شهادات ومذكرات
من مذكرات أمين أبو عساف: التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة (8)
من مذكرات أمين أبو عساف: التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
تخرجتُ من الكلية العسكرية برتبة ملازم إذ كنت الأول على خمسة من الفرسان، والرابع في التصنيف العام على خمسة وعشرين طالباً.
أتذكر الفحص الفصلي الأول حين قبلت في الكلية العسكرية كان ترتيبي قبل الأخير باثنين فقط. أثناء وجودي في الكلية العسكرية لم يقبل أي طالب من أبناء الجبل، وقد تبين أن خطة الكلية تقضي بعدم قبول أحد حتى يتخرج الطالب الموجود في الكلية. كنا نجهل ذلك وكل سنة يتقدم طلاب للامتحان، فلو قبلت نصيحة مدير المعارف وأستاذي ربما ضاعت الفرصي عليّ!.
أحمل أجمل الذكريات لأيام الكلية وقد كانت أساس تربيتنا العسكرية إذ كان “الكولونيل” المدير ومعاونه والضباط المدربون والأساتذة على درجة عالية من الثقافة والأخلاق، أما صف الضباط فقد كان منهم الجيد وبعضهم لم يتخل عن عجرفته وغروره باعتباره مستعمر.
عينتُ في الكوكبة الثالثة اعتباراً من 1 / 9 / 1936 مركزها “حماه” تابعة للكتيبة النظامية في حمص.. آمر الكتيبة الرئيس “عز الدين البوشي” من الضباط الذين تخرجوا من تركيا، استلمت قيادة رعيل وأصبحت مسؤولاً عن تدريبه والإشراف على الاعتناء بالعتاد والخيول: ثلاثين عسكرياً مع سلاحهم وألبستهم وثلاثة وثلاثين حصاناً مع سروجهم ومهجع الجنود وأسطبل الخيول ومستودع للأسلحة والسروج.
تغير الحال من منفّذ في الكلية العسكرية إلى آمر رعيل مرؤوس لآمر الكوكبة!.
أصبحت مسؤولاً عن هؤلاء الجنود وخيولهم وعتادهم. وبالمقابل فقد تم تعيين جندي يعتني بحصاني ويأتي به مسروجاً وجاهزاً للعمل إلى بيتي وهو يرافقني على حصانه، وجندي آخر لخدمة البيت وتنظيفه وتحضير الطعام.
سرّني هذا العمل وحسب البرنامج المقرر يكون التدريب إما للرعيل بمفرده أو للكوكبة مجتمعة بحضور آمرها. أصبحنا نجد وقتاً كافياً لتدريب الجنود والخيول وقفز الحواجز.
في الثكنة يكون أحد الضباط بالتناوب ضابطاً أسبوعياً ويشرف على كلّ أعمال الثكنة ويراقب التنفيذ من كل عناصر الكوكبة حسب البرنامج، مثل الاعتناء بالخيول وسقايتها وإطعامها في الوقت المعين وكذلك إطعام الجنود وخروجهم ودخولهم، ونظافة المهاجع وترتيبها وكذلك الاصطبلات.
دعيت إلى مكتب آمر الكوكبة ليعرض عليّ ترشيحي لدورة ضابط محاسب للكتيبة بناء على طلب آمر الكتيبة. قلت له ليس عندي رغبة لأعمال المكاتب وأفضل العمل في الصف لأطبق ما تعملته في الكلية رجوته ليساعدني وفعل.
وجدت في هذه الكوكبة الملازم “محمود بنيان” آحر رعيل، ضابط نشيط ذو إمكانيات ويتقن فن الفروسية عملياً. اتفقت معه وبموافقة آمر الكوكبة أنشأنا في حقل التدريب ساحة لقفز الحواجز على اختلاف أنواعها.. بدأت معه تدريب كل عناصر الكوكبة، وبعد أن دربنا عدداً من الخيول على قفز الحواجز، عممنا هذه الرياضة على كل العسكريين من صف ضباط وأفراد. شكلنا فريقاً ضمن الكوكبة من أجل التمارين واختيار فريق منهما للدخول في مباريات مع الكوكبة الأخرى من الكتيبة ومركزها “حمص”. واقترحنا أن تمثل الكتيبة في مهرجانات الفروسية التي تقام سنوياً مع القطعات الفرنسية.
اكتشفنا إمكانيات عسكريي الكوكبة إفرادياً، وصنفا كل الخيول حسب إمكانياتها في القفز أو الجري السريع لمسافات قصيرة أو طويلة من أجل وضعها في المكان المناسب.
تمكنت مع الملازم “محمود” من القفز معاً على جوادين متحاذيين للحواجز الصعبة وكنا في طريق تعميم هذه القفزة المبتكرة على باقي العسكريين عندما صدر أمر نقلي إلى الكوكبة الخفيفة /25/ حيث الخيول ملك للافراد ولا يمكن التصرف كما كنا نفعل في الكوكبة النظامية.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف : بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف : أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف: اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف: الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف: الدراسة في الكلية العسكرية