وثائق سوريا
رسالة خير الدين الأسدي إلى وزير الثقافة والإرشاد القومي عام 1960
رسالة خير الدين الأسدي إلى وزير الثقافة والإرشاد القومي عام 1960
سيادة وزير الثقافة والارشاد القومي المحترم
أربعين حولا قضيتها مدرساً للغة العربية وآدابها في مختلف معاهد حلب الخاصة بدايتها نزوح العثمانيين ونهايتها حريق المعهد الفرنسي العربي.
وكتب لي القدر أن أصبت ببتر يدي أثناء قيامي بمهمة التمثيل في أحد المعاهد.
وجمعت مكتبة حافلة يصفها الفيكونت دي طرازي في كتابه “المكتبة العربية في الخافقين “يصفها بقوله” تعد مكتبة الاسدي من اغنى مكتبات سورية…”على أني رغبت أن يستفيد منها أبناء البلاد بعد موتي فوهبتها منذ عشر سنين لبلدية حلب على أن تدفع لي 150 ليرة شهرياً وهي الآن في دار الكتب وربما كتبت لكم البلدية لما تسلمت وزارتكم مكتبتها أن تتولوا أنتم دفع هذا المبلغ.
وألفت طائفة من كتب طبع بعضها وإليكم أقدمه هدية متواضعة وساهمت في تأسيس جمعية العاديات “الآثار” وانتخبت أمين سر لها ثم نائب رئيس ولا أزال كذلك.
وجهزت لجمعية العاديات رحلات واسعة إلى مواطن الآثار عندنا – وتعد منطقة حلب من أهم مدن العالم آثار كما يصفها الاثريون – والتقطت مشاهدها وحصلت على زهاء أربعين ألف صورة فوتوغرافية تعد الفريدة من نوعها في العالم.
كما قمت وحدي وعلى نفقاتي الخاصة بسلسلة من الرحلات الي بلاد العالم تعرفت فيها على الخزائن الخطية وعلى المتاحف ومظاهر المدنية وزرت طائفة جلى من علماء الشرق والغرب في شرقي الاردن وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والمغرب الأقصى والسودان واثيوبيا والصومال واليمن والحجاز والعراق وإيران وقبرص وتركية واليونان ويوغسلافية هنغارية والنمسا والمانيا وبلغارية واسبانية.
ولما دعتنا وزارتكم وبلغتنا قرارها رقم 162 القاضي بمنح التفرغ نشرت بحوثاً عدة في دراسة التراث الشعبي نشرتها في جريدة الحوادث عندنا وهاكم بعض مانشرت من المقالات: “يا” وأحكامها في لهجة حلب، بليرمون، خسلوتمين، أكلات حلبية، مما ينسب الى اعلام حلبية، البقلاوة، الله، يا وردو زدوذ، الصرماية، المعرة، ملبوسات الراس، القنابيز، مسبات حلبية، النرجيلة، الهيطلية، أسواق حلب، الكبة تحليل اسماء قرى جبل سمعان، أحياء حلب، نداء الباعة، قويق، الكرابيج،جنجقى لقى ،قصاب البيع، مسبات النساء ،أي ياكان ،لهجة يهود حلب ،حكايات حلبية،العرس في حلب..
كما نشرت في مجلة الضاد :الهنونات الحلبية ، الخرافات الحلبية ، مناغاة الأم الحلبية لابنها، الجلوم ،المشارقة ،بحسيتا، الفرافرة…
والآن أشتغل ليل نهار في تأليف “دائرة معارف حلب” تضم كل مايمت بصلة الى حلب مرتباً على الأبجدية :كلماتها، تعابيرها،
أمثالها، مشاهيرها، شوارعها، أسواقها، خاناتها، قيصرياتها، معابدها، قصورها؛ معاهدها، آثارها، قراها…
وبعد ياسيدي الوزير اني على بلوغي الستين أشعر بحافز قوي يدفعني الى العمل والعمل على ماتفرضه دراسات القرن العشرين وإني منذ ان احترق معهدي اصبحت دون راتب وما كان لدي من ذخير القوى قدمتها قربانا على مذبح العلم فهل لي ان ارجوكم تحقيق مشروع التفرغ اسوة بمصر وذلك بمنحي راتباً شهرياً انتم ترونه لأعمل وأنفع بلادي.
الهمتكم العناية السداد في ان تستفيد البلاد من رجل كل حياته عمل ودأب وعزيمة وإخلاص وأن في عينكم التي ترى شكوى سكوت عزتي ارقب نور الأمل القريب العاجل.
وتفضلوا بقبول فائق احترامي سيدي الوزير
1960
محمد خير الدين الأسدي