وثائق سوريا
بلاغ الجنرال الفرنسي أوليفا روجيه في أيار 1945م
بلاغ الجنرال الفرنسي أوليفاروجيه 28 أيار 1945م
في الثاني والعشرين من أيار عام 1945، وقبيل العدوان الفرنسي على دمشق ، أصدر الجنرال أوليفا روجيه قائد القوات الفرنسية في دمشق أمراً عسكرياً سرياً، وفيما يلي نصه:
بلاغ الجنرال أوليفه روجيه في أيار عام 1945
تاريخ 28 أيار 1945
دائرة الأركان الحربية الافرنسية في دمشق
رقم ب (24)
أيها الضباط والجنود الافرنسيون..
أيها العاملون تحت العلم الافرنسي
بعد الانتصار الباهر الذي أحرزته جيوشنا تحت قيادة الجنرال “دي غول de Gaull ” وحررت أراضينا المقدسة من نير العدو وبعد التضحيات التي قدمها شعبنا من أجل الحريات العامة وحريات الشعوب الصغيرة بصورة خاصة رأت الحركة الافرنسية عطفاً على التقاليد التحريرية التي اتخذتها على عاتقها منذ أجيال أن تخدم سوريا ولبنان كما خدمتها حتى الآن بأن تتعاقد معهما وتمد لهما يد المساعدة لئلا تكونا عرضة لمطامع دول مختلفة فبعد المفاوضات الطويلة رأت الحكومة الافرنسية ان تعرض على الحكومتين السورية واللبنانية شروط معاهدة فيها كل السخاء من الجانب الافرنسي الا ان الجانبين السوري واللبناني لم يجدا في كل بند من هذه البنود إلا الاستعمار المطلق.
ولما كانت الأزمة بدأت تستفحل أرى من الواجب أن الفت نظركم جميعاً إلى الاستعدادات العسكرية التي يجب أن يقوم بها جيش الشرق ليكون محافظاً على ضرف فرنسا أولاً وعلى الامن العام الذي أخذه على عاتقه ثانياً مؤكداً أن أقل مخالفة لهذه الأوامر تؤدي إلى الا حالة السريعة على المحكمة العسكرية لأن الوقت العصيب لا يسمح بالعطف على الخونة والمناقضين لشرفهم العسكري:
1- يقضي واجب فرنسا العسكري إبادة جميع عناصر الشغب التي تريد اخراج فرنسا المنتصرة من هذه البلاد.
2- يجب احتلال جميع دوائر الحكومة السورية ومؤسساتها الثقافية حذراً من المستقبل.
3- يجب منع الاتصال مع جميع الدول العربية المجاورة.
4- يجب تجريد جميع أفراد الشعب السوري من السلاح والآلات الجارحة في ظرف 48 ساعة.
5- يجب أن تدار البلاد من قبل حاكم عسكري وتفتح المحاكم العسكرية إلا أن تنظر الدولة المنتصرة في قضية سوريا ولبنان وتعاد المياه إلى مجاريها.
على جميع القوى العسكرية الافرنسية (السنكال، الهاجانا، الجراكس، وفرق المتطوعة) ان تكون على استعداد ليلاً ونهاراً. عندما ترسل الأوامر اللازمة التي لا يمكن تبليغها الا خطياً او هاتفياً “لاجتناب الأوامر المدسوسة” على الفرق المرابطة داخل المدينة ان تكون متجهة للدوائر الحكومية الأقرب إليها وتقاد هذه القوى من قبل قائدها الذي يجب عليه أن يصل إلى المركز المطلوب مهما كلفه الأمر من ضحايا وعتاد.
وإذا ابدت الأهالي أو العناصر المتطرفة في خدمة الحكومة السورية أية مقاومة عليه أن يقابلها بالمثل مع العلم بأن مقاومة الأهالي التي عرفناها منذ خمس وعشرون سنة وتعودناها لن تدوم سوى وقت قصير مع ذلك يجب أخذ يقظة الشعب وتدريبه الحديث بعين الاعتبار، فالقوة الموجودة في دار المفوضية في الصالحية تتجه نحو قصر الرئاسة لتقاد إلى المحل المخصص لها والقسم الثاني من هذه القوى يقصد “دور الوزراء” الذي هم بقربه.
القوة المرابطة بشارع بغداد تتجه لحماية مدرسة “اللاييك” واحتلال وزارة الدفاع الوطني ووزارة المعارف وتساعد القوة الموجودة في دائرة الأركان الحربية لاحتلال البرلمان السوري وتساعدها في ذلك الدبابات والسيارات المصفحة.
القوة المرابطة في شارع النصر يقع عليها القسم الأكبر من هذا الهجوم الليلي إذ يقضي واجبها باحتلال دوائر الحكومة والشرطة والبلدية مستعينة بالقوة المرابطة في ندوة الافرنسيين بجادة جسر “بردى”.
بعد بدء الاحتلال بوقت قصير تعطى الأوامر للقوة العامة الموجودة في الثكنة الحميدية والمزة لاحتلال المدينة احتلالاً تاماً بينما تقوم دائرة الأمن العام الافرنسية بمساعدة موظفيها المخلصين بإلقاء القبض على كل من كان سبباً لإثارة الشغب في سوريا على الحكومة الافرنسية الظافرة.
على فرق الشراكسة والهجانة المرابطة خارج المدينة وعلى أطرافها مراقبة الطرق المؤدية إلى دمشق وتفتيش جميع السيارات المدنية قبل دخولها المدينة لإيقاف التسرب الذي أصبح كثيراً في المدة الأخيرة من شرقي الاردن والعراق.
أما الجسور المختلفة الموصلة إلى المدينة جسر المزة وجسر تورا فيجب المحافظة عليهما من قبل سيارات مصفحة ودبابات كي لا يتمكن الأهالي من نسفهما وعرقلة وصول الامدادات العسكرية إلى المدينة وإذا لاحظت قوى الشراكسة المرابطة خارج المدينة وصول نجدات من جبل الدروز أو جبال العلويين عليها أن تبيدها بوابل من رصاصها وقذائفها النارية دون انذار سابق.
أما السلاح الجوي فلدينا ما يكفي لدب الرعب في قلوب السكان واذا اضطر الحال يجب القاء قنابل محرقة على أماكن التجمعات كالمدارس والقلعة ويجب الحذر من الدنو لأن لدينا معلومات تقول بأن هناك أسلحة يمكن أن تصل إلى الطائرات اذا كانت على أقل من ألف متر في الجو.
ولدينا معلومات أن الأهالي يحملون قنابل يديوة شديدة الانفجار بينما هنالك محاولات لاحراق المراكز العسكرية وقطع اسلاك الهاتف والتيار الكهربائي.
أما اذا تفوقت القوة الوطنية في بعض المراكز فعلى الجنود أن يتلفوا ما لديهم من أسلحة اذا لم يتمكنوا من استعمالها.
ولا يغرب عن البال أن الشراكسة بالنظر لولائهم الشديد للحكومة الافرنسية الظافرة وهم أكثر الجنود عرضة لنقمة الأهلين فعلى القوات أن يأخذوا هذه النقطة بعين الاعتبار.
أما المتطوعة العرب في جيش الشرق فلا يمكن الاطمئنان اليها اذا تدل المعلومات على أن هنالك حركة تدعو لمقاطعة أهالي الضباط والجنود المذكورين واذا أضيف إلى ذلك موقف الحكومة السورية المرضي من هؤلاء تدرك أن انضمامهم إلى القوة الوطنية لا يمكن ان يعتبر مستحيلاً.
أما عائلت الضباط والجنود الافرنسيين فيجب ترحيلها إلى المزة بانتظار وصول النجدات والمعدات الحربية وقد أرسلت تعليمان خاصة إلى باقي المدن السورية ليكون العمل مشتركاً وموحداً في آن واحد.
على قواد الفرق المختلفة تطبيق هذه الأوامر بحذافيرها.
“ليعيش الجنرال دي غول”
قائد المنطقة الجنوبية
الجنرال أوليفه روجيه
انظر:
العدوان الفرنسي على دمشق 29 أيار 1945