بطاقات بحث
مجلة الطليعة العربية 1984: مع تأكد خطورة مرض حافظ الأسد .. تصاعد حرب الخلافة
نشرت مجلة الطليعة العربية في عددها الصادر في الثاني من كانون الثاني عام 1984م، خبراً عن مرض حافظ الأسد وتصاعد دور رفعت الأسد في سورية.
تعرض الخير إلى موضوع الحالة الصحية لـ حافظ الأسد والمقابلة التي أجرها مع مجلة “لوبوان” الفرنسية خلال مرضه، ثم تناول موضوع أزمة تصاعد نفوذ رفعت الأسد في سوريا.
نص الخبر:
مع تأكد خطورة مرض حافظ الأسد .. تصاعد “حرب الخلافة” في دمشق وحافظ يحسم موقفه مع .. أخيه!
الرئيس السوري يستمع إلى نقد لرفعت من قائد فلسطيني بحضور خدام.. وبعد أيام يقول لأركان حكمه :”لولا رفعت لما كنا موجودين هنا”!.
عدنان بدر – مجلة الطليعة عام 1984
مقابلة حافظ الأسد مع “مجلة لوبوان” الفرنسية التي جرت بتاريخ 18/ 1/ 1983 ونشرت في العدد الذي يحمل تاريخ 26/ 12/ 1983 أكدت عدة أمور تتعلق بالوضع الصحي لرئيس النظام السوري، وكذلك بأوضاع النظام نفسه، والنقاط المشار إليها تتقاطع مع أنباء جديدة حول المرحلة التي وصلت إليها “حرب الخلافة” في دمشق.. وهذا ما سنتطرق له لاحقاً.
أولاً: أول ما يؤكده موفد “لولوان” إلى دمشق حول الوضع الصحي لحافظ الأسد هو أن المرض لم يكن “الزائدة الدودية” كما جاء في البيانات الرسمية الصادرة عن النظام.
ويقول في هذا الصدد : “إني مقتنع الآن بأن المرض كان نوعاً من الأزمة القلبية”.
ثانياً : في وصفه لحال أسد خلال المقابلة يقول :”عندما مشى أسد داخل الغرفة كان منحنياً قليلاً.. وقد مشى بحذر.. ولم يمش كما يفعل الشخص الطبيعي عادة”.
ثالثاً: تطوع رئيس النظام السوري نفسه فأكد خلال المقابلة – على عكس ما جاء في البيانات الرسمية- أنه لم يكن يمارس صلاحياته الرئاسية والقيادية خلال هذه الفترة.. وذلك من خلال قوله انه “يتماثل إلى الشفاء” وأنه “سيستأنف مهماته قريباً”.
ان هذه النقاط الثلاثة الواردة على لسان الصحفي الذي أجرى المقابلة مع حافظ أسد، تؤكد الكثير مما كانت تتناقله الأنباء الخاصة من دمشق حول خطورة مرض رئيس النظام و”غيابه” عن مهماته وقيام لجنة خاصة بتدبير تلك المهمات تحت إشراف شقيقه رفعت.
في هذه الأثناء أكدت الأنباء مجدداً ان طور النقاهة الذي يمر فيه الرئيس السوري، سيكون طويلاً، وأن عودته لممارسة كل مهماته أمر مشكوك فيه.. وأن هذا الوضع قد زاد من وحدة “حرب الخلافة” التي يخوضها رفعت أسد ضد الذين يمانعون في توليه المسؤولية الأولى في النظام، دون أن يكون بينهم اجماع على خليفة آخر. فالحرب بضيغتها المبسطة هي بين من هو مع رفعت ومن هو ضده. ويتمحور اطارها ضمن كبار ضباط الطائفة العلوية وأصحاب النفوذ من زعمائها وقادة عشائرها.
“قائد المسيرة”
وتضيف الأنباء أن “الشفاء” النسبي لحافظ أسد كشف عن حقيقة كان البعض من خصوم رفعت يتوهم غيابها، وهي أن حافظ رمي بثقله في هذه الحرب لصالح شقيقه، فقد كان بعض أركان السلطة وكذلك بعض المراقبين قد ذهبوا في متابعاتهم لأوضاع النظام إلى إعطاء “خلاف الشقيقين” حجماً أكبر من حقيقته..
وفي رواية مثيرة تتعلق بهذا الموضوع وتشير لحقيقة العلاقة بين حافظ ورفعت، يروي أحد قادة المقاومة الفلسطينية، أنه قابل مرة حافظ الأسد بحضور عبد الحليم خدام وراح يشكو من تصرفات رفعت وأتاح له حافظ الفرصة ليقول كل شئ موحياً له بأنه على غير علم بذلك، ويبدو أن خدام نفسه انزلق في هذا الجو فأخذ يهز رأسه موافقة على ما يقوله القائد الفلسطيني الذي غادر مودعاً بموقف طيب من الرئيس.
وبعد بضعة أيام دعا أسد الحكومة والقيادتين إلى اجتماع مشترك وألقى عليهم محاضرة طويلة عن أهمية رفعت بالنسبة للنظام، ومما قاله لهم: لولا رفعت لما كنا موجودين هنا.. ثم قام بتقليد شقيقه وساماً من الدرجة الأولى.
وتفقد أنباء دمشق ايضاً أن رفعت استمد من موقف شقيقه الداعم له بعد الشفاء النسبي، دفعاً جديداً في “حرب الخلافة” فأقدم على خطوات لم يقدم عليها خلال غياب حافظ.
من هذه الخطوات أنه طبع ملايين الصور الشخصية له وعليها لقب جديد له هو “قائد المسيرة” والجدير بالذكر أن هذا اللقب كان وقفاً على حافظ لمدة عدة سنوات أعقبت حركته التصحيحية عام 1970.
ويروي قادمون من العاصمة السورية انه لا يخلو أي حانوت أو مؤسسة تجارية من واحدة أو أكثر من هذه الصور تتصدر الواجهة أو غيرها من الأمكنة المناسبة للمقام.
الوجه الآخر لرفعت
وعلى الصعيد السياسي الداخلي يروج مريدو رفعت بأن قائد سرايا الدفاع سيكون في الرئاسة غير ما كان عليه في الفترة السابقة، وينثرون الوعود حول عزمه على المرونة والانفتاح وتضميد جراح المرحلة الماضية والافراج عن معتقلين سياسيين وغير ذلك من الخطوات التي كان شقيقه قد استثمرها في بداية عهده. ويقع ضمن هذا السياق قرار حل “جميعة المرتضى” كما أشرنا في العدد الماضي.
ويؤكد المطلعون في دمشق أن كبار التجار والأثرياء من البرجوازية الطفيلية -لاسيما في العاصمة- يعبرون علناً عن تأييدهم لرفعت. يضاف إلى ذلك ان هناك انباء كثيرة في سورية عن أن شقيق رئيس النظام السوري يتمتع بتأييد قوي من قبل العائلة المالكة السعودية. ويتمتع ايضاً – برضى وتفهم من قبل الولايات المتحدة .. في حين يعبر بعض قيادات الحزب الشيوعي السوري الموالي للسوفيات “جماعة خالد بكداش” عن قلق كبير من هذا التطور.. وهو قلق يعكس بدون شك قلقاً سوفياتياً حول الاحتمالات الكامنة وراء المرحلة الجديدة في عمر النظام الأسدي.
“الوجود السوفياتي”
أما المعارضون لرفعت دون أن يكونوا قد بلوروا كتلة موحدة وخليفة مرشحاً يحظى باجماعهم. فترددت عنهم أنباء كثيرة منها أنهم يرفضون توجه رفعت لتصفية الوجود السوفياتي في سورية، ويصرون على ضرورة قيام توازن في علاقات النظام مع القوتين العظميين..
وهذا ولا يزال بعض المراقبين في دمشق يتحدث عن وجود أوراق “مستورة” كثيرة في اللعبة، قد تظهر في الوقت المناسب وتلعب دوراً حاسماً بالنسبة لنتائجها الأخيرة..
على كل يبقى أن الأزمة حامية وعاصفة وحبلى بالفاجآت.