شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (11 /94)
من مذكرات أكرم الحوراني – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943:
كانت معركة حماه من أعنف المعارك الانتخابية في سورية، وكانت ظروفها تتطور متصاعدة بسرعة وعنف، وقد عقد الشباب اجتماعاً حضره عثمان الحوراني، سعيد الخاني، أكرم الحوراني، علي عدي، نجيب عبد الرزاق، علي مخلوطه، عبد السلام حمدون، عبد الستار بارودي، فايز الأسود، نصر علواني، إبراهيم الحاج حسين، خليل خليل، على المصطفى، نخلة كلاس، فهد عواد، عبد الرحمن الشارع، محمد عبده علوش، محمود سويد، عبد الكريم حمدون، أدهم عكاش، علاء الدين الحريري، بدر الدين علوش، أحمد نايف العلواني، عثمان العلواني، عبد الكريم الفرا، سراج السمان، عثمان عدي، وهم لفيف من محامين وأطباء ومجاهدين ومعلمين وطلاب، وقد قرروا بالاجماع في هذا الاجتماع، ترشيحي بدلاً عن الأستاذ عثمان الحوراني، وأمام إصرارهم نزلت عند إرادتهم وقد اتصل علاء الدين الحريري- دون علمي- بالأستاذ عثمان، وأقنعه بضرورة حضوره جميع الحفلات الانتخابية تدليلاً على وحدة كلمتنا، فنزل الأستاذ عثمان عند رغبة الشباب.
الحفلات الانتخابية:
أقمنا عدة حفلات انتخابية في مختلف أحياء المدينة، وكان أكثرها يقام ليلاً في باحات المساجد، وهي حفلات تمثل تحالفنا مع جماعة الملقي لانجاح قائمة الجبهة الشعبية وقد أقمنا القسم الأكبر من تلك الحفلات الانتخابية دون أن نعلن أسماء قائمتنا وإن كانت معروفة وهكذا فعل الاقطاعيون، ومنذ الاحتفال الأول في مسجد الشرباتي بجورة حوا بدأ الجو الشعبي يلتهب تأييداً للقائمة الشعبية، وكانت الكلمات والخطابات حادة صريحة ضد الإقطاعية والعشائرية في المدينة، وضد الانهزامية في السياسة.. ومن حسن الحظ أنني لا أزال أحتفظ ببعض الخطابات التي ألقيتها في تلك الاحتفالات، والتي تصور اليوم الجو العام والعقلية التي كانت مهيمنة آنذاك تصويراً واقعياً حيا.. وهذه بعض المقاطع:
(أيها السادة.. إن افتتاحنا لمعركة حماه الانتخابية إنما هو في الحقيقة إعلان عن بداية النضال بين فلول الرجعى وبين طلائع النهضة، بين شيخوخة الإقطاعية المنهزمة وبين فتوة الشباب المقتحمة، بين الوصوليين والانهزامييم وبين المؤمنين الطاهرين من أبناء الشعب).
وأشاع الاقطاعيون منذ بداية المعركة بأن الشعب سيخسرها، بعد وفاة الدكتور توفيق الشيشكلي، فقلت:
(لقد بدأ الاقطاعيون ينفثون سمومهم ويقولون بأن الشباب حفنة، وأن الوطنيين أشخاص قد قضوا. وهم يريدون من وراء هذه الشائعات تيئيس الناس وإرجاعهم لنير الإقطاعية الذي أزاحوه عن أعناقهم. قولا لهم: بئست الفكرة التي تموت بموت الأشخاص، وبئس التقدم الذي يزول بزوال الأفراد.. أجيبوهم بأن فكرتنا الشعبية التقدمية وليدة الآلام والتضحيات. وذكروهم بمعارك عام 1931 وبضحايا 4 شباط 1936. ذكروهم بالماضي لأن الماضي يقرر المستقبل. إن ما سجلته هذه المدينة من تقدم كان ممهوراً بدماء أبنائها وسنحميه بدمائنا عند اللزوم، وسنكلؤه رأرواحنا”.
وحاول الإقطاعيون تمزيق الصف الشعبي بقولهم: كيف اجتماع الخصمان الشباب والكتلة؟ .. فقلت:
(أجيبوهم بأن لا يرهقوا أنفسهم بالتساؤلات الكثيرة، فهم إن جمعتهم المصالح الشخصية فنحن إنما تجمعنا المصلحة الوطنية. وهم إن جمعتهم المصالح العائلية فنحن تجمعنا المصلحة القومية. فلا عجب أن نتحد جميعاً وإن اختلفت طرقنا وأساليبنا. وإنما العجب كل العجب أن نختلف في هذه المعركة).
(أيها السادة..إنه يتوقف على مصير هذه المعركة الانتخابية تقدمنا الاجتماعي الذي سجلته هذه المدينة، كما يؤثر على سير القضية الوطنية بصورة عامة. إن حماه قد سجلت خطوة عظمى في نضالها الاجتماعي، خطوة لم تخطها أية مدينة سورية أخرى فلم يعد يفرض على هذه المدينة شخص محروم من جميع المزايا إلا من مزيه انتمائه لعصبيه عائلية واجتيازه على ثروة عقارية. إن حماه أصبحت حرة بانتقاء الأشخاص المنبثقين من صميمها، والذين يشعرون بآلامها ويحلقون بآمالها ويهيمون بمثلها.. تعلمون أيها السادة أن هذه الحرب العالمية قد فتحت أمام شعبنا إمكانيات عظيمة لتحقيق أهدافنا القومية. فيجب علينا أن ننتقي الرجال الأكفاء الموثوقين لئلا نخسر هذه الفرصة السانحة. يجب علينا أن ننتقي الرجال الأكفاء لأنه بالانتقاء النزيه نحقق الظفر في معاركنا الوطنية القادمة).
وقلت، رداً على محاوفة الإقطاعية إثارة النعرات المحلية بين حي الحاضر الذي هو حي آل العظم وبين حي السوق: (إياكم أن تخدعوا بأناس يثيرون النعرات ويفصلون وحدة المدينة سعياً وراء النيابة. إن هدفنا هو توحيد وطننا العربي الأكبر.. وهؤلاء لا يستحقون شرف الحياة حتى يستحقوا شرف النيابة).
نقطة الابتداء في نضالنا للبعث الحديد:
وفي واحدة من تلك الحفلات الجماهيرية قلت: (إن نقطة الابتداء في نضالنا للبعث الجديد ما يجري في عروقنا من أمجاد الماضي وما يمتزج في نفوسنا من ذكرياته العظيمة. فمن ماضينا سنبعث حاضرنا وننشء مستقبلنا. ومن عالمنا القديم سننشء عالمنا الجديد.. إن في أحضان هذا الشرق العربي العظيم ترعرعت ونمت وازدهرت جميع الحضارات الإنسانية).
وقد رددت في أحد الخطابات هذه الأبيات من شعر عمر أبو ريشه:
قد تراءت إليه نار على البعد فكانت إيماءة للشريد
فسرى في سنائها فأطلت خلفها مكة الفخار التليد
ياعروس الرمال ياقبس التائه في مهمه الضلال البعيد
أمن الركب في حماك فرديه إلى ذكريات تلك العهود
انظر
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: