بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
إبّان العهد العثماني وحتى الأربعينات من القرن الماضي ، كانت تقام في مدينة اعزاز مباريات في المصارعة الحره على الطريقة التركية وتسمى ( المصارعة الزيتية ) ، وتجري هذه المباريات في الساحات العامة وعلى أراضي البيادر والمروج العشبية ، وتتطلب هذه الرياضة بنية قوية حيث يتم دهن أجسام المصارعين بزيت الزيتون الذي يجعل من الامساك بالخصم أمراً في منتهى الصعوبة ، ويرتدي المصارعون خلال اللعبة سراويل مصنوعة غالبا من جلد الجاموس ، تغطي المنطقة بين أسفل البطن وأسفل الركبة ، ويحيط بالسروال من الأعلى حزام خاص من القصب أو القماش يسمى (زيمبيل) يمنع وصول الزيت إلى السروال،
يخوض المصارع المباراة عاري الصدر بعد أن يدهن جسمه بالزيت ، ويعتبر الطبل والمزمار من العناصر المهمة التي ترافق المباراة لكي تحمّس المصارعين والجمهور على حد سواء . فيجتمع الناس لمشاهدة هذه المباريات التي يحضرها أعيان المدينة ، وتقوم بادارة المباراة لجنة حكام تتكون من أعيان المدينة او من مصارعين سابقين أو رجال عارفين بقواعد اللعبة ، ويشارك في النزالات مصارعين محليين و مصارعين يقدمون من قرى وبلدات اخرى .
كان قانون اللعبة يقضي بأن تستمر المباراة بين الخصمين حتى انتصار أحدهما على الآخر ، فتستغرق المباراة بينهما وقتاً طويلأً وتنتهي أحياناً بموت أحدهما .
لكن فيما بعد سنت قوانين وقواعد لهذه اللعبة ، حيث حددت حالات الفوز والخسارة والمدة الزمنية للمباراة ، وطريقة احتساب النقاط لتحديد الفائز .
فيعتبر المصارع فائزاً في الحالات التالية :
١ ـ اذا أسقط منافسه على ظهره او مؤخرته .
٢ ـ إذا تمكن من حمل منافسه من رجليه ورأسه مدلى الى الأسفل وأسقطه ارضاً .
٣ ـ إذا حمل المصارع منافسه رافعا رجليه عن الأرض و مشى به لثلاث خطوات .
٤ ـ إذا سقط أو تمزق سروال أحد المصارعين .
٥ ـ عند استسلام احد المصارعين ، فينادي الخاسر بكلمة ( بَس ) وتعني بالعربية ( يكفي )
وان لم يحدث أي شيء مما سبق فيلجأ الى احتساب النقاط لتحديد الفائز ، فالمصارع الذي يحصل على نقطتين يفوز ، وفي حال التعادل 1 – 1 تمدد المباراة حتى حصول أحدهما على النقطة الثانية. وتم تحديد مدة المباراة للكبار ( 15 ) دقيقة، وللصغار ( 10 ) دقائق ، وتمدد المباراة لخمس دقائق اضافية عند التعادل .
وفي نهاية المباراة يقوم المصارع الفائز بمعانقة الخاسر باعتبار أن التنافس بينهما رياضي وأخويّ بحت .
وفي مدينة اعزاز كانت هناك حركة نشطة للمصارعة في الأربعينات فكان يتبنى مباريات المصارعة في المدينة ( الحاج محمد شيخ ويسي ( الحاج هورو ) مختار اعزاز )فكان يقيم نشاطات ومباريات في فسحة أمام داره في سوق النجارين ، يشارك فيها الكثيرون من شباب المدينة ، وكان من أمهرهم الحلاق ( ممو ) الذي كان يفوز على اترابه من الشباب في اغلب مبارياته .
أما شيخ الكار وسيد المضمار ، فهو ( الحاج هادي بكار ) بطل المصارعة في مدينة أعزاز الذي لا يشق له غبار ، فكان بطلا للمدينة والبلدات التي حولها
وكان يتمتع بشعبية كبيرة في المدينة وخارجها ، وكان يتمتع أيضا بصلابة الظهر وضخامة الرجلين مما استحال على اي مصارع ان يزحزحه من مكانه ، فلم ينازله مصارع الا غلبه ، وبعد تقاعده كان يشجع نشاطات المصارعة التي كانت تقام في المدينة .
وقد سار على خطاه ( محمد بكار واحمد بكار ) ابناء المختار حسن بكار . فكانا من ابطال المصارعة على مستوى مدينة حلب في الخمسينات والستينات . هذا ما لدي من أخبار ، بما جرى وما صار ، رعاكم الله الملك العزيز الجبار ، وجعلكم من المصطفين الأخيار .
انظر:
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز