شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – الحرب العالمية الثانية
من مذكرات أكرم الحوراني – الحرب العالمية الثانية
في الخامس عشر من آذار عام 1939 احتلت قوات هتلر تشيكوسلوفاكيا، وفي السابع من نيسان احتلت قوات موسوليني ألبانيا ثم تصاعدت ظروف التأزم الدولي في أوربا نحو انفجار حرب عالمية ثانية.
فأعلنت فرنسا وبريطانيا الحرب على ألمانيا في الثالث من أيلول عام 1939م، عند اجتياح قواتها بولونيا، وفي أواخر أيار عام 1940 وقعت معركة دنكرة الشهيرة، وبعد أسبوعين سقطت باريس تحت الاحتلال الألماني.
وفي السادس عشر من حزيران وقعت فرنسا “المارشال” بيتان” على اتفاقية الهدنة مع ألمانيا.
ويهمنا من كل هذه الأحداث وقع صداها على الأوضاع في بلادنا. فقد كان لسقوط باريس في الرابع عشر من حزيران عام 1940 صداه العميق في الأوساط الشعبية السورية والقيادات الثورية التي كانت تؤمن بأن الاستعمار نمر من ورق، وأن الانتصار عليه بالثورة الشعبية المسلحة هو الطريق الصحيح بدلاً من طريق المساومات السياسية غير المجدية.
لقد أدى سقوط باريس إلى سقوط غشاوة الوهم الكبير عن قوة الاستعمار الفرنسي، وبذلك نشأ وضع جديد يهزه تناقض كبير: إذ كيف تحتلنا دولة هي بحد ذاتها محتلة؟.. إن الأولى بفرنسا، بدلاً من أن تستعمر بلادنا أن تحرر بلادها بعد أن أصبحت محتلة.
وهذا الوضع الجديد في العالم أزال كل “شرعية” للانتداب الفرنسي على بلادنا، خصوصاً وأن عصبة الأمم التي شرعت ذلك الانتداب قد انحلت وانفرط عقدها. إذن فالقناعة العامة لدى كافة جماهير الشعب هي أن الأوان قد آن للتخلص من هذا التناقض بالثورة الشعبية المسلحة، ولكن الشعب في سوريا – مع الأسف- لم يكن مهيئاً لاستغلال ذلك التناقض بعد أن قضت السياسة المساومة للكتلة الوطنية على الوحدة، كما أن سلطات الانتداب الفرنسي شددت قبضتها الخانقة على البلاد، منذ أن تولى المفوض السامي بيو السلطة التنفيذية بنفسه وأقام حكومة المديرين.
بعد سقوط باريس وارتباط سلطات الانتداب الفرنسي بحكومة فيشي، المنفذة لأوامر الألمان، أصدر الجنرال دانتز المفوض السامي الفرنسي في الثاني من نيسان عام 1941 قراراً عين بموجبه خالد العظم رئيساً لحكومة دولة سورية محل مجلس المديرين، بعد منحه حق إصدار مراسيم لها مفعول القانون، كما أصدر في التاريخ نفسه قراراً بإعادة السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإنشاء مجلس استشاري يكون للعلويين والدروز ممثلون فيه مع احتفاظهم بنظامهم الخاص، وأناط سن القوانين بمجلس شورى يساعد الحكومة في أداء مهمتها. عدا القوانين التي لها علاقة بواجبات فرنسا الدولية، فهي لا تعد نافذة إلا بعد موافقته أي موافقة المفوض السامي عليها.
وهكذا نرى أن الجنرال دانتز انفرد بفرض مشيئة دولته الخاضعة بدورها للاحتلال الألماني، لكن الشعب لم يقابل هذه التصرفات الاستعمارية بالإقرار والاستسلام، بل كان ثمة موجة من الأمل والاستبشار تملأ النفوس، لاسيما بعد ركوع فرنسا واحتلال ألمانيا لمعظم أوربا، وتوالي الأنباء عن انطلاق القوات الألمانية من نصر إلى نصر، حيث أصبحت بريطانيا محاصرة تتلقى الضربات القاسية، وأصبح الانتداب الفرنسي كالأفعى التي سحق رأسها في فرنسا وبقي ذنبها متحركاً في المشرق، فتأكدت القناعة لدى الناس جميعاً بأنها الفرصة المناسبة لتحرير سوريا والبلاد العربية من الاستعمار الفرنسي البريطاني الصهيوني.. واتجهت النفوس متطلعة إلى الثورة، لكن من اين تنطلق الشرارة الأولى؟.
انظر:
انظر ايضاً:
من مذكرات أكرم الحوراني (65)- الشهبندر يعارض من منفاه ويدافع عن عروبة لواء الاسكندرون
من مذكرات أكرم الحوراني (66) – تنازلات جميل مردم .. وتراجع فرنسا عن تصديق معاهدة 1936
من مذكرات أكرم الحوراني (67) – التجربة والخطأ في الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (68) – حملة في حماة ضد الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (69) – لبنان والحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (70) – التجربة والخطأ
من مذكرات أكرم الحوراني (71) – إنشقاق في صفوف الكتلة الوطنية بحماه
من مذكرات أكرم الحوراني (72) – الشباب في حماه والكتلة الوطنية
من مذكرات أكرم الحوراني (73) – منهاج حزب الشباب
من مذكرات أكرم الحوراني (74) – تكوين حزب الشباب
من مذكرات أكرم الحوراني (75) – صدام مع الكتلة الوطنية.. أول مرة أدخل فيها السجن
من مذكرات أكرم الحوراني (76) – حكومة المديرين
من مذكرات أكرم الحوراني (77) – محاولة اغتيال بهيج الخطيب
من مذكرات أكرم الحوراني (78) – إغتيال الشهيد الشهبندر