلحاح الجماهير، ولكن الجماهير لم ترض بهذا المشروع بديلاً عن الوحدة؛ كلنا عارفين هذا المشروع؛ مشروع على صالح السعدى، هذا المشروع مبنى على عدة نقط:
النقطة الأولى: اتفاق بين الدول العربية – ٥ دول عربية – العراق، سوريا، مصر، اليمن، الجزائر، إنها تستخدم جيوشها فى حالة حدوث أى عمل داخلى لمساعدة بعضها البعض.
الموضوع الثانى: عمل اتفاق عسكرى.
الموضوع الثالث: عمل مجلس أعلى للحركات الشعبية.
احنا رفضنا هذا الكلام؛ لعدة أسباب.. والكلام دا اتقال فى الصحف، ولأننا شعرنا إن فيه هدف لتمويع أهداف الشعب العربى فى سوريا، وأن هناك تناقضاً بين الحكومة البعثية والجماهير. بعدما قامت الثورة فى سوريا فيه ناس كانوا موجودين هنا فى القاهرة من وقت الانفصال، نفاهم الانفصال وحاربهم الانفصال، وهربوا، وطلب القبض عليهم، وطلب اعتقالهم، وفضلوا قاعدين هنا طول وقت الانفصال. وفيه ناس حاربوا الانفصال، واستطاعوا الهرب، وجم للقاهرة، فيه ضباط وفيه مدنيين، وفيه وزراء من اللى كانوا موجودين فى وقت الوحدة، كل دول نفاهم الانفصال. لما أرادوا العودة إلى بلدهم منعوا كلهم.. بعضهم يمكن وعد بالعودة، وأما وصل إلى مطار دمشق حطوه فى سجن المزة وقعدوه ٥، ٦ أيام، وبعد اليوم السادس زقوه فى العربية على الحدود، البعض الآخر رجعوه، دول اللى كافحوا واللى ناضلوا فى وقت الانفصال، الضباط اللى اتسجنوا والضباط اللى انطردوا، أما اللى وقع وثيقة الانفصال عينوه رئيس وزارة.
طبعاً كانت دى أمور تدعو إلى الشك وتدعو إلى التساؤل، كان الواحد يقول لنفسه نصبر يمكن الاستنتاجات استنتاجات غير سليمة، بعد كده حصلت مظاهرات فى سوريا، سمع صوت الرصاص فى دمشق وفى مدن سوريا، وكنا احنا فى نفسنا نريد أن نرى الوحدة الوطنية السورية وأن نسمع إرادة شعب سوريا، ولكن الضغط الشعبى فى سوريا ازداد، وفى يوم سمعنا راديو دمشق بيعلن – من غير ما نعرف – من إذاعة دمشق بيان للشعب السورى: أخبار هامة.. أخبار سارة.. إن فيه طيارة تحمل وفداً سورياً وعراقياً متجهة الآن إلى القاهرة، ودخلت جو الجمهورية العربية المتحدة علشان المباحثات من أجل الوحدة. سمعنا هذا الكلام من الراديو، وجا الوفد السورى والوفد العراقى، واجتمعنا معاهم، وقالوا إنهم جايين من أجل الوحدة الثلاثية. واحنا رحبنا بالوحدة الثلاثية؛ لأن الوحدة لا يمكن بأى حال من الأحوال إنها تقتصر على بلدين أو تلاتة، ولكن الوحدة دى قضية شاملة.. قضية عامة. رحبنا بهذه الوحدة، ولكن لاحظنا فى الكلام ان التفاصيل غير مطلوبة.. الأمور كلها غير مطلوبة.. كل اللى مطلوب ان احنا نقعد ساعتين ونطلع بيان، وإعلان، وياخدوه ويرجعوا به فى نفس الليلة إلى دمشق؛ طبعاً أنا أحسست وإخوانى.. كلنا ان الأمر لا يمكن أن يتم بهذا الشكل؛ لأن احنا مش بصدد مناورة سياسية، ولكن الوحدة.. لا يمكن بأى حال ان الوحدة تكون مناورة سياسية، أو الوحدة تكون عملية غدر وعملية خداع، الوحدة مصير أمة.. بنقرر مصير أمة، ومصير شعب، ومصير بلد.
وكان هذا المعنى – تقرير مصير بلد.. تقرير مصير شعوب.. تقرير مصير الأمة – معناه ان احنا لا يمكن بأى حال ان احنا نقبل مناورة سياسية أو لف أو دوران أو خداع، بل كان لابد أن يكون سبيلنا المصارحة. ما نتكسفش نتكلم كل شىء بصراحة، وكل شىء بوضوح؛ لأن الأمر لا يتعلق بعملية مرحلية، ولا يتعلق بعملية صغيرة، ولكنه يتعلق بمصير الأمة العربية كلها. واللى قرأوا فيكم المحاضر؛ محاضر المحادثات بيعرفوا ان احنا اتكلمنا مع الوفد السورى بكل صراحة، وقلنا له ان احنا عندنا شكوك كبيرة مع حزب البعث مبنية على تجربة الماضى، وتجربة الماضى كانت تجربة مريرة ملئت بالألاعيب السياسية وبالأحقاد، بالغدر وبالمناورات، ولو الواحد يقعد يتكلم فيها ٢٤ ساعة.. إيه اللى عملوه قيادة حزب البعث.. بيقدر يقول حوادث ورا حوادث، إن دلت على شىء فتدل على اللاأخلاقية.
ولكن جينا قلنا لهم تجربة الماضى مع حزب البعث تدعو إلى الشك، وإذا كان حزب البعث هو اللى بيحكم سوريا فأنا آسف لا يمكن ان احنا نقيم وحدة مع حزب البعث؛ لأننا نعلم أساليب حزب البعث. ثم سألنا من الذى يحكم سوريا؟ قالوا لنا دا سر، طب حنمضى مع “مستر إكس”! مع واحد ما نعرفوش، حنمضى مع مين؟! حنمضى هذه الوحدة.. اللى جاى يمثل الشعب السورى مين؟ قعدنا يومين نسأل مين اللى بيحكم سوريا ويقولوا لنا دا سر، وبعدين قالوا لنا ما تقررش، وبعدين عرفنا، اتكلموا ولم نتفق، وجدنا حزب البعث هو اللى له اليد الطولى فى حكم سوريا. ولم نتفق، قلنا مع سوريا مستعدين نقيم وحدة من بكرة، مع حزب البعث متأسفين لا يمكن أن نقيم وحدة؛ لأننا لا نثق فى أخلاقية قيادة حزب البعث. وبعد كده انتهت المفاوضات ولا اتفقناش، ورجعوا ولا اتفقناش، ورجعوا وبعتوا لنا صلاح البيطار وميشيل عفلق.. قريتوا فى المحاضر؛ محاضر المحادثات محادثات مع صلاح البيطار وميشيل عفلق.
كل الكلام اللى كان واضح من هذه المحادثات ان احنا بنقيم وحدة، كان كلامهم مساومات.. بنقيم وحدة، بتسيبوا لنا سوريا، وأهو انتم فى مصر، تقولش عزبة بنقسمها أو تركة وارثينها! طب وحدة إيه اللى حتبقى بهذا الشكل؟! مساومات سياسية.. اتناقشنا بقى فى التجربة اللى فاتت وفى الكلام اللى كتبه صلاح البيطار وميشيل عفلق، وقلنا لهم عايزين نعرف، انتم قلتم علينا ديكتاتورية، وقلتم علينا تسلط، وقلتم علينا تحكم، وقلتم حكم الفرد، وقلتم انحراف عبد الناصر، وقلتم انحراف نظام عبد الناصر، وقلتم لا وحدة مع عبد الناصر، وقلتم تقويم نظام عبد الناصر، وقلتم كل ما يمكن أن يقال فينا نقداً، وقلتم إنكم تريدوا وحدة ديمقراطية وماانتوش عايزين وحدة ديكتاتورية، وقلتم عايزين اشتراكية مضبوطة مش اشتراكية زى بتاعة عبد الناصر، وعايزين حرية مضبوطة، وعايزين ديمقراطية مضبوطة.. قولوا لنا بقى إيه هى الحرية زى ما تفهموا، وإيه هى الاشتراكية؟ قعد ميشيل عفلق يقول يعنى.. يعنى، وهو لا يعنى أى شىء! ما قدرتش أفهم ولا كلمة.
الحرية.. يقولوا إن الحزب – حزب البعث – حزب عقائدى، وحزب البعث حزب له نظرية وله فكر. قلت له يا ميشيل.. يا صلاح: أنا قريت كل الكلام اللى كتبتوه وكل المنشورات اللى كتبتوها، لكم كتابين وبعضكم كتب كتاب، فين العقيدة بتاعتكم؟ بتقولوا حزب عقائدى، حاولت أشوف إيه رأيكم فى الحرية ما لقيتش، هل انتم بتقبلوا بالديمقراطية الغربية، تعدد الأحزاب؟ يقول لى يعنى! هل بتقبلوا بالحزب الواحد؟ قال أهو يعنى بنقبل بالأحزاب القومية. يعنى إيه بتقبلوا بالأحزاب القومية؟ قال اللى موجودة دلوقت، طيب إذا واحد النهارده قومى حب يعمل حزب هل فى فهمكم للحرية والديمقراطية يقدر؟ قال يعنى ما يقدرش، طب – الاشتراكية – إيه فهمكم للاشتراكية؟ فقال احنا فاهمين – هو فاهم – ان احنا عندنا الحرية والديمقراطية هى الاشتراكية. قلت له جبت الكلام دا منين؟ قال لى أنا قريت الميثاق.. فى الميثاق.. قلت له لازم كنت بتقرا سطر وتسيب سطر، مش ممكن أبداً قريت الميثاق.
الكلام دا حصل حقيقى ونزل فى المحاضر، قال لى: لأ.. لأ.. لأ دا أنا مش فاكر الميثاق، دا فى جواب انت بعته للملك حسين. طلعنا من المحادثات دى بإن حزب البعث عايز يعمل مساومات على تقسيم مناطق النفوذ، احنا عندنا منطقة نفوذ فى مصر، وهو عنده منطقة نفوذ فى سوريا. وأما الناحية العقائدية والناحية الفكرية طبعاً فيه محنة؛ محنة الفكر البعثى، قعدوا يضحكوا على الناس ١٥ سنة ويقولوا لهم وحدة.. حرية.. اشتراكية، وحدة.. حرية.. اشتراكية طيب إيه محتوى الوحدة؟ مافيش، قالوا دستور حزب البعث.. مافيش. محتوى الحرية.. مافيش، محتوى الاشتراكية.. مافيش، إيه أساليبكم؟ مافيش، إيه نظريتكم؟ مافيش، إيه عقيدتكم؟ مافيش، إيه برنامجكم؟ مافيش، أمال إيه؟ يقول لك احنا الثوريين.. احنا الطلائع الثورية، الشعب دا عفوى.. الشعب دا سطحى.. الشعب دا ما بيفهمش، احنا اللى بنفهم، احنا القيادات الثورية، هم الشعارات اللى بيرفعوها، والشعب مافيش أبداً أى شىء.
وانتهت عملية محنة الفكر البعثى وظهرت فى المحاضر، هم قالوا.. بعض الجرايد اللى بتشتغل لهم فى بيروت قالت.. قالت إيه؟ قالوا إن المحاضر دى اتشطب منها حاجات، جريدة الأهرام هنا قالت إنها مستعدة تنشر أى حاجة. أما جا لؤى الأتاسى هنا يوم الخميس اللى فات قلت له: دا انت بتقول المحاضر دى اتشطب منها حاجات، وانت عارف انه ما اتشطبش منها حاجة.. إيه اللى اتشطب بقى؟ قال: والله فيه موضوعين أنا كنت قلتهم ولا نزلوش فى المحاضر. قلت له: والله.. إيه هما الموضوعين دول؟ بننزلهم. قال: أنا اتكلمت على عبد الوهاب حومد، وقلت إن عبد الوهاب حومد وهو بيتكلم أول يوم قال ما تتصلوا بـ رشدى الكخيا، ويمكن رشدى الكخيا يؤلف الوزارة.. وشىء من هذا القبيل. قلت له: بسيطة. والتانية؟ قال: اتكلمت على يوسف مزاحم وقلت إن يوسف مزاحم كان حيشترك فى وزارة فى الانفصال قبل ٨ مارس قلت له: برضه دى بسيطة وعملية بتكون سقطت ولا حاجة. فهد الشاعر قال: فيه موضوع تانى. إيه يا أخ فهد؟ إيه الحكاية؟ قال: أما اتكلمنا على الأحزاب، وأنا قلت نعمل حزبين، قام ضحك بعد كده، ولكن بان إن الضحك بعد كلامى، ولكن انت اتكلمت بعد كده وعلقت. قلت إيه يا أخ فهد؟ قال: قلت ان دول يتكلموا مع بعض. قلت له: طيب، وأنا باكمل النقط اللى قالوها دلوقت علشان ماحدش يقدر يقول إن فيه… يعنى هذه هى النقط اللى قالها لؤى الأتاسى وفهد الشاعر يوم ما جم – يوم الخميس – واللى طلعنا بيه.. إفلاس فكرى ومحنة فكرية لحزب البعث.
أخر يوم فى اجتماع ميشيل عفلق وصلاح البيطار وكان معاهم لؤى الأتاسى ومعاهم فهد الشاعر، قلت لهم: قبل ما تمشوا باحب أقول لكم: فيه قارئ واحد لجريدة البعث فى مصر.. فى الجمهورية العربية المتحدة؛ اللى هو أنا.. ما أظنش فيه حد غيرى بيقراها، ولكن أنا كل يوم بالليل باقراها. أنا شايف ان فيه عمليات غمز وتلميح وصلت إلى التصريح والتعريض بنا. إذا كنتم معتمدين على انها ما بتجيش هنا مصر وماحدش بيقراها، فاحب أقول لكم ان فيه قارئ موجود، وأنا باقراها كل يوم. احنا قادرين.. الغمزة بنرد عليها بعشرة، والتلميح بنرد عليه بالتصريح، ولكن لمصلحة مين بنعمل هذا الكلام؟ مش لمصلحة حد. ورد صلاح البيطار قال إنه ما بيقرا جريدة حزب البعث ولا بيشوفها، وإنهم يراعوا هذا.. وحيراعوا هذا الكلام.
طبعاً كان كلام إن دل على شىء برضه يدل على المبدأ اللاأخلاقى، كان تعريض بنا، وكلام سخيف، ويبين النوايا ويبين الأحقاد. ولكن برغم كده حطينا برضه أعصابنا فى تلاجة، وقلنا نصبر قد يكونوا فعلاً غير مسيطرين، وخصوصاً أنا كنت أعرف إن حزب البعث يعنى ماهواش حزب بمعنى الكلمة، ولا حتى أجنحة، ولكنه مجموعة من الأشخاص المتنافرين المتناقضين؛ اللى هم القيادة بتاعة حزب البعث.
وبعد ما رجعوا استمرت جريدة حزب البعث فى الغمز والتعبير عن أحقادها، قالوا إن هم الطلائع الثورية، وهم الناس اللى لهم جذور، وهم الناس المنظمين، وقعدوا يتكلموا فى نفسهم. وبعدين يقولوا العملية مش عملية لملمة عمال وفلاحين، وأنا عارف ان حزب البعث كان فى سوريا لا يتعدى ٥٠٠٠ واحد عامل و٥٠٠٠ واحد يمكن غير عامل، والكل متخانقين مع بعض ومتناقضين مع بعض، وكل واحد له رأى فى التانى، ويقولوا لأ، احنا الطلائع الثورية، العملية عملية إيه؟ ما هى عملية خداع للشعب السورى؛ عايزين يوهموا الشعب السورى انهم الطلائع الثورية، وهم الجذور الثورية… إلى أخر هذا الكلام. طب لغاية كده احنا موافقين إنك تقول هذا الكلام، وبعدين يرجع يقول لك احنا العملية مش عملية لملمة عمال وفلاحين، احنا عايزين ننتقى، وعايزين نطلع الصفوة ونطلع الطلائع بس.. لملمة عمال وفلاحين! طب ولازمته إيه الكلام دا؟ يعنى، وبيلمحوا ان الاتحاد الاشتراكى دا هو عملية لملمة عمال وفلاحين، ولكن مافيهش بعثيين زيهم يعنى، ومافيش الطينة اللى هم عايزينها.. طلائع ثورية وجذور ثورية، وشىء من هذا القبيل.
احنا بنعتقد ان كلامنا والطريقة اللى احنا ماشيين بها.. فيه وحدة وطنية، ديمقراطية الشعب العامل كله، مافيش فئة مفترية.. فئة إرهابية.. فئة متحكمة.. فئة متسلطة. كل واحد بيدخل الجامعة بنمر، إن شاء الله ابن رئيس الجمهورية ما يقدرش يدخل الجامعة إذا كان مش جايب النمر المطلوبة، كل واحد.. لا الدين له دخل، ولا الأب له دخل، ولا العيلة لها دخل، كل واحد حسب جهده بيدخل الجامعة. بعد كده كل واحد حسب جهده بيتعين، التعيين فى القضاء بالأقدمية؛ اللى بيتخرج بيتعين، وكل واحد بيترقى حسب جهده، مافيش عنصرية؛ عنصرية بعثية، مافيش عنصرية طبقية، مافيش طبقة أو مافيش حزب مميز له كل شىء والشعب محروم من كل شىء. الشعب.. هنا استطعنا أن نحقق تحالف قوى الشعب العاملة، واستطعنا أن نقيم الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب جميعاً.. دا بيقولوا عليه إيه؟ بيقولوا عليه لملمة عمال وفلاحين.. يعنى انتم لملمة عمال وفلاحين، الله يسامحهم، هم.. هم ناس كويسين وناس عندهم أخلاق وناس عندهم جذور شعبية. قلنا لهم هذا الكلام وحذرناهم.
بعدين جانى بعد كده يقول لك إن فيه نظام عربى له بعض الشعبية بيحاول أهو ينظم فى غزة وبتاع. طبعاً الكلام دا بناخد فى الماضى منه إيه؟ هو ما بيهمناش فى حاجة، ما هى جريدة البعث دى بتوزع إيه؟ بتوزع ٣٠٠٠، ٢٥٠٠، ٥٠٠٠، قيمتها الدولية إيه؟ لو اتشالت ما حد حينشر لها كلمة بره، ولكن احنا بنقرا جريدة البعث ليه؟ لا علشان نطلع ولا علشان نتثقف.. أبداً، أنا باقرا جريدة البعث علشان أعرف ما هى النوايا العفلقية؛ لأن من جريدة البعث باقدر أعرف إيه النوايا، هل هى سليمة واللا عفلقية؟ فكان باين إنها نوايا عفلقية.. نوايا غير سليمة.
بعدين طبعاً طلع رد عليهم فى جريدة الأهرام – مقال – “إنى أعترض”، وحصلت مظاهرات فى سوريا وحصل ضرب، وكان الأخ أبو مدين شاهد موجود هناك فى يوم هذه المظاهرات، والمقالة طلعت صدفة فى هذا اليوم. وأردنا بهذا ان احنا نقول ان احنا مستعدين الغمز بنغمز له، والرد نرد عليه، ولكن لا احنا مستعدين نتكلم كلام ونعمل ضده؛ مش مستعدين نتكلم فى السر أبداً.. مستعدين نتكلم فى العلن، مش مستعدين نقوم بعملية خداع، مش مستعدين نقوم بعملية غدر، بنقول لأى واحد الكلام اللى احنا عايزين نقوله له فى وشه، بنقول لصلاح البيطار إنت وقعت وثيقة الانفصال، وإنت اشتركت فى جريمة الانفصال، وبنحط صباعنا فى عينه، وبنقول للأعور فى عينه يا أعور.. ما بنخافش بنتكلم بصراحة، ودا طبعنا، مش نقعد فى الأوضه ساكتين ونتهته، ونطلع بره نفضل نتكلم ونفضل نشتم… إلى آخر هذه المواضيع المعروفة.
وبعد كده بدأت مباحثات الوحدة – المرحلة الثالتة – وقالوا إن هناك خلافات عقائدية، قلنا لهم: طيب ازاى يكون فيه خلافات عقائدية وانتم ما عندكوش عقيدة؟! دا احنا بنقول لكم إيه الحرية؟ ما انتوش عارفين تردوا، إيه الاشتراكية؟ ما انتوش عارفين، إيه الوحدة؟ ما أنتوش عارفين تردوا.. ما هى الحرية؟ مافيش إجابة، ما هى الديمقراطية؟ مافيش إجابة، ما هى الاشتراكية؟ مافيش إجابة، ما هى الوحدة؟ مافيش إجابة، نلاقى عقيدتكم فين؟! مافيش إجابة، نلاقى أفكاركم فين؟ مافيش إجابة.
فى كل مراحل المحادثات اتكلمنا بإخلاص واتكلمنا بتجرد، واحنا أما اجتمعنا علشان نقرر موقفنا فى المباحثات قلنا: إن المباحثات أكبر من أى مناورة.. أكبر من أى عمل سياسى، المحادثات مصير أمة لازم نتكلم بصراحة ونتكلم بتجرد. وفى المحادثات وضعنا كل شىء قدامهم، ونشرنا هذه المحادثات بالتفصيل، وبيبان فيها ان احنا اتكلمنا بكل صراحة، وكلمناهم على الثورة.. قلنا لهم إيه هى الثورة، كلمناهم وقلنا لهم ازاى يستطيعوا إنهم يبنوا بلدهم، ازاى يستطيعوا انهم فعلاً يقيموا شىء فى سوريا؛ بتجردهم من الغدر والمناورة السياسية والألاعيب السياسية والأساليب السياسية. قلنا لهم: إن عندنا تجربة الثورة مش شعار يرفع، الثورة ما تتمش بانكم الصبح تقولوا احنا الثوريين، واحنا الطلائع الثورية، واحنا البذور الثورية… إلى أخر هذا الكلام، الثورة عمل. احنا هنا أما نقول فى مصر فيه ثورة.. فيه ثورة لأن فيه عمل، الثورة إيه؟ الثورة إزالة كل العقبات أمام تغيير المجتمع، نقدر نغير المجتمع ونقيم مجتمع ترفرف عليه الرفاهية.. الثورة هى إطلاق كل طاقات الشعب، تحرير إرادة الشعب.. الثورة هى تغيير المجتمع بما يطابق أمل الشعب.. الثورة هى التحول فعلاً إلى قاعدة ثورية وطليعة ثورية لأمة بأكملها، مش لحفنة قليلة من الناس.
لما نقول فيه ثورة فى مصر.. فيه ثورة فعلاً فى مصر لأن الكلام دا كله اتحقق؛ أطلقنا كل طاقات الشعب، وحررنا كل طاقات الشعب، أزلنا كل العقبات أمام التغيير الاجتماعى، وسرنا فى التغيير الاجتماعى وبما يطابق أمل الشعب، الشعب تحول إلى قاعدة ثورية، والشعب وجد فيه طليعة ثورية لكل الأمة، علشان كده أما نقول فيه ثورة فى مصر.. فعلاً فيه ثورة فى مصر، مش بس الثورة معناها هذا الكلام، ولكن معناها إزالة العقبات.
أما نقول فيه ثورة فى مصر.. فيه فعلاً ثورة فى مصر، كان فيه ٨٠ ألف عسكرى إنجليزى هنا فى مصر يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢.. كان فيه احتلال بريطانى جاثم على صدورنا بقى له ٧٠ سنة.. هذا الاحتلال خرج.. خرج غصباً عنه، خرج مضطر، ليه؟ لأن فيه ثورة وفيه شعب ثورى؛ ولأن فيه طلائع ثورية. كان فيه هنا فى مصر احتكار سلاح، وكان فيه سفير بريطانى بيسقط الوزارات، انتهى دا كله؛ كسرنا احتكار السلاح، وكسرنا نفوذ الدول الأجنبية. كان فيه هنا امتيازات أجنبية واحتكارات أجنبية، أزلنا هذه العقبات، أممنا كل الامتيازات والاحتكارات الأجنبية. كان فيه ضغط على هذه المنطقة للدخول فى الأحلاف العسكرية.. قاومنا هذه الأحلاف العسكرية.. قاومناها بكل شىء، قاومنا حلف بغداد، وحلف البحر الأبيض المتوسط، وصممنا على أن نكون خارج الأحلاف، وعلى أن تكون لنا سياسة مستقلة. وكان كل واحد فيكم بيشترك فى الجيش الشعبى علشان يدافع عن البلد ضد الاستعمار وضد العدوان، واستطعنا أن ننجح ونفرض سياستنا، وهزم حلف بغداد. جابهنا الحرب المسلحة من فرنسا وبريطانيا وإٍسرائيل، وما خفناش، ولم نكن انهزاميين؛ أنا شفت الشعب فى هذا اليوم وبريطانيا تعلن علينا الحرب ومعاها فرنسا وإسرائيل، كل الشعب بينادى حنحارب حنحارب فى كل بلد وفى كل ميدان، معنى هذا إيه؟ أن هناك قاعدة ثورية، وأن هناك طلائع ثورية، وان فيه ثورة مكنت هذا الشعب من انه يعرف معدنه ويعرف طبيعته، ويجند نفسه من أجل أن يحقق آماله، ومن أجل أن يعيش بكرامة.
بعد كده الحصار الاقتصادى.. استطعنا ان احنا نتغلب عليه، وما تعبناش ولا زهقناش ولا تضايقناش؛ اتجمدت أموالنا، ما قلناش إن فيه حاجات ناقصة بالذات الفترة دى. يمكن فيه فترات يقولوا مافيش رز فى السوق ومافيش سكر فى السوق، وأنا بابقى عارف فى أخر الصيف بان مافيش رز فى السوق، مصر الجديدة مافيهاش رز، أو مافيش أدوية فى الأجزاخانات، فى فترة العدوان وأنا كنت عارف إن كانت فيه حاجات ناقصة وبعد العدوان؛ لأن ما عندناش عملة صعبة، يعنى لم نلاحظ بأى حال من الأحوال ان فيه هجوم على المحلات علشان تخزين البضائع. وأنا كنت باشوف هذه الظاهرة، وباستغرب وأقول: آمنت بطبيعة هذا الشعب وبمعدن هذا الشعب وبصلابة هذا الشعب، كان فيه ثورة فعلاً. كان فيه ١١ محطة إذاعة – يمكن عدد كبير منكم سمعها.. وأنا برضه كنت باسمع هذه المحطات – قالوا فينا كل ما يمكن أن يقولوه؛ قالوا حرامية.. قالوا كذا وقالوا كذا وقالوا كذا، وقالوا ساكنين فى القصور، ولكن هل حد صدق؟ ماحدش صدق ولا نفعت الحرب النفسية، ليه؟ لأنه شعب ثائر؛ ولأن الشعب كله تحول إلى قاعدة ثورية وطليعة ثورية.. فشلت الحرب الاقتصادية كما فشلت الحرب، وفشلت أيضاً الحرب النفسية.
أما نتكلم على مصر هنا ونقول ثورة ٢٣ يوليو سنة ٥٢ بنقول ثورة؛ لأن فيه ثورة.. مش بنقول ثورة بنطلق شعار أو اسم على غير مسمى.. لأ.. فيه ثورة، ثورة قامت لها أهداف اجتماعية وأهداف سياسية وعارفة طريقها، وحققت هذه الثورة. الجيش أما قام فى ٢٣ يوليو – زى ما اتقال فى الميثاق – ماكانش هو فاعل الثورة ولكنه كان الطليعة.. الطليعة الثورية اللى قامت علشان تكمل العمل الشعبى اللى مات من أجله مئات وآلاف الناس، فيه ثورة فعلاً؛ لأن طاقات الشعب أطلقت، إطلاق طاقات الشعب عملية ثورية.. إطلاق طاقات الشعب كله، مش ٥٠٠٠ واحد دول بس اللى أطلق طاقاتهم وأقول دا الحزب، هى دى الثورة وهو دا الشعب، والباقى دول عفويين وسطحيين.. وإلى أخر هذا الكلام، ويفضلوا يشتموا فيهم من الصبح لليل، لا.. إطلاق طاقات كل الشعب، عمل ثورى؛ إسقاط الإقطاع اللى كان يتحكم وتحالف مع الاستعمار.. ثورة تحقق سيطرة الشعب على وسائل الإنتاج، وقيام قطاع عام قوى يملكه الشعب ويسيطر عليه، ثورة، لنا النهارده ٨٠% من النشاط الاقتصادى.
كل هذه الأشياء مكنت.. مكنت للعمل الكبير اللى احنا بنحس به النهارده واللى أنتم النهارده قاعدين هنا نتيجته.. نتيجة وجوده؛ وهو تحالف قوى الشعب العاملة على أنقاض تحالف الإقطاع ورأس المال؛ اللى هو قيام الاتحاد الاشتراكى العربى الذى يمثل تحالف قوى الشعب العاملة.
النهارده الفلاح – المؤيد بالتعاون – سيد فى الأرض، وهذه ثورة، العامل شريك فى إدارة المصنع وشريك فى الأرباح، وهذه ثورة، أيضاً بذلت كل الجهود حتى لا تقوم طبقة جديدة، حددت المرتبات، عمل حد أعلى ٥٠٠٠ جنيه ، كان زمان أعضاء مجالس الإدارة بياخدوا ١٦٠ و٢٠٠ ألف جنيه، ثم أقمنا رقابة حتى نستطيع أن نقاوم الانحراف، أقمنا الحكم المحلى واللامركزية، الميثاق اتكلم على المجالس الشعبية المنتخبة اللى حتقوم فى القرى والمدن والمحافظات، وهذا فى حد ذاته أيضاً ثورة، ثم فتح الطريق أمام الديمقراطية السليمة؛ ديمقراطية الشعب العامل، أما نقول ان هنا فيه ثورة.. فيه ثورة فعلاً.. ثورة فى كل الميادين، ثورة فى التحويل الاجتماعى، ثورة فى الصناعة، وثورة فى الزراعة، ثورة فى التنظيم، ثورة فى كل شىء، ثورة من أجل تغيير المجتمع.
أما نبص النهارده لخريطتنا – خريطة مصر – بنجد ان فيه تغييرات كبيرة اجتماعية وطبيعية؛ أخذنا مليون فدان من الإقطاعيين ووزعناهم على الفلاحين، دى ثورة فى حد ذاتها، لغاية النهارده صلحنا ٣٣٠ ألف فدان، تم استصلاحها على موارد المياه الحالية من غير السد العالى، وفى نفس الوقت بنعمل فى الوادى الجديد، وهدفنا ان احنا نوصل إلى مليون فدان، و٢ مليون فدان، ولكن البداية بدأت فى هذا العام أو فى هذه الخطة. فى نفس الوقت فيه ٢ مليون فدان النهارده بيجرى استصلاحها استعداداً لمياه السد العالى فى العام القادم، السنة الجاية حنغير مجرى النيل فى شهر مايو ويتحول النيل إلى الأنفاق اللى بيشتغلوا فيها إخوانكم النهارده وبيحفروها فى الجرانيت، وبهذا نقدر ناخد ٤ مليار متر مكعب ميه زيادة تساعدنا على زراعة جزء من الـ ٢ مليون فدان؛ أى إضافة أرض زراعية جديدة تعادل ثلث الأرض الزراعية قبل الثورة، فيه عمل وفيه ثورة، مش من أجل فلان باشا، ولا من أجل فلان بيه، ولا من أجل الخاصة الملكية، ولا من أجل العائلة الملكية، ولا من أجل أى طبقة، ولا من أجل أى حزب ولا أصحاب نفوذ.. من أجل الفلاح، ومن أجل العامل، ومن أجل الشعب.
الأرض اللى حتطلع من السد العالى والأرض اللى بتستصلح مش حنبيعها، ولكن حتتوزع على الفلاحين؛ حتى يكون لكل فلاح نصيب فى أرض وطنه، وحتى كل فلاح يكون شاعر انه سيد نفسه وسيد مصيره، فيه ثورة فعلاً. النهارده، أما نقول فيه ثورة يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢ يعنى إيه؟.. سنة ٥٢ الاستثمار فى الصناعة كان ٢ مليون جنيه، السنة دى ١٥٥ مليون جنيه، معنى دا إيه؟ معناه ان احنا بنتحول بسرعة إلى التصنيع، المصانع اللى بنيت من ٥٢ لغاية النهارده.. أنا طلبت الأرقام من فترة،٧٠٠ مصنع اللى فيها عدد من العمال، الإحصاء حسب عشر عمال فأكثر، ولكن بندخل فى الـ ٧٠٠ مصنع، مصنع الحديد والصلب ومصنع السماد والتكرير وكل حاجة من دول، السماد بيتكلف ٢٥ مليون، الحديد والصلب بيتكلف ٢٥ مليون، ٧٠٠ مصنع فى ١١ سنة، وأرجو من وزير الصناعة إنه بيكتب لكم، لستة بالـ ٧٠٠ مصنع دول ولو فى إعلان حتى فى الجرائد؛ علشان الناس تعرف إن اتعمل فعلاً ٧٠٠ مصنع من ٢٣ يوليو سنة ٥٢ لغاية دلوقت. الإنتاج الصناعى سنة ٥٢ كان ٣١٤ مليون جنيه قيمة الإنتاج الصناعى، السنة دى من ٣١٤ بقى ٩٠٠ مليون جنيه بزيادة قدرها ١٨٧%، ودا طبعاً بخلاف صناعة حلج القطن وضرب الرز، والمخابز والمطاحن، والمحاجر والحاجات الأخرى، فيه ثورة بنقول فيه ثورة فعلاً. امبارح أنا كنت فى مصنع السيارات – سيارات نصر – ولقيت شاب صغير قلت له عمرك كام سنة؟ ١٩ سنة، بتاخد ماهية أد إيه؟ قال لى باخد ١٢ جنيه، قلت له دا لما كنت ملازم تانى واتخرجت عندى ٢٠ سنة وكنت باخد أقل من ١٢ جنيه، فيه ثورة فعلاً، النهارده أما العامل اللى بيقف بياخد ١٢ جنيه من أول ما يتعين، فيه تغيير جذرى فى المجتمع.
السنة دى الزيادة فى الإنتاج الصناعى عن السنة اللى فاتت ١٩.٢%، ونرجو السنة الجاية تزيد، الكهربا تضاعفت ٤ مرات، والنهارده مش قادرين نستنى لغاية ماتيجى لنا كهربة السد العالى سنة ٦٦ أو ٦٧ ومتعاقدين على محطات كهربا جديدة؛ منهم محطة بـ ٤٢ مليون دولار علشان نواجه طلبات الصناعة. الإسكان.. عشرات الألوف بل يمكن مئات الألوف من المساكن الشعبية والمتوسطة بتبنيها الدولة علشان توفر المسكن فى كل المحافظات، تخفيض الإيجارات، فيه تغيير، وباقصد بهذا ان فيه ثورة فعلاً، فيه تغيير فى ملامح المجتمع. ميزانية التعليم السنة دى والبحث العلمى ١٠٢ مليون جنيه، المدارس النهارده فيها ٣ مليون طالب، غير الجامعات فيهم ١٠٠ ألف طالب، كل دا تحويل اجتماعى كان الأول الميزانية ٢٧ أو ٢٨ مليون جنيه فى الجامعات، والطلبة بينتظرهم المستقبل ليساهموا فى بناء بلدهم.
النهارده فيه زراعة تعاونية، كان زمان الفلاح بياخد بالربا، النهارده بياخد من بنك التسليف بدون فوائد.. بدون فوائد، فيه تغيير اجتماعى.
ورغم حركة الإنفاق الكبيرة وأجور العمال تضاعفت يمكن ٣ مرات أمكن السيطرة على الأسعار. ارتفع مستوى الأسعار عموماً فى الـ ١٠ سنين حوالى ٨%، فى بلاد تانية زاد ٤٠٠%، الأمم المتحدة بشهادتها قالت إن مصر أرخص بلد فى العالم بالنسبة للمواد الاستهلاكية. طبعاً أما زودنا سعر السكر السنة دى قرش احنا أرخص بلد بتبيع السكر، واستهلاك السكر تضاعف لدرجة ان احنا إنتاجنا – وبنعمل أربع مصانع سكر جديدة – مش مكفى، وحنستورد السنة دى سكر، ودا مش فى صالحنا، وأما رفعنا السكر قرش كنا عايزينكم كل واحد يقلل كده قد كام درهم فى السكر علشان ما نستوردش وندفع فلوسنا لبره. أما زودنا الكهربا ٢ مليم فى الكيلو أيضاً؛ لأن زاد الاستهلاك على الكهربا لدرجة ان فيه مصانع حتى النهارده بتخلص وما بنجدش لها كهربا، والسنة اللى فاتت عملنا وحدات كهربا متنقلة نقدر نشغل بها المصانع لزيادة استهلاك الكهربا.
فيه ثورة، فيه خدمات، الميزانية سنة ٥٢ كانت ٢٠٠ مليون جنيه.. يمكن ٢٠٠، ٢٢٠، السنة دى الميزانية ١١٠٠ مليون جنيه.. فيه ثورة، فى١٠ سنين ١١٠٠ مليون جنيه ميزانية الخدمات. السنة دى الصحة والعلاج والتعليم… إلى أخره ٥٠٠ مليون جنيه، فيه ثورة أيضاً فى الخدمات، ما رضيناش نقول نقلل الخدمات وأن نخلى هذا الجيل يضحى.. طبعاً فيه تأمين اجتماعى. وطبعاً أنا باقول فيه ثورة يعنى برضه لازم أقول فيه عيوب؛ فيه عيوب أنا عارفها وانتم عارفينها.. فيه عيوب فى التأمينات، مثلاً الناس اللى عايزين يصرفوا التأمينات يمكن بيروحوا المكاتب ما بيقدروش يصرفوا التأمينات، وبيقولوا لهم تعالوا بكره ويتأخروا.. كلنا عارفين، ولكن مش حنقدر نقلب الدنيا كلها إلى مكنة فى يوم وليلة، واحنا يمكن عن طريق الاتحاد الاشتراكى، وعن طريق الشعور بالواجب نستطيع أن نتغلب على كل هذه الأمور.
فيه ثورة.. لأن أيضاً فيه ٥١٠ مليون جنيه للاستثمار؛ الدخل القومى زاد فى عشر سنوات، حنضاعفه مرة تانية فى عشر سنوات.. احنا السنة دى فى السنة الرابعة. الإنفاق زاد، استهلاكنا من القمح والذرة زاد ٢ مليون طن، استهلاكنا من المنسوجات تضاعف، وبرضه نخلى وزير الصناعة حيقول لكم أد إيه احنا بنستهلك من كل حاجة، كنا بنستهلك أد إيه سنة ٥٢ واللى بنستهلكه أد إيه النهارده. طبعاً بعض الاقتصاديين بيقولوا إن زيادة الاستهلاك دا بيسبب لنا مشكلة، ولكن احنا بنشعر طالما فيه زيادة فى الإنتاج، وطالما فيه شعور بالعمل المشكلة حتكون بسيطة ونقدر نحلها. طبعاً زيادة الاستهلاك بالنسبة لنا هى ظاهرة إنسانية مفرحة، يعنى حاجة تخلى الواحد يشعر بالتفاؤل رغم المشاكل اللى بتسببها؛ ما احناش عايزين جيل يضحى بكل شىء، عايزين ونحن نبنى الحياة أن نعيش الحياة، فيه علينا أعباء، ولكن بالجهد والتصميم نتحمل هذه الأعباء.
فيه تحويل اجتماعى كبير، إذن أما نقف نقول ثورة ٢٣ يوليو سنة ٥٢ عندنا فكر، عندنا عقيدة، بدأنا بالمبادئ الستة المعروفة، عندنا الميثاق، عندنا برنامج عمل واضح لغاية سنة ٧٠، عندنا التطبيق والممارسة، عندنا الأرض بتتصلح، والمصانع طالعة، والخدمات بتزيد، والمدارس بتتبنى، والوحدات الصحية بتتبنى وحدة كل يوم، المدارس بتتبنى تقريباً كل ٣ أيام، فيه عمل، التعليم بقى مجاناً ماحدش بيدفع مصاريف، العمال كلهم النهارده بياخدوا معاشات. كل هذه الأمور.. الدولة ما بقتش بتاعة واحد، ولا بقتش بتاعة ناس، ولا بقتش بتاعة حزب، بقت بتاعة الشعب كله.
وأما نقول ان احنا فى ثورة.. فعلاً فيه ثورة؛ ثورة فى جميع الأنحاء، وثورة فى جميع الأرجاء. فيه ثورة فعلاً ان احنا تحولنا إلى قاعدة قومية، ما بنترددش فى أى وقت ان احنا نساعد ونؤمن الحركات الشعبية العربية، ونساعد على فتح طريق التطور العربى بالممارسة. نقعد هنا والناس بتنتقدنا، والـ ١١ سنة دول سمعنا فيهم نقد لا أول له ولا أخر، ولكن بنسمع النقد، لكن هل فيه حد بيشتغل حاجة؟ نسمع نقد، ولكن اللى حوالينا مافيش شغل أبداً. ما بيهمناش أبداً هذا النقد طالما بنبنى ونبنى، وكل يوم نبنى مصنع، وكل يوم نبنى مدرسة، كل يوم نبنى وحدة صحية، كل يوم نطور حياتنا من أجل وطننا ومن أجل أبنائنا، ومن أجل جيلنا. أيضاً مافيش ما يمنع أبداً ان احنا نغلط، احنا مش ملايكة.. لازم نغلط، الناس اللى بيشتغلوا – المسئولين – مش ملايكة.. لازم يغلطوا. طالما مافيش خيانة ومافيش سرقة كل غلط ممكن بيتصلح. طبعاً الإهمال إذا زاد وأصبح إهمال عن تعمد يدخل فى جانب الخيانة. كل واحد لازم يغلط، وكل واحد لازم يتعلم من غلطه، واحنا هنا بنعمل تجربة منبعثة منا ومنبعثة من بلدنا، تجربة رائدة؛ لأننا نريد أن نقيم المجتمع الذى نريد؛ مجتمع الكفاية والعدل، المجتمع الذى ترفرف عليه الرفاهية المجتمع اللى يخلصنا من الميراث اللى حملناه آلاف السنين.
احنا بنبنى وبنحارب المعارك القومية الثورية وما بنخافش؛ لأن احنا بنؤمن بها، زى ما قلت لكم حاربنا فى اليمن ولم نتردد. صلاح البيطار أما جا هنا قال لى إنه تصور ان الأخبار اللى طلعت ان الجيش المصرى راح اليمن دى دعاية عاملاها الأجهزة، صلاح البيطار هو عنده عقدة الأجهزة؛ أجهزة الدعاية، ما احنا النهارده أما بنسمع إذاعة دمشق، طول النهار تقول أجهزة الدعاية.. أجهزة الدعاية، أنا عارف إن صلاح البيطار عنده عقدة من أجهزة الدعاية، لدرجة انه تصور ان القوات أما راحت اليمن انها دعاية.
احنا نعاون بكل إمكانياتنا ولا نتردد؛ فى معركة الجزائر وفى كفاح الجزائر وقفنا فى جانب إخوتنا فى الجزائر. هم قاموا بالعمل الأكبر؛ هم قدموا مليون شهيد، هم ضحوا، هم حاربوا، وهم استطاعوا انهم يحصلوا على استقلالهم بسنانهم، بأظافرهم، لم يترددوا بأى حال من الأحوال ولكن احنا هنا وقفنا معاهم ليه؟ لأنهم إخوانا، ولأنه واجبنا بالنسبة لهم، نتج عن هذا طبعاً إن “بينو” فى فرنسا كان بيعتقد انه أما بيضرب بورسعيد بيحل قضية الجزائر، ولكن ضرب بورسعيد، وانطرد من بورسعيد، وانطرد أيضاً من الجزائر.
احنا أما بنعاون فى اليمن بنعاون بكل إمكانياتنا عن إيمان ولا نتردد، حرية العرب واحدة، كرامة العرب واحدة، لا يمكن بأى حال من الأحوال إن الرجعية التى يسندها الاستعمار تأخذ فرصة لتضرب الثورة العربية، هذه المعركة بالنسبة لنا معركة قومية.. معركة ثورية ودخلناها بدون تردد، دخلها رجالنا بدون تردد، قاتلوها بدون تردد، ضحوا فيها بدون تردد. النهارده وهم بيسمعونا واحنا بنحتفل بالعيد الـ ١١ للثورة أبعت لهم من هذا المكان باسمكم وباسم شعب الجمهورية العربية المتحدة، اللى يقدر عملهم ويقدر تضحياتهم، واللى يقدر معيشتهم الصعبة فى الجبال، واللى يقدر تعرضهم لمؤامرات الرجعية المتعاونة مع الاستعمار.. أبعت لهم تحية قلبية من قلبى، ومن قلب كل شعب أبناء الجمهورية العربية المتحدة.
هنا فيه ثورة فعلاً اتكلمنا فيها، اللى جرنا للكلام على الثورة الكلام على المباحثات، فيه تجربة هنا رائدة، فيه تجربة دخلت فى التطبيق والممارسة ١١ سنة. فى المباحثات مع السوريين – نرجع تانى للمباحثات مع الوفد البعثى اللى كان موجود هنا – بكل إخلاص ناقشنا هذه التجربة، وبكل إخلاص ناقشنا أيضاً أخطاءها. اتكلمنا على شعار السحق اللى رفعوه، واتكلمنا على التسلط الحزبى ونهايته المحتومة، اتكلمنا على الرغبة فى الوحدة الوطنية والوحدة القومية والتنظيم الشعبى، وكنت باقول لهم؛ سواء قامت وحدة أو ما قامتش وحدة، أو وصلنا إلى اتفاق، أو ما وصلناش إلى اتفاق بتهمنا قوتكم، ويهمنا انكم تسيروا على الطريق الصحيح، وأن تستفيدوا بالتجارب. ولكن – أيها الإخوة – من أول الجلسات شعرت أن هناك أخطاء فادحة وانحرافات، شعرت إن حزب البعث عايز يموع العملية.. حزب البعث فى هذا – يمكن بطبيعته – أراد أن يناور وأراد أن يموع .
أول جلسة فى الجلسات قالوا ان احنا عايزين وحدة ديمقراطية، وعايزين وحدة مضبوطة، وعايزين وحده متكافئة، ولكن قلنا لهم ما هو مفهوم الثورة الاجتماعية؟ وما هو مفهوم الحرية والديمقراطية؟ وما هو مفهوم الوحدة؟ مافيش نتيجة. من أول الجلسات حسينا ان مافيش التقاء، وحسينا ان فيه انحراف، وحسينا ان الحرية بالنسبة لهم شعار أجوف. واحد منهم قال هو احنا أما نكون بره الحكم نقول الحرية الديمقراطية زى الحرية البرجوازية تعدد أحزاب وحرية ديمقراطية، لكن أما نيجى فى الحكم نقول حزب واحد. صممنا فى مناقشاتنا معاهم على أن السبيل إلى إقامة الوحدة هو العمل السياسى الواحد والقيادة السياسية الواحدة، وتوحيد كل القوى القومية حتى تستطيع أن تجابه القوى الانفصالية والقوى اللاقومية. مشينا فى هذا الكلام، مشينا فى المباحثات لغاية ما جينا يوم وخلصنا الدستور.. قعدنا نتكلم على البرلمان وقعدوا يتفلسفوا.. البرلمان كذا وكذا، نتكلم على سلطات رئيس الجمهورية، قالوا: رئيس الجمهورية ما يكونلوش سلطات، قلت لهم: موافق رئيس الجمهورية ما يكونلوش سلطات، قالوا: بتكون كل شىء بالتكافؤ، قلنا لهم موافقين، كل حاجة طلبوها قلنا لهم موافقين.. موافقين.. موافقين، طالما فيه برلمان وطالما فيه مجلس أمة احنا موافقين ندى السلطة للبرلمان ولمجلس الأمة.
بعد ما خلصنا هذا الكلام كله قالوا الجيش مش حيتوحد.. مافيش جيش موحد؛ الجيش العراقى بيفضل فى العراق، والجيش السورى تبع سوريا، والجيش المصرى تبع مصر. طب يا جماعة وحدة إيه اللى انتم بتتكلموا عليها، انتم جايين تقولوا وحدة.. وحدة.. الجيش ما بيتوحدش، الاقتصاد ما بيتوحدش.. مافيش حاجة بتتوحد، قالوا: لأ؛ الخارجية هى اللى تتوحد.. طيب كيف نقيم دولة اتحادية بدون توحيد الجيش؟ قالوا: ظروفنا عايزة كده، قلنا لهم: بنبحث هذا الموضوع، طالما حيكون فيه مجلس أمة الأمور ممكن تتحل. جم أخر وقت وقالوا ان احنا بعد ما يتم الدستور عايزين فترة انتقالية، البعض قال ٣ سنين، ثم قالوا ٤ سنين، ثم قالوا ٥ سنين، بدون مجلس أمة، وبدون أى من الأجهزة الديمقراطية، الله! طب جرى إيه يا صلاح يا بيطار دا أنت كنت بتقول عايز وحدة ديمقراطية ومش وحدة ديكتاتورية، واحنا كنا الوحدة الديكتاتورية، راح فين الكلام؟ هل الكلام دا كان للاستهلاك المحلى؟ انتم اللى كنتم بتقولوا الحرية، وبتقولوا علينا ديكتاتوريين، وبتقولوا علينا احنا متسلطين، وبتقولوا علينا ان احنا استبداديين.. فين الكلام على الحرية؟ فين البيان اللى أعلنته فى دمشق – اللى هو البيان الوزارى – انكم عايزين وحدة ديمقراطية مش وحدة ديكتاتورية؟
طب أما وصلنا للوحدة الديمقراطية.. هو الديمقراطية يعنى إيه؟ مش يعنى برلمان؟ يقولوا: لأ، عايزين ٥ سنين من غير برلمان. طب ٥ سنين من غير برلمان، ومن غير توحيد جيش، ومن غير توحيد اقتصاد، ومن غير توحيد حاجة أبداً.. طب تبقى وحدة إيه؟! يقولوا أهو نكتب العنوان الوحدة. طب أما نكتب عنوان الوحدة والكلام دا بنبقى نضحك على الناس. ثبت من أول وقت أن هناك انحراف، وأن هناك تصميم على الانفصال من حزب البعث؛ لأنه كان يريد انفصال ويخدع الشعب بعنوان الوحدة. الحرية إيه؟ مافيش.. الحرية انهم أحرار يعملوا هم اللى عايزينه، الاشتراكية إيه؟ الاشتراكية انهم يشتركوا فى الحكم، وبعدين يتسللوا ويخبطوا الحكم، الوحدة إيه؟ الوحدة انهم يقولوا للناس وحدة، وييجوا لنا فى الأوضه ويقولوا أبداً مش عايزين برلمان، وعايزين وحدة موجهة. طب يا جماعة مش دى الديكتاتورية اللى انتم كنتم بتقولواعليها، وبتقولوا ان احنا ديكتاتوريين؟! وبعدين تقعدوا هنا فى الأوضه وما توافقوش على الكلام اللى أنتم أعلنتوه بره فى بيانكم، وبعدين تطلعوا بره وتقولوا والله احنا نعمل إيه، وتعيطوا للناس، جمال عبد الناصر أرغمنا على هذا الكلام.. زى ما كنتم بتقولوا فى الماضى.
وقررنا ان احنا ننهى المفاوضات، ولكن حصل إيه؟ جالنا الوفد العراقى.. الوفد العراقى جا فى البيت، اجتمعنا معاه.. الوفد العراقى اتكلم على ظروف العراق، وعلى أحوال العراق، وعلى عدم الوصول إلى اتفاق للوحدة بيؤثر على ظروفهم ويضعف الأوضاع فى العراق، وان احنا واجبنا القومى يدعونا أن نسهل لهم الأمور. عملنا اجتماع، وبعد كده حضرنا وقلنا لهم: بنقبل اللى انتم عايزينه، جيش مش متوحد ٥ سنين موافقين، مافيش برلمان موافقين، عايزين تعملوا مجلس ثورة موافقين، حنغامر.. حندخل مغامرة.. مغامرة محسوبة وأمرنا إلى الله من أجل شعورنا بالقومية، ومن أجل المصلحة العربية، من أجل مصلحة العراق اللى اتكلم عنها وفد العراق، من أجل الوحدة الثلاثية؛ لأن احنا كنا من مؤيدى الوحدة الثلاثية. من أجل أمل الشعب العربى فى الوحدة نقبل، وكان عندنا.. قد يكون هناك ١% إخلاص، خسارة بنضيع هذا الـ ١%، وقلت: نبدأ بوحدة ضعيفة، ولكن يكون شعارنا أن هذه الوحدة لابد أن تقوى مع الأيام، ولابد أن تجعل الشكوك تذوب فى تجربة العمل المشترك على أساس وحدة العمل السياسى فى الدولة، ووحدة التنظيم السياسى، وقلت لهم: ان احنا بعد ما وصلنا إلى هذه الوحدة الضعيفة اللى مافيهاش حاجة أبداً، أحب أقول لكم ان هذه الوحدة لا تحتمل مناورة ولا خديعة ولا هزل. ووقعنا اتفاقية الوحدة الثلاثية واتكلنا على الله، ولكن كانت عيوننا مفتوحة، ماكناش سذج بعد هذه العملية.
إخوانا سافروا يوم ١٧ إبريل.. يعنى ١٧ نيسان، وخدوا اللى هم عايزينه.. خدوا إمضاء على الوحدة، ورجعوا. احنا اشترطنا أو كان اشترط الميثاق لقيام الوحدة أولاً توحيد القيادة السياسية، توحيد العمل السياسى، الطريق لهذا أن تقوم جبهة قومية فى سوريا وفى العراق، وأن يعلن ميثاق قومى والاتحاد الاشتراكى اللى يمثل جبهة هى تحالف قوى الشعب العاملة، أيضاً تعمل ميثاق قومى، الكل يتلموا على بعض ويقيموا قيادة سياسية واحدة تعلن ميثاق قومى، وبهذا نسير فى طريق لا تناقض فيه. والميثاق القومى بيحدد لنا الخط الواضح اللى احنا حنمشى فيه؛ فى كل خطوة من الخطوات إيه هى الحرية؟ إيه هى الاشتراكية؟ إيه هى الوسائل المطلوبة للتطبيق والممارسة؟
من أول ما رجعوا.. يوم ١٧ ويوم ١٨ بدأ البعث فى جر سوريا إلى صراع عقيم، وكان هدف البعث أن يمزق الجبهة الوحدوية؛ الجبهة القومية فى سوريا، وكان هدف البعث التصفية؛ تصفية كل الوحدويين، وتصفية كل القوميين تحت شعار الوحدة، وتحت شعار اتفاقية الوحدة. واحنا من يوم ١٩ أو يوم ٢٠.. بعد الاتفاقية بـ ٣ أيام شعرنا أن الاتفاقية بدل أن تصبح نقطة لقاء أصبحت أداة حزبية للضرب وللطعن وللتصفية.
يوم ٢٠ إبريل كنت فى اسكندرية، والمخابرات جابت لى رسالة مرسله من دمشق إلى بغداد، من الملحق العسكرى العراقى فى دمشق إلى على صالح السعدى فى بغداد بتقول إيه هذه الرسالة؟ بتقول له إن الرفاق – الرفاق البعثيين – قرروا تصفية الناصريين – الرسالة دى مؤكدة ١٠٠% – قرروا تصفية الناصريين، ويطلبوا منكم انكم تجهزوا الطيران وأى مساعدة يطلبوها، بعدين قالت له إنهم اتفقوا أولاً مع زياد الحريرى، وإن زياد الحريرى وافق على ضرب الناصريين – الرسالة دى راحه من دمشق إلى بغداد.. إلى على صالح السعدى فى بغداد – الجزء التالت قالت الرسالة انهم اتفقوا مع لؤى الأتاسى، وأن العملية سائرة فى طريقها.
طبعاً الكلام دا جالى يوم ٢٠ جزء منه، ويوم ٢٤، ٢٥، أو ٢٦ الجزء التانى، وأنا أول ما شفت هذا الكلام حسيت بالغدر، وحسيت ان البعث عاد إلى أساليبه القديمة فى الطعن بالأساليب اللاأخلاقية. كان عندى أحد الوزراء السوريين – سامى الدرول – قبل ما أسافر للجزائر، وقلت له ان احنا يجب ألا نتبع أساليب المناورات، وقلت له ان احنا عندنا معلومات ان البعث بيدبر وبيجهز لتصفية الضباط الوحدويين، والتعبير اللى بيقولوه تصفية الضباط الناصريين.. طب أنا إذا لقيت واحد موقع معايا اتفاقية وطالع بيقول أنا حاصفى الناصريين، طب أثق فيه ازاى؟! لا يمكن ان أنا أثق فيه بأى حال من الأحوال وقلت له ان هذا الكلام كلام خطير ينقض الاتفاق؛ لأن الاتفاقية كلها قائمة على توحيد العمل السياسى، وتوحيد القيادة السياسية، وافتراض حسن النية والثقة، بعد كده مافيش حاجة.. مافيش توحيد جيش.. مافيش توحيد اقتصاد.. مافيش توحيد تجارى.. مافيش أى توحيد.. بدون الثقة وحسن النية لن تقوم للاتفاقية قائمة.. بدون الكلام دا تصبح لا شىء.
يوم ما سافرت الجزائر البعثيين دبروا خطتهم؛ بعتوا ١٢ من الوحدويين – اللى بيقولوا عليهم ناصريين – إلى بغداد من أجل مباحثات الوحدة العسكرية، وهم فى بغداد سرحوا ٥٠ ضابط وحدوى مناضل؛ اللى هم بيقولوا عليهم ناصريين، وأما رجع الوفد السورى اللى راح يتفاوض فى العراق استنوه فى المطار، وحطوه فى الإقامة الجبرية فى بيته، سرحوا بعض الناس، وحبسوا بعض الناس، وعينوا بعض الناس فى وزارة الخارجية.
هل دى الثقة؟ فى رأيى أن ما حدث كان انقلاباً على الميثاق من أول أسبوع بعد توقيع الميثاق، وأن البعث غدر بالوحدة العربية وبالقومية العربية بهذا التصرف؛ حينما ضرب فكرة توحيد القوى القومية فى جبهة، وحينما تصدى للعناصر الوحدوية اللى بيقولوا عليها ناصرية بالتسريح وبالطرد وبالتشريد.
وبعد كده استقالوا الوزراء الوحدويين، وقامت المظاهرات، بدأت الاعتقالات، وبدأ الرصاص، وبدأ حزب البعث يطبق شعاره فى الحرية؛ حرية سجن المزة، بدأ حزب البعث يطبق هذا، قتل ناس فى حلب، وقتل ناس فى درعا.
اعتقلوا الوحدويين أو عدد من الوحدويين اللى كان المفروض انهم يدخلوا فى الجبهة، بعد كده أما رجعت من الجزائر كنت عايز أتكلم؛ ولكن فضلت انى أؤجل الكلام؛ علشان يمكن الجماعة دول يفكروا بروية وبطريقة أخلاقية، أيضاً حرصاً على إمكانية جمع الجبهة الداخلية فى سوريا، حرصاً على العراق وموقف العراق، والكلام اللى اتقال لى، وأملاً فى إمكانية إقامة الوحدة العربية.
فكرت إنى أتكلم يوم عودة قواتنا من اليمن، يوم ٢٢ فبراير، يوم عودة طلائع قواتنا من اليمن، ولكن فى هذا اليوم اتصل بى عبد السلام عارف؛ وطلب منى أن أتروى وما أفتحش الموضوع، وتقديراً له أنا أيضاً ما اتكلمتش فى هذا اليوم، واقترحت عليه انه يزورنا فى الجمهورية العربية المتحدة، وقلت له: يا أخ عبد السلام الشعب فى الجمهورية العربية المتحدة عايز يستقبلك، وهو يحمل لك من سنة ٥٨ أكبر تقدير، وما قلتش هذا الكلام رغبة فى الإحراج، ولكن علشان نجد فرصة للبحث عن مخرج من أزمة الثقة؛ لأنى شعرت ان ميثاق الوحدة انتهى؛ لأن البعث غدر ونقض الميثاق.
ولكن بعد كده وعدنى.. وعدنى عبد السلام عارف انه حييجى، وبعدين وزير الخارجية قال إن مجلس قيادة الثورة هناك – مجلس القيادة عندهم – ما وافقش إلا إذا جاء وفد من مصر. طب يا جماعة دا من أول ثورة العراق بنقول لكم عايزين نبعت وفد علشان يهنيكم، تقولوا لنا الجمعة الجاية، الجمعة اللى بعديها.. أربع مرات بنقول لهم عايزين نبعت وفد للتهنئة إلى العراق؛ وفد برئاسة على صبرى قالوا مش مستعدين، وفد برئاسة المشير قالوا مش مستعدين، مرة تالتة قالوا مش مستعدين، وبعدين سكتنا.. قلنا يعنى قطعاً اللى اعتذر مرتين وتلاتة يبقى مش عايز وفد يروح من عندنا.. سكتنا. أما دعينا عبد السلام عارف قالوا لأ، عبد السلام عارف ما يجيش إلا إذا جا عبد الحكيم عامر.. طيب عبد الحكيم عامر مسافر موسكو بعد ٣ أيام، ازاى حيسافر موسكو ويروح العراق؟ وبعد موسكو حييجى يمكن حيروح على اليمن، وبعد اليمن دا هو مدعو فى الجزائر فى أعياد الاستقلال.. رايح أعياد الاستقلال.
ولا جاش عبد السلام عارف، واحنا كنا.. العملية لا رغبة فى إحراجه، ولكن كنا عايزين نبحث عن مخرج من أزمة الثقة. وسارت الأمور طبعاً، تحولت ٨ مارس إلى انقلاب، اتسرقت الثورة، لاحقوا العناصر الوحدوية هى اللى بقت تدخل السجن.. الوحدويين اللى كانوا بيدخلوا السجن أيام الانفصال هم اللى بيدخلوا السجن أيام البعث.. هم هم سياسة الغدر وسياسة الكدب. وواضح ان حزب البعث العربى الاشتراكى هو حزب البعث العربى الانفصالى، مش عايز وحدة، ولا يعمل من أجل الوحدة، ولكن عايز البعث؛ والبعث بس، وبينتهك كل ما قيل، يضرب عرض الحائط بكل شىء، وعلى هذا الأساس قررنا نشر محاضر الجلسات لكى يعرف الرأى العام العربى كل الحقيقة.
ونشرت محاضر الجلسات، وأرسلت لهم من أسبوعين مع المهدى بن بركة.. كان اتكلم معايا، وقلت له إن الأمور إذا لم تسر حسب الاتفاق، وإذا لم ينته هذا التسلط؛ لا يمكن ان احنا نسير فى هذا الطريق، أزمة الثقة موجودة.. نتيجة كل هذه الأعمال أن لا ثقة.
تسريح الضباط، طرد الموظفين الوحدويين، حبس الضباط الوحدويين، سجن الموظفين الوحدويين، اضطهاد جميع العناصر الوحدوية تحت اسم ان هذه العناصر ناصرية، ويقولوا دول عملاء وأجراء.. وجولنا فى المحاضرة قالوا لنا إيه؟ إن سياستكم العملاء – لا الشركاء – والأجراء، يعنى إيه يا جماعة عملاء أو شركاء؟ قالوا سياستكم الناس اللى بتدفعوا لهم أموال، الله!! طيب يا إخوانا ما أنتم جيتم طلبتم منا أموال أيام ما كنتم فى حاجة إلى أموال، ولكم ناس موجودين فى العراق بعد ثورة الشواف اتفصلوا، بعثيين، قلتم لنا إنهم مش لاقيين يأكلوا، وجا ميشيل عفلق فى فترة خد على دفعتين ٧٠ ألف جنيه؛ لدفع مرتبات العراقيين اللى فصلوا فى أيام عبد الكريم قاسم فى مارس سنة ٥٩، طب اشمعنى انتم مش عملاء؟ اشمعنى انتم تقبضوا وما تبقوش أجراء ؟ اشمعنى اللى ما بيقبضوش… وعلى فكرة اللى بيقولوا عليهم ناصريين دول أنا ما اعرفهمش، ما اعرفش حد فيهم، ما اعرفوش بالاسم، مافيش علاقة بينى وبينه.. بيقولوا فلان دا حبسوه علشان ناصرى، فلان دا مين؟ أنا ما اعرفش، طبعاً باحمل له تقدير يمكن أكتر من التقدير اللى باحمله للى أعرفه؛ ولأن دا راجل بيعمل لرسالة وبيعمل لمبدأ.
أيها الإخوة:
كنا بنشوف كل هذه الإجراءات البعثية.. البعث يتسلل ويضغط على العناصر القومية الوحدوية، وكنا نشوف سيطرة العصابات المسلحة المأجورة؛ الحرس البعثى المرتزق.. بيدوا كل واحد ١٥ جنية ماهية واللا مش عارف إيه، وكنا بنشوف الضغط على إنسانية البشر، وكنا بنشوف تصرفات السلطات السورية البعثية.. من أول لحظة تصرفات مشبوهة.. احنا ما عندناش معلومات عن اللى حصل يوم الخميس اللى فات فى دمشق، محاولة الانقلاب اللى حصلت، ولكن بعد محاولات الانقلاب كل تصرفات السلطات البعثية فى دمشق مشبوهة؛ من أول لحظة لأخر لحظة.
يوم الخميس الظهر أو العصر طلع بيان قال: إن قامت محاولة مسلحة اشترك فيها بعض المدنيين وبعض الجنود المسرحين، واستطعنا أن نقضى عليها. وبعدين اتنشر حديث لأحد أعضاء مجلس الثورة السورى فى الصحف – أنا قريته فى صحف بيروت – بيقول إنهم كان عندهم علم عن هذه العملية بالتفصيل، وكانوا متتبعينها، وكانوا منتظرين الوقت المناسب علشان يسحقوها ويموتوا كل المشتركين فيها.. معنى هذا إيه؟ معنى هذا ان كل هذه التصرفات تصرفات مشبوهة، معنى الكلام الأولانى ان فئة قليلة من المدنيين والعسكريين إيه؟ إنها ما تستحقش العمل اللى بيتعمل دا كله. لأول مرة فى التاريخ شعب يحبس فى بيته بدون عيش وبدون أكل ٥ أيام، مافيش بلد عملت كده إلا البعث، حزب البعث هو الوحيد لغاية دلوقت حبس السوريين فى الكام شهر اللى فاتوا حوالى يعنى على المعدل دا بيطلع بيحبسهم شهرين فى السنة، سوريا كلها تتحبس فى البيوت شهرين فى السنة.. بنسبة الأيام إلى الشهور اللى قعدوها.
لؤى الأتاسى جا عندى يوم الخميس، وأول ما قعد قال إيه؟ هم أصل جرايدهم نشرت بعض حاجات عن المقابلة اللى حصلت يوم الخميس، فاحنا بننشر المقابلة على حقيقتها أو بنقولها.. جا يوم الخميس ومعاه وفد سورى، وأول ما قعد.. جا الساعة ٧.. وقال: ان اللى حصل النهارده بيدينا المبرر فى التسريحات اللى طلعناها من الجيش. قلت له: أبداً؛ دا اللى حصل النهارده هو نتيجة تصرفات حزب البعث فى سوريا وطرد الناس من الجيش؛ طرد الضباط وصف الضباط والجنود نتيجة تصرفات حزب البعث فى التسلط، نتيجة تصرفات حزب البعث فى إنه يدى الوظايف للبعثيين بس ويحرم السوريين، نتيجة تصرفات حزب البعث فى إنه قسم البلد إلى قسمين، وعمل تمييز عنصرى، واعتمد على الطائفية واعتمد على الأقليات، نتيجة تصرفات حزب البعث اللى قسم سوريا إلى بعثى وسورى.. البعثى له كل شىء والسورى ليس له أى شىء.
قلت له: دا نتيجة تصرفاتكم وتصرفات حزب البعث. إذا كنتم اتهمتم المناضلين بالجبن.. طلعتم بيان وقلتم إن فلان وفلان وفلان دول جبناء، قلت له: والله أنا لو منهم ومش لاقى حاجة لأجيب العصاية وآجى أحطها فى عين أى واحد منكم علشان أثبت ان أنا مش جبان؛ لأن ازاى أطلع بيان علنى وأقول ان أنا جبان؟ هذا الكلام قلته له. قال لى: دا جاسم علوان، قلت له جاسم علوان له حق.. جاسم علوان كان ملاحق أيام الانفصال، وحكم عليه بالإعدام أيام الانفصال، وبعدين بعد ٨ مارس، وجا حزب البعث، وظهر جاسم علوان ٣ أيام، ومن كم شهر جاسم علوان مطلوب القبض عليه، كل الوحدويين مطلوب القبض عليهم!
قال: الوطنيين يا إما مطلوب القبض عليهم، يا إما فى سجن المزة، يا إما منفيين عندنا فى القاهرة، أو يا إما ملحقين بسفارات فى الخارج، فأنا وأنا منفى لن… لو أنا سورى ومنفى.. نافيينى.. وبعدين يودونى علشان أرجع بلدى يمنعونى.. اعمل إيه؟! هل أهتف بحياة حزب البعث، واللا أعمل ضد حزب البعث؟ واحد منفى وواحد مطرود. تصرفات حزب البعث هى السبب.. تصرفات حزب البعث فى إطلاق النار على المظاهرات، وقتل الناس، وتطبيق الحرية بنقل الناس إلى سجن المزة.. تصرفات حزب البعث فى طرد الضباط من الجيش، وطرد الموظفين من الجيش.. تصرفات حزب البعث فى نفى السوريين من سوريا، ولا حق لهم أن ينفوا السوريين من سوريا.. تصرفات حزب البعث اللى حبس فى المزة السوريين الوطنين؛ اللى رجعوا من هنا إلى بلدهم، إلى أرضهم، ورجعهم تانى فى عربية، وداهم إلى لبنان.
قلت للؤى الأتاسى، أما قال لى هذا الكلام، قلت له إن اللى بيحصل النهارده فى سوريا هو نتيجة التصرفات التى يقوم بها حزب البعث، وإذا كنتم.. إذا كنتم بتتهموا المناضلين والوطنيين بالخيانة فازاى حيسكتوا؟ كل الناس طبعاً تعرف عملية سرقة الثورة.. البعث كان له ضابط واحد، وبعدين سرق الثورة كلها، مسك كل واحد وطبطب عليه، والآخر ادى له خازوق وخلص منه لغاية ما تسللوا للعملية كلها. فين اللى قاموا بثورة ٨ مارس النهارده؟ سرحهم كلهم.. سرحوا صف الضباط، سرحوا الموظفين، قاموا بعملية إرهابية، قالوا على جاسم علوان فى هذا الوقت إنه جبان، وبعدين النهارده بيشتكوا وبيقولوا: احنا سرحنا علشان نحمى الجيش.
حماية البلد وحماية الجيش بأن الحاكم يكون قلبه على كل مواطن، وانه يلم المواطنين ويجمعهم، ويقيم وحدة وطنية، ويقيم وحدة قومية.
حماية الوطن والمواطنين ان الحاكم يعتبر نفسه مسئول عن سلامة أى مواطن، وعن حقوق أى مواطن، ولكن مش يقول إن دا جبان وعلشان كده رفدناه وسرحناه، ويهاجموهم ويدوهم المجاهدين المواطنين الوحدويين ينعتوهم بأقبح الصفات.. امبارح راديو بغداد حتى اشترك فى العملية، راديو بغداد طالع بيقول إيه امبارح؟ حاجة غريبة خالص، بيقول إن جاسم علوان دا رجل الملذات، ودى أبعد حاجة عن جاسم علوان. أما فى بغداد؛ كل بغداد عارفة مين هو رجل الملذات، والقاهرة أيضاً تعرف مين هو رجل الملذات، مش بس بغداد. عمليات بتبين طبيعة حزب البعث، وعصبية حزب البعث، ونرفزة حزب البعث.
احنا قلنا، لن نقبل الوحدة بانقلاب، ودا كلام واضح.. بإرادة الشعب، ولازم الشعب المصرى يقول رأيه فى الوحدة. أنا قلت الكلام يوم ٥ أكتوبر سنة ٦١، وأى بلد تانية لازم نسمع رأيها فى الوحدة، وان احنا عايزين الوحدة الثلاثية والرباعية والخماسية، وحدة ثلاثية مع العراق طالما شعب العراق مستعد لهذه الوحدة الثلاثية، ونعتبر أن سوريا فى حاجة إلى وحدة وطنية قومية أولاً، وإن الحاكم لازم يقيم الوحدة الوطنية القومية. وبعدين احنا هنا اتفقنا فى ميثاق الوحدة أنه لابد من إقامة وحدة وطنية قومية، ووحدة سياسية، وإقامة جبهة واحدة، وإقامة عمل سياسى واحد، والبعث مضى، وبعد ما مشى من هنا لحس الإمضاء وضرب كل واحد؛ ضرب القوميين، وضرب الضباط، وضرب المنظمات السياسية، وضرب القوميين العرب، وضرب الوحدويين الاشتراكيين، وضرب الجبهة المتحدة، وضرب المستقلين، وضرب كل الناس ما عدا البعثيين، وأقام حرس يعنى مأجور علشان يحميه زى الإنكشارية اللى كنا بنسمع عليهم زمان.
رغم كده طلع صلاح البيطار يوم الخميس يلمح على أجهزة الدعاية، ويقول إن أجهزة الدعاية عمالة تعبئ.. تعبئ.. هذه الأجهزة عمالة تعبئ، هو عنده عقده الأجهزة دى!! كل ما تكلمه يقول لك الأجهزة، أجهزة عندكم فى مصر، أول ما سألوه إيه الحكاية قال لهم الأجهزة، فيه عفريت اسمه الأجهزة؟! ما أنا مش عارف الحكاية بالشكل دا معاه، فيه أجهزة الدعاية بتعبئ.. بتعبئ.
الحقيقة احنا بننشر المحاضر على أساس تنتهى النهارده يوم ٢٢ زى ما انتهت النهارده؛ لأن احنا من يوم ما اتنشرت المحاضر أخذنا قرار بالنسبة لكل هذه الأمور، ونشرنا المحاضر بسبب؛ هذا السبب انكم تعرفوا إيه اللى حصل، وعلشان ما يطلعش ميشيل عفلق يروح يقعد فى أى قهوة واللا فى أى بيت، وأقول ان أنا قعدت اتكلمت ٣ ساعات، وأظهرت لهم إفلاسهم الفكرى هناك، وأنا اديت أفكار عظيمة.. عظيمة.. عظيمة.
فقلنا نطلع المحاضر؛ علشان الناس تعرف إيه الحكاية.
امبارح طوردت كل العناصر الوحدوية غير البعثية، القايمة اللى طالعة بالـ ٥٨، واللى طالعة بالمطلوب القبض عليهم.. طلب القبض عليهم.. كل واحد وحدوى قيادى غير بعثى طالبين أن يطبقوا عليه شعار الحرية؛ بأنهم يحطوه فى سجن المزة، وأعدوا المشانق.. وأعدوا ساحات الإعدام، وتحولت سوريا إلى فاشستية كاملة.
شعار الوحدة والحرية والاشتراكية اللى كانوا بينادوا به قبل الحكم، دلوقت نفتح إذاعة دمشق مافيش وحدة، حرية، اشتراكية، اقتلوهم.. اذبحوهم.. اسحقوهم، مافيش غير كده!! الشعارات الجديدة النهارده لحزب البعث: اسحقوهم.. اقتلوهم.. اشنقوهم، أمال فين الوحدة والحرية والاشتراكية؟ نسيوهم.. الوحدة.. الحرية.. الاشتراكية كانت شعارات مزيفة، يستغلوا بها طيبة الجماهير لغاية ما يصلوا إلى السلطة.. لتتحول هذه الشعارات إلى: اقتلوهم.. اسحقوهم.. اذبحوهم.
إيه خلاصة الكلام دا كله؟ نحن لا نعتبر أن الجمهورية العربية المتحدة تربطها بالنظام الفاشستى القائم الآن فى دمشق وحده هدف (تصفيق) لا يمكن أن تكون هناك وحدة هدف مع نظام اقتلوهم.. اسحقوهم.. اشنقوهم، أبداً، لا يمكن أن تكون هناك وحدة هدف مع نظام مبنى على الغدر والطعن فى الظهر، ثم نحن نعتبر أن نظام حزب البعث القائم فى دمشق الآن نظام لا وحدوى لا اشتراكى، بل نعتبره مع الأسف نظام انفصالى لا إنسانى لا أخلاقى (تصفيق) ثم نحن لا نعتبر أن حكومة دمشق تمثل سوريا التى وقعنا معها اتفاقية الوحدة الثلاثية، إن هذه الاتفاقية.. هذه الاتفاقية لم تكن بين حكومات، وإنما كانت بين قوى عربية ثورية وقومية.
إن سوريا الاتفاقية، سوريا الشعب، غير سوريا الحكم البعثى الفاشى اليوم؛ وبناء عليه فقد توصلنا إلى قرار بأن هذه الاتفاقية – اتفاقية الوحدة الثلاثية – تلزمنا مع سوريا؛ لكنها لا تلزمنا بأى شىء تجاه هذه الحكومة البعثية الفاشستية القائمة الآن فى سوريا.
أيها الإخوة المواطنون:
الجمهورية العربية المتحدة ليست مستعدة للوحدة مع حكومة سجن المزة الفاشستية، الجمهورية العربية المتحدة ليست مستعدة للوحدة مع حكومة ساحات الإعدام الفاشستية، الجمهورية العربية المتحدة ليست مستعدة للوحدة مع حكومة حظر التجول الفاشستية، الجمهورية العربية المتحدة ليست مستعدة للوحدة مع حكومة الإرهاب والظلام الفاشستية، مع حكومة الغدر بكل الوحدويين، مع حكومة الغدر بالشعب السورى؛ مدنيين وعسكريين، الجمهورية العربية المتحدة ليست مستعدة للوحدة مع حكومة التسريحات الفاشستية، حكومة تعتبر سوريا حزب البعث الفاشستى فقط؛ وغير ذلك من أبناء الشعب فهم العفويون وهم السطحيون وهم القاصرون.
إن حكومة دمشق الفاشستية ليست هى الجهة التى وقعت اتفاقية الوحدة، إن الذين وقعوا اتفاقية الوحدة أغلبهم الآن فى السجون والمعتقلات، أو المخابئ البعيدة عن الإرهاب والتسلط؛ يعنى الوفد الكبير اللى جا لنا الأول كله ضاع، مش فاضل فيه غير فهد الشاعر الأخ فهد بس هو اللى فاضل، مافيش حد فاضل فيهم، كلهم مشيوا؛ اللى اتحبس واللى طلع اتسرح واللى اتسجن.
إن قبولنا حكومة دمشق الفاشستية البعثية شريكاً فى الوحدة هو خيانة لقضية الوحدة العربية، وخيانة للشعب السورى صاحب الحق فى الوحدة، خيانة لروح الوحدة ومنطقها الديمقراطى والشعبى والتقدمى. اتفاقية الوحدة – أيها الإخوة – لم تكن معاهدة مع حكومة، اتفاقية الوحدة كانت تقرير مصير، ولا يمكن ان احنا نقرر تقرير المصير، أو الشعب السورى يقرر تقرير المصير تحت ظلال المشانق، ولا بحمامات الدم، ولا بالمذابح الجماعية.
فضلوا يرفعوا يفط: القيادة الجماعية، القيادة الجماعية.. فين هى القيادة الجماعية؟! اللى بيقوم بس يطلع من الأوضة يشرب كباية ميه يخبطوه زر ما يرجعش تانى أبداً إلى العمل.
بيبعتوا ناس من القيادة الجماعية إلى بغداد ويرجعوهم على سجن المزة.. بعتوا واحد على الجزائر ورجعوه أيضاً على بره، هى دى القيادة الجماعية؟! دا حكم الغاب، حكم الوحوش، إذا كانت دى القيادة الجماعية الله الغنى، ماحدش أبداً يقبل بالقيادة الجماعية بهذا الشكل، القيادة الجماعية قيادة فيها احترام.
وبعدين يظهر هم غلطوا فى العنوان، وكان قصدهم المذابح الجماعية؛ المذابح الجماعية اللى احنا شايفينها النهارده اللى بيذبحوا فى الشعب السورى، والبيان اللى قاله عضو مجلس الثورة بتاعهم انهم موتوا ناس كثير فى الشوارع، وما قالوش مين اللى موتوه.
أيها الإخوة:
اتفاقية الوحدة الثلاثية كانت اتفاقية مع الشعب السورى؛ ولم تكن أبداً مع حزب البعث الفاشستى، شعب سوريا الآن فى معسكر اعتقال كبير، والوحدة هى عملية تقرير مصير، ولا يمكن أن تتم عملية تقرير المصير تحت ظلال المشانق، أو فى معسكرات الاعتقال.
أول اجتماع جم فيه علشان الوحدة اتكلمنا بصراحة، قلنا لهم بصراحة مين اللى بيحكم سوريا؟ ما قالولناش، قلت لهم باقول لكم أنا يعنى ليه باسأل هذا السؤال: إذا كان حزب البعث هو اللى بيحكم سوريا، وحدة مع حزب البعث متأسف؛ لأن أنا متأكد بعد ٣ أشهر حيرجع حزب البعث بأساليبه ووسائله حيهد كل حاجة.
لا وحدة مع حزب البعث الفاشستى، أما الوحدة فهى مع الشعب السورى المناضل، احنا وقعنا الاتفاقية مع سوريا، ما وقعناهاش مع حزب البعث، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن نتعامل مع الفاشست، مع مغتصبى إرادة الشعب الشقيق.
أيها الإخوة المواطنون:
إننا ونحن نقول هذا القول إنما نقوله من أجل الحفاظ على سلامة فكرة القومية العربية والوحدة العربية. إننا أكثر تمسكاً بالوحدة العربية والعمل من أجلها، لكننا نريد وحدة إرادة الشعوب؛ لا وحدة تسلط البعث الفاشستى، نريد الوحدة الديمقراطية لا وحدة سجن المزة، نريد الوحدة الاشتراكية لعزة الإنسان وكرامة الإنسان، ولا نريد أن نحقق الاشتراكية بالعنف أو بالدم.
إن الثورات – أيها الإخوة – قد تستعمل العنف ضد أعداء الشعب إذا اقتضى الأمر، ولكن الانقلابات الفاشستية المضادة للشعب هى التى تستعمل العنف لكبت إرادة الجماهير وتخويفها.
وليس يخالجنا – أيها الإخوة – أى شك فى حتمية الوحدة على طبيعتها الأصيلة، وحتى نستطيع أن نحقق الوحدة السليمة لازم نحلل ونعرف إيه الأسباب. احنا كنا مؤمنين ان قيام ثورات عربية تقدمية تمكن من إقامة وحدة، ولكن الوحدة النهارده.. فكرة الوحدة فكرياً تمر بأزمة.
أنا ابتديت أشعر ان لا يمكن.. مش ضرورى قيام ثورات سياسية يحقق الوحدة.. حصلت انحرافات؛ طلع عبد الكريم قاسم، وطلع بعد كده البعثيين، وحصلت الأنانيات، وحصلت الأطماع، وحصلت الأحقاد.
إذن فيه عقدة عايزه تتحل، لابد من عمل جبار علشان حل هذه العقدة علشان نقيم الوحدة.
اللى قرا المحاضر.. وان أنا باستمرار كنت بأدق على هذه العملية، واللى قرا الميثاق، اللى شاف الباب الخاص بالوحدة العربية.. الميثاق بيقول إن علينا واجب أن نجمع جميع الحركات القومية العربية، وقال أيضاً إن إقامة مجلس أعلى للحركات القومية العربية التحررية سيفرض نفسه بمضى الزمن.
النهارده باعتبر ان الأمور تستدعى أن تفرض نفسها.. الأمور النهارده بتفرض نفسها، احنا كنا بنقول فى الأول ان احنا بنتعاون مع جميع الأجهزة وجميع الأحزاب القومية، ولكن ثبت أن هذه التجربة كانت خاطئة، بل ثبت أن العمل القومى بهذا الشكل لا ينتج عنه إلا الصدام. شايفين البعث ازاى حينما وجد نفسه فى السلطة عمل إيه؟ انقلب على رفاق الطريق؛ الناس اللى كانوا بيكافحوا فى وقت الانفصال لمهم كلهم وحطهم فى سجن المزة، وسايب الرجعيين، وسايب الإقطاعيين والرأسماليين، ولكن وجد ان معركته الوحيدة مع الوحدويين؛ ولهذا لابد من الآن أن ننظر إلى المستقبل ونأخذ من هذه الأمور الدرس. لابد أن نتجه إلى المستقبل بنظرية جديدة، الكلام اللى قلناه فى الميثاق، مش ممكن أبداً نوحد البلاد العربية وفى كل بلد عربية منها حزب؛ معنى هذا ان المعارضة لن تكون معارضة سياسية ولا معارضة حزبية، ولكن معارضة إقليمية؛ تبقى مصر بتعارض سوريا، أو مصر بتعارض العراق، أو العراق بتعارض مصر. ولهذا حتى يمكن أن تتم الوحدة، وحتى يمكن أن نتغلب على العوامل اللاأخلاقية والانتهازية؛ لابد من البدء فى العمل على إقامة العمل العربى القومى الواحد؛ الذى يجمع جميع الحركات العربية القومية فى جميع أنحاء الأمة العربية؛ ومعنى هذا ما باقولش ان أنا باستبعد البعث أبداً لأن أنا لازلت أؤمن أن قاعدة البعث فيها ناس شرفاء.
إذا كانت قيادة البعث انحرفت، وإذا كانت قيادة البعث خرجت عن الطريق؛ فأنا أعتبر أن قيادة البعث ضللت بشباب البعث؛ الشباب العربى.. الشباب الطيب؛ لأن الشباب العربى.. الشباب الطيب لا يمكن أن يمشى بسياسة الكهنوت السياسية اللى احنا عارفينها، وسياسة الالتواء وسياسة المناورات، ولكنه يسير من أجل تحقيق أهدافه.
لابد لتحقيق الوحدة العربية من قيام الحركة العربية القومية الواحدة التى تجمع كل من يؤمن بالوحدة العربية وبالقومية العربية. هذا – أيها الإخوة – يحتاج إلى عمل جبار، ويحتاج إلى نضال، وهذا النضال هو مسئوليتكم أنتم، مسئولية الجماهير العربية، ومسئولية الشعوب العربية، ومسئولية الأجيال العربية. الوحدة العربية هى أملنا فى حماية الوطن العربى، الوحدة العربية هى أملنا فى تحرير فلسطين، ليه سنة 48 كنا سبع دول عربية؟ قالوا كده، قالوا.. اليهود طلعوا كتب، وقالوا: العرب انهزموا لأنهم سبع دول عربية.
الوحدة العربية هى أملنا فى تحرير فلسطين، وفى عودة حقوق شعب فلسطين إلى شعب فلسطين.. الوحدة العربية نوع من أنواع الاستعداد، نستعد بشرياً، ونستعد قومياً، ونستعد وطنياً، ونستعد بالأسلحة، ونستعد بالطيارات، ونستعد فى كل الميادين، مش ندى كلام ونقول ان احنا حنحرر فلسطين، وحنحرر فلسطين على الورق للاستهلاك السياسى! وأنا زى ما قلت قبل كده ما عندناش خطة لتحرير فلسطين؛ خطة مباشرة، أنا باقول الكلام دا لأنى أرى ان واجبى ان أنا أقوله. كان عندنا خطة إذا هجمت علينا اسرائيل، أو هجمت على أى بلد عربى نعمل إيه.. ولكن يجب أن نستعد، عندنا خطة للاستعداد ولتوحيد العالم العربى، وتوحيد العالم العربى الذى يحمى الأرض العربية، وهو الذى يحمى القومية العربية، والله يوفقكم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
انظر:
تعليق صحيفة البعث حول هجوم جمال عبد الناصر على حزب البعث عام 1963