بيان الحزب الشيوعي السوري في يوم الجلاء عام 1946

أصدر الحزب الشيوعي السوري بياناً في السابع عشر من نيسان عام 1946 بمناسبة يوم الجلاء.

نص البيان:

يوم الجلاء عن سوريا

نداء الحزب الشيوعي السوري في يوم الجلاء عام 1946

في هذا اليوم التاريخي الذي تحتفل فيه سوريا بأسرها بالجلاء العسكري عن ديارها، وبخروج الجيوش الانكليزية وبقايا الجيوش الفرنسية من أرض الوطن العزيز الذي لم يبق فيه الا جيش واحد هو الجيش الوطني السوري، في هذا اليوم، ينحني الشعب السوري احتراماً واجلالاً لذكرى ضحاياه وشهدائه الأبرار الذين كتبوا بدمائهم الزكية صفحات النضال الوطني الطويل المجيد الذي أوصل بلادنا إلى هذا اليوم المشهود.

ان كل وطني في سوريا تعود به الذاكرة اليوم إلى الماضي، فيستعرض مراحل قضيتنا الوطنية منذ ان كانت سوريا ولاية تابعة للامبراطورية العثمانية المتداعية، خاضعة لحكم رجعي استبدادي ارهابي أسود، إلى أن أصبحت اليوم دولة معترفاً باستقلالها وسيادتها، عاملة على توطيد هذا الاستقلال وممارسته في جميع ميادين حياتنا الوطنية.

حينما انتهت الحرب العالمية الأولى “عام 1914- 1918” تناست الدول الاستعمارية وعودها للعرب، وتكشفت حقيقة نواياها السوداء، وكانت اتفاقية سيكس بيكو بين انكلترا وفرنسا ضربة قاصمة لأمانينا الوطنية، فسلخت كيليكيا “قبل اسكندرونة” عن سوريا، وضمت إلى تركيا، وتقاسم المعسكران الاستعماريان البريطاني والفرنسي مناطق النفوذ في الأقطار العريية، فكان الاحتلال الفرنسي في سوريا ولبنان، وكان الاحتلال البريطاني في العراق وفلسطين وشرق الأردن.

وفي هذا العهد، عهد الاستعمار والانتداب، برهن الشعب السوري، في معركة ميسلون، وفي ثورة المرحوم هنانو، وفي ثورة الشيخ صالح العلي، وفي ثورة 1925، وفي سلسلة المظاهرات والاضرابات الدامية التي ما انقطعت طيلة عهد الاحتلال العسكري الأجنبي، في هذا العهد الأسود برهن الشعب السوري على أنه لا يتخلى عن حقه في الحرية والاستقلال، ولا يتردد عن دفع أغلى ثمن في سبيل هذا الحق المقدس.

ثم أتت الحرب العالمية الثانية، وأسفرت عن انهيار معسكر الطغيان الفاشستي الأسود تحت ضربات الشعوب الحرب الديموقراطية وفي طليعتها الاتحاد السوفياتي، وانتهت هذه الحرب على غير ما انتهت اليه الحرب العالمية الأولى، اذ خرج العالم منها وقد برزت إلى الميدان الدولي قوى جماهير الشعوب المتعطشة إلى الحرية والتقدم، والثائرة على الاستعمار والرجعية، فاستطاع الشعب السوري باتحاده ونضاله التخلص من الحكم الاستعماري المباشر، وانتزاع اعترافاً دولياً بحقه في الاستقلال والسيادة، ودخلت سوريا في منظمة الأمم المتحدة كدولة سيدة مستقلة، حرة من كل قيد استعماري ومن كل معاهدة واتفاقية استعمارية تحد من استقلالها.

واستناداً إلى هذا الحق الدولي، استطاع الشعب السوري بفضل تضامنه واتحاده، وبفضل تضامن الشعوب العربية الشقيقة، وبتأييد قوى الحرية وفي العالم، استطاع تحقيق مطلب كبير من مطالبه الوطنية هو تحقيق الجلاء العسكري للجيوش الانكليزية والفرنسية، الذي تحتفل به سوريا العربية اليوم.

أيها السوريون: يا أبناء سوريا الأباة الكرام:

لنكن متضامنين متحدين في هذا اليوم المشهود في تاريخ نضالنا الوطني، الذي يتوج مراحل شاقة طويلة في نضال وطننا لأجل الاستقلال والحرية، ولنجدد العهد بالسير إلى أمام لتحقيق جميع الآمال والأماني القومية التي زخرت بها قلوب شهدائنا في الاستقلال التام والتحرر الكامل والديموقراطية الصحيحة والحرية الشاملة!

لنعلن في هذا اليوم تضامننا التام مع الشعب اللبناني الشقيق لتنفيذ الجلاء الكامل عن أراضيه، فبذلك وحده يصبح هذا الجلاء العسكري عن سوريا جلاء حقيقياً.

وليعلم الملأ أجمع أن الشعب السوري يشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن قضية الجلاء التام عن جميع البلاد العربية، هي قضيته ايضاً وأنه متضامن إلى النهاية مع الشعوب العربية الشقيقة في نضالها لأجل جلاء القوات العسكرية الأجنبية عن أراضيها!

لنعلن عزمنا على متابعة النضال دون هوادة حتى لا يبقى في بلادنا، بعد زوال الاحتلال العسكري، أي اثر للاحتلال المدني! لنتحد في النضال ضد كل مظهر أو أثر للسيطرة الاستعمارية وللتدخل الأجنبي في شؤوننا الوطنية، وفي جميع ميادين حياتنا السياسية والاقتصادية!

ليكن هذا اليوم التاريخي يوم اتحاد الشعب السوري في سبيل ممارسة حقه المعترف به دولياً في الاستقلال والسيادة، وفي سبيل صيانة استقلاله ونظامه الجمهوري من كل مؤامرة استعمارية صهيونية ومن كل مشروع استعماري رجعي مهما كان مصدره!

ليكن هذا اليوم يوم إعلان ارادة الشعب السوري في الاتحاد والنضال لأجل رفع التطويق الاقتصادي والاستعماري الذي يخنق تجارتنا وصناعتنا، ويسبب استمرار الغلاء، وانتشار البطالة في بلادنا!

إلى الاتحاد في سبيل توطيد الديموقراطية، وتعزيز الدستور واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم وتحقيق الاصلاحات التي يطلبها العمال والفلاحون وصغار التجار وجميع الكادحين وكل الشعب الذي يريد التخلص من البؤس والجهل والتأخر وأخطار البطالية للسير في طريق التقدم والصحة والثقافة!

ليكن زوال الاحتلال العسكري فاتحة عهد جديد في حياة بلادنا، عهد الديموقراطية والحرية، عهد السير في طريق الازدهار والرقي!

عاش التضامن بين الشعوب العربية في سبيل جلاء جميع الجيوش الأجنبية عن جميع الأقطار العربية!

عاشت سوريا جمهورية حرة ديمقراطية سعيدة!

دمشق 17 نيسان 1946

الحزب الشيوعي السوري

انظر: 

 بيانات ووثائق حزب البعث

بيانات ووثائق الحزب الشيوعي السوري

بيانات ووثائق الحزب السوري القومي الاجتماعي

بيانات ووثائق  حزب الاتحاد الاشتراكي العربي

بيانات ووثائق جماعة الإخوان المسلمين

انظر ايضاً:

وثائق وبيانات سورية 1900 – 2000